الإجرام متأصل في بنية الكيان اليهودي الذي قام على آلاف المذابح.. والاستراتيجية المستمرة لقتلة الأنبياء

الثورة / وديع العبسي
تتجاوز المذابح التي يرتكبها العدو الصهيوني في قطاع غزة، حقيقة كونها إجراما فحسب، إلى أنها ترجمة حرفية لعقيدة توحش متأصلة في صلب البنية اليهودية التي تكونت منذ تعمد اليهود قتل الأنبياء، وإرهاب دموي واكب تاريخ نشأة الكيان الصهيوني الإرهابي منذ يومه الأول، وكل ذلك هو ترجمة لعنصرية حاقدة تنطوي عليها نفوس اليهود المشهورين كقتلة ومجرمين.


جرائم كيان العدو الصهيوني في غزة – والتي كان أخطرها قصف المستشفى المعمداني – لم تكن منفصلة عن تاريخ هذا الكيان، بل إنها تشكّل امتداداً لسياسة مدروسة وهادفة منذ ما قبل إقامة كيان العدو الصهيوني المحتل عام 1948، وواكبت وجوده الإجرامي على أرض فلسطين.
قبل أيام قصف العدو الصهيوني المستشفى المعمداني الذي كان مكتظا بمئات الأطفال والنساء، ليقتل أكثر من 500 شهيد داخل المستشفى، لم يتوقف العدو عند المذبحة، بل واصل المذابح فقصف الكنائس والمساجد واستمر في دك المباني السكنية المكتظة بالساكنين، وأعقب جريمته بقصف المعمداني إطلاق تهديدات باستهداف مستشفى القدس، ليؤكد تعطشه المستمر لارتكاب المجازر عن عمد وإصرار، مركزا على المستشفيات في المقام الأول.
مستشفى القدس يأوي أكثر من 12 ألف جريح ونازح، وأعلنت منظمة الهلال الأحمر الفلسطيني أنّها تلقت اتصالاً من أجل إخلاء مستشفى القدس في منطقة تل الهوا في غزة، تمهيداً لقصفه.
والأسبوع الماضي شهد العالم كله وانتفض الأحرار حول العالم ضد الجريمة النكراء التي ارتكبها جيش الاحتلال بقصف مستشفى المعمداني الذي استشهد فيه ما يقارب الخمسمائة فلسطيني، ويعيد هذا إلى الأذهان مسيرة الكيان الصهيوني خلال احتلاله الأراضي الفلسطينية والتي كان الدم دائما عنوانها بالمجازر التي استهل بها محاولات السيطرة وتهجير الفلسطينيين من أرضهم منهجيته في الحياة.
الحرب الإجرامية التي يشنها العدو الصهيوني منذ 16 يوما على غزة، كشفت عن الإجرام الوحشي لهذا الكيان اليهودي الصهيوني، وإذا كانت المجازر المرتكبَة اليوم أحد أساليب الحرب التي يسعى العدو الصهيوني بها إلى تحقيق أهداف خاصة يرسمها لنفسه، فهي أيضا تطبيق حرفي للإجرام اليهودي الوحشي، وتطبيقا لاستراتيجية الكيان الصهيوني المحتل الذي نشأ على المذابح والمجازر والتوحش واستمر على تثبيت وجوده بالمجازر كذلك، وإلى اللحظة ما يزال.
تاريخ أسود
لم تكن مذبحة المستشفى المعمداني هي الأولى التي يرتكبها العدو الصهيوني، وقد جاءت في سياق الحرب الإجرامية التي يشنها العدو على قطاع غزة منذ 16 يوما، وتضاف إلى سلسلة من المذابح الدموية الوحشية التي ارتكبها كيان العدو الصهيوني منذ نشأته ووجوده، والتي نستعرض بعضا منها.
في التاسع من أبريل 1948م – الموافق ليوم 30 جمادى الأولى 1367هـ – دخلت العصابات الصهيونية المسلحة (دير ياسين) بقيادة مناحم بيجن الذي حصل بعدها على جائزة نوبل للسلام، وهناك قتلوا كل شيء حي، نساء وأطفالا وشيوخا ومثلوا بجثثهم بشكل بشع، بقطع للآذان وتقطيع للأعضاء وبقر لبطون النساء وألقوا بالأطفال في الأفران المشتعلة وحصد الرصاص كل الرجال ثم ألقوا بالجميع في بئر القرية، واشتهرت بمذبحة دير ياسين. استوطن اليهود القرية وفي عام 1980م، أعاد اليهود البناء في القرية فوق أنقاض المباني الأصلية وأسموا الشوارع بأسماء مقاتلي الإرجون الذين نفّذوا المذبحة.. وهذه الوقائع وثقها التاريخ وما عاد بمقدور أحد التشكيك أو التعديل فيها.
يقول كريتش جونز – كبير مندوبي الصليب الأحمر – «لقد ذُبح 300 شخص بدون مبرر عسكري أو استفزاز من أي نوع، وكانوا رجالاً متقدمين في السن ونساءً وأطفالاً رضع، بل إن شابة أرتني مديتها – أي سكينتها – ويديها وهما تقطران دمًا كأنها علامة على النصر».
اُشتهرت مذبحة دير ياسين حسب المرجعيات لشدّة دمويتها ولإعلان القوى الصهيونيّة عنها بخلاف مجازر أخرى ارتكبتها وأنكرتها. نفّذت المجزرة عصابتا الإرغون وشتيرن ضمن عمليّة نحشون الّتي خططت لها عصابة الهجانا. شاركتهما آنذاك وحدة البلماح مزوّدة بمدفع هاون، وذلك بعد أن تمكّن أهل قرية دير ياسين من احتواء الهجوم الّذي بدأته الإرغون وشتيرن.

