جامعات أمريكية أمام خيارين: أموال داعمين لـإسرائيل أو حق الطلاب في التعبير
تاريخ النشر: 22nd, October 2023 GMT
وضع العدوان الذي تشنه "إسرائيل" على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الحالي الجامعات الخاصة في الولايات المتحدة أمام معضلة دقيقة: تلبية مطالب داعميها الأثرياء المؤيدين للدولة العبرية، والحفاظ في الوقت عينه على حق طلابها في التعبير عن آرائهم الداعمة للفلسطينيين.
قام عدد من الأثرياء الأمريكيين، أو لوّحوا على الأقل، بوقف تبرّعاتهم لمؤسسات تعليم عالٍ عريقة مثل جامعة هارفرد في ولاية ماساتشوستس وجامعة بنسلفانيا في ولاية فيلادلفيا.
وأنهت منظمة "ويكسنر" التي تعمل على تحضير "قادة المجتمع اليهودي الأميركي ودولة إسرائيل" شراكتها مع كلية كينيدي في جامعة هارفرد.
وبرّرت العائلة الثرية خطوتها بـ"فشل قيادة هارفرد الذريع في اتخاذ موقف واضح وقاطع ضد الجرائم الوحشية وقتل المدنيين الإسرائيليين الأبرياء من قبل الإرهابيين" على حد زعمها.
إلى ذلك، طالب مارك روان الرئيس التنفيذي لصندوق "أبولو غلوبل ماناجمنت" الاستثماري وأحد المتبرعين الرئيسيين لجامعة بنسلفانيا، باستقالة رئيستها إليزابيث ماغيل.
وهو انتقد استضافة الجامعة قبل أسبوعين من اندلاع الحرب، منتدى للأدب الفلسطيني شارك فيه من قال إنهم "أشخاص معروفون بمعاداتهم للسامية وترويجهم للكراهية والعنصرية" على حد زعمه.
كذلك، أعرب متبرعون آخرون لهارفرد وبنسلفانيا عن امتعاضهم من أداء الجامعتين في الوقت الراهن، مثل كينيث غريفين الداعم لهارفرد، ورونالد لاودر الداعم لبنسلفانيا، وفق ما أفادت وسائل إعلام أمريكية.
"شعور بالخوف"
وقالت رئيسة جمعية الكليات والجامعات في الولايات المتحدة لين باسكيريلا إن "قادة (المؤسسات التعليمية) يتعرضون للانتقاد لعدم الإدلاء بموقف سريع أو حازم بما يكفي. يتم إرغامهم على اختيار طرف. على رغم ذلك، يصّر كثيرون منهم على تعذر اتخاذ موقف مؤسسي بشأن قضايا دولية معقدة كهذه نظرا لتعدد الآراء في الحرم الجامعي".
ودانت رئيسة جامعة هارفرد كلودين غاي هجوم حركة حماس، لكن منتقديها اعتبروا أن موقفها أتى متأخرا وبكلمات لا تعكس الشدّة الكافية.
كذلك، واجه المسؤولون عن جامعتي كولومبيا في نيويورك وستانفورد في ولاية كاليفورنيا مطالبات بالنأي بأنفسهم بشكل لا لبس فيه عن مجموعات طلابية مؤيدة للفلسطينيين تتهم إسرائيل بارتكاب "إبادة جماعية" في منشورات يتم توزيعها خلال تحركاتها.
في المقابل، دعت مجموعة من أساتذة هارفرد الى وضع حد للمضايقات في حق طلاب وقّعوا عريضة مناهضة لـ"إسرائيل". وشملت هذه المضايقات مرور مركبة قرب حرم الجامعة في مدينة بوسطن، وهي ترفع صور الطلاب وأسماءهم تحت شعار "أبرز المعادين للسامية في هارفرد".
كذلك، واجهت التحركات الطلابية في جامعة كولومبيا انتقادات مشابهة.
وقالت كريستين شاهفرديان، مديرة برنامج حرية التعبير والتعليم في منظمة ""PEN America، إن "ما نسمعه مباشرة هو أن بعض الطلاب في بعض الجامعات يشعرون بالقلق من التعبير، يقلقون ربما من الاحتجاج".
