جريدة الوطن:
2025-03-19@21:43:04 GMT

الأدب : بين الترويح والتحريض

تاريخ النشر: 22nd, October 2023 GMT

الأدب : بين الترويح والتحريض

بدأ الأدب الأوروبي، في عصور اليونانية الأولى، ترويحيًّا Cathartic، إذ كتبت المآسي (جمع مأساة، Tragedy) بهدف أن تنتهيَ تفاعلات مشاهد المسرحيَّة إلى نَوْعٍ من «الإفراغ» العاطفي (درجة ذرف الدموع) الذي يترك المشاهد بنَفْسٍ مرتاحة تشعر بخفَّة إزاحة الهموم التي طوَّرتها المسرحيَّة عَبْرَ الحدَث أو السَّرد الرئيس.


بَيْدَ أنَّ الأدب الرفيع لَمْ يكتفِ بهذه الوظيفة الترويحيَّة؛ لأنَّ العبقريَّات الأدبيَّة أرادت للأدب الحقِّ وظيفة اجتماعيَّة إصلاحيَّة سوى الوظيفة الترويحيَّة، هذه الوظيفة الجادَّة، فأحيلت إلى الكلمة المكتوبة والسطر المطبوع عَبْرَ وظائف أخرى عدَّة، وأهمُّها هي «الوظيفة التحريضيَّة»، أي اضطلاع النَّص الأدبي بممارسة «التحريض» للقارئ على سبيل إحداث تغيير في دخيلته، تغيير يؤدِّي إلى تطوير موقفه ودَوْره الاجتماعي، باعتبار وظائف الأدب الاجتماعيَّة التي أخذت بالتبلور من عصر النهضة والأنوار حتَّى الآن.
وهكذا نما دَوْر الأدب عَبْرَ التاريخ، بغَضِّ النظر عن أجناسه، فالنَّص الأدبي لا بُدَّ أن يقعَ في أحد الصنفَيْنِ «التحريضي» أو «الترويحي». وإذا ما تطوَّر الصنف الأوَّل عَبْرَ العصر الحديث، لِيصلَ حدَّ ما يُسمَّى، اعتباطًا، بالأدب الملتزم، فإنَّ الأدب الترويحي قَدْ تواصل وغطَّى المسافة الفاصلة بَيْنَ «أدب قضاء الوقت»، من ناحية، وبَيْنَ أدب اللَّذة الجماليَّة التي لا تبحث عن دَوْر إصلاحي قط، بقدر ما تبحث عن الجَمال المجرَّد، باعتبار أنَّ الجَمال يُمكِن أن يكونَ هدفًا نهائيًّا بحدِّ ذاته، فظهرت الحركة الجَماليَّة Art for Art’s Sake، أي «الفن للجَمال»! The Aesthetic Movement
ولَمْ يزَلْ عالَم النصوص الأدبيَّة يتأرجح بَيْنَ هذيْنِ القطبَيْنِ في نظر أهمِّ أعمدة النقد الأدبي في العالَم: فهل تودُّ، أخي القارئ العربي، أن تقرأَ حكاية بلا هدف اجتماعي ولكنَّها قطعة فنيَّة جميلة مِثل حكاية (صورة دوريان جراي) The Picture of Dorian Gray لعملاق المدرسة الجَماليَّة «اوسكار وايلد» Oscar Wilde، أم تفضِّل قراءة رواية احتجاج اجتماعي مِثل (الأوقات الصعبة) Hard Times للعملاق تشارلز ديكنز Dickens؟
فقُلْ لي أيُّهما تفضِّل؟ لأخبرك: «مَن أنت»!

أ.د. محمد الدعمي
كاتب وباحث أكاديمي عراقي

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

فرق كبير بين الجُرأة وقلة الأدب .. شريف إكرامي يُوجّه رسالة نارية لهؤلاء

انتقد شريف إكرامي، حارس مرمى الفريق الأول لكرة القدم بنادي بيراميدز، أصحاب التصريحات التي أثارت الجدل على الساحة الرياضية خلال الساعات الماضية، والوسائل التي ساعدتهم على ذلك.

العمر جري.. شريف إكرامي يوجه رسالة لحارس مرمى الأهليمارتن يول ماسبش بصمة في الأهلي.. وبيراميدز ناجح .. حقائق يكشفها شريف إكراميمارتن يول مسبش بصمة في الأهلي| وبيراميدز ناجح.. حقائق يكشفها شريف إكراميشريف إكرامي: معنديش خلاف مع حسام غالي وطبيعة الحياة باعدت بيننا

وكتب شريف إكرامي، عبر حسابه الرسمي على منصة "إكس": "لما يكون الهدف من التصريحات مجرد لفت الانتباه، فمن الطبيعي أن نرى لاعبين يتجاوزون كل الخطوط الأخلاقية لمجرد العودة إلى الصورة".

وأضاف: "المشكلة أن هذه النوعية ليست جديدة علينا، فقد رأينا قبلهم كثيرين بنفس الأسلوب، وللأسف في كل مرة يمنحهم الإعلام المساحة ويكافئ هذا النهج".

وتابع: "والنتيجة أن هؤلاء اللاعبين أنفسهم يتحولون إلى ضحايا، لأن الأضواء التي يسعون وراءها تصبح السبب في احتراقهم وابتعادهم أكثر".

وواصل: "هناك فرق كبير بين الجرأة وقلة الأدب، وبين النقد والإساءة، لكن قلة الوعي والتعليم تجعل البعض يخلط بينهما".

واختتم: "في النهاية، الأضواء ليست دائمًا دليلًا على القيمة، كما أن الصوت العالي لن يعوض الفراغ الحقيقي".

مقالات مشابهة

  • ليوبولد سيدار سنغور رمز الأدب والسياسة في أفريقيا الحديثة
  • فريدة سيف النصر : أنا بنت بلد متربية على الأدب.. و فنانين كتير حاولوا يتقربوا مني
  • فرق كبير بين الجُرأة وقلة الأدب .. شريف إكرامي يُوجّه رسالة نارية لهؤلاء
  • اختبار "الملح السري".. حيلة غير متوقعة تُحدد مصيرك في الوظيفة!
  • فريدة سيف النصر : أنا بنت بلد متربية على الأدب.. و فنانين كتير حاولوا حاولوا يتقربوا مني
  • المفتي: الأدب من أهم المفاتيح للوصول إلى القلوب
  • وهمُ الأدب الرفيع
  • القصة الحقيقية وراء «شباب امرأة».. هل الرواية مستوحاة من الأدب الفرنسي؟
  • صنع الله إبراهيم.. صوت الأدب المتمرد والمقاوم
  • الأم أيقونة الإبداع ومصدر الإلهام للأدباء