لجريدة عمان:
2024-11-26@22:27:38 GMT

طوفان القدس يفرض واقعا جديدا

تاريخ النشر: 22nd, October 2023 GMT

يوم الأربعاء 6 أغسطس 2014، نشرتُ مقالًا في جريدة «الرؤية» العمانية، بعد المعركة التي خاضتها حركة حماس مع الكيان الصهيوني في ذلك العام، تحت عنوان «حماس.. بين النصر والهزيمة». ومن المفارقات أنّ ما جاء في المقال كأنه يتحدّث عن معركة «طوفان القدس» الحالية، وعن بعض التساؤلات التي لا يزال يطرحها البعض عمّا حققته حركة حماس، ويرون أنّ النتيجة كانت باهظة الثمن.

حقيقة ينتابني العجب ممّن يتساءل عن النتائج التي حققتها حركة حماس في هذه المعركة ويحاولون التقليل من الإنجاز الكبير التي تحقق؛ فما حصل لم يحصل منذ لحظة إعلان الكيان الإسرائيلي عام 1948، لا في مستوى قوة الهجوم، ولا في عدد الخسائر البشرية والعسكرية والمادية التي لحقت بالعدو، فلا تقاس عوامل النصر والهزيمة بعدد القتلى أو بحجم الدمار الذي لحق بالفلسطينيين؛ وإنما تقاس بمدى النجاح في كسر إرادة الخصم، هذا إذا أخذنا في الاعتبار الحصار المفروض على غزة من سبع عشرة سنة، مع الفارق الكبير بين الطرفين في الإمكانيات والقدرات وغير ذلك.

في عام 2014، رأى كثيرون أنّ حركة حماس هُزمت، وارتفعت أصوات عربية من منابر صهيونية تسمى تجاوزًا عربية، تعلن ليل نهار أنّ إسرائيل انتصرت، وصدرت تصريحاتٌ من بعض المسؤولين العرب تؤكد أنّ حماس أخطأت ضد إسرائيل، ووصل الأمر بأن يهزأ البعض بالصواريخ الفلسطينية؛ وكنتُ أرد على البعض ممن علّق على مقالي ذلك بأنّ الحرب طويلة، وأنّ النصر لا يقاس بمعركة أو معركتين، وإنما يقاس بالنتيجة النهائية للحرب، وهي حرب طويلة ولا بد أن تكون هناك تضحيات وتكون هناك ضحايا؛ فالحرب ليست نزهة، وعبر التاريخ كله لم ينتصر دينٌ أو شعبٌ إلا بالتضحيات، والله لا ينصر المتخاذلين. وهزيمة معركة مهما كانت ليست المقياس الأخير لكسب الحرب، ولنا قدوة في سيدنا محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- الذي دخل معارك وانهزم في بعضها، والله سبحانه وتعالى بإمكانه أن ينصره وهو في بيته في المدينة المنورة دون أن يتحرك من مكانه، لكن بفضل تلك المعارك والغزوات ارتفعت كلمة «لا إله إلا الله» في الأرض، وهذه سنن الكون في أهمية الدفاع عن الدين والعقيدة والوطن. فإذا كان البعض لا يرى النجاحات التي حققها الفلسطينيون، ويحسب عدد الضحايا والخسائر من الجانب الفلسطيني فقط، فعلى بصر هؤلاء غشاوة، وعليهم أن يقارنوا بين المقاومة الفلسطينية قبل تسع سنوات وما هي عليه الآن من قوة، وأن يقارنوا بين الإمكانيات الإسرائيلية وإمكانيات المقاومة، وكيف تطورت خلال هذه الفترة البسيطة، وصنعت أسلحتها ذاتيًا، وهدمت الجدار الأكثر تطورًا في العالم، وقامت بالمبادرة في الهجوم، ردًا على انتهاكات الكيان للمسجد الأقصى الشريف، فقتلت وأسرت وأرهبت، فما حققته الآن عجزت عن تحقيقه الجيوش العربية النظامية، مما يثير ضغينة بعض هذه الجيوش.