أبرز المذابح التي ارتكبت بحق الفلسطينيين:
مذبحة بلدة الشيخ: هي مذبحة قامت العصابة الصهيونية الهاغاناه بتنفيذها بتاريخ 31 ديسمبر عام 1947، بمهاجمة بلد الشيخ (والتي يطلق عليها اليوم اسم «تل حنان») ولاحقت المواطنين العزل، وقد أدت المذبحة إلى مصرع العديد من النساء والأطفال وكانت حصيلة المذبحة نحو 60 شهيدا، وجدت جثث غالبيتهم داخل منازل القرية.
مذبحة دير ياسين: عملية إبادة وطرد جماعي نفذتها في أبريل 1948 مجموعتا الإرغون وشتيرن الصهيونيتان في قرية دير ياسين الفلسطينية غربي القدس. كان معظم ضحايا المجزرة من المدنيين ومنهم أطفال ونساء وعجزة، ويتراوح تقدير عدد الضحايا بين 250 و360، حسب المصادر العربية والفلسطينية، و109 حسب المصادر الغربية.
مذبحة قرية أبو شوشة: مجزرة وقعت في فجر يوم 14 مايو 1948، حيث شنت وحدات من الجيش الإسرائيلي هجوما نهائياً على قرية أبو شوشة (الرملة) إلى الشرق من مدينة الرملة بهدف احتلالها وطرد أهلها. راح ضحية هذه المجزرة حوالي 60 شهيداً من النساء والرجال والشيوخ والأطفال.
مذبحة الطنطورة 1948: تقول المصادر، تختلف مذبحة الطنطورة عن سائر المذابح السابقة في فلسطين، ليس لحجم الضحايا فقط ولكن كونها جريمة ارتُكبت على يد جيش إسرائيل، بعد أسبوع واحد من إعلان قيام الدولة الإسرائيلية. وقد اختار جيش الاحتلال هذه القرية بالذات بسبب موقعها على ساحل البحر المتوسط، وسهولة مهاجمتها، ومتذرعين أن القرية تمثل تهديدًا لهم، واتّهموا أهلها بتحويلها لمرفأ يصل منه السلاح للفلسطينيين، وراح ضحيتها أكثر من 200 فلسطيني.
مذبحة قبية: حدثت في ليلة ما بين 14 – 15 أكتوبر من عام 1953، عندما قام جنود إسرائيليون تحت قيادة أرئيل شارون بمهاجمة قرية قبية الواقعة في الضفة الغربية (التي كانت حينها تحت السيادة الأردنية). وقتل فيها 69 فلسطينيا، العديد منهم أثناء اختبائهم في بيوتهم التي تم تفجيرها، كما تم هدم 45 منزلا ومدرسةً واحدة ومسجدا.
مذبحة قلقيلية 1956: مجزرة نفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي ومجموعة من المستوطنين في 10 أكتوبر عام 1956، ضد مواطنين فلسطينيين عُزَّل في قرية قلقيلية الواقعة على الخط الأخضر الفاصل بين الأراضي العربية المحتلة عام 1948 والضفة الغربية، حيث شارك في الهجوم مفرزة من الجيش وكتيبة مدفعية وعشرة طائرات مقاتلة. وقد عمد الجيش الإسرائيلي إلى قصف القرية بالمدفعية قبل اقتحامها، حيث راح ضحية المجزرة أكثر من 70 شهيداً.
مذبحة كفر قاسم: مجزرة نفذها حرس الحدود الإسرائيلي في 29 أكتوبر 1956 ضد مواطنين فلسطينيين عُزَّل في قرية كفر قاسم راح ضحيتها 49 مدنيًا منهم ثلاثة وعشرون طفلًا دون الثامنة عشرة، حاولت حكومة الاحتلال بقيادة بن غوريون التستر على المجزرة ومنع نشرها.
مذبحة خان يونس: وهي مذبحة نفذها جيش الاحتلال بحق اللاجئين الفلسطينيين في مخيم خان يونس جنوبي قطاع غزة راح ضحيتها أكثر من 250 فلسطينيا. وبعد تسعة أيام من المجزرة الأولى 12 نوفمبر 1956، نفذت وحدة من الجيش الإسرائيلي مجزرة وحشية أخرى راح ضحيتها نحو 275 شهيداً من المدنيين في نفس المخيم، كما قتل أكثر من مائة فلسطيني آخر من سكان مخيم رفح للاجئين في نفس اليوم. وقد امتدت هذه المذبحة حتى حدود بلدة بني سهيلا.
