جريدة الوطن:
2024-07-04@13:50:25 GMT

الأدب : بين الترويح والتحريض

تاريخ النشر: 22nd, October 2023 GMT

الأدب : بين الترويح والتحريض

بدأ الأدب الأوروبي، في عصور اليونانية الأولى، ترويحيًّا Cathartic، إذ كتبت المآسي (جمع مأساة، Tragedy) بهدف أن تنتهيَ تفاعلات مشاهد المسرحيَّة إلى نَوْعٍ من «الإفراغ» العاطفي (درجة ذرف الدموع) الذي يترك المشاهد بنَفْسٍ مرتاحة تشعر بخفَّة إزاحة الهموم التي طوَّرتها المسرحيَّة عَبْرَ الحدَث أو السَّرد الرئيس.


بَيْدَ أنَّ الأدب الرفيع لَمْ يكتفِ بهذه الوظيفة الترويحيَّة؛ لأنَّ العبقريَّات الأدبيَّة أرادت للأدب الحقِّ وظيفة اجتماعيَّة إصلاحيَّة سوى الوظيفة الترويحيَّة، هذه الوظيفة الجادَّة، فأحيلت إلى الكلمة المكتوبة والسطر المطبوع عَبْرَ وظائف أخرى عدَّة، وأهمُّها هي «الوظيفة التحريضيَّة»، أي اضطلاع النَّص الأدبي بممارسة «التحريض» للقارئ على سبيل إحداث تغيير في دخيلته، تغيير يؤدِّي إلى تطوير موقفه ودَوْره الاجتماعي، باعتبار وظائف الأدب الاجتماعيَّة التي أخذت بالتبلور من عصر النهضة والأنوار حتَّى الآن.
وهكذا نما دَوْر الأدب عَبْرَ التاريخ، بغَضِّ النظر عن أجناسه، فالنَّص الأدبي لا بُدَّ أن يقعَ في أحد الصنفَيْنِ «التحريضي» أو «الترويحي». وإذا ما تطوَّر الصنف الأوَّل عَبْرَ العصر الحديث، لِيصلَ حدَّ ما يُسمَّى، اعتباطًا، بالأدب الملتزم، فإنَّ الأدب الترويحي قَدْ تواصل وغطَّى المسافة الفاصلة بَيْنَ «أدب قضاء الوقت»، من ناحية، وبَيْنَ أدب اللَّذة الجماليَّة التي لا تبحث عن دَوْر إصلاحي قط، بقدر ما تبحث عن الجَمال المجرَّد، باعتبار أنَّ الجَمال يُمكِن أن يكونَ هدفًا نهائيًّا بحدِّ ذاته، فظهرت الحركة الجَماليَّة Art for Art’s Sake، أي «الفن للجَمال»! The Aesthetic Movement
ولَمْ يزَلْ عالَم النصوص الأدبيَّة يتأرجح بَيْنَ هذيْنِ القطبَيْنِ في نظر أهمِّ أعمدة النقد الأدبي في العالَم: فهل تودُّ، أخي القارئ العربي، أن تقرأَ حكاية بلا هدف اجتماعي ولكنَّها قطعة فنيَّة جميلة مِثل حكاية (صورة دوريان جراي) The Picture of Dorian Gray لعملاق المدرسة الجَماليَّة «اوسكار وايلد» Oscar Wilde، أم تفضِّل قراءة رواية احتجاج اجتماعي مِثل (الأوقات الصعبة) Hard Times للعملاق تشارلز ديكنز Dickens؟
فقُلْ لي أيُّهما تفضِّل؟ لأخبرك: «مَن أنت»!

أ.د. محمد الدعمي
كاتب وباحث أكاديمي عراقي

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

«الشؤون الإسلامية» تبحث التعاون مع «الجمعية الصينية»

أبوظبي (الاتحاد)

أخبار ذات صلة «بيئة أبوظبي» و«توتال» تتعاونان للحفاظ على النظم البيئية الساحلية %98 نسبة حل النزاعات العمالية «ودياً»

استقبل الدكتور عمر حبتور الدرعي، رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة، بمقر «الهيئة» في أبوظبي، فضيلة الشيخ حسن يانغ فا، رئيس الجمعية الإسلامية الصينية، والوفد المرافق له، وذلك بحضور محمد سعيد النيادي، مدير عام «الهيئة»، وعدد من المسؤولين فيها.
ورحب الدكتور الدرعي بالضيف والوفد، مثمناً هذه الزيارة التي تعكس رسوخ العلاقات المتميزة بين الدولتين والشعبين، والتي تشهد ازدهاراً وتطوراً متلاحقاً في شتى المجالات التي تخدم المصالح المشتركة، واطلع الوفد على منجزات «الهيئة» والآلية التي تتبعها لترسيخ القيم الإنسانية السمحة التي يؤكد عليها ديننا الإسلامي الحنيف، وترعاها قيادتنا الرشيدة التي تحرص إلى ترسيخ التسامح والتعايش والتواصل بين الشعوب.
وأعرب فضيلة الشيخ حسن يانغ عن خالص شكره وتقديره على حسن الاستقبال، مشيداً بعمق العلاقات بين البلدين، مبدياً إعجابه بما شاهده من تميز في خدمات «الهيئة» المحلية والدولية، والاستراتيجية المتطورة التي تتبعها.

مقالات مشابهة

  • حبس البلوجر روكي أحمد 4 أيام
  • احتفالات 30 يونيو.. تاريخ الثورات المصرية في لقاءات نادي الأدب بالزقازيق
  • عروض فنية وسينما ولقاءات أدبية.. الثقافة الفلسطينية تواصل مهامها رغم الحرب
  • التفاعل المُعقَّد بين الأدب والعلم والنظام الرأسمالي
  • وظائف خالية للمدرسين في 13 محافظة.. مرتبات مجزية وتأمين اجتماعي
  • «الأولمبية الوطنية» تبحث التعاون مع اليابان
  • «الشؤون الإسلامية» تبحث التعاون مع «الجمعية الصينية»
  • شرور الديكتاتورية وترياق الأدب.. رحيل كاتب ألبانيا الكبير إسماعيل قدري
  • حول الرواية التاريخيّة.. محاولة في الفهم والتحليل
  • رشا راغب: الأكاديمية الوطنية للتدريب هي الوظيفة الحلم بالنسبة لي