نوجه سؤالًا للذين ينظرون إلى الإنجاز الفلسطيني بأنه مغامرة: كيف إذن يمكن أن تتحرر فلسطين؟ وهل هناك انتصار دون جهد وضحايا؟ تقول حكمة قديمة «ليس شرطًا أن تكون الضربة رقم مائة هي التي كسرت الصخر، وإنما الضربات التسع والتسعين السابقة»، وطوفان القدس ليس إلا ضربة من تلك الضربات التسع والتسعين، وما الضحايا إلا رقم ضمن الأرقام الكبيرة في طريق التحرير. لكن المؤلم أن يرى البعض أنّ كلّ ما حدث ليس إلا مسرحية متفق عليها بين الجانبين والهدف منها توطين الغزاويين في سيناء، وهو أمرٌ - بقدر ما يدعو إلى العجب - فإنه مؤلم، ولكن عزاءنا في ذلك أنّ هؤلاء لم يتعودوا على انتصارات كهذه في تاريخهم.

يتحمل الكيان الصهيوني مسؤولية ما جرى. ومن الخطأ تحميل الفلسطينيين المسؤولية - وهم الضحايا أكثر من 75 عامًا - ولا ينبغي أيضًا المساواة بين المجرم والضحية، كما أشارت إلى ذلك بعض البيانات العربية؛ وقد شاهدنا حملات تشويه مُغرضة لحماس وقادتها، ممّا دفع نشطاء إلى التذكير بأنّ النبيّ محمد -صلى الله عليه وسلم- ‏حينما رأى آل ياسر يُعذّبون حتى الموت قال لهم: «صبْرًا آل ياسر»، ولم يقل لهم غامرتُم وتهوّرتُم وكان عليكم التراجع. ومن السخف مثلًا أن يقول الكاتب الطاهر بن جلون في مقال لصحيفة «لو بوان» الفرنسية يوم الجمعة 13 أكتوبر 2023، «إنّ ما فعلته حماس في هجومها ضد إسرائيل لم تكن لتفعله الحيوانات»، وتطاول على رجال المقاومة الفلسطينية الأبطال، فوصفهم بأنهم «بلا ضمير، بلا أخلاق، ولا إنسانية». ويبدو أنّ تَطَلّعَ ابن جلون لجائزة نوبل أعماه عن رؤية الحقيقة ولم يقرأ أو يستوعب ما قاله الكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي، الذي اتسم بالموضوعية، عندما كتب مقالًا في صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، حمل فيه الكيان الإسرائيلي مسؤولية ما حصل، وأنّ السبب وراء كلّ ما حصل هو الغطرسة الإسرائيلية: «فكرنا أنه مسموح لنا أن نفعل أيّ شيء، وأننا لن ندفع ثمنًا ولن نعاقب على ذلك أبدًا»، وعدّد الإساءات التي ارتكبها الصهاينة ضد الفلسطينيين قائلا: «نعتقل، نقتل، نسيء معاملة، نسلب، نحمي مستوطِني المذابح، نزور قبر يوسف، ومذبح يشوع، وكلها في الأراضي الفلسطينية، نطلق النار على الأبرياء، نقتلع عيونهم ونهشّم الوجوه، نرحّلهم، نصادر أراضيهم ونَنْهَبُهم، ونخطفهم من أسِرّتهم، ونقوم بتطهير عرقي، أيضًا نواصل الحصار غير المعقول». ويحمّل ليفي، بنيامين نتنياهو المسؤولية كاملة عمّا حدث، ويقول إنّ عليه أن يدفع الثمن. وإذا كان ليفي قد بكى بمرارة الضحايا الإسرائيليين، إلا أني أعتقدُ أنّ تسميتهم بمدنيين من الخطأ الكبير، فهؤلاء جميعهم غزاة وينطبق عليهم ما ينطبق على العسكريين، ولا أدري لماذا تظهر دائمًا الإنسانية عندما يتعلق الأمر بالصهاينة ولا ينطبق على الفلسطينيين من الشيوخ والنساء والأطفال؟! وهناك آلاف من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال دون محاكمة، وأغلبهم بريء، فيما تُعتبر غزة أكبر سجن عرفته البشرية، يضم أكثر من مليوني سجين في مساحة ضيقة جدًا، لكن الإنسانية تظهر فقط عندما يتعلق الأمر بغير هؤلاء.

