انسحاب أممي جديد من مالي وتصعيد عسكري كبير في المنطقة
تاريخ النشر: 22nd, October 2023 GMT
خوفًا من تعرض طاقمها للخطر، أخلت بعثة الأمم المتحدة في مالي (مينوسما)، يوم السبت، معسكرها في تيساليت، في إطار انسحابها المقرر بحلول نهاية العام من البلد الذي يشهد هجمات إرهابية وتوترات مع متمردين.
مينوسما تبدأ انسحاب قواتها من منطقة كيدال شمال مالي الطوارق يسيطرون على قاعدة عسكرية في مالي
وأشارت البعثة الأممية، الأحد، على شبكات التواصل الاجتماعي، إلى أن الجيش في مالي سيطر بشكل كامل على معسكرها في تيساليت.
وانسحبت مينوسما من تيساليت، في وقت تشهد منطقة كيدال التي تعد تيساليت جزءًا منها، تصعيدًا عسكريًا بين عناصر مسلّحة للسيطرة على المنطقة.
وقالت البعثة الأممية في بيان تلقّت وكالة فرانس برس نسخة منه، الأحد، إنها أكملت انسحابها المتسارع من هذه القاعدة في سياق أمني متوتر جدا، ومتدهور، ما عرّض حياة طاقمها للخطر.
وقبل انسحاب البعثة، السبت، اضطر الطاقم إلى الاختباء في الملاجئ مرات عدة بسبب إطلاق النار.
وغادر آخر الموظفين، السبت في قافلة برية باتجاه غاو، أكبر مدينة في شمال مالي.
وقبل مغادرة البعثة، أكّدت أنها اتخذت القرار الصعب بتدمير، أو تعطيل، أو إخراج المعدات القيمة من الخدمة، مثل المركبات، والذخيرة، ومولدات الكهرباء، وغيرها من الأصول، وهو الملاذ الأخير عملًا بقواعد الأمم المتحدة.
وأوضحت أن هذه المعدات لا يمكن إعادتها إلى الدول المساهمة بقوات ولا حتى إعادة نشرها في بعثات حفظ السلام الأخرى.
وواجهت 200 شاحنة صعوبات في الوصول إلى تيساليت من أجل استعادة المعدات، وهي عالقة في غاو منذ 24 سبتمبر، بسبب عدم حصولها على تصاريح من السلطات نظراً للوضع الأمني في المنطقة.
الانسحاب الأول في كيدال
وهذا الانسحاب الأممي من معسكر تيساليت هو الأول في منطقة كيدال، والسادس في مالي. وقامت مينوسما بانسحاب مبكر من قرية بير بسبب تصاعد التوترات.
وفي يونيو الماضي، طالب العسكريون الذين وصلوا إلى السلطة في مالي إثر انقلاب عام 2020، برحيل مينوسما المنتشرة منذ عام 2013 في البلد الذي يشهد أزمة عميقة متعددة الأبعاد، بعد أشهر من تدهور العلاقات مع البعثة الأممية.
ومن المقرر أن يستمر انسحاب نحو 11600 عسكري، و1500 شرطي من عشرات الجنسيات من مالي حتى 31 ديسمبر. وأدى الانسحاب الجاري إلى تصعيد عسكري في شمال البلاد.
واستأنفت الجماعات الانفصالية التي يهيمن عليها الطوارق أعمالها العدائية ضد الدولة المركزية، وزادت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة لتنظيم القاعدة من هجماتها على المواقع العسكرية.
وقبل معسكر تيساليت، سلمت مينوسما أربع قواعد إلى السلطات المالية منذ أغسطس. ولم تخل البعثة الأممية بعد معسكرها في مدينة كيدال، وهي معقل الانفصاليين.
خيانة متواصلة
وقبل أيام، دان المجلس العسكري الحاكم في مالي، ما وصفه بالخيانة المتواصلة، فيما يتعلق بالانسحاب الحالي لقوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، واتهم فرنسا بمحاولة تسريعه ما يصب في مصلحة الجماعات الإرهابية.
وحصل العسكريون الذين وصلوا إلى السلطة بالقوة في العام 2020 من مجلس الأمن في يونيو، بعد تدهور العلاقات مع البعثة الأممية على مدى أشهر، على موافقة من أجل انسحاب بعثته التي نشرت في العام 2013 من هذا البلد المعرض لخطر التمدد الإرهابي ولأزمة عميقة متعددة الأبعاد.
وعزز قرار المغادرة السباق المحموم للهيمنة على الأراضي بين الجهات المسلحة التي تسعى إلى بسط سيطرتها على مناطق واسعة في شمال مالي.
وقد أثار التقدم في انسحاب قوة حفظ السلام وهو عملية ضخمة تتم وسط خطر وقوع هجمات، انتقادات للبعثة للأممية من كل من السلطات ومن المتمردين.
