ورشة حول الصحافة العلمية والبيئية منظمة بدعم من أكاديمية مؤسسة دويتشه فيله الألمانية في تونس

شاركت مريم الصابري التي تعمل حاليا مساعدة بمركز ثقافي أجنبي بتونس، كمتطوعة في عدة أنشطة للمجتمع المدني بعد 2011 من بينها ‘نجاز استطلاعات على صلة ببرامج تمكين المرأة في الحياة الاقصادية ومساعدتها على تحسين ظروف العيش، علاوة على المشاركة في البرامج المرتبطة بتحسين الخدمات البلدية في الدوائر المحلية.

نشطت مريم بشكل خاص في "جمعية الياسمين" وهي من بين العشرات من المنظمات التي استفادت من برنامج "أبرز" الذي أنشأه المجلس الثقافي البريطاني في 2016 بدعم من الاتحاد الأوربي وامتد حتى عام 2019.

وقام البرنامج بتطوير قدرات 36 منظمة وتوفير منح دعم لفائدة 17 مشروعا من  الجمعياتالمشاركة، و إدارة ورشات تكوين معمقة حول صياغة المشاريع وإنجازها، بالإضافة إلى منح تمويل لـ 13 جمعية.

لا تنكر الصابري أن نشاطها في المجتمع المدني، وخاصة في منظمة "الياسمين" الهادفة إلى المساهمة في بناء أسس المجتمع الديمقراطي في تونس، قد مكنها من اكتساب عدة مهارات في ورشات التدريب داخل تونس وخارجها وعبر المؤترات التي نظمتها الجمعية بالتعاوت مع متخصصين وأكاديميين.

مع ذلك فهي لا تخفي الجانب المحبط خلف تلك التجارب في حديثها مع DW عربية، مشيرة "كنت أتمنى الاستمرار والمساهمة أكثر في أنشطة المجتمع المدني وإفادة بلدي. ولكن أغلب البرامج ظرفية وتنتهي بمجرد إنتهاء التمويلات ولا تحصل متابعات بعد ذلك لعمليات التكوين للشباب فيحصل تشتت".

وتتابع الشابة ملاحظتها بالقول "تقدم المنظمات الأوروبية تمويلات لمصالح محددة ولتحسين الصورة ولكن لا يوجد فوائد على المدى الطويل. أتأسف لوضع الشباب في تونساليوم".

وتملك مريم التي حضرت ورشات تدريب في الاتصال والعلوم السياسية، تحفظات إضافية لابتعادها عن أنشطة المجتمع المدني الممولة أوروبيا جراء العلاقة المتأرجحة بين تونس وشريكها الاقتصادي الأول، إلى جانب تداعيات الصراع الدائر بين الإسرائيليين والفلسطييين. وهي تعلق على ذلك قائلة "الأفضل أن يحتفظ الأوربيون بأموالهم. تونس لا تحتاج إلى أموالهم لتعلم الديمقراطية. تحتاج إلى إرادة والتزام أكبر من شركائها وليس مصالح ظرفية".

لكن ملاحظة مريم لا تعكس الجانب الأكبر من الحقيقة إذ يحتفظ المجتمع المدني التونسي بحركية كبيرة على الرغم من التحفظات تجاه الحضور الأوروبي القوي.

زخم كبير للمجتمع المدني بتونس

يبلغ عدد الجمعيات الناشطة في تونس  وفق آخر تحديث عن مركز الاعلام والتكوين والدراسات والتوثيق أكثر من 24 ألف جمعية مقابل 9600 جمعية عام 2011. ويعكس ذلك تطورا هائلا في فترة زمنية ضيقة.

