شهيد غزة في شيكاغو.. هل تؤجج الحرب على غزة جرائم الكراهية في الغرب؟
تاريخ النشر: 22nd, October 2023 GMT
"ابني شهيد.. أتمنى أن يتقبله مني أهل غزة"
بهذه الكلمات شيع⑴ والد الطفل الفلسطيني "وديع الفيومي" نجله إلى مثواه الأخير، بعدما راح ضحية ما يسميه الإعلام الأميركي "جريمة كراهية"، في حادثة مروعة وقعت في ولاية إلينوي الأميركية في وقت سابق من الشهر الحالي، حيث هاجم مُسن أميركي يدعى "جوزيف تشوبا" الطفل ووالدته فقط لأنهما مسلمان، وانهال عليهما بالطعنات وهو يردد: "أنتم المسلمون يجب أن تموتوا".
حالة من الإحباط والألم صاحبتا عزاء الطفل وديع وسيطرت على الحاضرين في المؤتمر الصحفي⑵ الذي انعقد قبيل صلاة الجنازة، إذ صرح البعض أنهم يخشون من العودة إلى تلك الأيام التي تلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول عندما تعرض المسلمون في جميع أنحاء البلاد للاستهداف وباتوا يخشون على سلامتهم.
تجددت تلك المخاوف مع تبني الإعلام الأميركي وكبار السياسيين وعلى رأسهم الرئيس الأميركي جو بايدن للادعاءات الإسرائيلية بشأن الحرب الأخيرة التي شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، التي تنتزع الصراع من سياقه ولا تنقل الصورة الكاملة للأحداث. والدليل على ذلك أن تشوبا (قاتل الطفل) -وفقا لأقوال زوجته في التحقيقات- كان دائم الاستماع إلى البرامج الإذاعية "المحافظة" التي تناولت الصراع الدائر في فلسطين.
تزامن ذلك مع تقرير نشرته⑶ صحيفة "الغارديان" البريطانية أعربت فيه عن قلقها من تفاقم جرائم الكراهية في الولايات المتحدة؛ وذلك بعدما أفادت تقارير أقسام الشرطة الأميركية بتزايد حالات الإبلاغ عن المضايقات والاعتداءات بعد الأحداث المتصاعدة في القطاع.
"شهيد غزة" في شيكاغوجوزيف تشوبا كان مالك العقار الذي تسكنه أسرة الطفل وديع في بلدة قريبة من جنوب غرب شيكاغو، وبحسب شهادة عم الطفل والجيران، كان الرجل يحب وديع ويشتري له الألعاب، لكنه ليلة وقوع الجريمة اقتحم المنزل على السيدة حنان شاهين (32 عاما) محاولا خنقها وهو يردد عبارات معادية للمسلمين، حاولت والدة وديع مقاومته لكنه طعنها أكثر من 12 طعنة، وعندما فشل في التخلص منها أفرغ غضبه في الطفل وديع (6 سنوات) موجها له أكثر من 26 طعنة.
عقب العملية العسكرية التي أطلقتها حركة المقاومة تحت عنوان "طوفان الأقصى" يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بدأت وسائل الإعلام الغربية في الترويج للادعاءات⑷ الإسرائيلية عن "40 طفلا إسرائيليا مقطوعي الرأس" على يد مقاتلي حماس، حينها خرج الرئيس الأميركي جو بايدن في لقاء متلفز، قائلا إنه رأى أدلة فوتوغرافية على قطع رؤوس الأطفال، وبدأ⑸ المراسلون الإخباريون يبكون أطفال إسرائيل على الهواء مباشرة أثناء التغطية الإعلامية للأحداث. كل هذه المزاعم ثبت فيما بعد عدم صحتها، ونفى البيت الأبيض -في بيان لاحق- رؤية أي صور تدلل على القتلى المزعومين من الأطفال.
