وهم القرن.. و«بامبرز» إسرائيل
تاريخ النشر: 22nd, October 2023 GMT
كان الرد المصرى الرافض لفكرة التهجير القسرى لإخواننا الفلسطينيين حاسمًا لا يقبل المواربة، قاطعًا لا يقبل التشكيك، حازمًا لا يقبل المساومة، جاء الرد مؤكدًا أن التهجير خط أحمر، وأن التصعيد سيقابل بالتصعيد، ويجب على العالم ألا يقبل هذا المخطط تحت زعم الضغط الإنسانى، جاء الرد المصرى ليعلن للعالم أن هذا المخطط القديم تغير مسماه الحديث من «صفقة القرن» ليصبح «وهم القرن».
هذا الوهم فكرة قديمة تخرج من الأدراج الخبيثة من حين لآخر، لتحقيق حلم الصهيونية بأرض الميعاد، مخطط يتلون بأسماء القتلة وأرباب العصابات، فكرة تتحور كلما وجدت فرصة سانحة لتنفيذها وسط دعم أعور لا يرى دماء الأبرياء، دعم غاشم لا يشعر برجفة أطفال أصابهم الهلع من قذف الصواريخ والقنابل، دعم إجرامى يدافع عن مجرمين فى عمليات إبادة جماعية لنزع جذور صاحب الأرض من أرضه.
هذا الكيان المحتل وتلك العصابات التى تم زرعها فى فلسطين، تلك البقعة التى لا تربطهم بها صلة دم أو عرق، وقد أثبت ذلك العالم العبقرى الدكتور جمال حمدان فى دراسة بعنوان «اليهود أنثربولوجيًّا»، تتبع فيها حركة اليهود تاريخيًّا وإنسانيًّا، وكيف أصبحوا مجموعة لا تربطهم بالسامية رابطة، ولا تجمعهم بالعرب صلة، فهم ليسوا بأبناء عم، تلك السامية التى صدعوا بها أدمغة العالم، واتخذوها وسيلة لتجريم معاداة الصهيونية وأفعالها.
يقول الدكتور جمال حمدان فى خلاصة بحثه، إننا أصبحنا إزاء قوم غرباء بعد أن ذاب نسلهم فى دماء غريبة، ووصل الذوبان إلى حد الإحلال، فيهود اليوم إنما هم أقارب الأوروبيين والأمريكيين، بل هم فى الأعم بعض وجزء منهم وإن اختلف الدين، ومن هنا فإن اليهود فى أوروبا وأمريكا ليسوا كما يدعون غرباء أو أجانب.. أما أين يمكن أن يكون اليهود غرباء ودخلاء بلا جذور فذاك فى بيت العرب وحده، فى فلسطين، حيث لا يمكن لوجودهم إلا أن يكون استعمارًا واغتصابًا بالقهر والابتزاز، وانطلاقاً من هذا يسقط أى ادعاء سياسى للصهيونية فى أرض الميعاد.
تلك الصهيونية التى تجد دعمًا أمريكيًّا لا حدود له، يوجزها الرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون فى كتابه «1999 نصر بلا حرب» تقديم المشير محمد عبد الحليم أبوغزالة، الصادر عام 1988، حيث قال : «إن التزامنا ببقاء إسرائيل التزام عميق، إنه التزام لم يخل به أى رئيس فى الماضى أبدًا، وسيفى به كل رئيس فى المستقبل بإخلاص، إن أمريكا لن تسمح أبدًا لأعداء إسرائيل الذين أقسموا على النيل منها بتحقيق هدفهم فى تدميرها».
وبعد تلك السنين التى مرت على كلام «نيكسون»، جاء اليوم الذى نرى فيه أمريكا وكل من يدعم هذه الصهيونية المتوحشة يلعبون دور «بامبرز» لإسرائيل، طفلها المدلل الذى تمنحه السلاح ليقتلع الرضع من جذورهم، ثم يحجبون هذه الأفعال الإجرامية العفنة عن شعوبهم بقلب الحقائق وتبنى الأكاذيب، وهذه الشعوب إذا أرادت أن ترى وأن تشم رائحة الحقيقة عليها أن تنزع هذا «البامبرز» عن هذا الكيان المجرم.
نعود إلى «وهم القرن» ومخطط التهجير البائس لهذا الكيان الذى يرتعد من صراخ الأطفال، فى تقرير لجريدة «الجارديان البريطانية» نشرته جريدة الدستور الأردنية مارس 1988 تحت عنوان «هل من حل نهائى للقضية الفلسطينية»، استعرض التقرير تلك الأوهام القديمة، وذكر أنه بعد حرب 1967 بأسبوعين عقدت الحكومة الإسرائيلية اجتماعًا سريًّا لمناقشة كيف يتم حل المسألة السكانية الناجمة عن احتلال إسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة، وأشارت إلى أن «مناحم بيجين» قد أوصى وقتها بهدم كل المخيمات ونقل اللاجئين إلى صحراء سيناء، ويقول التقرير إن الحكومة الإسرائيلية لم تتوصل إلى قرار حول إعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين، غير أن المشاعر العامة أيدت خطة الوزير «إيجال آلون» بنقل اللاجئين الفلسطينيين إلى صحراء سيناء وإقناع بقية الفلسطينيين بالهجرة إلى الخارج، ويؤكد التقرير أن تلك الفكرة ظلت حية، واتخذت أشكالاً مختلفة وبقيت مناقشتها سرًّا مكتومًا.
