جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-26@21:09:42 GMT

الحرية تُولد من رحم المقاومة

تاريخ النشر: 22nd, October 2023 GMT

الحرية تُولد من رحم المقاومة

 

علي بن سالم كفيتان

لم تنل الشعوب حُريتها واستقلالها بالخنوع والذل والهوان، ولم يُؤخذ حق من مستعمر غاصب بالتفاوض الكاذب والمراوغة والعيش على بقايا ما يقذفه ذلك المستبد الظالم في حظائر الخانعين الذين يقتاتون على صرخات الأطفال ونحيب النساء، ودماء الشهداء الذين استنهضتهم الحمية والدين والمبدأ لبذل أرواحهم الطاهرة هدية لنيل الحرية وتحقيق العدالة.

خطر المنتفعين يوازي أو يفوق ما يفعله العدو في صفوف المجاهدين؛ فالخيانة هي الشوكة التي يغرسها المستعمر في جسد الثورة، وعندما تبحث عنها في جسدك لا تجد لها أثرًا سوى ألم عميق وجرح ينزف في الداخل؛ لذلك يبذل المستعمر كل ما يملك لتمكين هذه الفئة الغادرة، فلا تفاوض إلّا معهم، ولا انفراج للأزمات إلّا من خلالهم؛ ليقتنع الناس بأهميتهم التي يستمدونها من الطغاة. ومن المؤسف حقًا أن يصبح العرب- الذين اصطفاهم الله لحمل رسالته الخالدة- في هذا الموقف المخزي اليوم، شعوب تفورُ لنصرة شعب يُذبح بحماية غربية، وأنظمة تكبح كل صرخة من أجل الذهاب إلى أرض فلسطين المحتلة.

لقد سابقت أقوى دولة في العالم الزمن لتنقذ الابن المدلل- الكيان الغاصب المحتل- الذي غرسته بريطانيا يومًا ما، وترعاه بكل إخلاص أمريكا ومن خلفها الأمم الغربية جمعاء، فأرسلت حاملات الطائرات وجيّشت آلاف الجنود، وبعثت بأطنان الذخائر، وحجَّ الرئيس الأمريكي ووزير خارجيته ودفاعه وقائد قاعدته الوسطى، كل ذلك لتمكين العصابات الصهيونية من التنكيل بشعب مجاهد ظلمه التاريخ وتجاهلته البشرية، بينما هناك من يتواطأ مع الصهاينة، والأمة باتت تحتضر تحت النار.. إنه شعور مخزٍ بات لا يُطاق في الشارع العربي، ولن ينسى التاريخ هذا المشهد مُطلقًا؛ ففي الوقت الذي أربك فيه بضع مجاهدين من كتائب عز الدين القسام العالم في السابع من أكتوبر، ترتعد فرائس الجنرالات وتخبو الرتب والنياشين وتسقط الشهادات العسكرية لرجال لم يخوضوا يومًا حرباً غير حروب الشوارع ضد شعوبهم.

عشرات الآلاف من الصهاينة المجلوبين من كل بقاع الدنيا، هربوا من عسقلان وأسديروت إلى مطار بن جوريون؛ ليعودوا من حيث أتوا؛ فالأمر لا يستحق كل هذه التضحيات.. ففي لحظة تبخرت كل الوعود التي قُدِّمت لهم بالحياة الآمنة المستقرة في فلسطين المحتلة، وبات الدم هو مهر الحرية الذي يتسابق إليه مجاهدو عز الدين القسام، ويهرب منه قطعان الصهاينة.

هنا.. الأرض عرفت من هو صاحبها، القادر على البقاء والتضحية؛ فصمد الرجال ودحروا الجيش الذي لا يُقهر- كما زعموا- والفكرة المسيطرة على عقول العرب منذ 75 عامًا؛ ليرسموا واقعًا جديدًا أربكَ ذلك النمر الورقي ومسانديه الغربيين، فلم تعد فلسطين بعد اليوم آمنةً للصهاينة بعد انهيار جيشها وفراره من المعركة، تاركًا هؤلاء فريسةً سهلة للمجاهدين. لقد تزعزع الكيان إلى الأبد، ونمت حقيقة جديدة لدى كل فلسطيني حر وعربي شجاع ومسلم مؤمن، تقول إن الصهاينة لا يُمكنهم الصمود في وجه الحق والحرية والجهاد؛ فهشاشتهم تكشَّفت للجميع في ذلك الصباح الذي التحم فيه الرجال معهم وساقوهم إلى الخنادق والأقبية وهم يصرخون طالبين الرحمة، مُتنكرين لدولتهم المزعومة وشعبهم المختار.

