جريدة الرؤية العمانية:
2025-01-08@09:06:33 GMT

ستدوِّن غزة الانتصار

تاريخ النشر: 22nd, October 2023 GMT

ستدوِّن غزة الانتصار

 

وافي الجرادي **

 

 

ما يحدث في غزة من إبادة جماعية وغطرسة غير مسبوقة للكيان الصهيوني، وبدعم ورعاية وتمويل أمريكي وغربي ليس بالجديد على غزة خاصة وفلسطين عامة وعلينا كعرب ومسلمين؛ بل هو امتداد لمأساة وجروح يُكابدها شعب أعزل وعلى مدى عقود من الزمن راح ضحيتها مئات الآلاف من الفلسطينيين، وصُدِرت أراضٍ عدة، وهُجّرَ الملايين، واُنتهكت الكثير من الأعراض وفي ظل مرأى ومسمع المجتمع الدولي ومؤسساته ومنظماته التي لم ولن تعمل شيئا لأجل حقن الدم الفلسطيني ولجم العدوان الصهيوني وآلة قمعه.

هذه المرة أثبت الفلسطينيون أنهم أهل للشجاعة في مواجهة الكيان الصهيوني والذي جلب الأساطيل والعدة والعتاد من دول الغرب ظناً منه بمحو غزة من الوجود وتحقيق النصر، ورغم كل ما حشده فموازين المعركة غير مواتية لأن تخرج إسرائيل المحتلة منتصرة بل خاسرة، وسيخسر معها الحلفاء وسيجدون أنفسهم في مأزق من الصعب التنبؤ بتبعاته ونتائجه.

وحدها الإدانات هي معمول بها في عالمنا العربي والإسلامي رغم الوحشية المُفرطة والجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية، جرائم يَصعبُ على الذات العربية تحمُّلها أو التقليل منها، ما يثير الكثير من السخطِ والغضب في الأوساط الاجتماعية العامة مما يمارسه المحتل بحق الإنسانية وفي ظل دعم سخي وغير محدود من رُعاته (الولايات المتحدة- بريطانيا - ألمانيا - فرنسا) والذين ومنذ الوهلة الأولى للحرب سرعان ما وقفوا الى جانبه سياسياً وعسكريا وإعلاميا، وحتى اللحظة يقف هؤلاء حجر عثرة أمام أي محاولات لوقف آلة الحرب في مشهدٍ ينم عن كبرياء وغطرسة وتفنّن بمواصله لهيب الحرب رغم عواقبها ونتائجها الكارثية ليس على الفلسطينيين فحسب،بل على دول الإقليم والعالم أجمع.

المتابع لما يجري من قصف مُكثّف وعنيف للكيان على غزة وبكل ما فيها من دور العبادة والمشافي ومراكز الإيواء ليجدَ حقيقة أن مخطط الكيان لأن ينزح أهل غزة شيء معمول به وتعمل عليه وما تدمير أحياء بالكامل داخل القطاع إلا أسلوب مُمنّهج ومدروس غايته إجبار ساكني غزة على الهرب والنزوح لكي تتسهّل لهم عملية الاجتياح البري والذي تدعمه مواقف وأفكار تعيش حالة من عنفوان الكبرياء والغرور، وإن فعلوها وغرّتهم سخافتهم؛ فالغزّاويون على عتبة الانتظار، وسيخرجون من باطن الأرض لدفنهم؛ بل إن ركام المباني المُدمّره قد يتحوّل إلى حقول ألغام تبيد مٌدمّريها وتثأر منهم.

وحينها سيثأر الشارع الإسرائيلي من حكومته ولا غرو أن نرى المجتمع الإسرائيلي يضرب على حائط مؤسسات نتنياهو ويزلزل عروشها ويتحوّل الى مجتمع يقتل بعضه الآخر، وما مشاعر الغضب واتساع رقعة التظاهرات المٌطالبة بخروج الأسرى من قبضة حماس إلّا غليان غضب عن حالة لا يقبلها الشارع فكيف له أن يقبلَ أن يُقتل عشرات الألاف من ابناءه في غزة؟

بصمود وعزيمة المقاومين في غزة، وصلابة معركتهم ومشروعية قضيتهم يتوفر لدينا يقينٌ بأنهم أهلاً للنصر رغم فظاعة وبشاعة القصف والدمار الهائل للمدينة.

