إسعاد الناس.. الفضيلة المنسية
تاريخ النشر: 22nd, October 2023 GMT
مع انهمار صواريخ القتل والدمار، ومع تدفق دم الأطفال على الأراضى الفلسطينية، ومع اشتداد القهر وتنامى الظلم، تتراجع بقوة فضيلة أساسية من فضائل الحياة، وهى فضيلة (إسعاد الناس)، أو إسعاد الآخرين.
لا ريب فى أن هذه الفضيلة تزدهر دومًا مع أجواء الأمان والعدل وشيوع الأمل فى مستقبل أفضل، ومع ذلك تظل السنابل الخضر من تلك الفضيلة الرائعة تنمو فى ضمير المجتمع المصرى، حتى لو كانت الأمور، هنا أو هناك، ليست على ما يرام.
فى ظنى أن فضيلة إسعاد الناس تتمثل فى أربعة عناصر أساسية هي:
1- التسامح، وأعنى أن يتمتع المرء بقدر من التسامح مع الذين ظلموه أو تسببوا فى إلحاق الأذى به بقصد أو بغير قصد، إذ إن التسامح سينقى صدره من الغل ويطهّره من الحقد، والغل، كما تعلم، يصيب صاحبه بأمراض شتى، أما الحقد فينهش روحه وأعصابه، علاوة على أن التسامح الصادق سيهب الظالمين فرصة لمراجعة سلوكياتهم الشريرة المؤذية، فإن تغيروا فخير وبركة وفازوا بالسعادة الروحية المأمولة، وإن ظلوا على مساوئهم، فهم الخاسرون، حتى وإن لم يعلموا ذلك.
2- الكلمة الطيبة، وهى أهم ما يسعد الناس، فلا يوجع الإنسان شيء أكثر من كلمة جارحة، ولا يفرح القلب أكثر من الكلام الجميل، فتذكر معى الحديث الشريف (الكلمة الطيبة صدقة)، وتذكر أيضًا المثل الشعبى المصرى الجميل (لاقينى ولا تغديني)... أى استقبلنى بكلمات ترحيب لطيفة خارجة من القلب أهم ألف مرة من أن تبسط أمامى مائدة عامرة بما لذ وطاب. صحيح أن التحدث بكلام راق مهذب يعود إلى الوراثة وعوامل البيئة، إلا أن التدريب على التحدث بكلام طيب أمر ممكن أيضًا إذا أراد ذلك أولئك الذين يعلمون أنهم يحتفظون فى أفواههم بلسان غليظ سليط!
3- الكرم، أن تعطى من مالك لمن يحتاج من الأقارب والمعارف لهو أكثر ما يسعد الآخرين، ولأن حب المال حبا جما منغرز فى جينات الإنسان، فإن اقتطاع جزء مما تملك وتهبه لمن يحتاج من الأهل والأصدقاء لهو أمر بالغ الصعوبة على النفس المفطورة على عشق المال وجمعه، ومع ذلك فإن استطاع إنسان مقاومة تلك الغريزة المنفرة وأعطى جزءًا يسيرًا من ماله لبعض أهله، فإن هذا لن يسعدهم فحسب، بل سيوفر له سعادة أخرى مختلفة لم يذق لها طعمًا من قبل، وهى سعادة رائعة تنهض على رؤية البهجة تشرق فى أعين الأهل والمقربين.
4- الاهتمام، وهو العنصر الرابع فى حزمة الفضائل الخاصة بإسعاد الآخرين. أجل الاهتمام بمن حولنا من أهل وأصدقاء ومعارف. يتجلى ذلك الاهتمام فى أمر بالغ الأهمية، وهو أن ننصت بصدق إلى (فضفضة) الأحباء وشكاواهم وحيرتهم. وهذا يكفى كحد أدنى من الاهتمام، وكما قال فؤاد حداد (قلبك ده ملك اللى يسمعه).
فى عالم يفرض فيه القوى قوانينه (الظالمة) ليتنا نتذكر أن إسعاد الآخرين فضيلة كبرى تستوجب تعزيزها والترويج لها وممارستها بحب.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الاراضي الفلسطينية
إقرأ أيضاً:
حسن إسماعيل: حتى تنجوا من شره
> شاهدت مقطعا للمجرم عبد الرحيم دقلو وهو يهدد أهله في نيالا بالقتل والسحل والرمي بالرصاص إن لم ينضموا لمليشياته التي يريد لها أن تواصل عملية الوقوع في محرقة الجيش السوداني
> كان مشهد الشخص الذي يرتدي جلبابا أبيضا ويقف إلى جوار عبد الرحيم وهو يرتعد وهو يستمع إليه يكشف بجلاء حالة القهر والانكسار والأسى التي يعيشها كثيرون هناك سترغمهم المليشيا وتقتلهم إن هم تخلفوا عن التحشيد تحت رايات الموت
> الذي يستمع إلى خطاب عبدالرحيم سيعرف حجم الهزيمة والخسائر التي لحقت بصفوف التمرد والمجرم يحاول أن يعوض تلك الخسائر بشتى السبل حتى ولو بقهر أهله على القتال
> عبد الرحيم استخدم عبارات التهديد لأهله خلال ( ١٨ دقيقة) أكثر من خمس مرات مما يُشير إلى ممانعة كبيرة وعسر في التحشيد وتعويض الخسائر.. كل هذا مقروءا مع حالة التفلت والعصيان المعلن في نيالا والضعين….
> منجاة تلك المجموعات بات مربوطا فقط بمقتلة عبد الرحيم شخصيا واهلاكه والقضاء عليه وسط مجموعاته التي يحرضها
> فبعد فوات الأوان سيكتشف الناس هناك أن عبدالرحيم أهلك ثلث الناس هناك في مشروع تحريضي اقليمي لاناقة لهم فيه ولاجمل
> منجاة الناس في دارفور أصبح طريقها الأوحد هو القضاء على عبد الرحيم حتى يوقف عمليات إطعام النار بأهل تلك البقاع
حسن إسماعيل
إنضم لقناة النيلين على واتساب