الثورة نت:
2025-03-04@22:19:54 GMT

أي صورة إنسانية للغرب سترسمها حرب إسرائيل في غزة ؟

تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT

أي صورة إنسانية للغرب سترسمها حرب إسرائيل في غزة ؟

الحرب الإسرائيلية على غزة تكشف نفاق الغرب وزيف عناوينه الإنسانية قيم الديموقراطية والحريات في الغرب لن تخرج سالمة

لم يعد خافياً أن الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية يحاول بدعمه لكيان العدو الصهيوني في حربه على قطاع غزة إباحة غزة للصهاينة، وتعويض المرارات التي يتجرعها في حربه الطويلة ضد روسيا في أوكرانيا، وأكثر من ذلك تثبيت خارطة التوازنات الأمنية في المنطقة والدفع بقاطرة التطبيع المتعثرة قدما، ما جعل الدعم الغربي للعدو الصهيوني في هذه الحرب مكشوفاً على تبعات مروعة سياسية وقانونية وأخلاقية.

الثورة  / أبو بكر عبدالله

حشد غربي لإسناد حرب الإبادة
الحشد الغربي الداعم لكيان العدو الصهيوني في حربه على قطاع غزة تجاوز هذه المرة حدود الدفاع عن النفس أو الانتقام للهزيمة التي هزت الكيان بعملية «طوفان الأقصى»، فأهداف العدو الصهيوني في القضاء على حركة «حماس» وضمان عدم تكرار ما حدث يوم 7 أكتوبر، صارت من الماضي مقابل أهداف خفية لتصفية القضية الفلسطينية وإعادة صياغة المقاومة الفلسطينية بل وإعادة رسم الخارطة الإقليمية في منطقة مرشحة لتغييرات سياسية وأمنية متسارعة.
المواقف الغربية المؤيدة للحرب الإجرامية على قطاع غزة التي تصب حممها على رؤوس المدنيين وعلى وجه أخص الأطفال والنساء، وقطع إمدادات الغذاء والماء والأدوية ومنع دخول المساعدات الإنسانية يجسد دعمها لسياسة «العقاب الجماعي» الذي يعد أكثر صور الانتهاك للقوانين الإنسانية وقوانين الحرب.
هذا الأمر تجسد بصورة أكثر وضوحا في المواقف الغربية التي شملت الدعم السياسي والاقتصادي والإعلامي بمقابل تعليق ومراجعة برامج المساعدات التنموية الغربية المقدمة للسلطة الفلسطينية وقطاع غزة بذريعة تجنب وقوع هذا الدعم بأيدي «حماس» بصورة غير مباشرة.
وأكثر المعالجات التي قدمتها الحكومات الغربية حيال الصراع المتجدد في قطاع غزة، تجاهلت كليا قرارات الشرعية الدولية واستمرت بالقفز على الحقائق تجاه قضايا توسع المستوطنات والأسرى واللاجئين وتعامت عن المقدمات الأساسية والاستفزازات المتكررة وحتى الجذور التاريخية للصراع التي قادت إلى الوضع الراهن ناهيك عن تجاهلها حجم المعاناة الإنسانية التي يعيشها الفلسطينيون في قطاع غزة منذ 18 عاما بعدما حوله الكيان الإسرائيلي إلى سجن كبير.
يزداد الأمر فداحة مع التوقعات بطول أمد الحرب، خصوصا بعد إبلاغ المسؤولين الصهاينة الرئيس بايدن خلال زيارته الأخيرة إلى كيان العدو، بأن تفكيك «حماس» قد يستغرق سنوات وهو أمر أثار قلقا عالميا بشأن ما إن كان الشعب الفلسطيني في قطاع غزة سيتحمل الحصار والقتل الجماعي لفترة طويلة إن لم يتعرض لإبادة جماعية، استنادا إلى العنف المفرط الذي استخدمه كيان العدو الصهيوني في الرد على عملية «طوفان الأقصى».
وأكثر من ذلك وضع حكومة الحرب الصهيونية نفسها أمام تحد وجودي يفترض أن أي خيار لا يشمل التدمير الكامل لـ «حماس» وقطاع غزة، سيكون بمثابة هزيمة استراتيجية للكيان وهو الموقف الذي تماهت معه أمريكا وبريطانيا وفرنسا بإرسال بوارج وقطع عسكرية إلى المنطقة تمنح إسرائيل الفرصة الكافية لتحقيق أهدافها، والحد من أي فرص بتوسيع الصراع إلى حرب إقليمية قد تعرقلها عن تحقيق هذه الأهداف.
انحياز وتأجيج
كل التقديرات تؤكد أن هده الحرب كانت الأكثر من حيث الدمار وعديد الضحايا، وهو ما عبرت عنه بوضوح تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة التي أكدت أن حرب الصهاينة في قطاع غزة حاليا تفوق في آثارها على المدنيين كل الحروب التي شنها الكيان الصهيوني على فلسطين منذ النكبة.
وما لم يقله الأمين العام للأمم المتحدة، هو أن المواقف الغربية الداعمة للصهاينة، تساهم في تأجيج الصراع وتصاعد الضحايا والخراب الذي يتعرض له قطاع غزة، بالنظر إلى النتائج المروعة للحرب الصهيونية والتي سجلت خلال أسبوعين إسقاط قنابل على القطاع المحاصر تعادل ربع قنبلة نووية، وأدت في غضون الفترة ذاتها إلى وقوع أكثر من 4600 شهيد، بينهم 1750 طفلا و900 امرأة ونحو 14 ألف مصاب وأكثر من 1800 معتقل وهي أعداد تفوق عدد ضحايا الحروب التي شهدتها المنطقة منذ عقود.