نحن شعوب لا نُتقن المظاهرات في الشوارع والساحات والصراخ "الموت لإسرائيل"، ولا نؤمن بأنها تحرر الأوطان، نحن أمة بصرية تختزن غضبها ليتراكم حتى ينفجر يومًا ما ويأخذ معه كل الغزاة والخونة والمنتفعين إلى الجحيم.. نحن أمة لا نعبد المال ولا نقدس الحياة الذليلة؛ بل تُلهمنا صيحات الجهاد، ويُسعدنا ارتقاء أرواحنا إلى الرفيق الأعلى، مضرجة بدماء الشهادة؛ لتسموا في الدرجات العُلى من الجنة.. هكذا قال نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام، لهذا لا نألم عندما نُقاتل الظالم، تاركين الدنيا خلف ظهورنا، مُقبلين على الجنة ونعيمها، وهذا ما يُخيف كل أمم الدنيا مِنَّا ويتحدون جميعهم ضدنا، وهذا ما يسطره اليوم المناضلون في فلسطين.

لقد انكشف زيف الحرية والعدالة والتعبير عن الرأي وحقوق الإنسان الذي تبنته الحضارة الغربية لقرن ونيف، وسقطت كل تلك الشعارات في اختبار غزة، ففي الوقت الذي تدعم فيه أمريكا وحلفاؤها الغربيون أوكرانيا لاستعادة أراضيها، نجدها تضع كل ثقلها مع المغتصبين الصهاينة لأرض فلسطين، ويقايضون لاسترجاع بضع من رعاياهم وقعوا أسرى في قبضة حماس، مقابل عودة الكهرباء والماء والوقود والغذاء لملايين البشر! ولم أجد تفسيرًا منطقيًا لذلك السلوك الانتهازي، إلّا خوفهم من عودة الهجرة العكسية لليهود إلى أوروبا وأمريكا وفشل توطينهم في فلسطين.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الاستسلام للمهزوم

 

 

