جريدة الوطن:
2025-04-02@20:52:53 GMT
الأدب : بين الترويح والتحريض
تاريخ النشر: 22nd, October 2023 GMT
بدأ الأدب الأوروبي، في عصور اليونانية الأولى، ترويحيًّا Cathartic، إذ كتبت المآسي (جمع مأساة، Tragedy) بهدف أن تنتهيَ تفاعلات مشاهد المسرحيَّة إلى نَوْعٍ من «الإفراغ» العاطفي (درجة ذرف الدموع) الذي يترك المشاهد بنَفْسٍ مرتاحة تشعر بخفَّة إزاحة الهموم التي طوَّرتها المسرحيَّة عَبْرَ الحدَث أو السَّرد الرئيس.
بَيْدَ أنَّ الأدب الرفيع لَمْ يكتفِ بهذه الوظيفة الترويحيَّة؛ لأنَّ العبقريَّات الأدبيَّة أرادت للأدب الحقِّ وظيفة اجتماعيَّة إصلاحيَّة سوى الوظيفة الترويحيَّة، هذه الوظيفة الجادَّة، فأحيلت إلى الكلمة المكتوبة والسطر المطبوع عَبْرَ وظائف أخرى عدَّة، وأهمُّها هي «الوظيفة التحريضيَّة»، أي اضطلاع النَّص الأدبي بممارسة «التحريض» للقارئ على سبيل إحداث تغيير في دخيلته، تغيير يؤدِّي إلى تطوير موقفه ودَوْره الاجتماعي، باعتبار وظائف الأدب الاجتماعيَّة التي أخذت بالتبلور من عصر النهضة والأنوار حتَّى الآن.
وهكذا نما دَوْر الأدب عَبْرَ التاريخ، بغَضِّ النظر عن أجناسه، فالنَّص الأدبي لا بُدَّ أن يقعَ في أحد الصنفَيْنِ «التحريضي» أو «الترويحي». وإذا ما تطوَّر الصنف الأوَّل عَبْرَ العصر الحديث، لِيصلَ حدَّ ما يُسمَّى، اعتباطًا، بالأدب الملتزم، فإنَّ الأدب الترويحي قَدْ تواصل وغطَّى المسافة الفاصلة بَيْنَ «أدب قضاء الوقت»، من ناحية، وبَيْنَ أدب اللَّذة الجماليَّة التي لا تبحث عن دَوْر إصلاحي قط، بقدر ما تبحث عن الجَمال المجرَّد، باعتبار أنَّ الجَمال يُمكِن أن يكونَ هدفًا نهائيًّا بحدِّ ذاته، فظهرت الحركة الجَماليَّة Art for Art’s Sake، أي «الفن للجَمال»! The Aesthetic Movement
ولَمْ يزَلْ عالَم النصوص الأدبيَّة يتأرجح بَيْنَ هذيْنِ القطبَيْنِ في نظر أهمِّ أعمدة النقد الأدبي في العالَم: فهل تودُّ، أخي القارئ العربي، أن تقرأَ حكاية بلا هدف اجتماعي ولكنَّها قطعة فنيَّة جميلة مِثل حكاية (صورة دوريان جراي) The Picture of Dorian Gray لعملاق المدرسة الجَماليَّة «اوسكار وايلد» Oscar Wilde، أم تفضِّل قراءة رواية احتجاج اجتماعي مِثل (الأوقات الصعبة) Hard Times للعملاق تشارلز ديكنز Dickens؟
فقُلْ لي أيُّهما تفضِّل؟ لأخبرك: «مَن أنت»!
أ.د. محمد الدعمي
كاتب وباحث أكاديمي عراقي
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
حصيلة طائرات MQ9 الأمريكية التي تمكنت الدفاعات الجوية اليمنية من اسقاطها
يمانيون|
انفو جرافيك| حصيلة طائرات MQ9 الأمريكية التي تمكنت الدفاعات الجوية اليمنية من اسقاطها (حتى 1 أبريل 2025م)