الثورة نت:
2024-11-23@15:59:19 GMT

أي صورة إنسانية للغرب سترسمها حرب إسرائيل في غزة ؟

تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT

أي صورة إنسانية للغرب سترسمها حرب إسرائيل في غزة ؟

الحرب الإسرائيلية على غزة تكشف نفاق الغرب وزيف عناوينه الإنسانية قيم الديموقراطية والحريات في الغرب لن تخرج سالمة

لم يعد خافياً أن الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية يحاول بدعمه لكيان العدو الصهيوني في حربه على قطاع غزة إباحة غزة للصهاينة، وتعويض المرارات التي يتجرعها في حربه الطويلة ضد روسيا في أوكرانيا، وأكثر من ذلك تثبيت خارطة التوازنات الأمنية في المنطقة والدفع بقاطرة التطبيع المتعثرة قدما، ما جعل الدعم الغربي للعدو الصهيوني في هذه الحرب مكشوفاً على تبعات مروعة سياسية وقانونية وأخلاقية.

الثورة  / أبو بكر عبدالله

حشد غربي لإسناد حرب الإبادة
الحشد الغربي الداعم لكيان العدو الصهيوني في حربه على قطاع غزة تجاوز هذه المرة حدود الدفاع عن النفس أو الانتقام للهزيمة التي هزت الكيان بعملية «طوفان الأقصى»، فأهداف العدو الصهيوني في القضاء على حركة «حماس» وضمان عدم تكرار ما حدث يوم 7 أكتوبر، صارت من الماضي مقابل أهداف خفية لتصفية القضية الفلسطينية وإعادة صياغة المقاومة الفلسطينية بل وإعادة رسم الخارطة الإقليمية في منطقة مرشحة لتغييرات سياسية وأمنية متسارعة.
المواقف الغربية المؤيدة للحرب الإجرامية على قطاع غزة التي تصب حممها على رؤوس المدنيين وعلى وجه أخص الأطفال والنساء، وقطع إمدادات الغذاء والماء والأدوية ومنع دخول المساعدات الإنسانية يجسد دعمها لسياسة «العقاب الجماعي» الذي يعد أكثر صور الانتهاك للقوانين الإنسانية وقوانين الحرب.
هذا الأمر تجسد بصورة أكثر وضوحا في المواقف الغربية التي شملت الدعم السياسي والاقتصادي والإعلامي بمقابل تعليق ومراجعة برامج المساعدات التنموية الغربية المقدمة للسلطة الفلسطينية وقطاع غزة بذريعة تجنب وقوع هذا الدعم بأيدي «حماس» بصورة غير مباشرة.
وأكثر المعالجات التي قدمتها الحكومات الغربية حيال الصراع المتجدد في قطاع غزة، تجاهلت كليا قرارات الشرعية الدولية واستمرت بالقفز على الحقائق تجاه قضايا توسع المستوطنات والأسرى واللاجئين وتعامت عن المقدمات الأساسية والاستفزازات المتكررة وحتى الجذور التاريخية للصراع التي قادت إلى الوضع الراهن ناهيك عن تجاهلها حجم المعاناة الإنسانية التي يعيشها الفلسطينيون في قطاع غزة منذ 18 عاما بعدما حوله الكيان الإسرائيلي إلى سجن كبير.
يزداد الأمر فداحة مع التوقعات بطول أمد الحرب، خصوصا بعد إبلاغ المسؤولين الصهاينة الرئيس بايدن خلال زيارته الأخيرة إلى كيان العدو، بأن تفكيك «حماس» قد يستغرق سنوات وهو أمر أثار قلقا عالميا بشأن ما إن كان الشعب الفلسطيني في قطاع غزة سيتحمل الحصار والقتل الجماعي لفترة طويلة إن لم يتعرض لإبادة جماعية، استنادا إلى العنف المفرط الذي استخدمه كيان العدو الصهيوني في الرد على عملية «طوفان الأقصى».
وأكثر من ذلك وضع حكومة الحرب الصهيونية نفسها أمام تحد وجودي يفترض أن أي خيار لا يشمل التدمير الكامل لـ «حماس» وقطاع غزة، سيكون بمثابة هزيمة استراتيجية للكيان وهو الموقف الذي تماهت معه أمريكا وبريطانيا وفرنسا بإرسال بوارج وقطع عسكرية إلى المنطقة تمنح إسرائيل الفرصة الكافية لتحقيق أهدافها، والحد من أي فرص بتوسيع الصراع إلى حرب إقليمية قد تعرقلها عن تحقيق هذه الأهداف.
انحياز وتأجيج
كل التقديرات تؤكد أن هده الحرب كانت الأكثر من حيث الدمار وعديد الضحايا، وهو ما عبرت عنه بوضوح تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة التي أكدت أن حرب الصهاينة في قطاع غزة حاليا تفوق في آثارها على المدنيين كل الحروب التي شنها الكيان الصهيوني على فلسطين منذ النكبة.
وما لم يقله الأمين العام للأمم المتحدة، هو أن المواقف الغربية الداعمة للصهاينة، تساهم في تأجيج الصراع وتصاعد الضحايا والخراب الذي يتعرض له قطاع غزة، بالنظر إلى النتائج المروعة للحرب الصهيونية والتي سجلت خلال أسبوعين إسقاط قنابل على القطاع المحاصر تعادل ربع قنبلة نووية، وأدت في غضون الفترة ذاتها إلى وقوع أكثر من 4600 شهيد، بينهم 1750 طفلا و900 امرأة ونحو 14 ألف مصاب وأكثر من 1800 معتقل وهي أعداد تفوق عدد ضحايا الحروب التي شهدتها المنطقة منذ عقود.
