حرب عنيفة تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي، ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، استمرارًا لعمليات الظلم والعدوان الواقع على الأبرياء في كافة مناطق الأراضي المحتلة منذ سنوات عديدة، ورغم كل التجبر والاستقواء من العدوان بأسلحتهم المتقدمة على الأبرياء الذين لا يملكون سوى الحجارة كسلاح والكلمة كدرع للتصدي للهجمات العنيفة، إلا أن الجيش الإسرائيلي مازال لم يشبع من سفك الدماء وقتل الأطفال، فأخذ يستعد بكل قوته للهجوم على أبناء غزة المسالمين بريًا، في محاولة منه لاستعاض القوة الأمريكية التي تغطى بها منذ نشأته.

ورغم فشل العدوان الإسرائيلي وهزيمته المدوية التي أثبتتها قوات المقاومة الفلسطينية الذين تسلحوا بإيمانهم وعزيمتهم من أجل الدفاع عن وطنهم المحتل على مدار عقود طويلة، إلا أن الاحتلال الغاشم مازال يسلح نفسه للهجوم البري على قطاع غزة بحجة القضاء على حركة حماس، مع علمه بأن مصيره الهلاك والهزيم، ومع تحذيرات كافة الخبراء والمحللين من ذلك الدخول البري الذي لن يعود على إسرائيل إلا بالخسائر الهائلة في الموال والأرواح بسبب الاستعدادات التي أعدتها قوات المقاومة من أجل الدفاع عن وطنهم، وهو ما شهد عليه التاريخ على مر الأزمان، ففي كل مرة تدخل إسرائيل فلسطين بريًا كانت تفشل أمام المقاومة، فكم مرة دخلت إسرائيل فلسطين بريًا؟

كم مرة دخلت إسرائيل فلسطين بريًا؟

دخلت قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى قطاع غزة بريًا عدة مرات على مدى عقود منذ صوتت الأمم المتحدة على تقسيم فلسطين إلى دولتين منفصلتين إحداهما يهودية والأخرى عربية، وكان أول مرة في أكتوبر عام 1956، وبعد بضعة أشهر من تأميم قناة السويس بامر من الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، والذي تسبب في قطع طريق الملاحة البحرية عن إسرائيل، فشاركت إسرائيل في العدوان الثلاثي على مصر وغزت قطاع غزة لتتمكن من ذلك العدوان الخبيث.

غزو غزة

ليأتي شهر نوفمبر من نفس العام، حاملًا معه خروج جيش الاحتلال من غزة، حيث دعت الأمم المتحدة بريطانيا وفرنسا وإسرائيل إلى وقف العدوان على مصر، وتم الاتفاق على الترتيبات الفنية لانسحاب القوات الإسرائيلية ودخول قوات الطوارئ التابعة للأمم المتحدة إلى قطاع غزة.

فشل إسرائيل في اجتياح غزة بريًا

أما المرة الثانية لدخول إسرائيل فلسطين بريًا، كان في عام 1967، عندما أظهرت إسرائيل نيتها الخبيثة تجاه العرب، ووجّهت ضربة استباقية ضد مصر وسوريا، لتبدأ حرب الأيام الستة، وعندها احتلت الضفة الغربية، واستولت على القدس الشرقية من الأردن، واحتلت هضبة الجولان السورية، كما سيطرت على قطاع غزة، وشبه جزيرة سيناء.

إلّا أن السلام الذي تزعمه إسرائيل، على مر السنوات، كان سبب دائم في خسارتها، فقد أدت مفاوضات اتفاقات أوسلو للسلام في عامي 1993 و1995 بين القادة الفلسطينيين والإسرائيليين إلى انسحاب إسرائيل من غزة ومناطق رئيسية أخرى، وهو ما حدث عام 2005 في عهد رئيس الوزراء أرييل شارون بعد 38 عاماً من الاستيلاء على القطاع، وتخلت إسرائيل عن مستوطناتها.

غزو غزة

المرة الثالثة، كانت في 27 ديسمبر 2008، حيث بدأت إسرائيل حرباً على قطاع غزة، ادعت أنه رداً على إطلاق الصواريخ عليها ضمن عملية «الرصاص المصبوب»، والتي رد الفلسطينيون عليها بعملية «معركة الفرقان»، وكان الهدف الذي وضعته إسرائيل لهذه الحرب هو إنهاء حكم حركة حماس في القطاع، ومنعها من قصف إسرائيل بالصواريخ.

