القاهرة بحاجة إلى المال وسكان غزة بحاجة إلى المأوى.. هل يمكن إنجاز صفقة؟.. حمل آدم توز، كاتب العمود في مجلة "فورين بوليسي" هذا التساؤل، محاولا تقديم إجابة واقعية تحليلية عليه، في ضوء وضع القاهرة الاقتصادي شديد الحساسية، والمستجدات السياسية  التي تفرضها الأوضاع الميدانية القائمة حاليا في غزة.

ويعتبر توز أنه من الطبيعي أن تكون مصر حاليا أكثر الدول التي يتم جرها إلى الصراع في غزة، باعتبارها دولة حدودية مع القطاع، وقد باتت الآن في مركز الدبلوماسية فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية، والحركة المحتملة للاجئين الفلسطينيين، وربما التفاوض على وقف إطلاق النار.

وضع مالي هش

ومع ذلك، قبل الحرب، كانت مصر تحتل أيضا مكانا متميزا في نشرات الأخبار، ولكن للحديث عن وضعها الاقتصادي والمالي الحرج، كما يقول الكاتب، حيث كان الخبراء يراقبون مشاكل الديون المتصاعدة بقلق متزايد.

اقرأ أيضاً

السيسي يلوح بإنزال المصريين للشوارع احتجاجا على فكرة تهجير أهالي غزة لسيناء: أرسلوهم إلى النقب

وفي الصيف الماضي، أعلن وزير المالية المصري محمد معيط أنه من المتوقع أن تصل نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 97% خلال الصيف، وهي زيادة هائلة بنسبة 16.8% عن يونيو/حزيران 2022.

هل ينبغي لمصر أن تتفاوض للحصول على مساعدات اقتصادية أو صفقة إسقاط ديون مقابل استقبال اللاجئين الفلسطينيين من غزة في سيناء؟

يرى توز أن مصر لها تجربة سابقة في مقايضة الديون الاقتصادية بالتحركات السياسية، وبالتحديد خلال عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك خلال حرب الخليج الأولى عام 1991، فعندما كان التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة يحشد قوة عسكرية ضخمة لطرد صدام حسين من الكويت، ساهم الرئيس المصري آنذاك حسني مبارك بفرقة مصرية كاملة في تلك العملية العسكرية مقابل تخفيف عبء الديون بنحو 10 مليارات دولار.

لذلك، فإن مثل هذا النوع من الصفقات ليس غريبا على القاهرة، كما يقول الكاتب، لكن في حالة غزة وسيناء هناك بعض التفاصيل المختلفة، برأيه.

"حماس" والإخوان

فمن وجهة نظر مصر، فإن السبب العملي لعدم الترحيب بشكل خاص بالفلسطينيين في غزة هو أن القوة السياسية المهيمنة في غزة هي "حماس"، وهي السليل الفلسطيني المباشر لجماعة الإخوان المسلمين، والتي تعد الخصم اللدود للنظام المصري حاليا، وحتى هي الخصم الأبرز للأنظمة العسكرية التي تحكم البلاد منذ الخمسينيات من القرن الماضي، كما يقول توز.

اقرأ أيضاً

أكسيوس: ضغوط من الكونجرس على مصر للتجاوب مع تهجير أهالي شمالي غزة

ويضيف: من ثم فإن الترحيب بمجموعة كبيرة من الموالين لحماس من غزة إلى مصر، إلى شبه جزيرة سيناء، هو آخر ما يدور في ذهن القاهرة.

هناك سبب أخر، متعلق بالوضع الفريد لسكان غزة كلاجئين فلسطينيين مهجرين من أراضيهم بالأساس، فغزة مكونة في الأساس من عدة مخيمات، والأمر الحاسم هنا هو أن إسرائيل لا تعترف بحق عودة النازحين الفلسطينيين من قراهم، وهو ما سينطبق على سكان غزة إذا تم تهجيرهم إلى سيناء، رغم الوعود من تل أبيب بالسماح بعودتهم بعد الانتهاء من تدمير "حماس".

وعلى أية حال، من الناحية السياسية، فإن قيام النظام في القاهرة بفتح أبوابه سيكون في الأساس – وهذا ما يخشونه – تأييدًا لما يمكن أن يسمى التطهير العرقي، يقول الكاتب.

