قمة القاهرة للسلام.. ثوابت السياسة المصرية وسقوط القيم الغربية
تاريخ النشر: 22nd, October 2023 GMT
القاهرة دعت للقمة أملًا في الوصول إلى إعلان عالمي للسلام ينهي العدوان ويقر بحقوق الفلسطينيين
الوفود الغربية المشاركة تدعو إلى إدانة الفلسطينيين وترفض إدانة إسرائيل
الرئيس السيسي يؤكد مجددًا: لن نسمح بالتهجير ولا المساس بالأمن القومي
انتهت أول أمس «قمة القاهرة للسلام» دون إصدار بيان مشترك يعبِّر عن مواقف الدول المشاركة والتي بلغت (31) دولة.
كانت القاهرة تدرك منذ البداية أن الخلافات الكبيرة بين الموقفين العربي والغربي، هي خلافات عميقة ومتباينة، حيث اتخذت الولايات المتحدة ودول الغرب منذ بداية أحداث «طوفان الأقصى» موقفًا متشددًا وداعمًا لإسرائيل ومعاديًا للشعب الفلسطيني وحركات المقاومة.
وسرت موجة من الكراهية الشديدة والتحريض ضد القضية الفلسطينية والمطالبة بتوفير كل سبل الدعم السياسي والمادي والعسكري لإسرائيل..
ومع استمرار القصف المركّز من الجو والبر والبحر على الأبرياء في قطاع غزة، ارتفعت الأصوات العربية مطالبة بوقف العدوان، خاصة بعد الخسائر الكبيرة التي مُنى بها القطاع وسكانه، ووصول أعداد الشهداء إلى أكثر من أربعة آلاف شهيد وإصابة أكثر من 15 ألفا من بينهم 1500 طفل استشهدوا بفعل القصف، كما أن 94% من الشهداء والمصابين كانوا من النساء والأطفال والشيوخ.
وقد ازدادت الأحوال صعوبة بعد قيام جيش الاحتلال الإسرائيلي بفرض حصار جائر على الشعب الفلسطيني، حيث تم منع الماء والغذاء والدواء والوقود عن نحو 2.5 مليون مواطن هم سكان غزة في الوقت الراهن، كما قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بقصف المستشفيات، فقتلت المرضى والأطباء وهدمت المباني على من بداخلها..
ومنذ البداية كانت مصر سبّاقة في إدانة العدوان، وطالبت المجتمع الدولي بالتدخل لدى الحكومة الإسرائيلية لإلزامها بقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، كما حذرت من تنفيذ الخطة الإسرائيلية التي تهدف إلى تهجير الفلسطينيين عنوة وعلى غير إرادتهم من غزة إلى سيناء، لإقامة ما يسمى بالوطن البديل في سيناء، وهو أمر اعتبرته القيادة السياسية المصرية خطًا أحمر لا يجب تجاوزه على الإطلاق..
من هذا المنطلق دعت مصر إلى عقد مؤتمر دولي وإقليمي لإحداث توافق بين المشاركين رغم اختلاف ثقافاتهم ومواقفهم يقضي بإصدار إعلان دولي للسلام من القاهرة.
قمة القاهرة للسلاملقد كانت القاهرة تعرف منذ البداية أن القمة لن تتمكن من إصدار بيان مشترك، لأن الخلافات العميقة لن تؤدي إلى اتفاق واضح، وبالفعل في ضوء المباحثات التي جرت وضح أن الخلاف يتركز في نقطتين أساسيتين:
- إصرار المجموعة الغربية على إدانة حركة حماس ووصفها بالإرهاب.
- رفض المطالبة بوقف إطلاق النار وعدم إدانة العدوان الإسرائيلي.
ورغم ما بذلته مصر من جهود للوصول إلى حل وسط، إلا أن كافة الوفود الغربية صممت على رفض التوقيع على أي وثيقة مقدمة..
من هنا كان بيان رئاسة الجمهورية القوي، الذي أكد على عدد من النقاط المهمة أبرزها:
- أن مصر كانت تتطلع إلى أن يطلق المشاركون نداء عالميًا للسلام يتوافقون فيه على أهمية إعادة تقييم نمط التعامل الدولي مع القضية الفلسطينية على مدار العقود الماضية خاصة أن هناك قصورًا جسيمًا في المشهد الدولي في إيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية.