ويعود ذلك الى صدور مرسوم (عدد 88) عقب الثورة والإطاحة بالحكم الاستبدادي للرئيس الراحل زين العابدين بن علي في 2011، ما مكن من رفع القيود عن تأسيس الجمعيات وسحب التراخيص المسبقة من وزارة الداخلية ما فتح الباب لإمكانية تعاطي أنشطة في المجتمع المدني بما في ذلك أنشطة سياسية وتلقي إعانات أو تمويلات من الخارج في إطار برامج تعاون.

لا تتوفر احصاءات دقيقة من المعهد الوطني للاحصاء، الجهاز الحكومي، او أي جهة أخرى رسمية لعدد النشيطين في الجمعيات والمستفيدين منها من حيث الدخل الشهري، ولكن بيانات جمعتها منصة "انكفاضة" المتخصصة في التحقيقات الاستقصائية  تشير إلى ان النسيج الجمعوي يوفر ما بين 70 ألف و100 ألف منصب شغل تقريبا، النسبة الأكبر منها على صلة بقطاع الخدمات.

وتشير المنصة إلى أن هذا الرقم يمكن أن يرتفع إلى الضعف إذا تم احتساب "الوظائف غير المباشرة" أي تلك التي توفرها المؤسسات التي تدور في فلك المجتمع المدني من مصممين وأصحاب المطاعم وناقلين وغيرهم. وتساهم كل هذه الوظائف في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تتراوح بين 3 بالمئة و 5 بالمئة، وفقا لتقديرات تقريبية.

لكن هذا الامتياز بات مهددا منذ أشهر بعد تلويح الرئيس قيس سعيد الذي عزز من صلاحيته بشكل كبير على رأس السلطة منذ 2021، بإصدار مرسوم يقطع الطريق عن التمويلات الأجنبية لمنظمات المجتمع المدني بدعوى ارتباطها بالأحزاب السياسية مع اتهامها بممارسة "أدوار مشبوهة" ضد الدولة.

اتفاق تونسي أوروبي على الحد من الهجرة السرية

كما ضاعف رفض تونس لتمويل أوروبي بمقدار 60 مليون يورو لدعم الموازنة، بدعوى مخالفته لبنود اتفاق سابق حول مكافحة الهجرة، من التضييق على التمويلات المتأتية من برامج التعاون الأوروبية الموجهة الى المجتمع المدني.

حتى الآن لا ترى بعثة الاتحاد الاوروبي في تونستهديدا مباشرا على الأقل لمذكرة التفاهم الموقعة في يوليو/تموز الماضي التي تشمل خصوصا مكافحة الهجرة غير النظامية مقابل دعم الاقتصاد والمالية العامة الصعبة لتونس، على الرغم من ردة فعل تونس.

كما لم يطرأ على العلاقات مع المجتمع المدني عمليا ما يكشف عن تأثير مباشر على التمويلات الموجهة للمنظمات أو لغايات التنمية والتعاون ودعم التشغيل وبرامج تمكين المراة.

والدليل على ذلك هو  توقيع اتفاقية شراكة  يوم 18 أكتوبر/تشرين الأول  بين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وبعثة المفوضية الأوروبية في تونس في المجال البيئي، تهدف وفق ما ذكره المدير العام للوكالة الوطنية للبحث العلمي إلى دعم التجديد والابتكار والبحث العلمي وإحداث المؤسسات الناشئة في مجال البيئة.

تمتد الاتفاقية لثماني سنوات وبكلفة 5ر11 مليون يورو من بينها 95 بالمئة في شكل هبة و5 بالمئة تمويل ذاتي من الوكالة ومن المتوقع أن تغطي 200 مشروعا.

وإجمالا فاق الدعم الأوروبي لتونس بعد 2011 وعلى امتداد عقد من الزمن 10 مليار يورو لدعم الانتقال الديمقراطي والتنمية في البلاد، بحسب بعثة المفوضية الأوروبية في تونس.

