القيم الإنسانية وقت الحرب
لا يختلف اثنان على أن الصور الوافدة من قطاع غزة قاتمة جداً، وتدمي القلب، وتعجز اللسان عن النطق لكل من يحمل ذرة من الإنسانية.
بنايات تسقط على ساكنيها فيختفون ولا تبان لهم ملامح، وأطفال يرتجفون ذعراً على ما شاهدوه من مآس من فقدان ذويهم، وصور بشر بلا ملامح غير الغبار والتراب.
وإذا وسعنا دائرة المشاهد فإنه من لم يمت بالصواريخ والسلاح فإنه يعيش لوعة البحث عن أحبائه، بعضهم قد لا يشعر بها الآن من هول الصدمة كما رأينا ذلك الأب الذي يشعر بالفرح لفقدان اثنين من أبنائه، ولكن مع مرور الزمن وبعد أن تهدأ العمليات العسكرية سيبكيهم، إنها نكبة ستحرج الإنسانية في وقت ما سيذّكره التاريخ إن حاول النسيان بأن العالم المتحضر وقف يوماً يشاهد مجزرة إنسانية سببها حركة سياسية تدعي المقاومة ولكنها تنفذ أهداف أيديولوجية ضد حكومة دولة متطرفة وتعرف عاقبة ما سيحدث.
الكلام مبني على خلفية مواقف الحكومات الغربية ومعهم بعض الإعلاميين الذين يقايضون قتل المدنيين من الفلسطينيين في قطاع غزة على اعتبار أنه عملية عسكرية لتأديب حركة “حماس” التي يبدو أنها لا تُعير اهتماماً بالإنسان الفلسطيني الذي يفترض أنها يهمها شأنه.
هذه المواقف الغربية التي تُفشل الجهود الدبلوماسية في إيقاف المجازر الإسرائيلية هي من أسوأ الألعاب السياسية المتداولة والقديمة بين ما تفعله حركة “حماس” والحكومة الإسرائيلية وهي رغم أنها لعبة مفضوحة إلا أنها أيضاً تمارس علناً آخرها في قمة السلام التي عقدت يوم السبت الماضي في القاهرة والتي غاب عنها السياسيين الغربيين بل أصروا على عدم إدانة ما تفعله إسرائيل في حق المدنيين الفلسطينيين، ما يعني أنه لا خلاف بين ما تفعله “حماس” وإسرائيل في سياسة معاقبة بعضهم من خلال المدنيين.
التفسير البسيط والسهل للمواقف الغربية سواءً السياسية أو الإعلامية هي أن المسيطر على دوائر صنع القرار أو مجموعات الضغط الإسرائيلية هي التي تدير دفة السياسة الغربية أو أن المسيطرون على الإعلام العالمي هم رجال أعمال مؤيدين لإسرائيل ولكن الموضوع كما يبدو أعمق من ذلك وهي أن القيم الإنسانية والمحافظة على حياة الإنسان في الصراعات كلها سواءً كانت بين الإسرائيليين والفلسطينيين أو بين أبناء الشعب الواحد في أي مكان في العالم هي التي تعاني هذا إذا أردنا أن نفهم الصورة بأكملها؛ لأن المحرك المصلحة أو أيديولوجيا.ومسئولية الغرب هنا تكمن أنها ليست بأحسن حال عن باقي دول العالم في التركيز على مصالحها قبل التركيز على المدنيين وخاصة الأطفال والنساء والشيوخ، مع أنها ترفع شعارات عن أهمية المحافظ على تلك القيم.
القيم الإنسانية الحقيقية هي التي يكون معيارها واحد وليس اعتبار أن حالات القتل ضد فلسطيني غزة الذي تعدى 3000 إنسان مع وجود مؤشرات تقول بأن الحصيلة في تزايد مع الحملة العسكرية البرية التي تستعد للهجوم البري في قادم الأيام هو من أجل تأديب “حماس” رغم أنها تدرك أنها لا تمثل الشعب الفلسطيني.
لهذا فمن المهم مراجعة الكثير من التأكيدات السياسية بأن هناك اهتمام بالإنسان أو أن هناك مجتمعات حضارية تعير للقيم الإنسانية اعتباراً وتزداد أهمية هذه المراجعة مع تصاعد حالة التنافس الدولي في تقسيم العالم إلى قوى متعددة وقتها سيكون التركيز على البعد المصلحي أكبر من البعد القيمي.
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
جيش الاحتلال الإسرائيلي: اغتيال أبو حصيرة القيادي في حركة حماس
زعم جيش الاحتلال الإسرائيلي اليوم الأربعاء أنه نفذ عملية اغتيال للقيادي في حركة حماس محمود إبراهيم حسن أبو حصيرة، خلال غارة على قطاع غزة.
اغتيال قيادي في حماسوقال جيش الاحتلال الإسرائيلي في بيان إن أبو حصيرة من بين قيادات قوات النخبة، وهو مساعد كبير لقائد لواء غزة التابع لحماس، بحسب ما أوردته صحيفة جيروزاليم بوست العبرية.
وأوضح جيش الاحتلال أن أبو حصيرة استشهد في عملية مشتركة بين الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك) قبل أيام قليلة.
وأشار الجيش الإسرائيلي إلى أنه في السنوات الأخيرة وطوال فترة الحرب، عمل أبو حصيرة مساعدًا لعز الدين حداد، قائد لواء غزة داخل الحركة، وساعد في التحضير لهجوم المقاومة في السابع من أكتوبر 2023.
اغتيال أبو حصيرةفي يوليو 2014، خلال عملية الجرف الصامد، كان أبو حصيرة جزءًا من خلية مقاومة تسللت إلى منطقة ناحل عوز عبر نفق تحت الأرض وأطلقت صاروخًا مضادًا للدبابات على حارس موقع، مما أسفر عن مقتل خمسة جنود.
في الهجوم، قُتل الرقيب دانيال كدمي، والرقيب باركاي يشاي شور، والرقيب إيرز ساغي، والرقيب دور درعي، والرقيب نداف ريموند. كما جُرح جندي آخر في الهجوم.