هذا العدوان بنتائجه المروعة كشف كارثية الانحياز الغربي الكامل للكيان الصهيوني، كما كشف عن ازدواجية فاضحة في تطبيق معايير حقوق الإنسان من جانب الحكومات الغربية ومؤسساتها.
وباستثناء بعض المواقف الغربية التي بدت معتدلة رغم عدم دعوتها للصهاينة إلى وقف القصف الوحشي للمناطق السكنية في غزة، فإن المواقف الغربية ومنذ الساعات الأولى لعملية «طوفان الأقصى» منحت الضوء الأخضر للكيان الصهيوني ليفعل ما يشاء والتهديد العلني لكل من سيحاول التدخل لإنقاذ الشعب الفلسطيني من جرائم الإبادة.
والتحذيرات الأخيرة التي أطلقتها الأمم المتحدة بانهيار القطاع الصحي ووصول مظاهر الحياة في القطاع إلى «حافة الهاوية»، لم يغير من واقع الدعم الغربي للكيان الصهيوني الذي استمرت في استثمار هذه المواقف بالمزيد من الغطرسة والعنف.
تضليل غربي
خلال الأيام الماضية شهد العالم مواقف سياسية غربية مناقضة لمعايير حقوق الإنسان ومبررة للعدوان الإسرائيلي ومشجعة لارتكاب مزيد من الانتهاكات ومضللة للحقائق بصورة كشفت أن الإعلام الغربي ليس صادقا في كل الأحوال ويمكنه أن يمارس التضليل والتلفيق لتحقيق أهدافه السياسية، ناهيك عن ممارستها الضغوط على وسائل التواصل الاجتماعي التي صارت ترهب كل من يبدي مواقف داعمة لمحنة الشعب الفلسطيني.
والمقاربات التي قدمها الإعلام الغربي لعملية «طوفان الأقصى» ونتائجها تجاوزت حدود الموضوعية والحياد والمصداقية، فهي قدمت العملية كـ «هجوم إرهابي على مدنيين إسرائيليين»، وحاولت إسقاط حق الشعب الفلسطيني في المقاومة ضد الاحتلال، وغيّبت تماما حجم العنف الصهيوني والإجرام في الحرب على غزة، وحجم الضحايا من المدنيين الفلسطينيين والخراب الذي أحدثته الغارات الصهيونية التي وضعت الأطفال والبنى التحتية أهدافها الأساسية في طول وعرض القطاع المحاصر.
وبلغت هذه الانتهاكات أوجها بإجراءات القمع والاعتقال التي فرضتها الدول الغربية على كل من يتظاهر أو يظهر التعاطف مع فلسطين وشعبها في مقابل توجيهه كل الإمكانيات السياسية والإعلامية لدعم الحرب الصهيونية والتعامي مع جرائمها بحق المدنيين.
لم تخل هذه الإجراءات من مظاهر صادمة بقيام العديد من الحكومات الغربية بمنع مواطنيها والمقيمين الشرعيين فيها من ممارسة حقوقهم القانونية في التعبير عن الرأي والتجمع السلمي، في سياسات أفصحت عن أزمة أخلاقية وإنسانية عميقة، فقدت معها الشعوب الغربية حقها بالدفاع عن القوانين والقيم الإنسانية عند الحديث عن محنة الشعب الفلسطيني مقابل استحضار كل هذه القوانين والقيم عند الحديث عن عمليات تنفذها مقاومة تطالب باستعادة حقوقها التاريخية المشروعة.
وكان مفاجئا أن العديد من العواصم الغربية – التي طالما تشدقت بالحقوق والحريات – فرضت على الجميع سردية واحدة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي ومنعت الكتابة المحايدة والتناول الموضوعي للأحداث، كما منعت ظهور الحقيقة وصادرت حرية التعبير في مواقع التواصل الاجتماعي، وتصدت لكل دعوات الاحتجاج السلمي وتجريم التضامن مع المدنيين المحاصرين في قطاع غزة.
ذلك أن هذه السياسات كانت ولا زالت غائبة كليا في ملف الأزمة الأوكرانية على سبيل المثال، فطوال عامين لم يكف الغرب عن توجيه الإدانات والاتهامات والانتقادات لروسيا تجاه عمليتها العسكرية في أوكرانيا، وانخرط الجميع في تعبيد مسارات آمنة لخروج المدنيين من ساحات القتال، فضلا عن دعهم العسكري والمخابراتي للمقاومة الأوكرانية وتمجيدها وحشد الدعم الدولي لها والاعتراف بحقهم في الدفاع عن أرضهم أمام «الغزو الروسي».
أزمة ضمير دولية
المواقف الغربية المنحازة للكيان الصهيوني، لم تقتصر على دولهم بل شملت كذلك المحافل الدولية بما فيها الأمم المتحدة حيث لجأت واشنطن وحلفاؤها الغربيون لاستخدام ورقة الفيتو في مجلس الأمن الدولي ضد القرارين الروسي والبرازيلي اللذين استهدفا وقف إطلاق النار ورفض عمليات التهجير القسري والعودة لمفاوضات الحل السياسي.
