صحيفة الاتحاد:
2025-01-03@13:30:51 GMT

شيخة الجابري تكتب: كأن رحيلكَ كان البارحة

تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT

في حضرة الحزن لست ضليعة في كتابة من أحِب، رحل والدي في مثل هذا الشهر منذ ستة وعشرين عاماً، ولم أكتبه كما يليق بجلال وهيبة حضوره في روحي، بكل الطيبة التي كانت تملأ قلبه، واليوم وبعد ذاك التاريخ وفي الشهر ذاته يرحل أخي الحبيب سلطان، يغادرنا إلى دار الحق حيث تحيطه دعوات أمي الحبيبة مريم، وصلواتنا بأن يعوضه الله تعالى عما أصابه من مرض أخذ كل شيء فيه إلا ابتسامته ورضاه وقناعته وإيمانه بأن الله تعالى يحبه، لذا اختبره في صحته وصبره وقوة إيمانه وتحمله.


يرحل أخي وعضيدي يودّع العين، المدينة التي أحبها وتعلق بها، يناديها فكان عيناوياً حتى النخاع، وكان «فتى العين» الفنان الذي تعلق بالعود والقصيد واللحن الشعبي الأنيق حتى اعتزل ما يحب بعد سنوات حقق فيها شهرة وحضوراً جميلاً إلى جانب صديقيه اللذين تجايل معهما الفنان الكبير ميحد حمد، والراحل العذب جابر جاسم، غنى «فتى العين» لكبار الشعراء ورافق مودةً ومحبةً العديد من مطربي الخليج وكان بينهم تلميذاً يتشرب القصيدة الجميلة واللحن الشفيف، ثم اعتزل كل ذلك إلا من بعض الأوقات التي يأخذه الحنين فيها إلى ذاك العالم الذي ارتضاه كهواية، لا مهنة.
يغيب عضيدي الحبيب ويأخذ برحيله ابتسامات كثيرة، وفرحاً كان يهدهد أرواحنا، يغيب ونستحضر الصبر سلوانا ورضىً وابتهالاً، نحاول أن نكون لأمنا العين والقلب، ولبعضنا العضد والسند، نحنُ أسرة تؤمن بقيمة الحب لذا تجرحنا المواقف الكبرى، ويعظم حزننا عند رحيل من نحب، وأي رحيل صعبٍ هو الذي يُشبه رحيل «بومييد» الذي يبكيه كل قلب أحبه أو اقترب منه أو تعرّف عليه صديقاً جميلاً وفياً وأنيقاً. 
يرحل أخي فتخونني حروفي، وتذبل قصائدي، وتقف الكلمات في حنجرة القلب فيفقد القدرة على النطق، والركض نحوَ البوح فيسقطُ بعضه باكياً، مختنقاً، محترقاً بصهيد الصمت وأنين الروح المستقطع من أنفاس الألم، يا الله كيف للمرء أن يحتملَ كل هذا، كيف لقلب أمي أن يقرأ هذا الوجع ويروح يربّتُ على الصبر، يا أمُّ اصبري واحتسبي ولا تجزعي، فالبشرى بالجنةِ لحبيبك تلوح، فيا رب جنّات عدنٍ وروح وريحان تحف بشقيق روحي، وسندي، وأخي الذي غادر مبكراً ولم نشبعُ بعدُ من ابتسامته ورحابة قلبه، وبهاء طلته وحضوره.
تركض الأيام لا أكاد ألتقطها، يمر على الرحيل عشرُ ليالٍ وكأن الحدث الجلل حلَّ البارحة، كأن ذاك الصمت المغسول بالدمع السخين كان البارحة، كأنك يا قُرّة عين أمي، وحبيب أبي، وشقيقنا وصديقنا ومن دلّلنا، وأحبنا رحلتَ البارحة، تالله كيف لهذا الألم أن ينجلي.

أخبار ذات صلة شيخة الجابري تكتب: تحديات الزمن الجديد شيخة الجابري تكتب: حَرفٌ وأثر

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: شيخة الجابري أحوال

إقرأ أيضاً:

اشتباكات بين المقاومة والاحتلال في مخيم العين غرب نابلس

اشتباكات مسلحة بين مقاومين وقوات الاحتلال، خلال اقتحام الجنود محيط مخيم العين غرب نابلس بالضفة الغربية بالآليات العسكرية.

وافادت مصادر فلسطينية، بأن آليات العدو الإسرائيلي أطلقت نيرانها تجاه مناطق شرق مخيم البريج وسط قطاع غزة.

 

مقالات مشابهة

  • المهاجم التونسي أشرف الجابري يعود للترجي بعد قطع إعارته
  • في مجموعتها القصصية أمهليني صيفا آخر للفلسطينية شيخة حليوي: فن الكتابة
  • د. رحاب التحيوي تكتب: درس مواد الحبس في مشروع المسئولية الطبية
  • جمعة يكشف السبب والحل للخوف والذعر الذي يُصيب الناس
  • عبيد الجابري: خالفنا التوقعات والثبات الانفعالي سر تألقنا
  • اشتباكات بين المقاومة والاحتلال في مخيم العين غرب نابلس
  • ماذا الذي يحمله العام الجديد للمنطقة العربية؟
  • في مثل هذا اليوم| 17 عاما على رحيل جمال بدوي و53 عاما على أغنية "ياحبيبتي يامصر"
  • منى أحمد تكتب: بشروا ولا تنفروا
  • وزير الثقافة ينعى بشير الديك: أحد أعمدة الإبداع الذي أثرى الساحة الفنية بأعمال خالدة