تحفظات تجاه النفوذ الأوربي

من جهته يستبعد الأكاديمي الجامعي في الاتصال والإعلام  صلاح الدين الدريدي، والمتابع لبرامج الدعم الأوروبي، حدوث تأثير مباشر على برامج تمويل منظمات المجتمع المدني في تونس بسبب الخطط طويلة الأمد التي وضعها الاتحاد الاوروبي للإصلاحات في تونس.

الأكاديمي الجامعي في الاتصال والإعلام صلاح الدين الدريدي

ويوضح الدريدي هذه النقطة لـDW عربية لافتا إلى أن "الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة قد راهنوا منذ 2011 على خيارات جديدة للمجتمع التونسي تطال كل القطاعات مثل الثقافة والبيئة والسياحة وغيرها عبر برامج تعاون حكومية أو مع منظمات دولية غير حكومية، وعبر ضخ تمويلات كبيرة سواء للأجهزة الحكومية التونسية أو إلى منظمات المجتمع المدني".

والهدف من ذلك وفق الدريدي هو صناعة مجتمع على المنوال الأوروبي  يتماهى مع المعايير الدولية التس تشمل أساسا الديمقراطية وحقوق المراة وحقوق المثليين والشباب والحوكمة وغيرها من المجالات، مقابل نسف المؤسسات التي كانت سائدة قبل عام 2011 كأجهزة رقابة حكومية.

المقابل وفي تقدير الدريدي، فإن التحفظات تحوم حول الإسناد المالي الهائل من مؤسسات الاتحاد الأوروبي أتاح فرصا كبيرة للمنظمات والشباب لبرامج تدريب وإعداد الاستراتيجيات والخطط، ولكنه في نفس الوقت قلص بشكل كبير من دور الدولة.

ويقول الخبير الجامعي في مقابلة مع DW "كان يتوجب الإبقاء على الدور السيادي للدولة في صياغة الخطوط الكبرى للإصلاحات. الأمر اليوم أشبه بدور اللجنة المالية التي حلت محل سلطة الباي في القرن التاسع عشر ومهدت لفرض الحماية الفرنسية على تونس".

ويضيف في تعليقه "لم يترك الاتحاد الأوروبي قطاعا إلا ووضع له مقاربة استراتيجية وانفرد بالتخطيط وتوظيف المستفيدين والتنفيذ". ويستدل على ذلك بما حصل في البرنامج الأوروبي لدعم الإعلام في تونس والذي لم يؤد في النهاية إلى تحقيق أهدافه المحددة من صناعة إعلام يستجيب للمعايير المهنية والدولية، وفق رأيه.

تونس- طارق القيزاني

المصدر: DW عربية

كلمات دلالية: تونس منظمات المجتمع المدني الاتحاد الأوروبي مشروع تنموي اتفاقية الشراكة البعثة الأوروبية تونس منظمات المجتمع المدني الاتحاد الأوروبي مشروع تنموي اتفاقية الشراكة البعثة الأوروبية المجتمع المدنی فی تونس

إقرأ أيضاً:

أبل تتوقف عن بيع سلسلة iPhone 14 وiPhone SE في الاتحاد الأوروبي

قررت شركة آبل التوقف عن بيع سلسلة iPhone 14 وهواتف iPhone SE، إلى جانب عدد من الأجهزة الأخرى، في الاتحاد الأوروبي بحلول 28 ديسمبر.

 يأتي هذا القرار استجابةً للوائح جديدة للاتحاد الأوروبي تُلزم جميع الهواتف الذكية الجديدة بتوفير منفذ USB-C للشحن.

تأثير التغيير على منتجات آبل

بحسب  “ phonearena”، لن يشمل القرار فقط سلسلة iPhone 14، بل سيمتد ليشمل أجهزة أخرى تستخدم منفذ Lightning الخاص بآبل. 

فيما بدأت الشركة بالفعل بالتحول إلى منفذ USB-C في سلسلة iPhone 15، بعد ضغوط من الاتحاد الأوروبي. هذا التغيير لاقى ترحيبًا واسعًا في قطاع التكنولوجيا باعتباره خطوة نحو توحيد معايير الشحن.