هذا المواقف توازى مع حملات تضامن غربي غير مسبوقة مع الكيان الصهيوني تجلت برفع أعلامها على مبنى المفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي وبرج إيفل وبوابة براندبورغ، في وقت كانت طائرات الاحتلال تشن غارات وحشية وعنيفة على التجمعات السكانية والمرافق الصحية ومرافق الأونروا وعلى خطوط الإمداد الإنسانية في الجانب الفلسطيني لمعبر رفح.
والمشروعان الروسي والبرازيلي المقدمان لمجلس الأمن، تعطلا أمام الفيتو الأمريكي في ظل ضغوط دبلوماسية دولية واسعة وصريحة كشفت أن المنظمة الدولية لازالت رهينه لمواقف وسياسات اللاعبين الكبار.
وعلى سبيل التذكير فقد كان مشروع القرار الروسي يتوخى وقف إطلاق النار وإدانة أعمال التهجير لسكان قطاع غزة ووقف جرائم الإبادة للمدنيين والتأكيد على الحل العادل للقضية الفلسطينية القائم على أساس الدولتين لكنه رُفض من جانب الولايات المتحدة الأمريكية تماشيا مع دعمها اللامحدود لإسرائيل.
والحال كذلك مع مشروع القرار البرازيلي الذي سقط هو الآخر كونه لم يتضمن إدانة واضحة لحركة «حماس» ولم يعترف بالقرار الأمريكي باعتبارها منظمة إرهابية.
وهذه المواقف على أنها مثلت ضربة قاصمة لدور الرباعية الدولية، فقد شهد العالم تاليا، تغييباً متعمداً لدور الرباعية الدولية التي منعت من الاجتماع بما ساهم في تطور مسار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بصورة عبثية وغير إنسانية.
ولم تكن النتائج الكارثية للفيتو الأمريكي محصورة على الوضع المتأزم في غزة بغياب الحماية الدولية للمدنيين في القطاع، بل دفع من جانب آخر بمسار إصلاح الأمم المتحدة إلى متاهة جديدة قد تستمر لعقود، بعد أن كان هذا الموضوع طرح بقوة للنقاش الشهر الماضي بتأييد ومباركة من أكثر دول العالم.
وحتى المواقف المتوازنة التي أعلنتها الأمم المتحدة والتي اتسمت بقدر من المصداقية فقد جوبهت بانتقادات حادة، في تداعيات كشفت إلى حد كبير الدور الخفي الذي يعمل منذ سنوات على عرقلة أي جهود لإصلاح آليات للأمم المتحدة لاستعادة دورها، وقيادة حركة إصلاح عالمية للمنظمة الدولية وآلياتها تقوم على احترام سيادة الدول وتمكنها من تجاوز أي ضغوط سياسية تضعها في موضع اتهام.
انهيار القيم
وسط جنون الإدانات الغربية للمقاومة الفلسطينية والتأييد الكامل للعدو الصهيوني لم يظهر أي موقف غربي معتدل ومتوازن، في المقابل وضع الموقف الروسي اصبعه على المشكلة الحقيقية بدعوة موسكو إلى هدنة إنسانية تفتح الطريق لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية حول الدولتين وإنشاء دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، كخيار وحيد لحل نهائي وعادل للصراع في الشرق الأوسط.
أما الغرب الرسمي بحكوماته وبرلماناته ومنظماته وبرامجه الإنسانية، فقد تبنى من اليوم الأول للحرب الإسرائيلية خطابا سلبيا أعطى الاحتلال إسنادا دوليا يغطي على كل جرائمه وانتهاكاته، في ظل ضغوط مورست على العديد من الدول لتبني مواقفه.
لا شك أن هذه السياسات التي فاجأت المجتمعات الغربية لن تكون بلا ثمن، فالعديد من الدول الغربية لن تكون قادرة على لعب دور فاعل ومؤثر في دفع الدول العربية لإحداث إصلاحات في ملفات الديموقراطية والحقوق والحريات بعد أن فقدت قدرتها على التأثير في هذه الملفات.
ذلك أن المواقف الغربية المعلنة من الانتهاكات الإسرائيلية كانت منحازة وداعمة بل ومبررة للجرائم الإسرائيلية، في حين أن محاولاتها إقناع إسرائيل الالتزام بالقوانين الإنسانية الدولية لن تجد في ظل الدعم الغربي الكامل آذانا مصغية من حكومة الحرب الإسرائيلية التي حددت هدفها بالقضاء على «حماس» وتدمير غزة وتهجير أهلها، للحفاظ على موقعها الاستراتيجي في الشرق الأوسط ما سيضع أمريكا والغرب أمام أزمة أخلاقية وإنسانية عميقة.
ويتعين هنا الإشارة إلى أنه ألا أحد في الغرب يريد انتهاك قيم الديموقراطية والحريات التي تكرست في المجتمعات الغربية على مدى 70 عاما وخلقت مجتمعات متماسكة ودولا قوية ومستقرة، لكن الحروب والصراعات الجيوستراتيجية تجعل انتهاكها أمرا حتميا، في ظل حالة التبعية المطلقة التي تكبل هذه الدول منذ الحرب العالمية الثانية.