ورغم ذلك، كانت تصريحات بايدن بمنزلة تفويض لإسرائيل للهجوم على المدنيين في قطاع غزة، وهو الأمر الذي أثار استياء مواطنين غربيين ويهود (6) (7)، أدانوا الانتهاكات الإسرائيلية في قطاع غزة عبر مقاطع فيديو قصيرة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، كما نددوا بوسائل الإعلام الغربية وكيف تتجنب نشر أعداد الضحايا من الجانب الفلسطيني.
جاءت أبرز الأمثلة على الخطاب الإعلامي الموجه هذا في مداخلة ⑻ الناشط الأميركي الصهيوني بن شابيرو مع برنامج المذيع البريطاني الشهير "بيرس مورغان"، عندما صرح قائلا إن التعاطف مع ما يحدث داخل غزة يجب اعتباره تعاطفا مع الإرهاب؛ مبررا ذلك بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. تلك النبرة التي أشبعت وسائل الإعلام الأميركية أدانها العديد من مناصري⑼ القضية الفلسطينية، معتبرين إياها تصعيدا للخطاب المعادي للإسلام، الذي يعمل على تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم، بإعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل للقيام بحملات التطهير العِرقي التي تجري حاليا في قطاع غزة.
هذا ما أكده تقرير موقع الويب الاشتراكي العالمي الذي اتهم "البروباغندا" الأميركية المناهضة للمسلمين والمعادية للفلسطينيين بأنها كانت السبب وراء الهجوم الهمجي الذي تعرض له الطفل وديع الفيومي، خاصة بعدما صرح المدعون العامون بأن المجرم تشوبا كان يستمع بانتظام إلى التغطية الإعلامية اليمينية في الأيام التي سبقت ارتكاب جريمته.
عن ذلك يشير الكوميديان⑽ الفلسطيني الأميركي عامر زاهر في تصريح له مع قناة "إيه بي سي نيوز" الأميركية إلى خشيته من أن "جرائم الكراهية" التي تصفها السلطات بأنها حوادث فردية قد تكون نتاج ما شهدته وسائل الإعلام الأسبوع الماضي من "التحريض السياسي"، قائلا إن هناك مرتين فقط في حياته تلقى فيهما اتصالا هاتفيا من أمه تقول له: "كن حذرا في أميركا"، الأولى كانت عقب أحداث 11 سبتمبر، والثانية كانت بالأمس، يقصد بها بعد الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة.
يشير الكوميديان الفلسطيني الأميركي عامر زاهر إلى خشيته من أن "جرائم الكراهية" قد تكون نتاج ما شهدته وسائل الإعلام الأسبوع الماضي من التحريض السياسي. (الجزيرة)المؤكد أن هناك حالة من الخوف تسيطر على قطاع عريض من الجاليات العربية والمسلمة في الولايات المتحدة، فهم يخشون الخروج إلى الأماكن العامة، وأصبحوا أكثر حذرا مع محيطهم. هذا ما عبرت عنه الأميركية مورجان فولر التي اعتنقت الإسلام منذ ثلاث سنوات قائلة إن أصدقاءها منذ بدء الحرب يرافقونها إلى سيارتها كل يوم بعد العمل خوفا عليها. ترتدي فولر الحجاب، لكن مؤخرا نصحها بعض المقربين خلعه حفاظا على سلامتها، وسلامة ابنتها البالغة من العُمر (9 سنوات).
الخطاب الحالي.. هل يتسبب في "موجة كراهية"؟هناك حالة من التعصب الأعمى⑾ تشهدها العديد من الولايات الأميركية على يد أنصار اليمين والمتأثرين بالخطاب الإعلامي المتطرف فيما يخص التضامن مع فلسطين. فقد أشار عابد أيوب، المدير التنفيذي للجنة العربية-الأميركية لمكافحة التمييز، إلى أن الأجواء العامة التي تسيطر على المجتمع الأميركي في الآونة الأخيرة تذكرهم بما كان عليه الحال في الأيام الأولى التي أعقبت حادث (11 سبتمبر)، فوفقا لوكالة الأنباء الأميركية "أسوشيتد برس"⑿، جرى الإبلاغ عن أكثر من 100 حالة تصنف "جرائم كراهية" تراوحت بين التحرش اللفظي والتهديد والترهيب والاعتداءات الجسدية؛ من بينها العديد من التهديدات بالقتل.