سينتصرون رغم كل المؤازرة والدعم اللامحدود لدول الغرب لإسرائيل، ورغم الخذلان والصمت العربي؛ فالنار الموقدة ليست بالأمر الآني لشعبٍ جيلا بعد جيل وهو حالكٌ بين جنباتها، واقعٌ على هكذا حال وهكذا امتحان وابتلاء.

سيدوّنون لكل الأمم والأجيال قصصاً من النصر والحرية والإقدام.. نصرَ الله غزة وأيّدَ أبناءها بالنصر.. إنه قريبٌ مُجيب الدعاء.

** كاتب يمني

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

أوهامُ الصهاينة في الانتصار على محور المقاومة.. أسباب تُضعف التصعيد ضد اليمن

يمانيزم/ تقارير أن تقتلعَ صخرةً فهذا ممكنٌ، لكن من الغباء أن تفكِّرَ أن اقتلاعَ صخرة بالضرورة سيقودُ إلى اقتلاع الجبل.

هذا ما ينطبق في جزء يسير على ما حصل في حرب محور المقاومة ضد مشروع أمريكا الشرق الأوسط الصهيوني.

والحقيقة أن ما حصل في المنطقة أحداث ربما كانت موجعة لقوى المحور، لكنها ليست كما يروج له إعلام واشنطن وتل أبيب والغرب.

ما حصل على سبيل المثال لحزب الله هي أحداث افترضت المقاومة وقوع شيء منها. فالحرب والصراع من الطبيعي أن يقود إلى تضحيات، وربما ضربات موجعة، لكن المهم في الأمر أنه لا يقود إلى تحولات حقيقية تلقي بظلالها على الواقع وهذا كان وما زال واضحًا.

قبل توقيع حزب الله لاتّفاق وقف إطلاق النار مع العدوّ الإسرائيلي، كان حزب الله قد فرض قوة وتصعيدًا غير مسبوق على العدوّ.

وقبل ذلك كان الرد الإيراني في عملية الوعد الصادق الثانية بمثابة رسالة شديدة اللهجة لـ “إسرائيل” من رد مزلزل، حَيثُ إن ما ينتظر “إسرائيل” أقوى وأقسى مما حصل بعد استهدافها بقرابة مِئتي صاروخ وصلت لأهدافها بدقة.

وبالمجمل ففي جنوب لبنان سقط الجيش الإسرائيلي سقوطًا كَبيرًا. ويمكن استذكار أن هذا الجيش في حرب 2006 توغل في جنوب لبنان على نحو ما، لكنه في حرب 2024م لم يستطع تجاوز قرىً ومدن حدودية كمدينة الخيام على سبيل المثال.

في سوريا ربما كان حدث سقوط نظام بشار الأسد بمثابة المادة الدسمة التي استغلتها “إسرائيل” للحديث عن دور حقيقي لها في صنع ذلك الحدث، لكن الحقيقة أن “إسرائيل” كانت في خانة المتفاجئين مما حصل لنظام الأسد فيما كانت تركيا من صنعت ورتبت للسقوط الذي شاهدناه، وعلى ذلك ركبت واشنطن وتل أبيب الموجة لتعلنا نفسيهما في صُلب الحدث. بعد سقوط نظام الأسد غرد ترامب في أول تصريح علني له بهذا الخصوص “أردوغان وراء سقوط نظام بشار الأسد في سوريا”.

أما جملة الأحداث التي حصلت في لبنان، إنما كانت نتاج عمل استخباراتي مكثّـف قادته أمريكا بتعاون غربي ما بعد حرب تموز 2006م، واستفادت منه “إسرائيل” مع ما جمعته وحللته من معلومات وبيانات عن حزب الله وتبنيها لعملية البيجر والخلوي، حَيثُ جاءت عمليات استهداف قيادة قوات الرضوان وقيادة الصف الأول، لتعطي انطباع أن “إسرائيل” من كانت وراء كُـلّ تلك العمليات، وُصُـولًا إلى سقوط النظام السوري، وهكذا يكذب الصهاينة.