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: العدو الصهیونی فی للکیان الصهیونی الشعب الفلسطینی الأمم المتحدة طوفان الأقصى على قطاع غزة فی قطاع غزة أکثر من

إقرأ أيضاً:

رمضان في غزة.. حصار وأزمة إنسانية ومساجد مدمرة وحرب مستعرة

ينظر الشيخ خالد عليان الذي يقف على عتبة (59) عامًا بحزن، على ركام مسجد سعد الأنصاري الذي كان يعمل فيه مؤذنًا في بيت لاهيا، يحاول رفع بعض الركام الممتد إلى الشارع ويقول: «يُقدر عمر المسجد قبل أن يُقصف بأكثر من ثلاثين عامًا، كان أبي المؤذن الأول له، ثم أصبحت أنا المؤذن بعد أن تدهورت صحة والدي، كان المسجد بمثابة بيت لي أقضي فيه جّل وقتي لكن في يوم السابع من أكتوبر عام 2023م تعرض المسجد للتدمير من قبل طائرات الاحتلال الإسرائيلي بعد صلاة العشاء مباشرة وبعدها تعرضنا للتهجير القسري إلى جنوب قطاع غزة».

يُذكر أن أكثر من مليون و900 ألف شخص قد نزحوا من شمال مدينة غزة إلى منطقة جنوب ووسط قطاع غزة في منطقة حُددت على أنها منطقة آمنة واستمر هذا النزوح القسري لأكثر من عام ونصف العام بعدها سُمح للنازحين في العودة إلى ديارهم مع دخول الهدنة إلى حيز التنفيذ بتاريخ 20 يناير الماضي، فترة عانى خلالها النازحون ويلات دمار وقتل وتشريد وتجويع.