تحديث أبل يجلب أحدث مزايا الذكاء الاصطناعي لـ آيفون.. ما الجديد؟تنافس أبل .. ساعة ذكية من كاسيو بمواصفات غير مسبوقةتنافس أبل وبإمكانات غير مسبوقة.. تعرف على أفضل ساعات ذكية في الأسواقتنافس أبل .. ساعة ذكية من OnePlus بمواصفات غير مسبوقةتأثيرات إضافية لسياسات الاتحاد الأوروبي على آبل

الاتحاد الأوروبي لم يكتفِ بالمطالبة بمنفذ USB-C، بل فرض تغييرات أخرى على آبل. 

واستجابت الشركة لهذه المتطلبات بتطبيق التغييرات في الاتحاد الأوروبي فقط، بينما أبقت منتجاتها في بقية الأسواق كما هي لدعم NFC للأطراف الثالثة، وتوفير متاجر تطبيقات بديلة.

ومع ذلك، لا تزال ميزة Apple Intelligence غائبة عن الاتحاد الأوروبي بسبب سياسات متعارضة.

عودة محتملة لجهاز iPhone 14 في تصميم جديد

الطريف أن الإصدار المقبل من هاتف iPhone SE، المتوقع أن يتمتع بمنفذ USB-C، سيأتي بنفس تصميم iPhone 14، وبالتالي قد تعود سلسلة iPhone 14 إلى أسواق الاتحاد الأوروبي مجددًا من خلال هذا الإصدار الجديد الذي يدعم أيضًا ميزة Apple Intelligence.

فرصة أخيرة لشراء الأجهزة القديمة في الاتحاد الأوروبي

ستسمح متاجر الاتحاد الأوروبي ببيع المخزون المتبقي من الأجهزة التي ستُوقف آبل بيعها في المنطقة. لذا، إذا كنت تعيش في الاتحاد الأوروبي وتفكر في اقتناء iPhone 14، قد تكون هذه فرصتك الأخيرة. 

ومن اللافت أن آبل ستوقف بيع هذه الأجهزة أيضًا في أيرلندا الشمالية رغم أنها ليست جزءًا من الاتحاد الأوروبي.

خيارات أخرى لعشاق آبل

رغم الإيقاف، لا تزال هناك العديد من الخيارات الممتازة للمستهلكين في الاتحاد الأوروبي، مثل سلسلة iPhone 15 التي تتمتع بمواصفات رائعة، أو انتظار الإصدار الجديد من هاتف iPhone SE الذي سيكون خيارًا مثاليًا لمن يبحث عن هاتف اقتصادي.

مقالات مشابهة

  • الاتحاد الأوروبي يناقش آخر تطورات الوضع في سوريا
  • سوريا في المفترق
  • متحدث الدفاع المدني في غزة: المجازرُ التي ارتكبها الكيانُ الصهيونيُّ في غزةَ لم يحدُثْ مثلُها في القرن الـ 21
  • رؤية عُمان 2040 تتفقد الحلقات التطويرية لمؤسسات المجتمع المدني
  • وزير الرياضة التونسي يستقبل رئيس الاتحاد الأفريقي والمصرى للجمباز لبحث التعاون المشترك
  • أبل تتوقف عن بيع سلسلة iPhone 14 وiPhone SE في الاتحاد الأوروبي
  • جلسات نقاشية تمهيدا لـ"الملتقى الصحي لمؤسسات المجتمع المدني" بالداخلية
  • وزير الرياضة التونسي يستقبل رئيس الاتحاد الأفريقي والمصرى للجمباز لبحث التعاون
  • مياه الإسكندرية تواصل التعاون مع المجتمع المدني لتحقيق التنمية المستدامة
  • وزير الرياضة التونسي يستقبل رئيس الاتحاد المصرى للجمباز