هذا العدوان بنتائجه المروعة كشف كارثية الانحياز الغربي الكامل للكيان الصهيوني، كما كشف عن ازدواجية فاضحة في تطبيق معايير حقوق الإنسان من جانب الحكومات الغربية ومؤسساتها.
وباستثناء بعض المواقف الغربية التي بدت معتدلة رغم عدم دعوتها للصهاينة إلى وقف القصف الوحشي للمناطق السكنية في غزة، فإن المواقف الغربية ومنذ الساعات الأولى لعملية «طوفان الأقصى» منحت الضوء الأخضر للكيان الصهيوني ليفعل ما يشاء والتهديد العلني لكل من سيحاول التدخل لإنقاذ الشعب الفلسطيني من جرائم الإبادة.
والتحذيرات الأخيرة التي أطلقتها الأمم المتحدة بانهيار القطاع الصحي ووصول مظاهر الحياة في القطاع إلى «حافة الهاوية»، لم يغير من واقع الدعم الغربي للكيان الصهيوني الذي استمرت في استثمار هذه المواقف بالمزيد من الغطرسة والعنف.
تضليل غربي
خلال الأيام الماضية شهد العالم مواقف سياسية غربية مناقضة لمعايير حقوق الإنسان ومبررة للعدوان الإسرائيلي ومشجعة لارتكاب مزيد من الانتهاكات ومضللة للحقائق بصورة كشفت أن الإعلام الغربي ليس صادقا في كل الأحوال ويمكنه أن يمارس التضليل والتلفيق لتحقيق أهدافه السياسية، ناهيك عن ممارستها الضغوط على وسائل التواصل الاجتماعي التي صارت ترهب كل من يبدي مواقف داعمة لمحنة الشعب الفلسطيني.
والمقاربات التي قدمها الإعلام الغربي لعملية «طوفان الأقصى» ونتائجها تجاوزت حدود الموضوعية والحياد والمصداقية، فهي قدمت العملية كـ «هجوم إرهابي على مدنيين إسرائيليين»، وحاولت إسقاط حق الشعب الفلسطيني في المقاومة ضد الاحتلال، وغيّبت تماما حجم العنف الصهيوني والإجرام في الحرب على غزة، وحجم الضحايا من المدنيين الفلسطينيين والخراب الذي أحدثته الغارات الصهيونية التي وضعت الأطفال والبنى التحتية أهدافها الأساسية في طول وعرض القطاع المحاصر.
وبلغت هذه الانتهاكات أوجها بإجراءات القمع والاعتقال التي فرضتها الدول الغربية على كل من يتظاهر أو يظهر التعاطف مع فلسطين وشعبها في مقابل توجيهه كل الإمكانيات السياسية والإعلامية لدعم الحرب الصهيونية والتعامي مع جرائمها بحق المدنيين.
لم تخل هذه الإجراءات من مظاهر صادمة بقيام العديد من الحكومات الغربية بمنع مواطنيها والمقيمين الشرعيين فيها من ممارسة حقوقهم القانونية في التعبير عن الرأي والتجمع السلمي، في سياسات أفصحت عن أزمة أخلاقية وإنسانية عميقة، فقدت معها الشعوب الغربية حقها بالدفاع عن القوانين والقيم الإنسانية عند الحديث عن محنة الشعب الفلسطيني مقابل استحضار كل هذه القوانين والقيم عند الحديث عن عمليات تنفذها مقاومة تطالب باستعادة حقوقها التاريخية المشروعة.
وكان مفاجئا أن العديد من العواصم الغربية – التي طالما تشدقت بالحقوق والحريات – فرضت على الجميع سردية واحدة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي ومنعت الكتابة المحايدة والتناول الموضوعي للأحداث، كما منعت ظهور الحقيقة وصادرت حرية التعبير في مواقع التواصل الاجتماعي، وتصدت لكل دعوات الاحتجاج السلمي وتجريم التضامن مع المدنيين المحاصرين في قطاع غزة.
ذلك أن هذه السياسات كانت ولا زالت غائبة كليا في ملف الأزمة الأوكرانية على سبيل المثال، فطوال عامين لم يكف الغرب عن توجيه الإدانات والاتهامات والانتقادات لروسيا تجاه عمليتها العسكرية في أوكرانيا، وانخرط الجميع في تعبيد مسارات آمنة لخروج المدنيين من ساحات القتال، فضلا عن دعهم العسكري والمخابراتي للمقاومة الأوكرانية وتمجيدها وحشد الدعم الدولي لها والاعتراف بحقهم في الدفاع عن أرضهم أمام «الغزو الروسي».
أزمة ضمير دولية
المواقف الغربية المنحازة للكيان الصهيوني، لم تقتصر على دولهم بل شملت كذلك المحافل الدولية بما فيها الأمم المتحدة حيث لجأت واشنطن وحلفاؤها الغربيون لاستخدام ورقة الفيتو في مجلس الأمن الدولي ضد القرارين الروسي والبرازيلي اللذين استهدفا وقف إطلاق النار ورفض عمليات التهجير القسري والعودة لمفاوضات الحل السياسي.
