كيف يساهم المبدعون في تعزيز صمود الشعب الفلسطيني؟
تاريخ النشر: 22nd, October 2023 GMT
يقدم المبدع ما بكنانته فيسرد مبادئه التي حفظها عن ظهر قلب، وهو يصبغها بصبغة جمالية وفنية خاصة، فيترك خلفه سجلاً تاريخيا بمثابة ميثاق خالد فيه ما آمن به ونادى فيه وعاش لأجله.
والموهوب الفلسطيني حاله كغيره ممن يحملون رسالتهم على أعناقهم، فالإبداع الفلسطيني يكشف ما خلف الإعلام والكاميرات، ويصوّر ما بعد الصيحات والعويل، ويتحدث عما وراء لحظات الاغتصاب والاختطاف والانتزاع.
المبدع الفلسطيني
صنع المبدع الفلسطيني رموزه الخاصة من ظروفه المعيشة ومن قضاياه المقدسة، ومن فقده الممزوج بالألم والدموع، ومن قهر لجوئه وتشريده، وكل ظروف اللصوصية التي يعيشها، فالوطن المسلوب هو أحد أقوى مراجع الإبداع الفلسطيني.
وكان الجسر المتين الذي أوصل ما ابتدعه الفلسطينيون للعالمية التي نراها الآن، هو الوعي الفلسطيني بأن المعاناة صانعة الرجال، وأن كل فلسطيني هو روح من أرواح القضية النابضة، فما من مثقف ومطلع لا يعرف الرموز البشرية للقضية الفلسطينية، وأشهرهم ناجي العلي الذي رسم بخطوطه البيضاء والسوداء صورة وطن لطالما لوّن بالأحمر، واستخدم ريشته التي جسدت آلام شعب تغذّى وكبر على القهر والتشريد والفقد، ليحارب جيشا مدججا بأحدث الأسلحة والتقنيات، وبقي يقاتل الهيمنة والاستبداد حتى اغتالوه، ظنا منهم بأن رصاصة واحدة قد تنهي وجود رسام ثائر، لكن الـ"حنظله" لم تبرح مكانها من على جدران قرى فلسطين المحتلة بالرسم والمعنى، حتى بعد استشهاد رسامها على أحد الأرصفة الباردة في شوارع لندن.
وللفلسطينيين في أدب المقاومة ما لهم، وأشهر من كتب فيها هو الأديب المناضل غسان كنفاني،الذي التقى به معظم الفلسطينيون من خلال مقالاته وقصصه ورواياته، فترى فيما كتب صوت الحق وحق العودة وعودة الفدائي.
نطالع ما ابتدع لنعود إلى حيفا، ثم نقابل رجالا في الشمس، ونزور أرض البرتقال الحزين، ونعود إلى قرية الغابسية لنستظل بدالية أم سعد، ونرتشف القهوة ونحن نستمع إلى حكايات ابنها الفدائي لتعلّمنا كيف تكون الثورة جزءًا لا ينفصم عن الخبز والماء.
ولا يغيب محمود درويش عن ذاكرتنا، حيث يمكننا من خلال قراءة أثره الأدبي أن ندرك كيف جعل لشعره وظيفة وطنية وقومية، فنادى بالحرية، وتغنى بالأرض، وصوّر الأسر، وعبّر عن المحن، ودافع عن حق شعبه في العودة والحياة.
وما زال صوت قصيدته مسموعا وحاضرا كحضور موسيقاها، وما زالت رموز شعره لها تأثيرها الوجداني العميق، وما زالت حوارات قصائده حاضرة في الأذهان، كحوار أم تعاتب السجان: لماذا أرقت على العشب قهوتنا يا شقي؟
عاش المبدع الفلسطيني يعرف كل المعاني ويدركها ويصدّرها، إلا معنى الاستقرار والأمان، يعرف الاقتلاع والاغتراب والتهجير، يعرف اللجوء والنزوح والفقد، يدرك كل المعاني ويعيشها، لكنه عاجز عن العيش في أمان، لا في الأرض ولا المنفى ولا حتى في الشتات.