ويستذكر الشيخ خالد التجهيزات التي كانت تحدث للمساجد قبل دخول شهر رمضان المبارك: «كنا نقوم بتنظيف المسجد وتجديد السجاد، ونجهز المكتبة بالكتب الدينية والمصاحف ونفتح المُصلي النسائي، ونضع جدولا للخُطباء والوعاظ الذين يحضرون لصلاة التراويح ولخطبة الجمعة من كل أسبوع، كانت الابتهالات تملأ المكان، أجواء جميلة يشارك فيها الصغار والفتيان وشباب الحي، لكن للأسف لقد حرمنا الاحتلال الإسرائيلي من ممارسة أبسط حقوقنا الدينية عندما قام بتدمير معظم المساجد في قطاع غزة بشكل متعمد وممنهج، اليوم لا تجهيزات للشهر الفضيل ولا أماكن للصلاة، سنضطر للصلاة في العراء في ظل أجواء البرد».

أما الحاج أبو محمد الطويل (60) عامًا وهو مقيم في مخيم النصيرات فقد تحدث عن الليلة التي قُصف فيها مسجد القسام الكبير بالنصيرات قائلًا: «مع اقتراب الساعة العاشرة مساء قبل شهرين تقريبًا قام جيش الاحتلال الإسرائيلي بالاتصال بأهل الحي يطالبهم بضرورة إخلاء المنطقة المحيطة على وجه السرعة من أجل نية الجيش لقصف المسجد بالطائرات الحربية».

واكمل حديثه قائلًا: «بالفعل أخلينا الحي المكتظ بالسكان خلال المهلة التي حددها الاحتلال، خرج جميع من بالحي إلى المناطق المجاورة تحت الظلام الدامس والبرد الشديد والقصف القريب من المنطقة، بعدما قطعنا عدة أمتار عن منازلنا، فوجئنا بقصف المسجد مباشرة، وتضرر العديد من المنازل المجاورة له بشكل كبير، عند الصباح شاهدت حجم الدمار الذي حل بالمسجد ورأيت كيف أنه أصبح أثرا بعد عين، شعرت حينها أن قطعة من روحي قد دُمرت، لقد كنت أصلي في مسجد القسام منذ طفولتي، وقبل الاستهداف كنت أذهب برفقة أبنائي وأحفادي أصطحبهم في شهر رمضان لأداء صلاة التراويح كل يوم، الآن قام شباب الحي بإنشاء خيمة متواضعة للصلاة عليها تكفي فقط لحوالي مائتى مصلى، يأتي رمضان هذا العام وقد فقدت أبنائي الثلاثة وأحفادي السبعة أثر القصف الإسرائيلي الذي دمر منزلنا قبل أربعة أشهر».

تعيش إقبال صلاح البالغة (43) عامًا، في منزل أهلها في مدينة بيت حانون المدمرة التي أصبحت خالية من العديد من سكانها ومليئة بالمنازل المدمرة، بما في ذلك منزل عائلتها.

وأشارت إلى أن زوجها قام بتوزيع باقي أفراد العائلة في عدة أماكن للأقارب بعد أن قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي منزل زوجها المكون من ثلاثة طوابق في مخيم جباليا شمال غزة.

وقالت إقبال: «عدنا مع بدء سريان الهدنة إلى شمال غزة، لكننا وجدنا منزلنا والحي بأكمله عبارة عن ركام فوق ركام، تشتت عائلتنا وتفرقت نتيجة للدمار الذي حل بمنزلنا واليوم نستقبل شهر رمضان لكننا نفتقد قضاء وقت ممتع في التجمعات العائلية المفعمة بالحيوية، لا أعلم كيف سنقضي هذا الشهر الكريم بعد المعاناة التي كانت العام الماضي فقد كان شهر رمضان قاسيا داخل مخيمات النزوح وقد تزامن مع الحرب القاسية وحرب الجوع والتعطيش، أما هذا العام فليس لدينا ما يجعلنا نشعر بأننا في شهر رمضان، لقد فقدت اثنين من أبنائي الصغار بعد أن قتلوا بدم بارد من قناص إسرائيلي كان موجودا بالقرب من مدرسة خليفه التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأونروا في بيت لاهيا».