غزو وسط غزة

وفي المرة الرابعة، واصلت إسرائيل جهودها في إعداد جيشها بحيث يتمكن من فتك أكبر عدد من الأطفال والمدنين، ففي الثالث من يناير 2009، بدأ اجتياح بري وتقدمت القوات الإسرائيلية، وحاصرت منطقة وسط غزة ليكون هذا الاجتياح البري الثالث على قطاع غزة، وبعد بضعة أسابيع من الاجتياح البري، أعلنت إسرائيل وقف إطلاق النار من جانب واحد، ويوم 17 يناير أعلنت عزمها الانسحاب حال توقف الفلسطينيين عن قصف المستوطنات، ثم انسحبت إسرائيل من غزة بعدما قتلت العديد من الأطفال والمدنيين لتبرهن فشلها في تحقيق أي مكسب عسكري.

قطاع غزة تحت القصف

أما الهجوم البري الخامس كان في عام 2014، حيث شنت إسرائيل حرباً على قطاع غزة بسبب إدعاءات بخطف وقتل 3 مراهقين إسرائيليين من قبل حماس، واستمرت الحرب 7 أسابيع قُتل خلالها أكثر من 2100 فلسطيني مدني في غزة، وقُتل 73 إسرائيلياً بينهم 67 عسكرياً، وبدأ الجيش الإسرائيلي اجتياحاً برياً للقطاع في الحرب التي استمرت قرابة شهرين.

تهديد إسرائيل بالهجوم البري على قطاع غزة

ومع فجر الجمعة، نشر الجيش الإسرائيلي، بيانًا، قال فيه عبر المتحدث باسمه، إنه يدعو كافة سكان مدينة غزة لإخلاء منازلهم والتوجه جنوبًا، تمهيدًا لقيامه بعملية عسكرية واسعة للانتقام من عملية طوفان الأقصى التي شنتها حركة حماس ضد العدوان الإسرائيلي.

وبرر المتحدث، طلب الإخلاء بأن حركة حماس فتحت الحرب ضد إسرائيل، وأن مسلحيها يختبئون داخل مدينة غزة في الأنفاق تحت البيوت وداخل مباني مكتظة بالسكان.

خسائر إسرائيل من الهجوم البري على غزة

وفي هذا الإطار، حذر خبراء عسكريون، من إقدام الجيش الإسرائيلي على اجتياح بري لقطاع غزة، حيث ستكون له عواقب وخيمة على إسرائيل نفسها، وليس القطاع فقط، وسيجر عليها تكاليف عسكرية وسياسية واقتصادية كبيرة.

وجاء رأي الخبراء ليثبت فشل الاستعدادات الإسرائيلية، حيث أوضح الجنرال ديفد بترايوس، المدير الأسبق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية «سي آي إيه»، أن إسرائيل إن توغلت بريا في القطاع فستواجه وضعًا أصعب من الذي واجهته القوات الأمريكية في الصومال، وستقابل بهجمات انتحارية، وعبوات ناسفة ومفخخات وكمائن.

رد حماس على تهديد إسرائيل بالهجوم البري

في السياق ذاته، توعد الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة، الجيش الإسرائيلي بأنه سيدفع ثمنًا باهظًا إذا حاول الدخول إلى قطاع غزة بريًا، قائلًا: «معركتنا الحالية ابتدأت من حيث انتهت عملية سيف القدس التي وحدت الساحات الفلسطينية».

وأضاف أبو عبيدة: «أكدنا أن المعركة يجب أن يكون عنوانها الأقصى والقدس وأدخلنا فيها ملف الأسرى»، معقبًا: «وتيرة التنسيق مع محاور المقاومة ازدادت وتطورات في ما يتعلق بمستقبل الصراع مع العدو».

وأكد الناطق باسم حركة حماس: «معركة طوفان الأقصى بدأت انطلاقا من تحليل منطقة العمليات مثل الأرض والطقس وتأثيرهما، واشتملت على إطلاق 3500 صاروخ وقذيفة مدفعية استهدفت فرقة غزة».

وأكمل: «وضعنا خططا مكثفة لتدريب القوات لتكون قادرة على تنفيذ المهام بكفاءة.. وضعنا خطة دقيقة لاستدعاء 3 آلاف مقاتل للمعركة و1500 لعمليات الدعم والإسناد.. بدأنا عملية طوفان الأقصى لتدمير فرقة غزة التي هاجمناها في 15 نقطة.. إضافة إلى هجومنا على فرقة غزة فقد هاجمنا 10 نقاط تدخل عسكري إضافية».

واختتم حديثه قائلًا: «كتائب القسام مارست على العدو خداعا استراتيجيا بدأ منذ أوائل عام 2022، وأن معركة طوفان الأقصى مستمرة على الأرض في كل المحاور.. نسيطر على مجريات المعركة على الأرض ونؤكد جهوزيتنا في المجال الدفاعي».