- كشفت الأحداث الجارية عن وجود خلل في قيم المجتمع الدولي في التعامل مع الأزمات، وبينما نرى هرولة وتنافسا على سرعة إدانة قتل الأبرياء في مكان ما، نجد ترددا غير مفهوم في إدانة نفس الفعل في مكان آخر.
- أن مصر لن تقبل أبدًا بدعاوى تصفية القضية الفلسطينية على حساب أي دولة بالمنطقة وأنها لن تتهاون لحظة في الحفاظ على سيادتها وأمنها القومي في ظل ظروف وأوضاع متزايدة المخاطر والتهديدات.
صحيح أن المستشار أحمد فهمي المتحدث باسم رئاسة الجمهورية قال: إن عدم صدور البيان الختامي لا يعني فشل القمة، لأن الهدف من قمة القاهرة هو حشد المجتمع الدولي بشأن ما يحدث في قطاع غزة، إلا أن هذه القمة كشفت حقيقة المواقف والوجوه التي كثيرًا ما تحدثت عن تفعيل القوانين الدولية ومراعاة حقوق الإنسان.
لقد أثبتت المواقف الأخيرة لأمريكا ودول الاتحاد الأوربي أنها لا تتعامل فقط بازدواجية المعايير، وإنما تسقط سقوطًا أخلاقيًا مدويًا بعد أن ارتضت ودعمت حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني الأعزل.
إن الحقائق أكدت أن إسرائيل ليست وحدها التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، بل إن هناك اتفاقًا غربيًا-أمريكيًا على مساندة إسرائيل في مخططها الذي يهدف إلى شن حرب إبادة وصولًا إلى تهجير الفلسطينيين من أراضيهم باتجاه مصر والأردن.
لقد أدركت القاهرة حقيقة المخطط، وسعت إلى إجهاضه، وأعلنت موقفها الواضح والصريح، وأجرت اتصالاتها مع كافة الأطراف لوضع حد لهذا المخطط العدواني الرهيب..
وإذا كانت إسرائيل مصممة على الاستمرار في عدوانها وسعيها لتوسيع دائرة الصراع، فإن ذلك قد يقود إلى تطورات خطيرة لا أحد يعرف نهايتها.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: فلسطين مصطفى بكري قضية فلسطين الكاتب الصحفي مصطفى بكري العدوان على غزة قمة القاهرة للسلام القضیة الفلسطینیة قمة القاهرة
إقرأ أيضاً:
الرئاسة الفلسطينية تعقب على المجزرة الإسرائيلية في بيت لاهيا
عقبت الرئاسة الفلسطينية، اليوم الأحد 17 نوفمبر 2024، على المجزرة التي نفذتها طائرات الاحتلال الإسرائيلي في بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة والتي راح ضحيتها العشرات.
وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تترجم الدعم الأميركي العسكري والمالي والسياسي المتواصل على شكل مجازر إبادة جماعية يذهب ضحيتها العشرات من الأطفال والنساء، كما حدث اليوم في بيت لاهيا، وغيرها من مدن قطاع غزة، إضافة إلى مواصلة الاعتداءات على مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية، وإرهاب المستعمرين.
وأضاف أبو ردينة في تصريح صحفي له، نحمل الإدارة الأميركية المسؤولية الكاملة عن استمرار هذا العدوان الدموي، جراء اعطائها سلطات الاحتلال الإسرائيلي الغطاء السياسي للإفلات من العقاب، وتحدي قرارات الشرعية الدولية، وآخرها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الخاص بتطبيق فتوى محكمة لاهاي، بوقف العدوان وانهاء الاحتلال الإسرائيلي.
وطالب الإدارة الأميركية بإجبار سلطات الاحتلال على وقف عدوانها، وجرائم الإبادة الجماعية التي تنفذها ضد الشعب الفلسطيني، والخضوع لقرارات الشرعية الدولية وأبرزها القرار 2735 الداعي لوقف إطلاق النار بشكل فوري، وإدخال المساعدات لقطاع غزة بشكل كامل، وإلا فإن دوامة العنف وعدم الاستقرار ستزداد، ما يهدد بحرق المنطقة بأكملها، ولن ينعم أحد بالأمن والاستقرار.
المصدر : وكالة سوا