هاجس أمني آخر

يخشى المصريون، فوق كل شيء آخر، أنهم إذا رحبوا بهذا "السكان" اللاجئين، فإنهم سيوفرون ملاذاً للسكان الفلسطينيين الذين يشعرون الآن بالاستياء ثلاث مرات، والذين سيكونون ملزمين بعد ذلك، على الأرجح، بشن عمليات عسكرية وهجمات حرب العصابات ضد إسرائيل، انطلاقا – هذه المرة – من الأراضي المصرية، وهو ما يهدد بنسف اتفاق السلام المصري الإسرائيلي الذي تم التوصل إليه  عام 1979.

ويمضي آدم توز بالقول إن مصر باتت "قصة انحدار دراماتيكية بالكامل"، بعد أن كانت واحدة من أعظم مهود الحضارة في العالم.

اقرأ أيضاً

تهجير سكان غزة.. رفض دولي وعربي مقابل ضوء أخضر أمريكي

ويقول إن هناك فشلا من قبل الأنظمة المصرية، لا سيما العسكرية، في احترام النظام لأي عقد اجتماعي، بشكل أساسي، مع الشعب المصري. وهذا يدفع القاهرة إلى موقف قمعي متزايد، وهو ما يقوض في نهاية المطاف شرعيتها، وتسبب في سقوط نظام مبارك في 2011، ثم جاء الإخوان المسلمون ليحكموا عاما واحدا، لتعود البلاد إلى الديكتاتورية العسكرية القمعية مجددا.

مصر مع السيسي

وبعد 10 سنوات من حكم السيسي، يقول الكاتب إن مصر لم  تعد لاعبا رئيسيا في المنطقة، وبالكاد أصبح السيسي "مجرد عميل لكن أكبر من أن يفشل"، لأسباب متعلقة بصداقات مصر وعدد سكانها الضخم وإمكانية تسببها في زعزعة الاستقرار الإقليمي والدولي، وهو ما يعول عليه قيادات البلاد الآن.

وتطرق توز إلى المشروعات الضخمة التي أقامها السيسي وتكلفت مئات المليارات من الدولارات، والتي باتت تلك التكلفة، الممولة بالديون بشكل أساسي، عبئا كبيرا على البلاد حاليا، وجعلت تلك الأعباء ملايين المصريين يكافحون الآن بصعوبة من أجل حياة أفضل.

ويشير إلى أن الإصلاح الجذري للاقتصاد المصري يتطلب إجراءات صعبة، مثل التوسع في الخصحصة وترك العملة الوطنية (الجنيه) لسوق العرض والطلب، لكن ذلك سيترتب عليه حالة طوارئ اجتماعية صعبة، نظرا لأن هناك عددا كبيرا من الفقراء في مصر.

المصدر | آدم توز / فورين بوليسي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: مصر غزة سيناء تهجير أهالي غزة ديون مصر السيسي وهو ما فی غزة

إقرأ أيضاً:

وضوح..

#وضوح..

#احمد_حسن_الزعبي

خاص – #سواليف

مقال الثلاثاء .. 29 / 4 / 2025

مقالات ذات صلة الاحتلال ينفي تحقيق تقدم بالمفاوضات وعائلات الأسرى تطالب باتفاق 2025/04/29

بين ازدحام #الآرمات_الفخمة والمضاءة ،و #الأسماء_التجارية المكتوبة بحروفٍ بارزة كان يبحث عن مكان فقط  ،لا عنوان ولا لافتة تشير الى نشاط المحل فهذا جزء من #الترف الذي لا يؤمن به .

 غالباَ لا يظهر رأسه ، يبدو وكأنه مختبىء خلف الشاشة ، يجلس #صاحب_الورشة في زاوية معتمة – بالمناسبة المكان كله يفتقد الى الانارة الواضحة –يتفحّص لوحات التكثيف بعد أن نزع الغطاء الخلفي للتلفاز ، #راديو_قديم للغاية مرفوع على رفِّ خشبي قرب الباب “يرتّل من خلاله المنشاوي قراءات نادرة من سورة غافر”،  وبرواز قديم من المخمل و”البرّاق المطرّز”- الذي انتشر في بداية الثمانينات- معلّق في صدر المحل يحمل جزءاً من آية كريمة “لئن شكرتم لأزيدنكم”، قطعة كرتون مستطيلة مربوطة بخيط أخضر في يد الباب مكتوب على واجهتها الأولى “مفتوح” والواجهة الأخرى “مغلق للصلاة” ..