في مقابل تلك الأحداث الموجعة لمحور المقاومة، كان العجز الأمريكي الإسرائيلي واضحًا في النيل من إيران واليمن. استهداف إيران بحسابات السياسة الأمريكية القديمة الجديدة كانت النقطة الحرجة التي تتوقف عندها حركة أمريكا، فأي استهداف يعني أنه ما من أحد يفكر لصالح أمريكا ومصالحها، حَيثُ خيارات طهران وقدراتها كبيرة لمواجهة الجنون الأمريكي، فيما يشهد هذا القطب -الذي تسيَّد العالم لوقت طويل- حالةً من التراجع متعدد الأوجه؛ فهو بهذا التوقيت الحرج تحديدًا لا يقوى على مواجهات تقود إلى فوضى فيما حسابات الناخب والحاكم الأمريكي اليوم تصر على استعادة قوة أمريكا داخليًّا. يمكن النظر إلى أن الحالة الترامبية جاءت ضمن إرهاصات تحولات قادمة تؤكّـد أن الولايات المتحدة تعيش تراجعًا مخيفًا؛ فهي الأكبر مديونية على مستوى العالم، وهي من تعيش بنيتها التحتية حالة من التدهور الكبير، ومن تعاني بحريتها من انكشاف عوراتها بظهور مؤشرات الضعف الكبير في مواجهات اليمن البحرية على مدار عام ونيف، وقائمة التراجع تطول.

وأمام صورة التراجع الأمريكي فَــإنَّ إيران ترى أن ما يجري من حث على اللجوء للقوة في مواجهتها إنما هي دوافع “إسرائيل” أولًا لمحاولة تجاوز الكابوس الإيراني الذي أرقها منذ عقود طويلة، وأن إمْكَانيات وحسابات الربح والخسارة الأمريكية لن تقود واشنطن إلى الفعل العسكري بمفهوم حاكم تل أبيب.

في خَطٍّ موازٍ، تنظر الولايات المتحدة إلى اليمن كعقبة من الصعب تجاوزها بمؤشرات اليوم وخبرات المواجهات البحرية مع اليمن، حَيثُ تصطدم رؤى المخطّط العسكري بمعطيات ليس من السهل تجاوزها، أولها أن أي تحضير لهجوم واسع على اليمن بمفهوم الحرب الشاملة، لا يمكن البت فيه دون موافَقة سعوديّة أولًا وإماراتية ثانيًا، فيما حساباتُ هذين الطرفين لا تتطابق مع الحسابات الأمريكية الإسرائيلية في هذا الجانب.

ثانيها أن السعوديّة والإمارات عادة ما تؤكّـدان لواشنطن وتحالفها أن الخيار العسكري المعتمد على العنصر البري (الحرب البرية) يشكل خطرًا على مصالحها وأمنها بشكل عام، وأن أي تحَرّك عسكري ضمن حرب شاملة، لا يعني سوى “خراب البيت السعوديّ- الإماراتي”، وهذا مرفوض؛ فصنعاء أسمعت صوتَها للرياض وأبو ظبي سابقًا وواقع مواجهات اليوم مع “إسرائيل” ضاعف من توجس وتخوف الجوار من أية مغامرات مع الجار الصُّلب.

ثالثها أن العنصر البري والحرب البرية التي تسعى “إسرائيل” -ومعها الأمريكان وبريطانيا وفرنسا- إلى تبنِّيها ضد اليمن، بالاعتماد على مليشيات السعوديّة والإمارات لن تقود -ضمن تحليلات قياس مستوى الاستعداد الداخلي الشعبي- إلَّا إلى فشل كبير لثلاثة أسباب رئيسة: الأول أن المزاج الشعبي اليمني ينظر إلى حرب ومواجهات اليمن اليوم في البحار والعمق الفلسطيني المحتلّ على أنها حرب مقدسة تمثّل اليمن فيها عنصرًا رئيسًا وحجر زاوية؛ خَاصَّة بعد توقف جبهة حزب الله، ووقوف (اليمن) منفردة في إسناد المقاومة الإسلامية في غزة، على نحو كثيف ومؤثر بقوة.