اقرأ أيضاًالمرصد الحقوقي للجرائم الإسرائيلية: الكيان المحتل يرتكب جرائم حرب منذ انطلاق طوفان الأقصى

«طوفان الأقصى».. رئيس الاستخبارات الإسرائيلية: فشلنا وأتحمل المسؤولية

بعد عملية طوفان الأقصى.. نتنياهو يعترف بتحديات تهدد بزوال الكيان الإسرائيلي

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: إسرائيل قطاع غزة الاحتلال الإسرائيلي اسرائيل القدس غزة حماس قصف غزة تحت القصف المقاومة الفلسطينية قصف غزة طوفان الأقصى حصار إسرائيل لقطاع غزة الهجوم البري على غزة الجیش الإسرائیلی طوفان الأقصى على قطاع غزة حرکة حماس البری على

إقرأ أيضاً:

الدويري: ما يجري في غزة ثورة في إدارة الصراعات المسلحة

في تعليقه على تصاعد وتيرة عمليات المقاومة الفلسطينية ضد قوات الاحتلال بمختلف مناطق قطاع غزة، قال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري إن المقاومة الفلسطينية في غزة أدخلت مفهوما جديدا في إدارة الصراعات المسلحة، وهو "الفرد مقابل الدبابة، ومجموعة أفراد مقابل وحدة مدرعة".

وتخوض فصائل المقاومة الفلسطينية معارك ضارية مع قوات الاحتلال الإسرائيلي المتوغلة في مناطق عدة في قطاع غزة، وأكدت كتائب عز الدين القسام  -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)– وسرايا القدس -الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي– استهداف قوات الاحتلال في رفح جنوبي قطاع غزة وحي الشجاعية شرق مدينة غزة شمالي القطاع.

وأضاف الدويري، في تحليل للمشهد العسكري بغزة، أن المفهوم الجديد فرضته متغيرات ما بعد عملية السابع من أكتوبر/تشرين الأول، قائلا إن أداء المقاومة في غزة انتقل إلى مخيم جنين ومخيم نور شمس بالضفة الغربية.

ووصف ما يجري من معارك في غزة بأنه "ثورة في إدارة الصراعات المسلحة العسكرية"؛ إذ برز الفرد المقاتل الذي يملك سلاحا متواضعا، ويقوم باستهداف قوات الاحتلال بكمائن أو بالاستدراج وتفجير فتحات أنفاق فيها أو باستخدام قذائف الياسين. وقال إن عمليات المقاومة تقلب موازين المعركة.

وتؤكد المعارك الجارية والأداء الذي يقدمه المقاومون الفلسطينيون -وفقا للدويري- أن كتائب المقاومة في غزة لا تزال قادرة على التكيف مع الوضع الميداني التكتيكي ولا تزال قادرة على عملياتها العسكرية.

وأما التصريحات الصادرة عن مسؤولين عسكريين إسرائيليين عن أن العملية العسكرية في مدينة رفح تحتاج إلى 4 أسابيع، فقد قلل الدويري من أهميتها مستدلا في ذلك بأن كتائب المقاومة لا تزال تقاتل بكفاءة عالية وبشدة وبحصاد أكبر من الجولات الأولى من المعارك.

ورأى أن مزاعم الاحتلال بالقضاء على حركة حماس لا يمكن أن تؤخذ على محمل الجد، وأن الإسرائيليين أنفسهم مقتنعون بأن الحديث عن القضاء على حماس هو مجرد رسائل سياسية ليست لها ترجمة على أرض الواقع.

ومن جهة أخرى، توقع الدويري أن محور نتساريم وممر فيلادلفيا سيدخلان مجال حرب الاستنزال المؤلمة لقوات الاحتلال، مشددا على أن عمليات المقاومة في الشجاعية وغيرها ستجبر جيش الاحتلال على إعادة الانتشار، وسينسحب عاجلا أو آجلا من قطاع غزة تحت الضغط العسكري وليس حبا في الانسحاب.

مقالات مشابهة

  • نعيم قاسم: لا خيار أمام إسرائيل سوى الموافقة على شروط حماس
  • جرائم في سجون الاحتلال.. معتقلون فلسطينيون يتهمون إسرائيل بتعذيبهم
  • عاجل:- مقتل قائد في جيش الاحتلال الإسرائيلي وتطورات حول صفقة تبادل الأسرى مع حماس
  • الدويري: ما يجري في غزة ثورة في إدارة الصراعات المسلحة
  • حماس: عملية الجليل رد طبيعي على جرائم الاحتلال
  • الصحة الفلسطينية: ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي لـ 37953 شهيدًا و87266 مصابًا
  • رفض عشائري لإدارة قطاع غزة.. وعجز إسرائيلي عن إيجاد بديل لحماس
  • أبرز تطورات عملية طوفان الأقصى
  • معضلة إسرائيل القادمة.. من يدير قطاع ​​غزة بعد الحرب؟
  • المقاومة بغزة تعيد تنظيم صفوفها وتسليحها وسط توقعات بـ حرب استنزاف طويلة