وأضافت "أعتقد أن هذا الشعور بالخوف ملموس بالنسبة للبعض في الجامعات".
قلق
ويكفل الدستور الأمريكي حرية التعبير والإدلاء بالرأي، ويستند الكثير من مسؤولي الجامعات إلى تقرير لجنة كالفن لعام 1967 في الدفاع عن حرية الطلاب في التعبير عن مواقفهم.
والتقرير الذي أصدرته جامعة شيكاغو في خضم احتجاجات غاضبة ضد حرب فيتنام وأعمال شغب على صلة بالحقوق المدنية، خلص إلى أن دور الجامعات يجب أن يكون الترويج لتعددية الآراء عوضا عن اتخاذ موقف بشأن قضايا مثيرة للجدل.
واعتبرت باسكيريلا أن الضغوط التي يمارسها المتبرعون على الجامعات تقوض هدف التعليم العالي في الولايات المتحدة وهو "الترويج لسعي غير مقيّد إلى الحقيقة والتبادل الحر للأفكار".
وشددت شاهفرديان على أهمية أن "يدرك المتبرعون بأن حرية التعبير هي ركن أساسي في التعليم العالي، وهذا يعني في بعض الأحيان آراء قد يكون المرء معارضا لها بشدة".
وأعادت هذه الضغوط تسليط الضوء على ضعف الدعم الحكومي للجامعات الخاصة وتركها عرضة لأهواء الأثرياء. ورأت باسكيريلا أن الاعتماد على الدعم الخاص يفرض قيودا على الأساتذة والمسؤولين "لأنهم يخشون خسارة التبرعات".
وتأتي هذه القضية في وقت يعاني المجتمع الأمريكي من انقسام متزايد بين الديمقراطيين والجمهوريين.
وأظهر استطلاع للرأي أجراه حديثا معهد "غالوب"، أن نسبة الأمريكيين الذين يبدون "ثقة كبيرة" بالتعليم العالي في بلادهم تراجعت من 57 بالمئة في 2016 إلى 36 بالمئة هذه السنة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية الجامعات امريكا جامعات طوفان الاقصي سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
انتفاضة أكاديمية ضد ترامب.. 100 جامعة وكلية تحتج على ضغوط إدراته
وقّعت أكثر من 100 جامعة وكلية في الولايات المتحدة بيانا مشتركا احتجاجا على "التدخل السياسي" من قبل إدارة الرئيس دونالد ترامب في النظام التعليمي.
البيان المشترك نشرته رابطة الجامعات والكليات الأمريكية (AAC&U)، وعبّر عن رفض سياسة الضغط التي تمارسها إدارة ترامب على الجامعات الرائدة في البلاد.
ووقّع البيان رؤساء خمس جامعات هي براون، وكورنيل، وهارفرد، وبرينستون، وييل، الأعضاء في رابطة "آيفي ليغ" التي تضم ثماني من أشهر جامعات البلاد.
وأكد البيان أن الهدف ليس معارضة الإصلاحات البناءة أو الرقابة المشروعة من قبل إدارة ترامب، بل الاعتراض على التدخل غير المبرر من قبلها.
وأشار إلى تهديدات الحكومة بتجميد التمويل وإلغاء الإعفاءات الضريبية.
وجاء في البيان: "نؤيد دوما الممارسات المالية الفعالة والعادلة، ولكننا نرفض استخدام الأموال العامة المخصصة للأبحاث والدراسات كأداة للضغط".
كما شدد البيان على أهمية حرية التعبير وتنوع الأفكار في العالم الأكاديمي، مشيرًا إلى الرفض التام لأي قيود أو رقابة أو تهديدات بالطرد.
وقال البيان: "نتحدث بصوت واحد ضد التدخل الحكومي غير المسبوق والتدخل السياسي الذي يهدد التعليم العالي الأمريكي".
دعوى ضد إدارة ترامب
رفعت هارفرد، الاثنين، دعوى قضائية ضدّ إدارة دونالد ترامب، في تصعيد حاد للخلاف المفتوح بين الجانبين.