والثاني أن قوةَ صنعاء بمقدورها كسرُ جبهة مرتزِقة العدوان وأعوان المشروع الصهيوني المستهدِف للعرب والمسلمين، فإمْكَانياتُ صنعاء الحربية اليوم قادرةٌ على تجاوز بل حرق ورقة المرتزِقة والمليشيات، وَإذَا كان السيد القائد قد توعد الأمريكان قبل أن تبدأ الحرب البحرية بالمفاجآت التي لا تخطر على بال، فقد توعدهم كذلك بمفاجآت الحرب البرية إذَا ما وقعت، وقد اعتاد العالم منه صدق القول والفعل، يمكن النظر إلى مستوى الثقة التي تتحدث بها قيادات صنعاء حول ذلك وهي كافية لإدراك حجم القوة والاستعداد اليمني لتجاوز ورقة المرتزِقة وأية مليشيات على الأرض.

والثالث أن هناك خشية من انفراط عقد مليشيات “الرياض- أبو ظبي”، حَيثُ التخوُّف من عودة الآلاف المؤلفة من عناصر المرتزِقة إلى الصف الوطني، حَيثُ تنتظر الغالبية من أُولئك الفرصة المؤاتية للرجوع مع الشعور بالخطر من أي تحَرّك في الوقت الراهن قد يعرضهم لمخاطر الاعتقال والتصفية، وقد سبق وتعرض البعض منهم للاعتقال والتعذيب لمُجَـرّد الشكوك في نوايا العودة.

هذا يعني أن ما يمكن أن تقوم به قوى الاحتلال الأمريكية الغربية سيكون قاصرًا على جانب الحرب الناعمة في غالب الأمر، وما يحضّر له ترامب لأمريكا يجب ألَّا تشغله مسائل الخارج كَثيرًا، فيما الوقت الذي بحوزته ليس كَبيرًا مقارنة بجدول أعماله ومشاريع الداخل الأمريكي؛ ولأن تفكيره في العام كـ “تاجر” منصبٌّ على الربح والخسارة فَــإنَّ أي تصعيد قادم لن يكون إلَّا تصادُمًا متعمَّدًا لشل حركة أهدافه التي ترفع شعارَ “أمريكا أولًا”، فأية حرب أَو تصعيد من السهل إشعالُها لكن من الصعب الخروج منها وإطفاء نيرانها، وإن كان من غير المستبعد أن يقدِّمَ ” ترامب” بعضَ هداياه لنتنياهو كوعود تسليم الضفة الغربية للكيانِ، وقد بدأ ذلك فعلًا باستحضار مسمى يهودا والسامرة، لكن الأمر لن يصلَ إلى إشعال حرب واسعة، حَيثُ إن جغرافيتَي اليمن وإيران حتمًا ستقودان إليها مع أي تصعيد إن حصل، والأقرب أنه لن يحصل.

نقلا عن المسيرة نت

مقالات مشابهة

  • السودان: إصابات جديدة بالكوليرا وحمى الضنك ونزوح 46 ألف أسرة بسبب الحرب
  • أوهامُ الصهاينة في الانتصار على محور المقاومة.. أسباب تُضعف التصعيد ضد اليمن
  • نجوم العراق .. النفط يحقق الانتصار على ضيفه الميناء
  • تظاهرة أمام مقر وزارة حرب العدو الصهيوني تطالب بإتمام صفقة التبادل
  • قائد الثورة يصف تفكيك شبكة التجسس بـ(الانتصار المهم)
  • عارضة أزياء بريطانية تستأصل 8 أعضاء من جسمها للعلاج من السرطان
  • الأمم المتحدة: أكثر من 30 مليون سوداني بحاجة إلى المساعدة
  • زيندايا تثير الجدل حول خطوبتها على السجادة الحمراء لحفل جولدن جلوب
  • منافسة شرسة من سامسونج وأبل لشركات الهواتف.. ما القصة؟
  • الدفاع السوري: إصابة 3 مدنيين في انفجار لغم بريف إدلب