عندما توقفت فى الجزء السابق عند سؤالى للشاعر الكبير نزار قبانى وقلت له بأن  سبب شهرته هو إنه جعل الشعر بلغة الحياة اليومية، وكانت إجابته واضحة  وهو يؤكد ما ذكرته:

نعم...لا تنجح القصيدة إذا لم يكن الطرف الثاني قادرا على  تَلَقيهَا... لابد من سهولة كلماتها مع حيوية معانيها... هنا يحدث الاقتراب...لابد أن تلامس مشاعر  الآخرين وأحاديثهم.

..وإِلَّا  كأن الشاعر يقول شعرا لنفسه ولا يطمع في ان يقرأه احد...

يا سيدي... الشعر فعل تغيير...نحن نكتب الشعر لَنَغِير العالم..

وأكمل الشاعر بلهجته الشامية ولهذا أنا سعيد بأن أقول بانني انزلت الشعر من الطابق المائة إلى الشارع... لأن الشاعر إذا لم يختلط بالناس واختلطت كلماته بهم  يتحول إلى رجل عَانس...
وهذا بالضبط ما أكده  الشاعر الكبير فى حواره معى  وتحمس فى حديثه  عندما قلت له وما الذى يشغلك الآن وأنت  تعَدَّ  أَشهر شاعر فى الوطن العربي...

قال بحزن ظهر على وجهه:

عندما تنضج وتتثقف وتعيش الحياة طولا وعرضا وتقرأ الأحداث وتعيش واقعا يحيط بك لابد أن تبحث عن اهتمامات أخرى...

أقول لك يشغلنى الآن الْهِمّ السياسي...!

ملحوظة: من نتيجه  انشغاله بالْهِمِّ السياسى كانت قصيدته “القدس”  التى كتبها  عام ١٩٦٨  وهى  من أجمل ما كتب من الشعر حتى ان   الآلاف من أبناء الوطن العربي حفظها ورددها وتقول كلماتها:

بكيتُ.. حتى انْتَهَتْ الدموع

صليت.. حتى ذابت الشموع

ركعت.. حتى ملني الركوع‏

سألت عن محمدٍ، فيك وعن يسوع

يا قدسُ، يا مدينة تفوح أنبياء

يا أقصر الدروب بين الأرض والسماءْ‏

يا قدس، يا منارة الشرائعْ‏
يا طفلةً جميلةً محروقة الأصابع

حزينةٌ عيناك، يا مدينة البتولْ‏

يا واحةً ظليلةً مرَّ بها الرسول

حزينةٌ حجارة الشوارع

حزينةٌ مآذن الجوامع

يا قدس، يا جميلةً تلتف بالسواد

من يقرع الأجراسَ في كنيسة القيامة؟‏

صبيحةَ الآحادْ..‏

من يحمل الألعاب للأولاد؟‏

في ليلةِ الميلاد..‏

يا قدس، يا مدينة الأحزانْ

يا دمعةً كبيرةً تجول في الأجفانْ‏

من يوقف العدوانْ؟‏

عليك، يا لؤلؤة الأديانْ‏

من يغسل الدماء عن حجارة الجدرانْ؟‏

من ينقذ الإنجيلْ؟‏

من ينقذ القرآنْ؟‏

من ينقذ المسيح ممن
قتلوا المسيح؟‏


من ينقذ الإنسانْ؟‏

يا قدسُ.. يا مدينتي‏

يا قدس.. يا حبيبتي‏

غدًا.. غدًا.. سيزهر الليمونْ‏

وتفرح السنابل الخضراء والزيتون‏

وتضحك العيون..‏.

وترجع الحمائم المهاجرة..‏

إلى السقوف الطاهره‏

ويرجع الأطفال يلعبونْ‏

ويلتقي الآباء والبنون‏
على رباك الزاهرة..‏.

يا بلدي...

يا بلد السلام والزيتونْ‏

كما اختارت سيدة الغناء العربي وكوكب الشرق ام كلثوم قصيدته المشهورة "اصبح عندي الآن بندقية" وهى القصيدة التى انضمت إلى أدب الثورة الفلسطينية  وعبرت عن صمودها واستمرارها وقد غنتها كوكب الشرق عام ١٩٦٩ بعد ان لحنها الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب وتقول كلماتها:

اصبح عندي الآن بندقية

الى فلسطين خذوني معكم

الى ربىً حزينة

كوجه المجدلية

الى القباب الخضر

والحجارة النبيَّة

عشرين عامًا وأنا أبحث

عن ارضٍ وعن هوية

أبحث عن بيتي الذي هناك

عن وطني المحاط بالأسلاك

أبحث عن طفولتي

وعن رفاق حارتي

عن كتبي

عن صوري

عن كل ركن دافئٍ

وكل مزهرية

الى فلسطين خذوني

معكم يا أيها الرجال

أريد أن أعيش او أموت كالرجال

اصبح عندي الآن بندقية

قولوا لمن يسأل عن قضيتي

بارودتي صارت هى القضية

اصبح عندي الآن بندقية

أصبحت فى قائمة الثوار

أفترشُ الأشواك والغبار

وألبس المنيّة

أنا مع الثوار

أنا من الثوار

من يوم أن حملت بندقيتي

صارت فلسطين على أمتار

يا أيها الثوار

فى القدس

فى الخليل

فى بيسان

فى الأغوار

فى بيت لحمٍ

حيث كنتم أيها الأحرار

تقدموا... تقدموا...