ولم تسلم المرأة الفلسطينية من التنكيل الصهيوني، ففي العاشر من شهر أغسطس الماضي، تعرضت خمس نساء فلسطينيات من مدينة الخليل للتنكيل من قبل مجندات أجبرنهن على خلع ملابسهن. وحسب التحقيق فإنّ مجندتين إسرائيليتين مسلحتين كانتا ضمن دورية عسكرية ومعهما كلب مهاجم، أجبرتا النساء الفلسطينيات على السير عاريات، وهددتا بإطلاق الكلب نحوهن إذا لم يُطِعن الأوامر، واعتبرت حركة حماس الحادثة -وقتها- تصعيدًا خطيرًا، ودعت حركة الجهاد الإسلامي إلى تصعيد المواجهة، فيما هددت مجموعة «عرين الأسود» بالثأر وأنها ستخرج لجيش الاحتلال من حيث لا يحتسب، وهذه الحادثة لم تجد ذلك الصدى المتوقع في وسائل الإعلام العربية إلا ما ندر، لكنها كانت شرارة من شرارات طوفان القدس.

أثبتت حركة حماس أنّ مقولة «الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر» إنما هي مجرد أسطورة نسجها الإسرائيليون وحدهم أمام تخاذل العرب وتشتتهم، وظلوا أسرى مقولة أنّ إسرائيل تستطيع أن تحتل العواصم العربية ببساطة، فها هم الفلسطينيون يفرضون الآن أنفسهم، على غير ما جرى في كلّ الحروب العربية، وها هم الفلسطينيون يطورون من قدراتهم العسكرية رغم الحصار الشديد، وها هم يستعدون لقتال طويل، وهذا تحوّل كبير في الاستراتيجية القتالية لديهم. ولن تكون المنطقة بعد طوفان الأقصى هي نفسها قبل الطوفان، فقد تغيرت الموازين، وسيكون الفلسطينيون أصحاب القرار وبيدهم مفاتيح التفاوض من منطلق القوة، وليس معنى هذا أنّ كلّ العقبات أمامهم قد زالت، فهناك عداوات كبيرة ستنشأ بهدف تطويعهم وكسر شوكتهم، وهناك حملات تشويه كبيرة وكثيرة ستطال أبطال المقاومة؛ لأنهم أحرجوا الكثيرين، لكنهم فرملوا الهرولة إلى التطبيع. وعبر التاريخ كله؛ فإنّ العالم يحترم القويّ ويحتقر الضعيف والمستسلم، ولا يحترم من يتفاوض من موقف الضعف.

صحيح أنّ الكيان الصهيوني ارتكب مجازر وجرائم، إلا أني أجد نفسي أميل إلى ما سبق وأن قلته في مقالي السابق المنشور عام 2014: «نعم؛ نقولها بصراحة إنّ حماس انتصرت على إسرائيل وفرضت واقعًا جديدًا، وهذا ليس كلامًا عاطفيًا أو حماسًا وقتيًا؛ إنما هو حقيقة اعترفَ بها الإسرائيليون أنفسهم، ويعرفها العرب تمامًا، رغم أنهم «َجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا»، وسأظل على إيماني وقناعاتي بانتصار حماس، تمامًا كما سأظل على إيماني بانتصار حزب الله على إسرائيل عام 2006، وكذلك سأظلّ على إيماني بأنّ القوة هي السبيل الوحيد لتحرير فلسطين، وليس مفاوضات الاستسلام؛ وفي كلّ الأحوال فإنّ المفتاح بيد الفلسطينيين أنفسهم، وقد حان الوقت لكل الشامتين والمستهزئين أن يسكتوا؛ فالمقاومة الفلسطينية أعادت إلينا الكرامة المفقودة، رغم الأرواح الفلسطينية التي أزهقت».

زاهر المحروقي كاتب عماني مهتم بالشأن العربي ومؤلف كتاب «الطريق إلى القدس»

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: طوفان القدس حرکة حماس

إقرأ أيضاً:

وقف النار خلال ساعاتوالعبرة في التنفيذ..
لبنان يفرض باريس في اللجنة ولا تعديلات على الـ 1701

يشهد الحديث عن قرب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، تسارعاً وبوتيرة إيجابية، في الوقت الذي تستمر فيه العمليات العسكرية المتبادلة بين حزب الله والجيش الإسرائيلي.
وطبقا لما كان "لبنان 24" تفرد باعلانه امس فان وقف اطلاق النار سيبدأ عند الساعة العاشرة من قبل ظهر غد الاربعاء.
ورفض رئيس الحكومة نجيب ميقاتي التعليق على ما يتم تداوله عن موافقة إسرائيل على اتفاق وقف النار،  انطلاقاً من سياسة الحذر التي يعتمدها منذ بدء المفاوضات.
وأكد زوار رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ "النهار" أن أجواء عين التينة توحي بإيجابية كبرى وأنه " خلال الساعات الـ 36 المقبلة يتم وقف إطلاق النار".
ووفق المعلومات فان الرئيسين بري وميقاتي أبلغا الموفد الاميركي اموس هوكشتاين رفض تنفيذ أي مقترح من دون فرنسا.