برغم البساطة والعتمة ، الا أن المكان  يشبه #غرفة_العمليات ، حتى الأدوات هي نفسها ،كشاف ضوئي ،  مِشرَط، لاصق ،كاوٍ ، بخاخ كحول أبيض وغيرها..أجهزة قديمة مركونة في كل مكان ، #تلفزيونات معطّلة عن الكلام تنتظر دورها بالتصليح ، وأجهزة لا يوجد لها قطع غيار ، وثالثة انتهى دورها ، ورابعة تظهر الصورة ناقصة، ورابعة بلا صوت، وخامسة تعاني من خلل في الأبعاد تطيل القصير وتقصّر الطويل ، تسمّن النحيف وتنحّف السمين، كلها بحاجة الى #اصلاح..

 بالمفك “الفاحص” يضغط على كل “مكثّف” وكل “ترانزستور” ليعرف من منها المعطّل ومن منها الذي يعمل، يحاول التبديل ،وأحيانا يحاول التلقيح قطعة من “ناشيونال” يضعها في لوحة لــ”L G” وأحياناً يقوم بقطع الأسلاك الدقيقة الناعمة كشرايين العين ولحمها من جديد بالكاوي ، لا أعرف ما جدوى ذلك، لكنه يقوم بهذا العمل كلما عجز عن ايجاد العلّة..

احياناً يشرح للزبون عطب كل تلفاز مركون دون أن يطلب منه الزبون او الضيف الزائر ذلك…هذا الجهاز “الصورة مغبشّة” ، وهذا الجهاز يظهر الشخوص في الأخبار “بأجساد مائلة” ، أما هذا “التوشيبا” القديم فيظهر المذيع بلا رأس ، بعضها بحاجة الى #مكثفات ،وبعضها بحاجة الى ” #ترانزستورات ” جديدة ، وبعضها يحتاج الى ” #كرت_شاشة “… ثم يتابع حديثه وهو ينفخ في قطعة صغيرة بيده ، أحيانا الزبون يخلط بين الصوت والكلام ..يقول لي “صوت الأخبار” غير مفهوم وهو يقصد كلام الأخبار غير مفهوم، أحياناً يقول لي :الصوت غير موجود ، أفحص السمّاعات لا خلل فيها، الزبون يقصد الصوت الذي أريد أن أسمعه غير موجود، أما الأجساد المائلة في بعض الشاشات…أعتقد أنها تفوق قدرتي على التصليح، غيّرت كل شيء وبقيت مائلة ،لا أعرف السبب!…

يحضر لوحة صغيرة مليئة بالنتوءات المعدنية ويكمل حديثه ، أكثر سؤال يطرح عليّ هنا في هذا المحل: ما نوع الجهاز الذي تملكه في البيت؟..يضحك ويمسح أنفه بكم قميصه في بيتي  لا أملك تلفازاً…أعود من عملي متخماً من الأخبار “المشوّشة” التي أشاهدها هنا أثناء التصليح..ثم ما هذا السؤال ؟ ما علاقة #وضوح_الشاشة بوضوح الخبر؟

يصمت قليلاَ يضع الكاوي في وصلة الكهرباء وينزل نظارته الى منتصف أنفه ويستأنف عمله وهو يتمتم أنا مصلّح أجهزة “مش مصلّح أخبار”..

( التعليق على المسنجر او الايميل).

أحمد حسن الزعبي

Ahmed.h.alzoubi@hotmail.com

مقالات مشابهة

  • محافظ أسيوط يهنئ الرئيس السيسي والشعب المصري بعيد العمال
  • مصر تؤجل احتفالا رسميا يحضره السيسي بسبب ظروف طارئة بالبلاد
  • لقاء السيسي والبرهان في القاهرة: دعم مصري متعدد الأوجه
  • برشلونة يتحدى إنتر ميلان.. التاريخ ماذا يقول؟
  • وضوح..
  • رئيس جامعة القاهرة: مُصرون على إنجاز مشروع سكني لأعضاء هيئة التدريس والعاملين بالجامعة
  • القضاء على حماس والنصر المطلق.. ماذا يقول مسؤولون ومحللون إسرائيليون؟
  • عاجل:- الرئيس السيسي يستقبل رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان بمطار القاهرة
  • الرئيس السيسي والبرهان يناقشان جهود إعادة الإعمار بالسودان
  • السيسي يبحث مع البرهان الوضع في السودان وعدداً من القضايا الإقليمية