عن ذلك يشير أسامة أبو أرشيد، المدير التنفيذي لمنظمة "مسلمون أميركيون من أجل فلسطين"، إلى أن الأصوات الداعمة لفلسطين يجري تكميمها؛ بما في ذلك أصوات الأفارقة الأميركيين والمسيحيين واليهود المتضامنين مع القضية الفلسطينية. فيقول لموقع "USAToday" إن الأيام الأخيرة جعلتهم يشعرون بأنهم محاصرون لا يستطيعون حتى إظهار الدعم أو التعبير عن الحزن في مصابهم عندما يسقط من عائلاتهم شهداء في قطاع غزة.
هذا التكميم وصل إلى منصات التواصل الاجتماعي، في الأيام الفائتة قامت⒀ شركة "Meta"، عملاقة التكنولوجيا المالكة لمنصات فيسبوك وإنستغرام وثريدز، بحذف المحتوى المؤيد للقضية الفلسطينية باعتباره داعما للإرهاب، في حين وصفت القصف الشامل الذي شنته إسرائيل على قطاع غزة بـ"رد الفعل". جاء هذا القرار في أعقاب حملة الضغط التي تعرضت لها الشركة من قبل المفوضية الأوروبية لإزالة المحتوى غير القانوني والضار، امتثالا لقانون الخدمات الرقمية (DSA)، وقد بررت شركة التكنولوجيا فعلتها هذه بمحاربة المعلومات المغلوطة والمحتوى العنيف ⒁.
من جانبه، أكد كوري سايلور مدير الأبحاث والتواصل في مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير)، أن الوقت الحالي يختلف عن أي وقت مضى؛ وذلك في خضم الحديث عن حملة الاستهداف الشرسة التي يتعرض لها الطلاب، إذ أعرب عن قلقه إزاء المضايقات والتهديدات التي يواجهونها في الجامعات الأميركية نتيجة تضامنهم مع الشعب الفلسطيني، فيقول للغارديان: "حجم وكثافة هذا الاستهداف لم أشهده من قبل".
خير مثال على ذلك كانت حالة "الترهيب السياسي" التي تعرَّض لها المتضامنون مع القضية الفلسطينية داخل حرم جامعة هارفارد الأميركية. أجج الوضع رسالة أصدرتها لجنة التضامن مع فلسطين وذكر فيها الموقعون أنهم "يُحمِّلون النظام الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن كل أعمال العنف التي تتكشف"، تلا ذلك رد فعل عنيف من بعض الطلاب اليهود الذين اختلفوا مع أقرانهم لأنهم ألقوا اللوم على إسرائيل فقط في أعمال العنف الحالية، وكانت النتيجة قيام أحدهم بالمرور بشاحنة بالقرب من حرم جامعة هارفارد، تحمل لوحات إعلانية تعرض أسماء ووجوه الطلاب الذين وقَّعوا على تلك الرسالة التي أصدرتها اللجنة.
عقب مقتل الطفل "وديع الفيومي"، صرح الرئيس الأميركي جو بايدن قائلا إن الولايات المتحدة الأميركية ليست مكانا لممارسة الكراهية، وفتحت وزارة العدل الأميركية تحقيقا موسعا فيما يخص "جريمة الكراهية" التي تسببت في مقتل وديع، رغم ذلك تُعد هذه واحدة فقط من بين عدة جرائم كراهية تتعرض لها جاليات العرب والمسلمين الأميركيين منذ بدء الحرب على قطاع غزة.