هذا المواقف توازى مع حملات تضامن غربي غير مسبوقة مع الكيان الصهيوني تجلت برفع أعلامها على مبنى المفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي وبرج إيفل وبوابة براندبورغ، في وقت كانت طائرات الاحتلال تشن غارات وحشية وعنيفة على التجمعات السكانية والمرافق الصحية ومرافق الأونروا وعلى خطوط الإمداد الإنسانية في الجانب الفلسطيني لمعبر رفح.
والمشروعان الروسي والبرازيلي المقدمان لمجلس الأمن، تعطلا أمام الفيتو الأمريكي في ظل ضغوط دبلوماسية دولية واسعة وصريحة كشفت أن المنظمة الدولية لازالت رهينه لمواقف وسياسات اللاعبين الكبار.
وعلى سبيل التذكير فقد كان مشروع القرار الروسي يتوخى وقف إطلاق النار وإدانة أعمال التهجير لسكان قطاع غزة ووقف جرائم الإبادة للمدنيين والتأكيد على الحل العادل للقضية الفلسطينية القائم على أساس الدولتين لكنه رُفض من جانب الولايات المتحدة الأمريكية تماشيا مع دعمها اللامحدود لإسرائيل.
والحال كذلك مع مشروع القرار البرازيلي الذي سقط هو الآخر كونه لم يتضمن إدانة واضحة لحركة «حماس» ولم يعترف بالقرار الأمريكي باعتبارها منظمة إرهابية.
وهذه المواقف على أنها مثلت ضربة قاصمة لدور الرباعية الدولية، فقد شهد العالم تاليا، تغييباً متعمداً لدور الرباعية الدولية التي منعت من الاجتماع بما ساهم في تطور مسار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بصورة عبثية وغير إنسانية.
ولم تكن النتائج الكارثية للفيتو الأمريكي محصورة على الوضع المتأزم في غزة بغياب الحماية الدولية للمدنيين في القطاع، بل دفع من جانب آخر بمسار إصلاح الأمم المتحدة إلى متاهة جديدة قد تستمر لعقود، بعد أن كان هذا الموضوع طرح بقوة للنقاش الشهر الماضي بتأييد ومباركة من أكثر دول العالم.
وحتى المواقف المتوازنة التي أعلنتها الأمم المتحدة والتي اتسمت بقدر من المصداقية فقد جوبهت بانتقادات حادة، في تداعيات كشفت إلى حد كبير الدور الخفي الذي يعمل منذ سنوات على عرقلة أي جهود لإصلاح آليات للأمم المتحدة لاستعادة دورها، وقيادة حركة إصلاح عالمية للمنظمة الدولية وآلياتها تقوم على احترام سيادة الدول وتمكنها من تجاوز أي ضغوط سياسية تضعها في موضع اتهام.
انهيار القيم
وسط جنون الإدانات الغربية للمقاومة الفلسطينية والتأييد الكامل للعدو الصهيوني لم يظهر أي موقف غربي معتدل ومتوازن، في المقابل وضع الموقف الروسي اصبعه على المشكلة الحقيقية بدعوة موسكو إلى هدنة إنسانية تفتح الطريق لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية حول الدولتين وإنشاء دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، كخيار وحيد لحل نهائي وعادل للصراع في الشرق الأوسط.
أما الغرب الرسمي بحكوماته وبرلماناته ومنظماته وبرامجه الإنسانية، فقد تبنى من اليوم الأول للحرب الإسرائيلية خطابا سلبيا أعطى الاحتلال إسنادا دوليا يغطي على كل جرائمه وانتهاكاته، في ظل ضغوط مورست على العديد من الدول لتبني مواقفه.
لا شك أن هذه السياسات التي فاجأت المجتمعات الغربية لن تكون بلا ثمن، فالعديد من الدول الغربية لن تكون قادرة على لعب دور فاعل ومؤثر في دفع الدول العربية لإحداث إصلاحات في ملفات الديموقراطية والحقوق والحريات بعد أن فقدت قدرتها على التأثير في هذه الملفات.
ذلك أن المواقف الغربية المعلنة من الانتهاكات الإسرائيلية كانت منحازة وداعمة بل ومبررة للجرائم الإسرائيلية، في حين أن محاولاتها إقناع إسرائيل الالتزام بالقوانين الإنسانية الدولية لن تجد في ظل الدعم الغربي الكامل آذانا مصغية من حكومة الحرب الإسرائيلية التي حددت هدفها بالقضاء على «حماس» وتدمير غزة وتهجير أهلها، للحفاظ على موقعها الاستراتيجي في الشرق الأوسط ما سيضع أمريكا والغرب أمام أزمة أخلاقية وإنسانية عميقة.
ويتعين هنا الإشارة إلى أنه ألا أحد في الغرب يريد انتهاك قيم الديموقراطية والحريات التي تكرست في المجتمعات الغربية على مدى 70 عاما وخلقت مجتمعات متماسكة ودولا قوية ومستقرة، لكن الحروب والصراعات الجيوستراتيجية تجعل انتهاكها أمرا حتميا، في ظل حالة التبعية المطلقة التي تكبل هذه الدول منذ الحرب العالمية الثانية.

