شراع : طوفان الأقصى بين تشبيه شيخ الخرف وخريطة النتن
تاريخ النشر: 22nd, October 2023 GMT
بَيْنَ حديث نتن ياهو رئيس حكومة الكيان الصهيونيِّ الفاشيِّ عن عزْمِه تغيير خريطة الشَّرق الأوسط بناءً على الخريطة التي عرَضَها أمام الجمعيَّة العامَّة للأُمم المُتَّحدة، وبَيْنَ حديث شيخ الخَرَف في زيارته التضامنيَّة مع حاملات الطائرات عن أنَّ «ما حدث في «إسرائيل» يُشكِّل 15 ضعفًا لِمَا حدث في 11 سبتمبر»، و»لو لَمْ تكُنْ هناك «إسرائيل» في الوجود لَعمِلْنا على إقامتها وسنستمرُّ في الوقوف بجانبها»، تبدو ملامح التكالب الأميركيِّ الغربيِّ على أشدِّها استباقًا للتغيير القادم الذي تَقُودُه كُلٌّ من جمهوريَّة الصين الشَّعبيَّة وروسيا الاتِّحاديَّة والجمهوريَّة الإسلاميَّة الإيرانيَّة، ومعها دوَل مجموعة «بريكس»، وما يشي ذلك بزوال جميع مظاهر الاستعمار الغربيِّ الامبرياليِّ أو تراجعه إلى الدَّرَجة التي لا يملك معها القدرة على التأثير وتلاشي سياسة القطيع التي فرضها طوال عدَّة عقود.
نعم، يتملَّك الأميركيَّ والأوروبيَّ والصهيونيَّ القلقُ من قرب زوال الزواج الكاثوليكيِّ الذي أقامه عَبْرَ العقود الماضية والذي يسعون إلى ربطه بالتطبيع المجَّانيِّ وتتويجه بِدُرَّته المتمثلة في المملكة العربيَّة السعوديَّة.. الأمْرُ الذي سيجعل من هذا الإقليم خاضعًا للإرادة والهيمنة الصهيوـ أميركيَّة الغربيَّة، ويُتيح المجال للولايات المُتَّحدة التفرُّغ للانتقال شرقًا ومواجهة خصمَيْها الصين وروسيا. لذلك يرمي اليوم هذا المُستعمِر بكُلِّ ثقله وبكُلِّ ترسانته متأبطًا قاعدته العسكريَّة المُسمَّاة «إسرائيل» لِيضربَ بها محاولات الانسلاخ عن عباءته في الإقليم. كيف لا؟ أوَلَمْ يُقَمْ هذا الكيان الصهيونيُّ الغاصب الشَّاذُّ لِيكُونَ معاديًا للشعوب العربيَّة والإسلاميَّة، ولِيكُونَ سدًّا قويًّا فاصلًا بَيْنَ الجزء الإفريقيِّ والجزء الآسيويِّ منعًا لوحدة الشعوب العربيَّة والإسلاميَّة في القارَّتَيْنِ، بناءً على نتائج مؤتمرات دوَل الاستعمار ـ وتحديدًا بريطانيا وفرنسا ـ والتي تمخَّض عَنْها وعد بلفور المشؤوم واتفاقيَّة سايكس ـ بيكو.
ولكَيْ يتمكَّنَ هذا المُستعمِر من فرض الهيمنة، ويُمكِّنَ قاعدته العسكريَّة «إسرائيل» ويقفَ سدًّا منيعًا أمام مناوئيه الصين وروسيا كان لا بُدَّ من إقامة مشروع «الممر» الذي يربط الهند بأوروبا والخليج والقاعدة العسكريَّة المُسمَّاة «إسرائيل»؛ المشروع الذي لا يصطدم فقط بالمشروع الصينيِّ «الحزام والطريق»، وإنَّما يصطدم بقوَّة بمحور المقاومة الممتدِّ من الجمهوريَّة الإسلاميَّة الإيرانيَّة وجمهوريَّة العراق والجمهوريَّة العربيَّة السوريَّة وفلسطين المحتلَّة ولبنان (المقاومة الإسلاميَّة) واليمن (جماعة أنصار الله).. ولكَيْ يرى هذا المشروع النُّور ويُؤتِي أُكُلَه لا بُدَّ من إزالة هذا العائق وتدميره الذي يبدأ من قِطاع غزَّة والضفَّة الغربيَّة وذلك بتهجير الفلسطينيِّين من الضفَّة الغربيَّة باتِّجاه الأردن، ومن قِطاع غزَّة باتِّجاه مصر في أرض سيناء، حيث المتداول أنَّ كيان الاحتلال الصهيونيِّ ـ بالتعاون مع حلفائه وعملائه طبعًا ـ ينوي تحويل غزَّة إلى قناة تخدم المشروع السَّيِّء الذِّكْر المُسمَّى «الممر»؛ وبالتَّالي تهديد قناة السويس ودَوْرها التي يُعدُّ إنهاء دَوْرها أحَدَ المُخطَّطات بجوار سدِّ النَّهضة الإثيوبيِّ؛ لأنَّ الصهاينة ما زالوا يؤكِّدون أنَّ مصر هي التهديد الحقيقيُّ لكيانهم، وهذا الخَطَر الدَّاهم الذي يُحاك ضدَّ جمهوريَّة مصر العربيَّة هو ما يستشعره المصريُّون اليوم على المستويَيْنِ الرَّسميِّ والشَّعبيِّ.
