استنجدت بي صديقة عزيزة قبل أيام بسبب شعور عارم بالذنب تجاه ما يحدث في الأراضي المحتلة، عجزت فيه عن النوم أو تناول الطعام، وانتابتها حالة من البكاء المستمر، ما أصاب صديقتي العزيزة أمر معروف وشائع في مثل هذه الظروف التي يشعر فيها المرء بانعدام الحيلة، فتنتابه مشاعر من الحزن والغضب، يعرف في علم النفس بمتلازمة (الناجي) وأعراضها تشبه أعراض (عقدة الذنب) وأول من رصد هذه المتلازمة هو سيجموند فرويد، وهي تنتاب الأشخاص الذين يعيشون في حين يفقد الآخرون حياتهم، سواء أثناء الحروب أو الكوارث الطبيعية، أو الحوادث، وينتاب المرء حالة من الشعور بالذنب تجاه نجاته، محدثا نفسه أنه أخذ فرصة الحياة التي لا يستحقها في حين حُرم منها الآخرون.
وتصاحب هذه المتلازمة كما ذكرنا مشاعر عارمة من الخوف، والقلق واليأس، والغضب والضيق والارتباك، وانعدام الرغبة في الحياة واضطرابات النوم، بسبب شعور عدم الحيلة في منع ما يحدث من حوله، وهذا بالضبط ما يشعر به الكثيرون اليوم حول العالم بسبب الأحداث المأساوية في فلسطين المحتلة، بغض النظر عن دياناتهم وتوجهاتهم السياسية.
من الطبيعي جدا أن يشعر أي إنسان بالحزن تجاه الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية في هذه الفترة، لكن علينا أن نكون واعين بأن الحرب نفسية بالدرجة الأولى والهدف منها زرع الخوف وزعزعة الشعور بالأمان في المنطقة، التي يترتب عليها التخبط وعدم وضوح الرؤيا، والانعزال وترك العمل والإنتاج، فيتأثر بذلك اقتصاد المنطقة بشكل عام، وتتأثر إنتاجية الأفراد، ففي ظروف نفسية مثل هذه يتشوش الفكر، ويصعب على المرء اتخاذ قرارات صائبة، وينكفئ على نفسه، وهذا بالضبط ما يريده العدو.
التعاطف مطلوب، ومناصرة إخواننا واجب إنساني بلا شك في حدود قدرة وإمكانية كل فرد منا، هناك دائرة اهتمام كبيرة تشمل الظروف الخارجة عن إرادتنا، إلا أنه توجد دائرة تأثير قد تكون صغيرة نملك فيها اتخاذ خطوات، مهما كانت هذه الخطوات صغيرة لكنها ستكون مؤثرة جدا عندما تجتمع معا.
لا تحمل نفسك المسؤولية، ولا تسمح لنفسك أن تنخرط في هذه المشاعر السلبية، فكر بوضوح كيف يمكنك نصرة إخوانك الفلسطينيين، لا تعزل نفسك وعبّر عن مشاعرك بحرية، مارس تمارين التنفس والاسترخاء حتى تحصل على صفاء ذهني يساعدك على اتخاذ قرارات سليمة، إن كنت من هواة التدوين دوّن، لكن عليك أن تذكّر نفسك دائما بأنك لست المذنب.
حمدة الشامسية كاتبة عمانية في القضايا الاجتماعية
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
عقدة "أربيل وشيري" تهدد استكمال المرحلة الأولى من اتفاق غزة
تشهد صفقة وقف إطلاق النار في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس تعثرا بعد أن أعلنت الحركة، الجمعة، أسماء المجندات اللاتي سيفرج عنهن يوم السبت، وخلت القائمة من اسم اثنتين ترى إسرائيل أنه يفترض الإفراج عنهما.
وذكر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه تسلم قائمة بأسماء المجندات اللاتي سيفرج عنهن وسيتم النظر في القائمة لاحقا.
من جانبها ذكرت صحيفة معاريف الإسرائيلية أن إسرائيل قررت إعادة النظر في عودة سكان شمال قطاع غزة إلى أماكنهم ضمن بنود الاتفاق مع حماس ردا على ما اعتبرته عدم التزام من الحركة بشروط الاتفاق.
وأضافت الصحيفة أن غرفة عمليات القاهرة تعمل على تذليل عقبات اتفاق غزة بعد الخلاف حول أسماء الرهينات الإسرائيليات المقرر إطلاق سراحهن السبت.
وبحسب ما نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية فإن هناك معضلة في الاتفاق تكمن في ما إذا كانت إسرائيل ستوافق على القائمة التي قدمتها حماس والتي تختلف عن القائمة التي توقعتها.
الصحيفة ذكرت أنه في المرحلة الثانية من المقرر الإفراج عن 4 مجندات وتسلم رئيس الموساد من الدوحة أسماء المجندات وهي قائمة لا توافق عليها إسرائيل وتدرس تأجيل الانسحاب من المناطق المتفق عليها من غزة ومنع سكان الشمال من العودة.
ويكمن الخلاف في كون إسرائيل بحسب ما ذكرته يديعوت أحرونوت قد طالبت بأن تكون إحدى النساء المفرج عنهن هي المدنية أربيل يهود، وفقا للترتيب الذي ينص على إطلاق سراح النساء غير المقاتلات أولا.
وذُكر اسم آخر متوقع في القائمة وهو شيري بيباس، لكن حماس قالت في السابق إنها وأطفالها قتلوا، ولم تتمكن إسرائيل من التحقق من ذلك.
كما تتوقع إسرائيل الإفراج عن رهائن أخذن من موقع ناحال عوز مثل ليري إلباج، ونعما ليفي، وأجام بيرغر، ودانييلا جيلبوا، وكارينا أرييف.
ويخشى من أن يؤدي هذا الخلاف إلى تعثر اتفاق وقف إطلاق النار في غزة والعودة إلى المربع الأول.