كما استطاع المبدع والمثقف المحتل من خلق رموز جديدة كالبرتقال والبرقوق والزيتون والمخيمات والحجارة وكروت الإعاشة وأسقف الزينكو، وما زال قادرا على خلق الرموز والأساطير من رحم الألم والصمود والنضال.
كل تلك الرموز الحيّة وغيرها الكثير، تربط بينها قضية واحدة ثابتة لا تتغير، كانت تسمى فلسطين وصارت تسمى فلسطين، فلسطين التي لم تتعب من الرثاء ولم يتعب الرثاء منها.
فلسطين والمسرح
إن حال الفن والمسرح والسينما كحال أي مسرح إبداعي آخر، له رواده وجماعته ومحبيه، وكان للقضية الفلسطينية حضورها المهيب فيه، فظهرت بعض الأعمال الفنية التي تظهر قتل الفلسطيني وأسره وتهجيره من أرضه في كل من النكبة والنكسة، كمسلسل التغريبة الفلسطينية، ومسلسل هبوب الريح.
وحتى في المسرح فقد قدّم المسرحيون هذه القضية بكل أبعادها السياسية والقومية والاجتماعية والإنسانية، وأظهرت المسرحيات محاولات الاحتلال في تهويد المقدسات الفلسطينية وإخفاء التراث العربي، وفي هذا السياق قال المخرج المسرحي عبد الصمد البصول: "إن الإبداع يمكنه أن يكون سلاحا قويا من خلال توظيفه في المكان والزمان المناسب، كما يمكن للمسرح خاصة أن يسرد حكايات النضال الفلسطيني، وأن يرسم أوجه الحياة اليومية التي يعيشها هذا الشعب في ظل الاحتلال، فتصبح حالة إبداعية خالصة"
وأضاف البصول في حواره لـ"عربي21:" "ليست مبالغة بأن السرديات اليومية للإنسان الفلسطيني تستحق أن تُوثق، وأنا أرى بأن كل قصة كفاح تستحق أن تكون عملا إبداعيا".
لكننا في السنوات الأخيرة شهدنا تراجعا واضحا في حضور القضية الفلسطينية في المسرح، وبيّن البصول أن هذا التراجع له أسباب كثيرة متداخلة، أهمها عدم وجود جهة إنتاج تتبنى هذه القضية ومؤمنة بأهمية المسرح النضالي.
دور المؤثر في الحرب على غزة
لم يمل أي عربي أو مسلم يؤمن بهذه القضية من أن يستخدم قلبه ولسانه وجوارحه في سبيلها، وفي سبيل نقل آلام شعب ما رأى شمس الحرية يومًا ولكنه أكثر من يؤمن بشروقها.
وفي ظل تضليل رهيب يسود وسائل الإعلام الغربية اليوم، وحشد كبير من الممثلين والمؤثرين الأجانب الذين يدعمون الجانب الإسرائيلي، كان للمؤثر العربي حضوره الواضح في الحرب الراهنة على قطاع غزة.
ويعبّر معدّ البرامج والناشط الأردني على مواقع التواصل الاجتماعي شريف الزعبي، عن تفاعله الكبير تجاه القضية ونشره المستمر لجرائم الاحتلال على حسابه في انستغرام بأنه "حين يقوم المؤثر بدوره بنشر الجرائم التي تحصل الآن في غزة، فهو يمارس أحد حقوقه المدنية المشروعة في التعبير عن رأيه، وسط عالم صمّ أذنيه وأطبق فمه أمام الحقيقة، وأمام ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من إبادة جماعية ومجازر على يد محتل لا يعرف معنى الإنسانية."
وأردف في حواره لـ"عربي21": "يتمحور دورنا كمؤثرين حول كشف الحقائق، ودحض الأكاذيب التي يروّجها الاحتلال على منصات الإعلام الغربي، ونشر الوعي لدى الشباب الغربي المعزول عنا، والذين لا يدركون ما يحصل في الشرق الأوسط وأفريقيا ودول العالم الثالث حسب التقسيمات الفئوية لهذا العالم، فهناك من لا يعرف بأن هذه الأراضي فلسطينية ومن حق الفلسطينيين أن يعيشوا آمنين فيها".