مذبحة صبرا وشاتيلا: وهي مجزرة نفذت في مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين في 16 سبتمبر 1982، واستمرت لمدة ثلاثة أيام على يد مجموعات اللبنانية المتمثلة بحزب الكتائب اللبناني وجيش لبنان الجنوبي والجيش الإسرائيلي. عدد القتلى في المذبحة لا يعرف بوضوح وتتراوح التقديرات بين 750 – 3500 قتيل من الرجال والأطفال والنساء والشيوخ المدنيين، أغلبيتهم من الفلسطينيين ولكن من بينهم لبنانيون أيضا
مذبحة المسجد الأقصى: حدثت يوم الاثنين الموافق 8 أكتوبر من عام 1990، قبيل صلاة الظهر، حيث حاول متطرفون يهود مما يسمى بجماعة أمناء جبل الهيكل بوضع حجر الأساس لما يسمى الهيكل الثالث في ساحة المسجد الأقصى، فقام أهل القدس بمنع المتطرفين اليهود من ذلك، فوقع اشتباك بين المصلين وعددهم قرابة أربعة آلاف وبين المتطرفين اليهود الذين يقودهم غرشون سلمون، فتدخل على الفور جنود الاحتلال الإسرائيلي الموجودون في ساحات المسجد وأمطروا المصلين بزخات من الرصاص دون تمييز، ما أدى إلى مقتل 21 وإصابة 150 بجروح مختلفة واعتقال 270 شخصاً، تم إعاقة حركة سيارات الإسعاف وأصيب بعض الأطباء والممرضين أثناء تأدية واجبهم، ولم يتم إخلاء القتلى والجرحى إلا بعد 6 ساعات من بداية المذبحة.
مذبحة الحرم الإبراهيمي: نفذها باروخ جولدشتاين أو باروخ جولدستين، وهو طبيب يهودي والمنفذ لمذبحة الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل الفلسطينية فجر يوم الجمعة 15 رمضان عام 1414 هـ / الموافق 25 فبراير 1994، التي قام بها مع تواطؤ عدد من المستوطنين والجيش في حق المصلين، حيث أطلق النار على المصلين المسلمين في المسجد الإبراهيمي أثناء أدائهم لصلاة فجر يوم جمعة في شهر رمضان، وقد استشهد 29 مصلياً وجرح 150 آخرون قبل أن ينقض عليه مصلون آخرون ويقتلوه.
مذبحة مخيم جنين: بدأت عملية الاجتياح بأمر من رئيس الوزراء السابق آرائيل شارون، الذي قابله تصدي الأهالي العزّل، رغم قلة الإمكانيات وقلة السلاح، وفُرِضّ النزوح الجماعي والتهجير على معظم السكان، وتعرض من بقيَ منهم لمجازر على يد العدو الصهيوني، ولم تسلم الأبنية السكنية والبنية التحتية وشبكات الكهرباء والماء والاتصالات، من قصف طائرات الاحتلال العشوائي، وقد استشهد في هذه المعركة أكثر من 500 شهيد.
مذبحة حي الشجاعية: في الثامن من يوليو 2014، شن العدو الصهيوني عملية عسكرية على قطاع غزة، أطلقت عليها: «الجرف الصامد»، وهو ما ردت عليه المقاومة بعملية عسكرية، سمتها من جهتها: «العصف المأكول»، وقدرت وزارة الصحة الفلسطينية وقتها، عدد الضحايا بـ74 شخصاً، بينهم 14 امرأة وأربعة مسنين و17 طفلًا، أصغرهم يبلغ من العمر عامين، واستمرت حرب 2014 لنحو 51 يوماً، فيما اعتبر أطول وأعنف عدوان إسرائيلي على قطاع غزة، وأسفرت عن استشهاد 2139 وجرح 11128 مواطناً فلسطينياً.
وفي المعركة الحاصلة حاليا، والتي جاءت عبر رد فعل إجرامي على العملية البطولية للمقاومة «طوفان الأقصى»، ارتكب الكيان العديد من المجازر قدر البعض عددها بثلاثين مجزرة، كان أشهرها مجزرة مستشفى المعمداني.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

