رأي الوطن : موقف عربي موحد بحاجة إلى مفاعيل على الأرض
تاريخ النشر: 22nd, October 2023 GMT
عقدت قمَّة القاهرة للسَّلام، والتي شهدت حضورًا عربيًّا ودوليًّا واسعًا لبحْثِ تطوُّرات ومستقبَل القضيَّة الفلسطينيَّة وعمليَّة السَّلام، في توقيت شديد الحساسيَّة وفي ظرف بالغ الخطورة، حيث يتواصل العدوان الهمجي الذي يشنُّه كيان الاحتلال الصهيونيِّ على قِطاع غزَّة وكافَّة الأراضي الفلسطينيَّة، لدرَجة أنَّ خمس وكالات تابعة للأُمم المُتَّحدة قَدْ حذَّرت من أنَّ الوضع الإنسانيَّ في قِطاع غزَّة بات كارثيًّا، وأكَّدت أنَّ المستشفيات تضيق بالجرحى، وأنَّ الأطفال يموتون بوتيرة مقلقة.
وعلى الرغم من إجماع كافَّة الحضور، حتَّى الدوَل الَّتي سبَقَ وأعلنت دعمها المطلق للكيان الصهيونيِّ، على ضرورة عودة الأطراف إلى طاولة المفاوضات وتحقيق سلامٍ عادلٍ وشامل، يُعِيد الحقوق المسلوبة إلى الشَّعب الفلسطينيِّ، فإنَّ البعض شارك في القمَّة بكلماتٍ فضفاضة، تكتفي بضرورة إيصال المساعدات، وضرورة العمل على تحقيق حلِّ الدولتَيْنِ، ما حالَ دُونَ صدور بيان ختامي للقمَّة التي شهدت موقفًا عربيًّا موَحَّدًا يقضي على أوهام وطموحات كيان الاحتلال الصهيونيِّ في التهجير القسريِّ بكلماتٍ واضحة لا تقبلُ اللَّبس ولا التأويل، حيث أكَّدت الرئاسة المصريَّة بشكلٍ صريح في وجْهِ كيان الاحتلال الصهيونيِّ وحلفائِه، عدم القَبول بالتهجير الذي يعني في الأساس تصفيةَ القضيَّة الفلسطينيَّة. وجاء الموقف العُماني حازمًا حيث أعلنت سلطنة عُمان عن رفضها القاطع للتصعيد العسكريِّ الإسرائيلي على قِطاع غزَّة، ودعوتها إلى تحمُّل المُجتمع الدوليِّ مسؤوليَّاته في وقف هذه الحرب والعودة إلى منطق العقل والسِّلم في تحقيق غايتنا المنشودة نَحْوَ السَّلام العادل والشامل، بالاستناد إلى القانون الدوليِّ، وإعلانها دعم الجهود الإقليميَّة والدوليَّة والحرص على وقف نزف الدِّماء بصورة فوريَّة، وحماية المَدنيِّين والعمل على ضمان وصول المساعدات الإنسانيَّة والإغاثة الطبيَّة العاجلة والغذاء إلى المتضررين في قِطاع غزَّة، واستئناف عمل إمدادات الكهرباء والمياه والوقود، مشيرةً إلى أنَّ جوهر الأزمة يكمن في ضرورة التطبيق الفوريِّ لمبادئ وقواعد القانون الدوليِّ والقانون الدوليِّ الإنسانيِّ في الأراضي الفلسطينيَّة المحتلَّة، والشروع في تطبيق قرارات الأُمم المُتَّحدة تجاه القضيَّة الفلسطينيَّة، رفعًا للظلم الواقع على الشَّعب الفلسطينيِّ الذي يتجرَّع بشكلٍ مستمرٍّ موجات العنف والتنكيل، ومنحه حقَّه بإقامة الدَّولة الفلسطينيَّة المستقلَّة وعاصمتها القدس الشرقيَّة وعلى حدود عام 1967م. إنَّ تلك المواقف العربيَّة المتوافقة بحاجة إلى مفاعيل على الأرض لكَيْ يكُونَ لها دَوْرٌ مُهمٌّ وحازم في التأثير على المواقف العالَميَّة المختلفة، الَّتي باتَتْ مطالَبةً الآن ـ دُونَ تسويف ـ بضرورة