وأضاف الزعبي: "نحمد الله أننا نعيش في مكان يضمن لنا حرية الرأي والتعبير، ويكفل لنا أن نقول ما في جعبتنا، وأعتقد أن صناع المحتوى الأردنيين ساهموا بما لديهم في إيصال معاناة غزة للعالم".
وفي الحديث عن بعض ناشطي مواقع التواصل الاجتماعي الذين يتساءل الجمهور عن سبب اختفائهم، قال الزعبي: "أعتقد أن غزة ليست بحاجة إلى هؤلاء المتغيبين عن منصات التواصل الآن، وأنا لا أؤيد نقدهم، وأرى بأننا يجب أن نقوم بدورنا دون الالتفات لمن حولنا، وحينما تنتهي هذه الحرب فلكل حادث حديث، ولا يجب أن نصل إلى مرحلة نطلب فيها من المؤثر أن ينصر قضية إنسانية كالقضية الفلسطينية."
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي تقارير تقارير الإبداع ثقافة إبداع طوفان الاقصي تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
أحزاب و نواب: مصر ستظل المدافع الأول عن القضية الفلسطينية.. ويحذرون الشعب من الانسياق خلف محالات التشكيك
التيار الإصلاحي الحر: محاولات تستهدف النيل من دور مصر التاريخي والمساند للقضايا العادلةنائبة: مصر الداعم الأول للقضية الفلسطينية وأي محاولات للتشكيك هدفها التشويهبرلمانية: محاولات تشويه صورة مصر لن تثنيها عن دورها الداعم للقضية الفلسطينية
فى حلقة جديدة من حلقات التشكيك التي تتعرض لها الدولة المصرية على مدار 10 سنوات ماضية ، تم نشر الأكاذيب بشأن استقبال ميناء الإسكندرية السفينة كاثرين الألمانية التي تحمل مواد عسكرية لصالح إسرائيل، في محاولة خسيسة للتشكيك في الدور المصري التاريخي والراسخ في دعم القضية والشعب الفلسطيني، الأمر الذي أثار حفيظة الأحزاب السياسية التى أكدت على دور مصر التاريخي غير القابل للتشكيك تجاه القضية الفلسطينية
في هذا الصدد ، أعلن التيار الإصلاحي الحر رفضه التام لكافة الأكاذيب التي تداولتها بعض المنصات والصفحات المشبوهة حول استقبال ميناء الإسكندرية لسفينة أسلحة إسرائيلية، وذلك في ظل الظروف الإقليمية والدولية المتصاعدة، وفي مواجهة الحملات الممنهجة التي تستهدف زعزعة استقرار مصر.
وشدد التيار على أن أي محاولات تهدف إلى النيل من دور الدولة المصرية التاريخي والمساند للقضايا العادلة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية هي محض شائعات ومخططات ساعية لإحراج مصر أو التهوين من دورها الوطني بما يمثل حلقة في سلسلة ممنهجة تستهدف استقرار مصر وأمنها القومي.
وأكد التيار بأن الشعب المصري، بوعيه الوطني الراسخ، يدرك جيدًا حجم التضحيات التي قدمتها الدولة المصرية ولا يزال يقدمها في سبيل الحفاظ على استقرار المنطقة، وبأن تلك الأكاذيب والشائعات والمخططات التي تهدف إلى تقويض الثقة في مؤسسات الدولة وإحراجها أمام الرأي العام لن تنطلي على الشعب المصري الواعي المحب لوطنه.
كما أكد ثقته في كافة المؤسسات الوطنية وفي القلب منها القوات المسلحة المصرية والقيادة السياسية فإننا نعلم أن أجندات مروجي هذه الأكاذيب باتت واضحة لكل ذي بصيرة، فإما أنهم يسعون عمدًا لزعزعة الاستقرار، أو يتم استخدامهم من قبل قوى الشر كأدوات لتصفية حسابات مع الدولة المصرية في محاولة منهم لجر مصر والمنطقة إلى سيناريوهات فوضوية لا تخدم سوى أجندات إقليمية ودولية.