والسؤال الأهم فى هذا المقال لماذا سيناء تحديدًا؟، يجيب عن ذلك الدكتور عبد الوهاب المسيرى فى مقدمة كتاب «اليهود أنثروبوجيًّا» للدكتور جمال حمدان، فيقول: «يعبِّر جمال حمدان عن الموقف الجيوستراتيجى المصرى كله فى إيجاز، من خلال سلسلة من المعادلات الاستراتيجية على النحو التالى: من يسيطر على فلسطين.. يهدد خط دفاع سيناء الأول، من يسيطر على خط دفاع سيناء الأوسط.. يتحكم فى سيناء، من يسيطر على سيناء.. يتحكم فى خط دفاع مصر الأخير، من يسيطر على خط دفاع مصر الأخير.. يهدد الوادى، وهذه بالضبط «نواة نظرية الأمن المصرى».. ويقول: «إن موقع مصر مهدد أبدًا وبانتظام بالإجهاض والشلل الجزئى ما بقيت إسرائيل، خاصة أنها تريد أن ترث دور القناة نهائيًا، بل تهدف إلى سرقة موقع مصر الجغرافى، ومن ثم يصبح المبدأ الاستراتيجى الأول فى نظرية الأمن المصرى هو مرة أخرى: دافع عن سيناء– تدافع عن القناة.. تدافع عن مصر جميعًا، ولا ضمان بالتالى إلا بذهاب العدو».
تلك هى الخلاصة، إنهم يريدون مصر وأمنها، حفظ الله مصر دائمًا وأبدًا.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: سرائيل الرد المصري التهجير القسري من یسیطر على جمال حمدان لا یقبل خط دفاع
إقرأ أيضاً:
مساعد وزير الخارجية الأسبق يكشف لـ الوفد مصير "صفقة القرن"
أثيرت في الفترة الماضية تساؤلات كثيرة حول سبب رغبة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب في إنجاز اتفاق بشأن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة قبل تسلمه منصبه رسميا في 20 يناير الحالي.
يرغب دونالد ترامب في إنهاء الحرب على قطاع غزة بأسرع وقت ممكن، حتى مع استمرار إدارة جو بايدن المنتهية ولايتها.
وبعد إعلان مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية توصل طرفي النزاع في غزة إلى اتفاق لتبادل الأسرى والمحتجزين والعودة إلى الهدوء المستدام بما يحقق وقفا دائما لإطلاق النار بين الطرفين، عادت التساؤلات مرة أخرى حول عودة ترامب للبيت الابيض ومصير صفقة القرن.
وفي هذا الصدد، قال السفير يوسف مصطفى زاده، مساعد وزير الخارجية الأسبق، وعضو المجلس المصرى للشؤون الخارجية، إن عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض تثير تساؤلات حول مستقبل "صفقة القرن" وتأثيرها على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، خاصة في ظل الظروف الحالية التي يشهدها قطاع غزة.
وكشف السفير يوسف مصطفى، في تصريح خاص للوفد، أنه بعد أكثر من عام من الحرب في غزة، تبدو الأوضاع قد تغيرت بشكل جذري مقارنةً بالفترة التي تم فيها طرح "صفقة القرن" لأول مرة، هذه الخطة التي اعتبرها ترامب "فرصة أخيرة" للفلسطينيين، قوبلت برفض واسع من قبلهم، حيث اعتبروها تهديدًا لحقوقهم الأساسية.
وتابع " زاده "، الواقع الحالي في غزة، الذي شهد تدميرًا واسع النطاق وخسائر بشرية كبيرة، قد يجعل من الصعب إعادة إحياء هذه الصفقة بنفس الشكل السابق، حيث أن عودة ترامب لن تؤدي إلى تغييرات جذرية في السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل، كما أن الدعم الأمريكي لإسرائيل يعتبر ثابتًا بغض النظر عن الحزب الحاكم، و لكنى شخصيا اتوقع أن يبارك ترامب ضم الضفة الغربية لدولة إسرائيل.
ولفت مساعد وزير الخارجية الأسبق، إلى أنه قد يكون هناك احتمال أن يتم إعادة صياغة "صفقة القرن" لتكون أكثر توافقًا مع الواقع الجديد، قد تتضمن أي محاولة جديدة للتفاوض أخذ بعين الاعتبار الأوضاع الإنسانية المتدهورة في غزة والرفض الفلسطيني القوي للخطة السابقة.
واعتقد أيضًا أن ترامب قد يسعى لتقديم خطة جديدة تستند إلى المفاوضات مع الدول العربية المعتدلة بدلاً من الفلسطينيين مباشرة، كما حدث في السابق مع الاتفاقيات الابراهيمة ، هذا النهج قد يساعد في تقليل الضغوط على الفلسطينيين ولكنه قد يواجه انتقادات من جانبهم بسبب عدم إشراكهم في العملية.
كما كشف وعضو المجلس المصرى للشؤون الخارجية، عن السيناريوهات المستقبلية، مثل استثمار الاتفاق الاخير بشان غزه واغداق المساعدات العسكرية على اسرائيل بحجة امنها القومى .
واختتم، أن الوضع الداخلي في الولايات المتحدة قد يؤثر أيضًا على كيفية تعامل ترامب مع القضية الفلسطينية، فهناك انقسامات داخل الحزب الديمقراطي والجمهوري حول الدعم لإسرائيل، مما قد يحد من قدرة ترامب على تنفيذ سياسته بالكامل رغم الأغلبية فى الكونجرس .