العدو الصهيوني يواصل عدوانه على مدينة طولكرم ومخيميها لليوم الـ47 على التوالي

الثورة نت/وكالات تواصل قوات العدو الصهيوني عدوانها على مدينة طولكرم ومخيمها لليوم الـ47 على التوالي، ولليوم ال34 على مخيم نور شمس، وسط تعزيزات مكثفة ومداهمة للمنازل وإجبار سكانها على الخروج منها بالقوة. وقالت مصادر فلسطينية، إن قوات العدو دفعت بتعزيزات عسكرية باتجاه المدينة ومخيميها، ونشرت فرق المشاة في حارات مخيمي طولكرم ونور شمس ومحيطهما، وسط إطلاق للرصاص الحي والقنابل الصوتية، وسماع دوي انفجارات تزامنا مع تحليق مكثف لطيران الاستطلاع. وأضافت، أن قوات العدو بآلياتها وجرافاتها الثقيلة، عززت من وجودها العسكري أمام المنازل التي تستولي عليها في شارع نابلس الذي يربط مخيمي طولكرم ونور شمس، وتحولها لثكنات عسكرية، وأقامت حواجز متنقلة لتقييد حركة المواطنين. واقتحمت قوات العدو المنطقة الشرقية من إسكان الموظفين في ضاحية اكتابا المقابلة لمخيم نور شمس، حيث داهمت عددا من المنازل واحتجزت سكانها وأخضعتهم للتحقيق، كما نشرت فرق مشاة في شارع السكة، وأقامت حواجز لتفتيش المواطنين وإيقاف المركبات. وفي السياق ذاته، شنت قوات العدو حملة مداهمات واسعة للمنازل في مخيم نور شمس ومحيطه وتحديدا جبل النصر وحارة المحجر، وأجبرت سكانها على مغادرة منازلهم قبل موعد الإفطار بقليل، وسط إطلاق النار والقنابل الضوئية بكثافة لترويع السكان. وانتشرت فرق المشاة في حارات مخيم طولكرم مع إطلاقها للأعيرة النارية بشكل كثيف، وملاحقة المواطنين أثناء توجههم لتفقد منازلهم في المخيم. وتقوم قوات العدو بنصب الحواجز الطيارة العسكرية في أوقات متفرقة خلال عدوانها المتواصل في عدة مواقع رئيسية داخل المدينة ومداخلها، خاصة في شارع نابلس وحي اسكان الموظفين في ضاحية اكتابا شرقا، وشارع مستشفى الشهيد ثابت ثابت الحكومي، ومدخل المدينة الجنوبي. وأسفر العدوان المستمر على المدينة ومخيميها عن استشهاد 13 مواطنا، بينهم طفل وامرأتان إحداهما حامل في الشهر الثامن، إضافة إلى إصابة واعتقال العشرات، ونزوح قسري لأكثر من 12 ألف شخص من مخيم نور شمس، ومثلهم من مخيم طولكرم. كما خلف العدوان دمارا شاملا طال البنية التحتية، والمنازل والمحلات التجارية التي تعرضت للهدم الكلي والجزئي والحرق والتخريب والنهب والسرقة.

مقالات مشابهة

  • ارتفاع عدد شهداء الغارة الصهيونية على جنوب لبنان إلى أربعة
  • العدوان الصهيوني على مدينة جنين ومخيمها يدخل يومه الـ55
  • شهيد فلسطيني بقصف العدو الصهيوني وسط قطاع غزة
  • قوات العدو الصهيوني تقتحم بلدة سلواد قرب رام الله
  • حركة الجهاد الإسلامي تحمل العدو الإسرائيلي تداعيات مجزرة بيت لاهيا
  • لغز بلا أدلة مذبحة الرحاب.. لغز الجثث الخمس التي حيرت الجميع!
  • تواصل العدوان الصهيوني على طولكرم لليوم الـ 48
  • لليوم الـ 48 تواليا: العدو الصهيوني يواصل عدوانه على طولكرم ومخيميها
  • اندلاع مواجهات مع قوات العدو الصهيوني في كفر قدوم شرق قلقيلية
  • العدو الصهيوني يواصل عدوانه على مدينة طولكرم ومخيميها لليوم الـ47 على التوالي