شيخ الخرَف والكذب جاء طائرًا من واشنطن لِيُعيدَ استنساخ هجمات الحادي عشر والإيحاء بأنَّ «مَنْ ليس معَنا فهو ضدّنا، ومع الإرهاب الآتي من غزَّة» هذا هو لسان الحال، لكنْ لِكبَرِ سنَّه وخرَفِه عجز عن إدراك أنَّ الظروف والأحوال اليوم وبعد عمليَّة طوفان الأقصى في السَّابع من أكتوبر 2023م ليست ذاتها بعد الحادي عشر من سبتمبر 2009م، وأنَّ الوعيَ المقاوم قَدْ تمكَّنَ من وضعِ حدٍّ لتناسل الأكاذيب، والأصابع على الزناد، وأزاحَ عبئًا كبيرًا عن أنظمةِ الرجعيَّة والتبعيَّة، وأعطاها هامشًا للمناورة.
ختامًا، بعدَ ما أفشلت المقاومة الإسلاميَّة في لبنان مشروع الشَّرق الأوسط الكبير في العام 2006م، ستُفشل المقاومة الفلسطينيَّة ـ ومعها محور المقاومة ـ خريطة الشَّرق الأوسط «الصهيو ـ أميركيَّة» الجديدة المتمثلة في «خريطة النتن» و»مَمرِّ شيخ الخرَف» بإذن الله.
خميس بن حبيب التوبي
khamisaltobi@yahoo.com
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: ة الإسلامی الذی ی
إقرأ أيضاً:
ما الذي يريده محمود عباس من مطاردته لرجال المقاومة بعد كل تلك الملاحم؟!
ارتفعت وتيرة الصدام بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية التابعة لرئيس السلطة السيد "أبو مازن" وبين رجال المقاومة في مخيم جنين شمال الضفة الغربية، وذلك حين قررت الأجهزة القيام بحملة أمنية موسعة في إطار العملية التي أسمتها "حماية الوطن"! ما أدى إلى مقتل "يزيد الجعايصة"، القيادي في كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد، والمطارد من سلطة الاحتلال. ومن المعلوم بحسب الإحصائيات أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة الغربية قد قتلت 13 فلسطينيا منذ بداية طوفان الأقصى 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وانطلقت الأحداث في المخيم عقب اعتقال أجهزة الأمن لـ"إبراهيم طوباسي" و"عماد أبو الهيجا"، مما أثار غضب "كتيبة جنين" التي احتجزت سيارات تابعة للسلطة كرهينة للمطالبة بالإفراج عنهما، ورفضت السلطة ذلك المطلب وأرسلت رسالة واضحة بأن هدفها هو إنهاء حالة المقاومة وتسليم السلاح، كما جاء على لسان الناطق بإسم أجهزة الأمن الفلسطينية العميد "أنور رجب"، وهو ما رفضته المقاومة.
حافَظَ رئيس السلطة وباجتهاد منقطع النظير على التنسيق بين أجهزته الأمنية وبين جهازي الموساد والشين بيت الإسرائيليين
وحاصرت الأجهزة الأمنية المخيم أكثر من 7 أيام، ونشرت القناصة على أسطح المنازل وأطلقت النار على كل هدف متحرك داخل مخيم جنين! وحاصرت كذلك المستشفى الحكومي للمخيم وفتشت سيارات الإسعاف وقطعت التيار الكهربائي، ثم اقتحمت مستشفى ابن سينا ومنعت الأهالي من وداع "الجعايصة"..
وقد استنكرت الفصائل الفلسطينية في بياناتها ما تفعله الأجهزة الأمنية من استهدافها للمقاومة وخدمتها للكيان الصهيوني، من قبيل أن "استمرار أجهزة السلطة في هذا النهج المشين يدق ناقوس الخطر ويؤجج خلافات داخلية في توقيت مصيريّ"، و"حماية الوطن لا تكون إلا بدرء الفتن والوقوف صفا واحدا في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي"، و"عنجهية السلطة والأجهزة -خيلاؤها وكِبْرها-! هي ما أوصلتنا إلى هذه النقطة".