الى فلسطين طريق واحد
يمر من فوهة بندقية...


وصدق الشاعر نزار قبانى فى   تَحدِيدِهِ الطريق إلى فلسطين بوضوح تَامًّ...!

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: نزار قباني القدس من ینقذ

إقرأ أيضاً:

نزار العقيلي: (هل هي معركة كرامة حقاً ؟؟)

من بداية الحرب و انا عندي راي في مصطلح معركة الكرامة ، ما راكب لي في راسي المدوقس ده ، ما عاجبني ، لسبب بسيط جدا هو انو المصطلح ده ما بحجم الواقعة ، ما بوصف الواقعة وصفها الصحيح ، لامن نقول الحاصل عندنا ده معركة كرامة فمعناها انو ده تحرك عسكري ضد مليشيا و عدوان من مرتزقة لاستعادة السيادة و الكرامة الوطنية و ده ما بعتبرو وصف حقيقي و صحيح اطلاقاً .

لامن نوصف المعركة بالمصطلح ده بنكون اختزلنا الواقعة بين طرفين ( جيش ، مليشيا ) و ده خطاء كبير جداً و بعيد عن الحقيقة تماماً لانو الواقع و الحقائق بتقول إنو الشعب السوداني من زمن طويل جداً كان رافض المليشيا تماماً و طالب بي حلها و ظل المطلب ده مطلب شعبي رقم واحد لسنين طويلة و اول ما هاجمت المليشيا القائد العام و القيادة العامة انتفض الشعب السوداني كلو و ضغط على قيادة الجيش و طالبها بالتسليح و ظلت مطالب تسليح الشعب مستمرة و وصل الامر بانو الشعب يسير مواكب للحاميات العسكرية و يطالبها بالتسليح للوقوف مع قواته في خندق واحد و لامن تم فتح باب الاستنفار الشعبي لبوا النداء الشيب و الشباب و النساء و خير مثال لذلك اخواتنا في دارفور الشايلين السلاح ليومنا هذا ، بالإضافة لإستنفار لجان المقاومة على راسهم غاضبون و كتائب الاسلاميين على راسهم البراؤون ، فهل يعقل انو نختزل الحدث بين الجيش و المليشيا ؟

فبالتالي يا جماعة الحاصل ده جزء من نضال الشعب السوداني من اجل التحرر من حكم المليشيا و العملاء و من اجل الإستقلال الحقيقي من التدخلات الخارجية فيبقى الوصف الحقيقي او المصطلح الصحيح هو ( ثورة الكرامة ) و ليس ( معركة الكرامة ) هي ثورة لانها كانت من مطالب الشعب ، هي ثورة لانو الشعب شال فيها السلاح و وقف مع قواته المسلحة ضد المليشيا ، هي ثورة لانها وحدت الشعب السوداني كلووو تحت راية قواته المسلحة ، هي ثورة لانها جعلت حركات الكفاح المسلح و القوات المسلحة و المستنفرين و الغاضبون و البراؤون في خندق واحد ضد المليشيا و العملاء ، هي ثورة لانها وحدت الصفوف و جمعت الشمل و استعادت سيادة و كرامة السودان ، هي ثورة لانها صححت المفاهيم و كشفت المستور و رفعت الوعي و الحس الوطني ، هي ثورة لانها دفنت الاحزاب التقليدية و العملاء مع المليشيا في مقابر جماعية ، و تأسيساً على ما سبق ممكن نقول إنو مع الرصاصة الأولى كانت معركة كرامة لكنها اتحولت لثورة كرامة .
نزار العقيلي
#ثورة_الكرامة

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الشاعر الماليزي رجا أحمد أمين الله يلقي أربع قصائد في معرض الكتاب
  • أبرزها قمر الثلج وقلب الأسد.. 15 ظاهرة فلكية مميزة في سماء فبراير
  • تشجيعا لموهبته الفنية.. محافظ المنيا يستقبل الشاعر أدهم الجمال
  • نزار العقيلي: (الساحر صبير)
  • الشاعر المغربي مراد القادري من معرض الكتاب: نحن مدينون لمصر ثقافيًا
  • شاعر مغربي من معرض الكتاب: نحن مدينون لمصر ثقافيًا
  • نزار العقيلي: (هل هي معركة كرامة حقاً ؟؟)
  • الشاعر الإسباني فرانسيسكو سولير: تأخرتُ في نشر أعمالي بسبب كرة القدم
  • قصائد الوجد والفقد في «بيت الشعر بالشارقة»
  • لغة الروح وصوت القلب في بيت الشعر