في أبرز وأحدث التطورات بشأن الاتفاق، قال البيت الأبيض إن "المناقشات التي أجرتها الحكومة الأميركية بشأن وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل إيجابية وتمضي في الاتجاه الصحيح نحو التوصل إلى اتفاق".
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي: "نحن قريبون. كانت المناقشات... بناءة ونعتقد أن المسار في اتجاه إيجابي للغاية. ولكن... لن يتم فعل أي شيء حتى يتم الانتهاء من كل شيء".  
 كما ذكرت الرئاسة الفرنسية أن "المناقشات بشأن وقف لإطلاق النار في لبنان أحرزت تقدماً كبيراً"، مضيفة: "نأمل أن تنتهز جميع الأطراف المعنية هذه الفرصة في أقرب وقت ممكن".

ونقلت مراسلة "النهار" في باريس عن مصدر فرنسي مقرب من الأوساط الرئاسية ومطلع على مفاوضات وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، أن فرنسا والولايات المتحدة تنتظران إعلان المجلس الوزاري الإسرائيلي قبول الاتفاق رسمياً ليعلن الرئيسان الأميركي جو بايدن بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون غداً سريانه وتفاصيله.

ووفق ما نقلت "رويترز" عن 4 مصادر لبنانية وصفتها بـ"رفيعة المستوى"، فإن هناك خطة للرئيس الأميركي جو بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون للإعلان عن اتفاق لوقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل خلال 36 ساعة.
وكتبت" نداء الوطن": إنه ببساطة ومن خلال المعطيات، سيكون بمثابة «إذعان إلهي» على نسق «الانتصار الإلهي» الذي تباهى به «حزب الله» بعد حرب عام 2006.
تفيد معلومات «نداء الوطن» من مصادر دبلوماسية بأن جوهر الاتفاق هو الآتي: لا سلاح ولا تواجد عسكرياً لـ»حزب الله» جنوب الليطاني، حرية التحرك الإسرائيلي وراء جنوب الليطاني، لجنة المراقبة يرأسها جنرال أميركي، وسيكون الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب في نهاية الـ 60 يوماً إلى ما بعد الخط الازرق، أي الخط الذي جرى رسمه عام 2000 تنفيذاً للقرار 425.