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: العدو الصهیونی فی للکیان الصهیونی الشعب الفلسطینی الأمم المتحدة طوفان الأقصى على قطاع غزة فی قطاع غزة أکثر من

إقرأ أيضاً:

ارتقاء 44056 شهيداً و104268 جريحاً منذ بدء العدوان الصهيوني على غزة

يمانيون../ ارتفعت حصيلة الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الصهيوني المتواصل على قطاع غزة إلى 44,056 شهيدا، منذ السابع من أكتوبر 2023.
وقالت مصادر طبية، اليوم أن حصيلة المصابين ارتفعت في الفترة ذاتها، إلى 104,268، فيما لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض وفي الطرقات، ولا تستطيع طواقم الإنقاذ الوصول إليهم.
وأشارت إلى أن قوات الاحتلال، ارتكبت خمسة مجازر ضد العائلات في قطاع غزة، وصل منها إلى المستشفيات 71 شهيدا، و176 مصابا، خلال الساعات الـ24 الماضية.

مقالات مشابهة

  • ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني على قطاع غزة إلى 44,176 شهيد
  • ارتفاع حصيلة العدوان الصهيوني على قطاع غزة إلى 44,176 شهيدا
  • محافظ الغربية يحقق أمنية شابين من ذوي الهمم ويوفر لهما كراسي كهربائية في استجابة إنسانية سريعة
  • إسرائيل تشهد أكبر هجرة منذ عقود.. هل بدأ انهيار الحلم الصهيوني؟
  • مزاعم إسرائيلية حول موافقة حماس على صفقة إنسانية دون وقف كامل للحرب
  • ارتفاع حصيلة العدوان الصهيوني على قطاع غزة إلى 44,056 شهيدا
  • «القاهرة الإخبارية»: هناك خطوط عريضة مقترحة للصفقة مع «حماس» تشمل مرحلة إنسانية لوقف الحرب
  • ارتقاء 44056 شهيداً و104268 جريحاً منذ بدء العدوان الصهيوني على غزة
  • الخارجية : سورية تؤكد أن الجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني في سورية ولبنان وفلسطين تشكل خطراً حقيقياً على أمن واستقرار المنطقة
  • والعالم يحتفل بيوم الطفل .. أطفال اليمن وغزة ولبنان نموذج لأبشع الجرائم الإنسانية التي ارتكبتها أمريكا والعدو الصهيوني في ظل صمت دولي (تفاصيل)