وسعى ترامب للسيطرة على عدد من الجامعات الكبرى بعد أن اتهمها بالتساهل مع "معاداة السامية" لسماحها بقيام تظاهرات في حرمها تنتقد "إسرائيل" على خلفية الحرب في قطاع غزة، فهدد بقطع التمويل عنها وسحب الإعفاءات الضريبية الممنوحة لها ومنعها من تسجيل طلاب أجانب.
غير أن هارفرد رفضت الرضوخ لهذه المطالب.
وقالت الجامعة في دعواها إنّ "هذه القضية تتعلّق بجهود الحكومة لاستخدام تجميد التمويل الفدرالي كوسيلة ضغط للسيطرة على عملية صنع القرارات الأكاديمية في هارفرد".
ووصفت هارفرد، إحدى أبرز جامعات "رابطة آيفي" لمؤسسات نخبة النخبة، قرارات ترامب بأنّها "تعسّفية ومتقلّبة"، مشيرة إلى أنّ "تصرّفات الحكومة لا تنتهك التعديل الأول للدستور فحسب، بل تنتهك أيضا القوانين واللوائح الفدرالية".
وأثارت هارفرد غضب ترامب لرفضها الإذعان لمطالب البيت الأبيض بفرض رقابة عليها في مجال عمليات القبول والتوظيف والتوجه السياسي، وأمر الرئيس الأميركي الأسبوع الماضي بتجميد 2,2 مليار دولار من التمويل الفدرالي لها.
وتطالب الدعوى بإعلان تجميد التمويل والشروط المفروضة على المعونات الفدرالية غير قانونية، وبإلزام الإدارة بدفع نفقات الجامعة.
وكتب ترامب عبر منصته "تروث سوشال" الأسبوع الماضي "لم تعد هارفرد تعتبر حتى مكانا لائقا للتعلّم، ويجب عدم إدراجها على أي قائمة لأفضل جامعات ومعاهد العالم".
وتابع المنشور: "هارفرد مهزلة، تُعلم الكراهية والحماقة، ويجب ألا تتلقى بعد الآن تمويلا فدراليا".
وقال رئيس الجامعة آلان غاربر إن إدارة ترامب باشرت "تحقيقات عديدة" بشأن عمل الجامعة.
وأعرب غاربر الأسبوع الماضي عن رفضه القاطع "التفاوض على استقلالية (هارفرد) أو حقوقها الدستورية".
وهارفرد هي أول جامعة تقف بوجه ترامب، بعدما رضخت جامعات كبرى أخرى بينها جامعة كولومبيا لمطالب أقل تشددا من الإدارة الأمريكية التي ترى أن النخب الجامعية في الولايات المتحدة منحازة إلى اليسار.
كما هدد مجلس الأمن القومي بتقويض قدرة جامعة هارفرد على تسجيل طلاب أجانب ما لم تسلم سجلات حاملي تأشيرات الدخول في ما يتعلق بـ"أنشطة غير قانونية وعنيفة" انخرطوا فيها.
ويشكل الطلاب الدوليون 27,2% من مجموع الطلاب المنتسبين إلى الجامعة في هذه السنة الدراسية، وفق ما أوردت على موقعها الإلكتروني.
وأكدت الجامعة في دعواها "لا تخطئوا الظنّ بتاتا: إنّ جامعة هارفرد ترفض معاداة السامية والتمييز بكل أشكاله، وتسعى بجدّ لإجراء إصلاحات هيكلية للقضاء على معاداة السامية في حرمها الجامعي".
وأضافت أنّه "بدلا من الانخراط مع هارفرد في هذه الجهود المتواصلة، أعلنت الحكومة تجميدا شاملا لتمويل الأبحاث الطبية والعلمية والتكنولوجية وغيرها من الأبحاث التي لا علاقة لها بمعاداة السامية".
وفي نيسان/ أبريل 2024، اندلعت احتجاجات داعمة لفلسطين بدأت بجامعة كولومبيا الأمريكية وتمددت إلى أكثر من 50 جامعة في البلاد، واحتجزت الشرطة أكثر من 3 آلاف و100 شخص، معظمهم من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس.
وبدعم أمريكي ترتكب "إسرائيل" منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 إبادة جماعية في غزة خلّفت أكثر من 168 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.