الاستسلام هو الوصفة الوحيدة التي حازت الضدين على مدار التاريخ البشري، وبالرغم من أنّ نتائجها كارثية، فما زالت برّاقة، على الأقل في أعين من طفحت على نفوسهم عقاقير العبودية، كأنّ التجارب الإنسانية منذ اخترع الإنسان أول أداةٍ للقتل والقتال، ليست كافية لتجنّب طريق الاستسلام، لأنّ تكلفته أعلى بكثير من كلفة الصمود والمقاومة.
وفي الصراع العربي-»الإسرائيلي» هناك فهمٌ خطأ لطبيعة العدو، كما لطبيعة الصراع، وهو الفهم الذي يحاول تكريسه من تعاطوا عقاقير العبودية حدّ الإدمان من أنظمةٍ وحركاتٍ ومؤسساتٍ وأفراد، وهذا الفهم الخطأ ينطلق من كون المعضلة مع العدو هي وجود السلاح، بينما الحقيقة أنّ معضلة العدو معنا هي الوجود بحدّ ذاته، فأنت كفلسطيني وكعربي يجب ألا تكون موجودًا، على الأقل، يجب ألا تكون هنا.
أما الفهم الخطأ لطبيعة الصراع، فهو أنّه صراعٌ فلسطيني-»إسرائيلي»، وهذه الحصرية هي جزءٌ من الفهم الخطأ لطبيعة العدو كذلك، فهو ينظر للجميع في هذه المنطقة كأعداء وطارئين على الأرض والمكان، وأنّ القدرات وحدها هي المانع الوحيد لاحتلال الجميع واستعبادهم واستحمارهم توراتيًا، حرفيًا. يعني لو افترضنا أنّ تعداد اليهود مائة مليون، فلن يتوانوا لحظة عن احتلال ما بين المحيط والخليج.
واليوم، بات من المقبول أن تمارس أفعالًا خيانية علنية، تحت ستار درء المفاسد وسحب الذرائع، وهي الدعوة لتسليم السلاح، وهي دعوةٌ تجابه كل حركات المقاومة في فلسطين ولبنان، وهي أقصر الطرق لإعطاء العدو سياسيًا ما عجز عن أخذه بالقوة، وهي دعوة صريحة للكيان لاحتلال لبنان وتهجير الفلسطينيين، ورغم ذلك فلا أحد ممن يطالب بذلك تتم محاسبته قضائيًا على الأقل.
في جيوشٍ ومجتمعاتٍ تُعتبر شذرات في شرّ الكيان المطلق، مورست جرائمُ بحق المستسلمين الطامعين بالأمان مقابل تسليم سلاحهم، جرائمُ طائفية ومذهبية وعرقية وسياسية، تستنكرها شياطين الإنس والجن، فكيف بمن سيستسلم للكيان وأدواته محليًا وإقليميًا.
والأهم أنّ هناك فهمًا خطأ لقوة الكيان وقدراته، فهذا الكيان الذي يتسابق المستسلمون لخدمته عبر الضغط على من لا يريد الاستسلام، هو حقيقةً أوهن من بيت العنكبوت، وإلّا لما كان بحاجةٍ لخدمات هؤلاء الإمّعات، وهم بالمناسبة الذين يروجون للاستسلام عبر محاولات ترسيخ فكرة قوة الكيان، وألّا طاقة لمجابهته، ولذا وحقنًا للدماء يجب الاستسلام له، فكيف يتم تسويغ هذه المتناقضات للعقول؟ وعقلنة الاستسلام لمهزوم؟
وأيضًا فهمٌ خطأ لموازين القوى التي نتجت عن معارك طوفان الأقصى بكل ساحاتها، عبر محاولاتٍ حثيثة لتكريس فكرة هزيمة محور المقاومة وانتصار الكيان، رغم أنّ الكيان بذاته لم يستطع حتى اللحظة ادعاء هذا النصر، وما زال نتنياهو مصرًا على استمرار الإبادة بحثًا عن نصره الذي يروّج له أولئك المنتفعون، هذا مع افتراض الكثير من حسن نواياهم.
ولكن الواقع ينبئنا، بأنّ الكيان لم ينتصر، وأنّ محور المقاومة لم ينهزم، والأهم أنّه لن ينهزم، والكيان لن ينتصر، فلا تغيير لسنن التاريخ ومسارات الأقدار، والمسألة مسألة وقت، فحين يبدأ مسار انحدار الدول، لا شيء ولا أحد يستطيع إيقافه، ولا انحدار أكبر من السابع من أكتوبر وما تلاه، وما سيليه أكبر وأشدّ انحدارًا.

مقالات مشابهة

  • الاستسلام للمهزوم
  • باكستان تتهم الصهاينة بتأجيج التوتر مع الهند وتلوح باستخدام السلاح النووي
  • عائلات الأسرى الصهاينة تؤكد: الضغط العسكري بغزة يقتل أبناءنا!
  • ندى بهجت تقدم أوبريت «الدنيا ربيع» على مسرح البالون بتوقيع تامر عبد المنعم
  • الرئيس عون من روما: وجودي هنا اليوم لأجدد التأكيد على الدور الروحي والرسالي الذي يحمله لبنان
  • اليوم.. ندى بهجت تقدم أوبريت «الدنيا ربيع» على مسرح البالون
  • طقس فلسطين اليوم الجمعة: انخفاض على درجات الحرارة
  • السيد القائد: المجرمون الصهاينة مستمرون في ارتكاب جرائم وحشية بحق أبناء غزة وإحراق خيام النازحين بالقنابل الأمريكية
  • «الدنيا دي غريبة أوي».. حورية فرغلي تثير الجدل بصورة مع باسم سمرة (صور)
  • الدنيا دي غريبة أوي.. حورية فرغلي تظهر برفقة باسم سمرة