وقف هذا العدوان الهمجيِّ، وفتح ممرَّات لإدخال المساعدات الإنسانيَّة لغزَّة، ووقف الهجمات الإرهابيَّة التي يشنُّها قطعان المستوطنين الإرهابيِّين على فلسطينيي القدس والضفَّة الغربيَّة، والبدء الفوريِّ في مفاوضات حلِّ النزاع، منطلقةً من القرارات الأُمميَّة المُلزِمة الَّتي تُحقِّق تطلُّعات الشَّعب الفلسطيني في إقامة دَولته المستقلَّة ذات السِّيادة الكاملة على كامل أراضيه، وإعادة كامل الحقوق الفلسطينيَّة المنهوبة، وعلى رأسها حقُّ العودة، وإطلاق سراح كافَّة الأسرى الفلسطينيِّين في سجون الاحتلال.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: کیان الاحتلال ة الفلسطینی
إقرأ أيضاً:
حظر وكالة الأونروا.. إبادة غير مسبوقة للشعب الفلسطيني
أثار إعلان وزارة خارجية الكيان الصهيوني إبلاغ الأمم المتحدة بإلغاء الاتفاقية المبرمة بين الكيان ووكالة الأونروا في العام 1967، انتقادات وردود فعل واسعة، وذلك بعد أسبوعٍ على إقرار الكنيست قانونا يحظر نشاط وكالة الأونروا في الأراضي المحتلّة والضفة الغربية وقطاع غزة، التي تقدم المساعدات والخدمات التعليمية لملايين الفلسطينيين، وذلك ربطا بمزاعم وسردية الاحتلال حول تورّط موظّفين من الوكالة بعملية طوفان الأقصى في 7 من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وحسب وصف وزير خارجية الكيان كاتس، فقد اتهم وكالة الأونروا وقال بأنها "جزء من المشكلة في قطاع غزة وليست جزءا من الحل"، كما كرر المزاعم والسردية والادعاءات الكاذبة.
لم يكتفِ الاحتلال على مدار أكثر من عام بشن عدوان وحشي ونازي على قطاع غزة فحسب، والذي أسفر حتى الآن عن أكثر من 43,374 شهيدا و102,261 جريحا فلسطينيّا، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، بل تجاوز ذلك إلى تبني نهج عداء صارخ تجاه المؤسسات الدولية والأممية.
أثار العدوان الهمجي على غزة نداءات ومطالبات متتالية من مسئولين أمميين لاتخاذ موقف حاسم تجاه تل أبيب، وصلت إلى حد المطالبة بتعليق عضويتها في الأمم المتحدة.
وأوصت مقررة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فرانشيسكا ألبانيزي، في 31 تشرين الأول/ أكتوبر 2024، بالنظر في تعليق عضوية "إسرائيل" في الأمم المتحدة، وإعلانها دولة فصل عنصري، بسبب الإبادة الممنهجة التي ترتكبها في حق الشعب الفلسطيني.
وقالت ألبانيزي في تقرير قدمته إلى الأمم المتحدة إن "إسرائيل" لا ترتكب جرائم حرب في غزة فحسب، بل ترتكب إبادة جماعية ممنهجة في صورة مشروع يهدف لمحو الفلسطينيين من الوجود، لإقامة "إسرائيل الكبرى"، وامتد مشهد الانتهاكات التي مارستها الكيان بحق المؤسسات الدولية والأممية ليشمل مؤسسات وشخصيات عدة في مقدمتهم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ومحكمة الجنايات الدولية ومنظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (اليونيفيل) في لبنان، وغيرهم.