وفي هذا السياق أضاف حاتم البكري، وزير الشؤون الدينية في السلطة الفلسطينية: «إن جيش الاحتلال الإسرائيلي ارتكب أبشع أنواع القصف والتدمير في غزة، مستهدفا المدنيين والبنية التحتية، بما في ذلك المساجد والكنائس العريقة التي كانت ولا تزال تحمل في طياتها جزءا من ذاكرة وتاريخ الشعب الفلسطيني، وخلال فترة الإبادة لم ينجُ مكان للعبادة سواء للمسلمين أو المسيحيين من هجمات جيش الاحتلال، وكانت تلك الأماكن المقدسة هدفا مباشرا للضربات الجوية والمدفعية، ما أسفر عن دمار مروع وخسائر بشرية فادحة.

ولم تكتفِ القوات الإسرائيلية بالاعتداء على المباني الدينية، بل تجاوزت ذلك إلى ارتكاب جرائم قتل بحق علماء الدين وأئمة المساجد».

أما المتحدث باسم وزارة الأوقاف في قطاع غزة الشيخ إكرامي المدلل فقد صرح قائلًا: «إن صواريخ وقنابل الاحتلال سوّت 738 مسجدا بالأرض، ودمرتها تدميرا كاملا من أصل نحو 1244 مسجدا في قطاع غزة، بما نسبته 79%».

وأضاف أيضًا: «إن 189 مسجدا تضررت بأضرار جزئية، ووصل إجرام الاحتلال إلى قصف عدد من المساجد والمصليات على رؤوس المصلين الآمنين، كما دمرت آلة العدوان الإسرائيلية 3 كنائس تدميرا كليا جميعها موجود في مدينة غزة.

وأوضح أن استهداف الاحتلال للمساجد ودور العبادة يأتي في سياق استهداف الرسالة الدينية، فالاحتلال يُدرك أهمية المساجد ومكانتها في حياة الفلسطينيين، وهي جزء لا يتجزأ من هوية الشعب.

كما أكد المدلل أن استهداف الاحتلال للمساجد ودور العبادة يأتي ضمن حربه الدينية، وهو انتهاك صارخ وصريح لجميع المحرمات الدينية والقوانين الدولية والإنسانية.

وأضاف: يسعى الاحتلال لمحاربة ظواهر التدين في قطاع غزة ضمن حربه الدينية الرامية لهدم المساجد والكنائس والمقابر.

ولم يكتفِ الجيش الإسرائيلي بتدمير المساجد، بل قتل 238 من العلماء والأئمة والموظفين التابعين لوزارة الأوقاف، واعتقل 26 آخرين».

وفي سياق متصل فقد صرحت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني «حشد» في بيان لها يأن جرائم الاحتلال الإسرائيلي ضد المقدسات الدينية تندرج على أنها حرب إبادة جماعية تهدف إلى محو التراث الإنساني والهوية الفلسطينية، وإعادة تشكيل قطاع غزة ديموغرافيا.

وأكدت الهيئة أن استهداف المساجد، والكنائس، يمثل انتهاكا واضحا للقانون الدولي الذي يمنح الأماكن الدينية حماية خاصة باعتبارها ممتلكات مدنية، كما أن ما يحدث يندرج في نطاق جرائم الحرب وفق القانون الدولي.

وأضافت الهيئة: إن الجهود الأممية ما زالت قاصرة عن وقف هذه الجرائم، بالرغم من التحقيقات الدولية والإدانات.

وشددت الهيئة على أن هذه الجرائم تُعتبر خرقا صارخا لاتفاقية جنيف الرابعة والقوانين الدولية المتعلقة بحماية الممتلكات المدنية في النزاعات المسلحة.

مقالات مشابهة

  • استشهاد فلسطينيين برصاص العدو الصهيوني في بيت حانون
  • التنمية بغزة: وقف دخول المساعدات ينذر بكارثة إنسانية وعودة للمجاعة
  • شهيد في غزة وإغلاق المعابر ينذر بكارثة إنسانية
  • باحث: تمديد المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في مصلحة إسرائيل
  • وزير الحرب الصهيوني يهدد مصر ويتوعد غزة: لن نسمح بانتهاك اتفاقية كامب ديفيد
  • ارتفاع حصيلة العدوان الصهيوني على قطاع غزة إلى 48,397 شهيداً
  • حماس ترفض التمديد الصهيوني للمرحلة الأولى
  • الضفة الغربية بين مطرقة العدو الصهيوني وسندان الصمت الدولي
  • إسرائيل: مقتل 25 مسلحاً واعتقال المئات في الضفة الغربية
  • رمضان في غزة.. حصار وأزمة إنسانية ومساجد مدمرة وحرب مستعرة