لمزيد من الأخبار العالمية اضغط هنا:
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مالي الأمم المتحدة جيش مالي البعثة الأممیة فی مالی
إقرأ أيضاً:
ندوب الحرب التي لن تبرأ بصمت المدافع
توشك المفاوضات بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس أن تصل إلى ذروتها بإتمام اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة. ورغم أن جانب دولة الاحتلال غير مأمون بناء على التجارب التاريخية وبناء على تجارب مفاوضات الحرب الحالية، لكن المؤشرات والتسريبات التي رشحت خلال الأيام الماضية والمشهد العام في المنطقة والمزاج الأمريكي كلها تشير إلى أن إسرائيل مضطرة هذه المرة إلى التوقيع قبل بدء الفترة الرئاسية للرئيس الأمريكي ترامب.
إن هذه الخطوة كان يمكن أن تحدث منذ أكثر من عام لولا تعطش رئيس الوزراء الإسرائيلي وحكومته اليمينية المتطرفة للدماء ولولا الأحقاد التي تستعر في نفوسهم ضد الشعب الفلسطيني، ولو حدثت في ذلك الوقت لكان يمكن لآلاف الأطفال الذين استشهدوا في هذه الحرب أن يكونوا من بين الذين سيفرحون بالقرار وهم يعودون إلى قراهم المدمرة ليبحثوا عما تبقى من ذكرياتهم وألعابهم وبعض طفولتهم.
لكن قتلة الأطفال والنساء والشيوخ والأبرياء لا يفهمون معنى الطفولة ولا قدسيتها حتى خلال الحرب ومن باب أولى لا يفهمون معنى أن تعود الأمهات الثكلى بأطفالهن فلا يجدن حتى قميصا فيه رائحة طفلها قد يخفف بعض حزنها أو يوقف دموع عينها المبيضة من الحزن والبكاء.
من حق الفلسطينيين أن يشعروا بالنصر رغم كل الخسائر التي منوا بها: خسائر في الأرواح التي قد تصل الآن بعد أن تتلاشى أدخنة الحرب إلى نحو 50 ألف شهيد وأكثر من 200 ألف جريح وبنية أساسية مهدمة بالكامل وغياب كامل لكل مظاهر الحياة الإنسانية وانعدام كامل للمواد الغذائية والطبية.. وشعور النصر مصدره القدرة على البقاء رغم الإبادة التي عملت عليها قوات الاحتلال، الإبادة المدعومة بأعتى الأسلحة الغربية التي جربها العدو خلال مدة تصل إلى 18 شهرا.
في مقابل هذا لا أحد يستطيع أن ينكر أن الموازين في المنطقة قد تغيرت بالكامل خلال هذه الحرب، والمنطقة في اليوم التالي لتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار ليست هي المنطقة التي كانت عليها قبل يوم 7 أكتوبر.
وإذا كانت إسرائيل قد صفَّت الكثير من خصومها في هذه الحرب وفككت محور المقاومة وأثخنت الكثير من جبهاته وآخرها الجبهة السورية إلا أنها كشفت عن ضعفها في المواجهات المباغتة، وفضحت أسطورة أجهزتها الأمنية وقبتها الحديدية.
وفي مقابل ذلك فإن حركة حماس رغم ما تعرضت له من خسائر فادحة في رجالها وقياداتها الميدانية إلا أنها أثبتت في الوقت نفسه أنها منظمة بشكل دقيق ومعقد وأنها قادرة على الصمود وتجديد نفسها وتقديم قيادات جديدة.
والأمر نفسه مع حزب الله ومع إيران التي دفعتها هذه الحرب إلى دخول مواجهة مباشرة لأول مرة في تاريخها مع إسرائيل، ولا شك أن تلك المواجهات كشفت لإيران نفسها عن مواطن الضعف في منظوماتها كما كشف مواطن القوة.
ورغم أن بعض الخبراء يرون أن حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله يمكنهم تجديد قوتهم خلال المرحلة القادمة إلا أن الأمر يبدو مختلفا في سوريا التي يظهر أنها خرجت من المحور تماما سواء كان ذلك على المستوى الأيديولوجي أو حتى مستوى العمل الميداني واللوجستي.
وأمام هذا الأمر وتبعا لهذه التحولات ما ظهر منها وما بطن فإن الموازين في المنطقة تغيرت بالكامل، ولا يبدو أن ذلك ذاهب لصالح القضية الفلسطينية في بعدها التاريخي أو في جوهر ما تبحث عنه وهو دحر الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المحتلة ولو على حدود 5 يونيو 1967.
لكن هذا لا يعني أن المقاومة ستنتهي أو تنتهي نصرة القضية الفلسطينية من الشعوب الحرة المؤمنة بالقضية، بل ستزهر في كل مكان في فلسطين أشكال جديدة من المقاومة والندوب الذي أحدثتها الحرب في أجساد الفلسطينيين وفي أرواحهم، ستبقى تغلي وستكون بذورا لمواجهات أخرى أكثر ضراوة وأكثر قوة وإصرارا على النصر.