لم يكن عداء كيان الاحتلال لوكالة الأونروا التابعة للأمم المتحدة وليد اللحظة مع بداية العدوان على غزة، بل إن الاستفزاز والتحرش الصهيوني بالوكالة يتزايد منذ سنوات ليبلغ ذروة غير مسبوقة في هذا العدوان.
فبعد وقت قصير من أحداث معركة طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، اتَّهم الاحتلال 12 موظفا في وكالة الأونروا بالمشاركة في الهجوم، ما أدى إلى تعليق نحو 11 دولة غربية مساعداتها لوكالة الأونروا، فيما لم يُقدم الاحتلال أي أدلة على اتهامه لموظفي الوكالة، بحسب تقارير عدة.
لم تكن مزاعم الاحتلال بحق وكالة الأونروا والعاملين فيها الأولى من نوعها، بل هي أحدث فصل من فصول التوترات المستمرة منذ عقود بين الاحتلال والأونروا، حسب ما ورد في تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.
تشكل وكالة الأونروا المصدر الأساسي للدعم الإنساني لحوالي 5.9 مليون لاجئ فلسطيني في فلسطين المحتلة والدول المجاورة التي تستضيف اللاجئين الفلسطينيين.
من جهته قال المفوض العام لوكالة الأونروا، فيليب لازاريني، إن القرار الصادر عن الكنيست "الإسرائيلي" بحظر "أنشطتنا غير مسبوق، ويشكل سابقة خطيرة، ويعارض ميثاق الأمم المتحدة".
وقالت صحيفة الغارديان البريطانية، إن حظر وكالة الأونروا دون إيجاد بديل لها لن يؤدي إلّا إلى شل المساعدات المقدمة للفلسطينيين في وقت الشدة.
ووصفت الغارديان في افتتاحيتها القرار بأنه خطوة غير مسؤولة إلى حد كبير من جانب المشرعين "الإسرائيليين"، وأضافت الصحيفة أن الحكومة اليمينية "الإسرائيلية" تُظهر ازدراء صارخا للمعايير العالمية التي تحكم حقوق الإنسان والنزاعات والدبلوماسية، مما يجعل "إسرائيل" تتحول إلى دولة مارقة.
وقال إيريك بيورج، أستاذ القانون في جامعة بريستول، إن القوانين "الإسرائيلية" الجديدة بحظر وكالة الأونروا تشكل خرقا واضحا لميثاق الأمم المتحدة، حيث تعتبر المنظمة الأممية قطاع غزة أرضا تحتلها "إسرائيل"، ويلزم القانون الدولي القوة المحتلة بالموافقة على برامج الإغاثة لمستحقيها وتسهيل ذلك بكل الوسائل المتاحة لها.
لا يخفى على أحد سعي الاحتلال منذ زمن لتقويض وكالة الأونروا وإنهائها بأسرع وقت ممكن، باعتبارَها شاهدا أمميا على النكبة والمأساة الفلسطينية المستمرة إلى هذا الوقت، ويؤجج هذا السعي أن وكالة الأونروا تمثّل إطارا مؤسسيا جامعا لشريحة واسعة من الفلسطينيين، إذ تقدم خدماتها لمجمل المخيمات داخل فلسطين وخارجها، الأمر الذي ساهم في حفظ الهوية الفلسطينية وتكريسها، خصوصا في مخيمات اللجوء داخل الدول المضيفة، التي راهن الاحتلال على تماهي اللاجئين واندماجهم فيها مع المجتمعات المضيفة، وخسارتهم هويتهم الوطنية الجامعة.
وعليه، إن دور وكالة الأونروا ينتهي عندما يتحقق حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم وأرضهم وديارهم، ولا أعتقد أن شعبنا بكل أطيافه والعالم الحر سيسمح بتصفية قضية اللاجئين من خلال تصفية وكالة الأونروا.