ودعا حزب التيار الإصلاحي الحر في ظل هذه اللحظة الفارقة ـ جميع النخب الوطنية والمواطنين إلى الاصطفاف الكامل خلف الدولة المصرية، فإن مصر، بحكمتها وحنكتها السياسية وقيادتها الوطنية، تملك القدرة على إدارة هذه الأزمات بفعالية وكفاءة مشددين على ضرورة مواجهة التحديات من خلال بناء الوعي الجماعي وتحرك النخبة المصرية الوطنية للتصدي للمخططات التي تهدف إلى زعزعة الاستقرار.
من جانبه، أكدت شيماء محمود نبيه عضو مجلس النواب، أن موقف مصر ثابت وداعم للقضية الفلسطينية طوال تاريخها ،رافضة لأي محاولات للتهجير الفلسطينيين حتي لا يتم تصفية القضية الفلسطينية .
و أوضحت “ نبيه ” أن حملات التشوية والتشكيك من المعادين للدولة المصرية عبر نشر أخبار كاذبة لا تمت للواقع بصلة ولا صحة لها ، للتقليل من الدور المصري الداعم للقضية الفلسطينية ولكن التاريخ شاهد علي ما تقوم به مصر وستظل مساند وداعم للقضية الفلسطينية طوال التاريخ .
وقالت " نبيه" في تصريحات صحفية لها اليوم ، انه منذ أحداث السابع من أكتوبر العام الماضي والجهود المصرية وعقد اللقاءات مع كافة الأطراف الدولية المؤثرة لوقف العدوان الإسرائيلي علي غزة لا تتوقف وتأكيد القيادة السياسية الدائم أن الحل في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية مشيراً إلي حجم المساعدات الإنسانية لتي تقدمها مصر للأشقاء في فلسطين في ظل الحصار والعدوان الإسرائيلي الغاشم .
وأشارت عضو مجلس النواب، إلي ان مصر طوال تاريخها وهي داعم ومساند للقضية الفلسطينية موضحة أن الشائعات التي تداولتها بعض وسائل الإعلام المغرضة حول استقبال ميناء الإسكندرية السفينة الألمانية "كاثرين" التي تحمل مواد عسكرية لصالح إسرائيل لا أساس لها من الصحة، والهدف هو التشكيك فى الدولة المصرية، ولكن مصر داعم طوال تاريخها للقضية الفلسطينية قيادة وشعبا وحكومة.
في سياق متصل، أكدت النائبة ميرال جلال الهريدي عضو مجلس النواب، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان، أن محاولات تشويه صورة مصر وإلصاق التهم بها لن يثنيها عن مواقفها الثابتة تجاه ما يحدث في المنطقة، ودعمها للقضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته ورفض ممارسات الاحتلال الإسرائيلي التي تنتهك كافة القوانين والأعراف والقوانين الإنسانية الدولية.
وقالت الهريدي في بيان لها اليوم، إن وعي الشعب المصري قادر على مواجهة أية شائعات أو أكاذيب من شأنها النيل من سمعة مصر في المنطقة ومحاولة زعزعة استقرارها وتشويه صورتها أمام العالم، والتي كان آخرها تعمد تداول معلومات مضللة بشأن استقبال ميناء الإسكندرية السفينة الألمانية "كاثرين" التي تحمل مواد عسكرية لصالح إسرائيل، وهو كلام ليس له أساس من الصحة.
وأوضحت عضو مجلس النواب أن ما حدث هو محاولة للتشكيك في سمعة مصر ومواقفها، وممارسة ضغوط على القيادة السياسية والدولة المصرية حتى تتراجع عن موقفها الملتزم بدعم القضية الفلسطينية ومساعيها الحثيثة لتحريك المجتمع الدولي نحو مسؤولياتها لوقف الانتهاكات الإسرائيلية وإقرار سلام شامل وعادل في المنطقة.
وشددت عضو لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس النواب على أن مصر ستظل الشقيقة الكبرى والداعمة الأولى لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته، ورفض كافة لمخططات التهجير القسري، والاعتداء على الأطفال والنساء بالمخالفة للقوانين الدولية ورفضها لجرائم الإبادة الجماعية.