في بوسطن، كُتبت كلمة "نازيين" على لافتة "المركز الثقافي الفلسطيني للسلام"، وأثناء تظاهرة تضامن⒃ مع الفلسطينيين في مقاطعة لبنان بولاية بنسلفانيا الأميركية، فوجئ المتظاهرون المحتجون على القصف الإسرائيلي الأخير لقطاع غزة برجل مارّ بسيارته وقد أشهر سلاحه في وجوههم؛ مرددا العديد من الإهانات العنصرية قبل أن يغادر المكان بسرعة، في النهاية تمكنت السلطات من القبض عليه، ووجهت إليه تهمة "الترهيب الطائفي".
تزامن ذلك مع ما شهدته مدينة ديربورن -ذات الأغلبية المسلمة- بولاية ميشيغان الأميركية من تهديدات بالعنف خلال الأيام القليلة الماضية؛ كان أحدها ما نشره رجل على حسابه الخاص بمنصات التفاعل الاجتماعي متسائلا عمن يريد الذهاب إلى "ديربورن" واصطياد الفلسطينيين.
ما زال الوقت باكرا حتى تصدر الهيئات المتخصصة تقاريرها بشأن تأثيرات الصراع الحالي في الشرق الأوسط على تزايد موجات الكراهية في الغرب؛ لكن وفقا لصحيفة "واشنطن بوست"⒄ الأميركية، فإن جرائم الكراهية قد زادت بشكل عام في الولايات المتحدة بنسبة 7% في العام 2022 مقارنة بالنسب المعلنة لعام 2021، وذلك بحسب التقارير السنوية التي يصدرها مكتب التحقيقات الفيدرالي. ويرى خبراء ⒅ أن هناك مجموعة من العوامل التي أدت لتصاعد أعمال العنف العام الماضي، وقد عدوا الخطاب السياسي العدواني أحدها، كما أعربوا عن تخوفهم من أن موسم الانتخابات الرئاسية المقبلة وأحداث الشرق الأوسط الجارية قد تؤدي إلى تفاقم الوضع.
_____________________________
المصادر:
Watch again: Family and friends arrive for funeral of Muslim boy stabbed in Illinois Muslim Boy, 6, Is Mourned After Illinois Attack Linked to Mideast War Jewish and Muslim Americans fear rise in hate crimes amid Israel-Hamas war Unverified reports of ‘40 babies beheaded’ in Israel-Hamas war inflame social media 6-year-old Palestinian-American boy killed in hate crime Illinois landlord murders Palestinian-American child: The product US imperialism’s propaganda campaign مواطنون غربيون ويهود يتضامنون مع غزة ضد الانتهاكات الإسرائيلية Piers Morgan vs Ben Shapiro On Israel-Hamas War Prosecutors: Alleged Killer of 6-Year-Old Muslim Boy Listened to Far Right Radio Amid Israel-Hamas war, Muslim and Arab Americans fear rise in hate crimes Battle against hate: Violence, bigotry toward Palestinian Americans spiking across US War between Israel and Hamas raises fears about rising hostility in the US Meta ‘taking steps’ to censor support for Palestinian resistance Hamas Is Barred From Social Media. Its Messages Are Still Spreading. How Facebook supports Israel by blocking news Man who pointed gun, shouted slurs at pro-Palestinian demonstrators on Capitol steps arrested War between Israel and Hamas raises fears about rising US hostility US hate crimes are rising – this is how to stop themالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة جرائم الکراهیة وسائل الإعلام على قطاع غزة فی قطاع غزة الطفل ودیع العدید من قائلا إن
إقرأ أيضاً:
تعرّف على المنظمة التي تلاحق مجرمي الحرب الإسرائيليين بجميع أنحاء العالم
نشر موقع "موندويس" الأمريكي، تقريرًا، سلّط فيه الضوء على مؤسسة "هند رجب" التي تأسّست عقب استشهاد الطفلة هند رجب في غزة، بقصف للاحتلال الإسرائيلي، مبرزا أنها تسعى لمحاكمة الجنود الإسرائيليين المتّهمين بارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين، مستندة إلى أدلة تشمل منشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأوضح التقرير الذي ترجمته "عربي21"، أنّ: "الطريقة التي قُتلت بها الطفلة هند رجب مروعة؛ حيث وُجدت بالمقاعد الخلفية من سيارة محطمة، على بعد أمتار من دبابة ميركافا إسرائيلية"، مضيفا: "وُجدت عمتها وعمها مقتولين في المقعدين الأماميين، وأربعة من أبناء عمومتها ينزفون بجانبها".