من هذه المعطيات، تضيف الأوساط نفسها أن وقف النار إذا ما أعلن اليوم سيكون على تحقيق رئيس الوزراء الإسرائيلي شروطه ألا وهي إنهاء الساحة اللبنانية التي تشكل خطراً على أمن شمال إسرائيل ، وأن لا يتحقق ذلك فقط في جنوب نهر الليطاني حيث ستتخذ تدابير صارمة جداً بل بمنع عودة «حزب الله» إلى مراكمة قوته العسكرية بما يهدد الاستقرار على الحدود الشمالية ولو بعد 10 او عشرين سنة». وسألت هذه الأوساط: «لماذا تذهب إيران إلى القبول باتفاق وقف إطلاق النار؟ وتجيب «اذا لم يذهب الإيراني إلى الموافقة على هذا الاتفاق الذي هو بمثابة استسلام سياسي، سيضطر بعد فترة للذهاب إلى استسلام عسكري في ظل التوغل العسكري البري الإسرائيلي المتواصل في الجنوب ما يؤدي بمنطقة جنوب الليطاني لتصبح ساقطة بالمعنى العسكري. من هنا تريد إيران حفظ ماء الوجه بعدما باتت مقاليد «حزب الله» بالكامل بيدها بعد رحيل كل قيادات «الحزب» وفي مقدمهم حسن نصرالله».
وكتبت" الاخبار": إذا لم نكن أمام مناورة جديدة من مناورات رئيس وزراء العدوّ، بنيامين نتنياهو، فإنّ اللبنانيين باتوا قريبين جداً من التوصل إلى نهاية للعدوان الإسرائيلي. ومهما يكن الأمر، فإن الثابت والواضح أن التسوية التي تقوم على تنفيذ القرار 1701 «بلا حرف زائد» لم تكن لتتحقق لولا الصمود الأسطوري لأبطال المقاومة الذين منعوا العدو على مدى نحو شهرين من تحقيق إنجاز ميداني باحتلال ولو قرية واحدة من قرى الحافة والتثبيت فيها، ولولا سرعة تعافي المقاومة وتماسكها وإعادة هيكلة قدراتها، بما مكّنها من فرض سيف القصف الصاروخي فوق رقاب أربعة ملايين إسرائيلي، ولولا الاحتضان، الأسطوري هو الآخر، من بيئة المقاومة لهذه المقاومة، ومن البيئة اللبنانية الأوسع للنازحين الجنوبيين والبقاعيين. وبعيداً عن حفلة السجال السياسي المتوقعة بعد انتهاء الحرب، و«الحساب» الذي ستفتحه بعض الأطراف التي خيّب العدوّ مجدداً آمالها وأحلامها، ورغم التدمير الواسع الذي تسبّب به العدو والمجازر التي ارتكبها، فإن «الحسبة» الأولى تشير إلى إفشال أهداف العدوان الأساسية بإقامة شرق أوسط جديد خالٍ من المقاومة، وبالقضاء على حزب الله، وبفرض نظام سياسي في لبنان يكون الحزب خارجه كما أعلن الإسرائيليون، وكما أوحى الأميركيون إلى بعض حلفائهم في الداخل. لم يكن نتنياهو ليذهب أساساً إلى التفاوض لو أن في إمكانه تحقيق أيٍّ من هذه الأهداف، مثلما لم يتمكن من إعادة مستوطن واحد إلى المستعمرات الشمالية من دون اتفاق، وهو ما أكدته المقاومة منذ اليوم الأول. الحصيلة الأولى لهذه الاتفاق الذي تبقى العبرة في تنفيذه، أن المقاومة باقية، وأن قدراتها كما أثبتت الأشهر الماضية لا تتعلق بتموضعها جنوب النهر أو شماله، وهو ما يمكن استخلاصه بوضوح من صراخ مستوطني الشمال ضد «اتفاق العار».
وفي أية حال، بدا في الساعات الماضية أن اتفاق وقف إطلاق النار بات في الأمتار الأخيرة الحاسمة، في ضوء تطوّرين تمثّلا أولاً باستمرار إطلاق التسريبات المتقاطعة عند أجواء تفاؤلية، وثانياً التصعيد الهستيري في الجنوب والضاحية ومشارف بيروت، وصولاً الى منطقة الشويفات، يوم أمس. ونقلت وسائل إعلام عبرية «أننا أصبحنا في الشوط الأخير ما قبل الاتفاق» بالتزامن مع ما تناقلته أوساط لبنان عن «أننا أصبحنا قاب قوسين أو أدنى من الإعلان عن الاتفاق»، من دون الإفراط في التفاؤل استناداً إلى التجربة مع العدو الصهيوني، علماً أن «لبنان أُبلِغ رسمياً أنه سيتم الإعلان عن الاتفاق خلال ساعات» وفقَ ما أعلن عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب قاسم هاشم. ونقلت وكالة رويترز أن إدارة الرئيس الأميركيّ جو بايدن أبلغت مسؤولين لبنانيين أن «وقف إطلاق النار قد يُعلن عنه في غضون ساعات». وأبلغ نائب رئيس مجلس النواب إلياس بوصعب وكالة «رويترز» أنه «لا توجد عقبات جدية تحول دون بدء تنفيذ الهدنة المقترحة من الولايات المتحدة». وأشار إلى أن «الهدنة التي ترعاها واشنطن ستراقب تنفيذها لجنة مكونة من 5 دول». وأضاف بوصعب «الهدنة تقوم على انسحاب الجيش الإسرائيلي من الجنوب وانتشار الجيش اللبناني خلال 60 يوماً».
وفيما أشارت وسائل إعلام عدّة، إلى أن الرئيسين الأميركيّ جو بايدن والفرنسيّ إيمانويل ماكرون سيعلنان خلال الساعات المقبلة وقفاً للعمليات العدائية بين لبنان وإسرائيل لمدة 60 يوماً، أوضح المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، جون كيربي، أن «وقف إطلاق النار في لبنان أولوية بالنسبة إلى الرئيس بايدن». وأوضح أن «الاتصالات بشأن التوصل إلى وقفٍ لإطلاق نار بين إسرائيل وحزب الله مستمرة، لكن لا تطوّر يمكن الحديث عنه»، مضيفاً أن هوكشتين «عاد إلى واشنطن بعد نقاشات بناءة، ونحتاج إلى مواصلة العمل للحصول على وقف إطلاق النار». وكشف «أننا وصلنا إلى نقطة في نقاشاتنا تدفعنا إلى الاعتقاد بأن المباحثات تسير في طريق إيجابي جداً».
وكتبت" اللواء": لاحظت مصادر سياسية مطلعة أن التفاؤل الحذر الذي يرافق قرار  وقف إطلاق النار لا يزال سائدا على الرغم من أن الصورة بشأن إخراج هذا الاتفاق ليس واضحا والأسس التي يتم اعتمادها.  ومن هنا فإن المشهد يتبلور قريبا، على أن هناك أسئلة بدأت تطرح حول النقاط التي تم الاتفاق عليها وكيفية تطبيقها.  
وفي المقابل،  لفتت أوساط مراقبة إلى أن الأخبار عن التوصل إلى اتفاق تشهد تبدلا بين لحظة وأخرى ولذلك لا يمكن  جزم أي قرار قبل أن يصدر بشكل رسمي من المعنيين. 
وتحدثت معلومات عن زيارة قام بها ضباط عسكريون اميركيون الى بيروت بالتزامن مع زيارة وكيل وزارة الدفاع الاميركية الى تل ابيب.
وكتبت" اللواء": يبقى القلق كبيرا من اقدام العدو في الساعات الفاصلة على عمليات اغتيال لتحقيق انجاز معنوي في ظل شبه اجماع في الاوساط الاسرائيلية على اعتبار الاتفاق المفترض نكسة لاسرائيل لانه برايهم يمنح حصانة لحزب الله الذي سيعيد حتما بناء نفسه من جديد.
وقد لفتت مصادر مطلعة الى ان التحول الجدي في مسار التفاوض حصل يوم الاحد اثر قلب حزب الله «للطاولة» ميدانيا مخرجا بعضا من اوراقه المستورة في الحرب بضرب تل ابيب بصواريخ نوعية، بعدما اتخذت قيادة المقاومة القرار بـ»لي ذراع» رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتانياهو الذي اعتمد المماطلة في المفاوضات وواصل التفاوض «بالنار» رافعا من سقف المواجهة من خلال استهداف بيروت، فكان الرد دون سقوف في «رسالة» على ان المقاومة مستعدة للدخول في حرب شاملة، مع ما يعنيه ذلك من استعداد لقصف المواقع الاستراتيجية داخل الكيان بعدما نجحت الصواريخ في تجاوز القبة الحديدية والوصول الى اهدافها،الامر الذي دفع نتانياهو الى الاتصال بالمبعوث الاميركي عاموس هوكشتاين لابلاغه بالقبول بخطة وقف النار، بعد تذليل عقبات بسيطة؟