عجيب أمر السيد "أبو مازن"، لا يتعلم من الأخطاء والكوارث التي ارتكبها في ماضيه قبل وبعد انفراده بالسلطة، وخطيئته كانت ولا زالت في الثقة -المصطنعة!- في المُفاوض الإسرائيلي والداعم الأمريكي، وفي الجلوس على موائد المفاوضات في (مدريد، أوسلو)، والتعاون والتنسيق الأمني المشترك مع سلطات الاحتلال..
ولقد كانت مكاسب الكيان في تلك المفاوضات العبثية التي حمل لواءها "عباس" فرصة رائعة لتجميل صورة الصهاينة أمام العالم الغربي وأمام شعوبهم بأن إسرائيل دولة تسعى للسلام، والحقيقة أن ذلك لم يكن إلا عملية تخدير طويلة المدى اقتضتها الفترة الزمنية إبان التسعينات من القرن الماضي وساهم فيها أبو مازن بكامل طاقته!..
وهذا بخلاف ما تورط فيه رئيس السلطة ضد شعبه المحاصر في عام 2009 -على سبيل المثال لا الحصر!- من تأجيل التصويت على "تقرير غولدستون" المتضمن للأدلة والشواهد الدامغة بالصور والشهود على جرائم الصهاينة في غزة والساعي لإدانة الاحتلال بسبب جرائمه التي ارتكبتها آلته الحربية، وأشار المفوض الأممي لحقوق الإنسان حينها إلى أن سلطة رام الله التي يفترض أنها تمثل الشعب الفلسطيني! قامت بإنقاذ الكيان الصهيوني من الإدانة الدولية في مجلس حقوق الإنسان بجنيف..
حافَظَ رئيس السلطة وباجتهاد منقطع النظير على التنسيق بين أجهزته الأمنية وبين جهازي الموساد والشين بيت الإسرائيليين، وتكفينا إشادة واحد من أهم الصحف الإسرائيلية، "معاريف"، بالتنسيق القائم لملاحقة الناشطين الفلسطينيين لضمان أمن مواطني الكيان، الأمر الذي ساهم في إنقاذ حياة المئات منهم! وهذا ما ذكره الكاتب بالصحيفة "جاكي خوجي" حين أكد أن التنسيق الأمني هو الاسم السري للتعاون على أعلى المستويات بين أجهزة الأمن من الجانبين لملاحقة ناشطي حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وذلك بأن توفر إسرائيل المعلومات الاستخبارية عن وجود خلية مسلحة تخطط لتنفيذ عملية ما، فينطلق الأمن الفلسطيني لاعتقال أفرادها، مما يعفي إسرائيل من المخاطرة بجنودها لدى تنفيذها عمليات الاعتقال!..
محمود عباس يبعث برسائله إلى الداعم الأمريكي وإلى حلفائه في المنطقة أنه الرجل القوي إذا ما وسّدوا إليه حكم غزة بعد إزاحة حماس وأخواتها من فصائل المقاومة، وأن عريكته لا تلين في حماية الكيان الصهيوني وفي التضييق على المقاومة
ما الذي يريده السيد "أبو مازن" ومن أين له بتلك الجرأة في خيانة شعبه؟!
سؤال مُلح يحتاج إلى الإجابة عليه، بعد كل تلك الملاحم التي عاشها ويعيشها الشعب الفلسطيني الأبي خاصة في غزة، وقد وضح للشعب الفلسطيني أن خيارات "عباس" في الثقة بالصهاينة وفي المراهنة على خيار المفاوضات كانت كارثية، وأن التنسيق الأمني مع الاحتلال وكشف عورات المقاومة خيانة عظمى يستحق عليها المحاكمة، وعلى أقل تقدير أن يشعر ببعض الخجل من ماضيه الأسود وأن يتوارى عن المشهد الفلسطيني!
ويبدو أن الرجل ماض في غيه مدعوما بالرضا الأمريكي، والدعم السياسي والمالي من حكومات المنطقة العربية، ومن الجامعة العربية المنحازة لخيارات الحكام لا الشعوب، وهو معروف بغلظته واستعلائه على قادة المقاومة وبوده وانكساره مع داعميه، وكلنا يذكر حالة الود التي ظهر عليها حينما حضر جنازة المجرم "شيمون بيريز" وتجاهله حضوره جنازة زعيم المقاومة الشهيد "إسماعيل هنية" التي جرت بالدوحة، رغم كون هنية رئيسا شرعيا لوزراء فلسطين!..
محمود عباس يبعث برسائله إلى الداعم الأمريكي وإلى حلفائه في المنطقة أنه الرجل القوي إذا ما وسّدوا إليه حكم غزة بعد إزاحة حماس وأخواتها من فصائل المقاومة، وأن عريكته لا تلين في حماية الكيان الصهيوني وفي التضييق على المقاومة حتى ولو هدم المسجد الأقصى!
لا قدر الله..