وتابع: "كانت تتوسل لموظفة فلسطينية على الطرف الآخر من خط هاتف خلوي، وتبكي خوفا، ثم في لمح البصر، تمزقت لأشلاء بوابل طلقات الرشاشات الإسرائيلية"، مردفا: "استشهدت هند رجب قبل سنة، وكانت في السادسة من عمرها، والآن تسعى المؤسسة التي تحمل اسمها إلى تحقيق العدالة".
"ليس فقط من أجل هند، ولكن من أجل عدد لا يحصى من الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل في انتهاك للقانون الدولي" بحسب التقرير نفسه.
ملاحقة الجنود كأفراد
أضاف الموقع أن المؤسسة لا تلاحق دولة الاحتلال الإسرائيلي، بل تتبع نهجًا مختلفًا بملاحقة الجنود الإسرائيليين كأفراد. وحدّدت المؤسسة التي تتخذ من بروكسل مقرًا لها، في ملف قدمته إلى المحكمة الجنائية الدولية، في لاهاي، في 8 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، هويّة ألف جندي إسرائيلي تعتقد أنه يجب على المحكمة مقاضاتهم.
وأبرز التقرير: "استنادًا إلى 8000 دليل، بما في ذلك منشورات الجنود أنفسهم على مواقع التواصل الاجتماعي من غزة المدمرة"، مشيرا إلى أنه: "من الممارسات التي تباهى بها المجنّدون والضباط الإسرائيليون على فيسبوك وإنستغرام وسناب شات وتيك توك وتلغرام وغيرها: القصف العشوائي".
"القتل المتعمد للمدنيين، بمن فيهم العاملون بالمجال الطبي والصحفيون والمدنيون الذين يلوحون بالرايات البيضاء؛ والتدمير الوحشي للمنازل والمستشفيات والمدارس والأسواق والمساجد؛ والتجويع القسري والنهب" أبرز التقرير ما كان يتباهى به المجنّدون والضباط الإسرائيليون.
وأوضح محامي المؤسسة هارون رضا، أنّ: "مؤسسة هند رجب تراقب جرائم الحرب الإسرائيلية في غزة منذ كانون الأول/ ديسمبر 2023، بمساعدة شبكة من النشطاء والمحامين حول العالم"، مضيفا أنّ: "المؤسسة لديها شبكة كبيرة جدًا من المحققين في الداخل والخارج".
وتركز المؤسسة، وفق المحامي نفسه، على حسابات مواقع التواصل الاجتماعي للجنود الذين خدموا في غزة منذ بدء الحرب، قبل خمسة عشر شهرًا، ويقول هارون إنّ: "جميع هؤلاء الجنود لديهم حسابات على التواصل الاجتماعي، وكان العديد منهم يضعون صورًا جماعية ويُظهرون أماكنهم وممارساتهم خلال الحرب".
إلى ذلك، تقوم المؤسسة بتوثيق التواريخ والأوقات والمواقع في غزة، ثم تقارنها مع منشورات أخرى للجنود، سواء مقاطع الفيديو أو الصور.
توثيق الجرائم
ذكر الموقع أن القادة العسكريين الإسرائيليين أمروا الجنود بالتوقف عن التباهي بجرائمهم خوفًا من تعرضهم للاعتقال أو الملاحقة القضائية أثناء سفرهم إلى الخارج.