مقالات مشابهة

  • نتنياهو: من أهداف وقف إطلاق النار" فصل الساحات المختلفة للصراع وعزل حركة حماس"
  • الجمل الحوثي يفرض جبايات واسعة على ‘‘الكسارات’’ وناقلات الأحجار
  • النيابة العامة لدى الكيان ترفض بشدة طلب نتنياهو تأجيل مثوله أمام المحكمة المركزية في القدس - تفاصيل
  • وقف النار خلال ساعاتوالعبرة في التنفيذ..
لبنان يفرض باريس في اللجنة ولا تعديلات على الـ 1701
  • صباغ : سورية تجدد إدانتها للاعتداءات الإسرائيلية السافرة على دول المنطقة وشعوبها، وإدانة جرائم الحرب، وجرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الصهيوني
  • المقاومة الفلسطينية تكمن قوة صهيونية من 20 جنديا في كمين شمال قطاع غزة
  • الغرب ينتظر "واقعاً مختلفاً" في البرنامج النووي الإيراني
  • حماس: لن نقبل بأي تفاهمات لا تؤدي لإنهاء معاناة الفلسطينيين
  • البطولة: شباب السوالم يفرض التعادل على نهضة الزمامرة رغم النقص العددي
  • الأمن الأردني يفرض طوقًا حول السفارة الإسرائيلية بعمان بعد سماع دوي إطلاق نار