وقال هارون رضا إنّ: "قيادة الجيش لم تطلب من جنودها رسميًا التوقف عن ارتكاب جرائم الحرب، لكنهم طلبوا منهم التوقف عن نشر تلك الممارسات على مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا يعني أن القادة يعرفون ما يفعله الجنود ولا يشعرون بالخجل من ذلك، لكنهم لا يريدون أن يتورط الجنود في أي ملاحقات قضائية".
وأضاف رضا أنه: "من المثير للاهتمام أنهم بدأوا يحذفون كل المنشورات، لكنهم لا يعلمون أن الإنترنت له ذاكرة طويلة وأنه كان هناك ما يكفي من الوقت لتوثيق الجرائم"، مؤكدا أن "المؤسسة لديها قاعدة بيانات ضخمة من المعلومات التي تم التحقق منها أكثر من مرة، وتلك البيانات تشكل أدلة لرفع قضايا ضد الجنود المتورطين".
واسترسل: "من بين ألف جندي وردت أسماؤهم في ملف مؤسسة هند رجب للمحكمة الجنائية الدولية، مجموعة من الضباط والقادة، بما في ذلك ثلاثة وثلاثون جنديًا يحملون الجنسية الإسرائيلية وجنسية أخرى، ومنهم أكثر من عشرة جنود من فرنسا والولايات المتحدة، وأربعة من كندا، وثلاثة من المملكة المتحدة، واثنان من هولندا".
إثر ذلك، أرسلت المؤسسة، قائمة بأسماء الجنود الإسرائيليين إلى عشر دول مختلفة يعتبرها الجنود الإسرائيليون وطنهم الأم، أو يتّجهون إليها بعد انتهاء خدمتهم العسكرية، وهي دول تمارس الولاية القضائية العالمية على أخطر الجرائم الدولية.
وأوضح رضا أنّ: "المؤسسة تقوم بالتحقق من المناطق التي يسافر إليها الجنود المتورطون، ومن نمط الرحلات الجوية الأكثر شيوعًا، ثم رفع قضايا بحقهم"؛ موضحا أنه: "تم تقديم شكاوى في النمسا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا والسويد وتايلاند والإكوادور".
واعتبر رضا أنه: "رغم فشل العديد من محاولات الاعتقال بعد أن تم إبلاغ الجنود بأنهم ملاحقون ونجحوا في الفرار، فإن نجاح عملية الاعتقال مسألة وقت فحسب".
وتستهدف المؤسسة أيضًا المتواطئين والمحرضين على جرائم حرب الاحتلال الإسرائيلي على كامل قطاع غزة، ومن بين هؤلاء جمهور فريق "مكابي تل أبيب" لكرة القدم، الذين قاموا بأعمال شغب بأمستردام في الخريف الماضي، وحاخام ينتمي للواء جفعاتي الإسرائيلي، تفاخر بتدمير أحياء كاملة في غزة، وأيّد قصف المدنيين الفلسطينيين.
شعور زائف بالأمان
أضاف رضا بأن "الجنود الإسرائيليين أصبحوا مثل مجرمي الحرب النازيين الذين هربوا إلى باراغواي أو كندا أو أوروبا وكان لديهم شعور زائف بالأمان"، مؤكدا أن "المؤسسة تتعقبهم وتستطيع مقاضاتهم في حال الذهاب إلى أي دولة ذات اختصاص قضائي عالمي أو أي دولة توافق على ملاحقتهم قضائيًا".
ويعتقد هارون أن "المسؤول عن قتل هند رجب سيمثل أمام العدالة، لأن جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم عندما تكون هناك ولاية قضائية عالمية، وهذا يعني أنه حتى لو تم اكتشاف المسؤولين عن الجريمة بعد عشرين سنة، سوف تتمكن المؤسسة من ملاحقتهم".
إلى ذلك، خلص التقرير بأنّ: "القائمون على المؤسسة بأنهم لن يرتاحوا حتى ينالوا من جميع مرتكبي جرائم الحرب في غزة، بمن فيهم المسؤولون عن مقتل هند رجب".