عربي21:
2024-12-27@18:57:08 GMT

ونائب البرهان أيضا قد لا يعود

تاريخ النشر: 22nd, October 2023 GMT

تناولت في مقالي هنا ليوم 30 أيلول/ سبتمبر الماضي، أمر خروج عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش السوداني من الخرطوم، بعد اختفاء عن الأنظار طوال أكثر من أربعة أشهر، ظل فيها هو وكبار قادة الجيش، محاصرين داخل مباني القيادة العامة للجيش، من قِبل قوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو (حميدتي)، والتي تخوض حربا ضد الجيش السوداني، دخلت الآن شهرها السابع، وحاول الإعلام الموالي للبرهان تصوير ذلك الخروج، وكأنه خروج من مكة حيث صناديد قريش يضيقون عليه، الى رحاب يثرِبِه (ميناء بورتسودان) حيث سيأتيه نصر الله والفتح.



قلت في ذلك المقال إن البرهان خرج من أرض المعركة الرئيس (الخرطوم) وقد لا يعود إليها، لأن حصار الدعم السريع على مواقع الجيش كلها في العاصمة، ما عدا قاعدة وادي سيدنا الجوية ما زال على أشُدِّه، وإن البرهان سيكتفي بالهيلمان والطيلسان الذي ينعم به في العواصم التي يزورها كرئيس دولة "افتراضية" على أحسن الفروض، فقد كان السودان الذي سطا البرهان على السلطة فيه، بعد أن أطاحت ثورة شعبية بحكم الجناح السياسي للحركة الإسلامية في نيسان/ ابريل من عام 2019، بزعم الانحياز للثورة، بلدا مهلهلا أوصاله مخلخلة، وبعض أطرافه خاضعة لجماعات متمردة، والبعض الآخر يعاني من بؤس الخدمات العامة وانعدام الأمن.

ثم بدأت الحرب بين الجيش والدعم السريع، ودخل السودان مرحلة الفوضى الشاملة، خاصة في منطقة العاصمة، حيث انسحبت قوات الشرطة من مسارح عملها مؤثرة السلامة، وحيث توقفت الخدمات الضرورية من ماء وكهرباء، وحيث تعرضت معظم أحياء مدن العاصمة الثلاث (الخرطوم وبحري وام درمان) للنهب من قبل عصابات مسلحة من بينها عناصر من الدعم السريع، فاكتملت حلقات الفشل، فما هو متعارف عليه، هو أن الدولة تصبح فاشلة إذا فقدت السلطة الحاكمة فيها القدرة على السيطرة الفعلية على أراضيها، وفقدت احتكارها لحق استخدام العنف المشروع في الأراضي التي تحكمها. مقرونا بفقدانها لشرعية اتخاذ القرارات العامة وتنفيذها. ثم عجزها عن توفير الحد المعقول من الخدمات العامة. وعن التفاعل مع الدول الأخرى كعضو في الأسرة الدولية.

الآن فالبرهان خارج فعليا المعركة، وها هو نائبه على قيادة الجيش يخرج من مقر القيادة، أي أن كلا الرجلين باتا بعيدين عن مركز إدارة المعارك، ولم يبق أمامها سوى التواصل مع هيئة القيادة إلا عبر تطبيق واتساب، والمكالمات الهاتفية، في بلد تنهار فيه شبكات الاتصالات عدة مرات يوميا تحت ضغوط المكالمات، ولأن العديد من أبراجها الناقلة للمكالمات تعرضت للدمار.وقبل يومين اشتعلت الأسافير بالتصفيق والتهليل، لأن شمس الدين كباشي نائب القائد العام للجيش السوداني (الذي هو البرهان)، وعضو مجلس السيادة، تمكن بدوره من الخروج من القمقم الذي ظل محبوسا فيه بأمر قوات الدعم السريع، وسار الرجل بين نفر من الضباط وصف الضباط رافعا علامات النصر بإصبعين، وكأنما هو يقول إن نجاحه في التسلل من حيث كان محاصرا لأكثر من ستة أشهر، هو في حد ذاته انتصار جدير بالاحتفاء.

منذ خروجه من الخرطوم، زار البرهان قطر ومصر وأريتريا وجنوب السودان وتركيا، ثم وقف أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث خاطب قاعة خاوية إلا من موظفي المراسيم ومرافقيه، وبعدها اتخذ من ميناء بورتسودان البعيد عن ارض المعارك ملاذا آمنا، ولكنه وكما عجز منذ انقلابه على الشق المدني في الحكم في تشرين اول/ أكتوبر من عام 2021، عن تشكيل حكومة، وجد نفسه أيضا "رئيسا" لحكومة لا وجود لها على الأرض أو حتى على الورق، ومنذ أسابيع سكت البرهان عن الكلام المباح وغير المباح عن الحرب، وربما تلقى النصح بالكف عن قبول الاستضافات في قنوات التلفزة للحديث عبر الهواتف، كما يفعل مراقبو المشاهد والمحللون السياسيون.

التهليل لخروج كباشي نائب قائد الجيش السوداني من حالة الحصار التي كان خاضعا لها لستة أشهر، تذكر السودانيين بما حدث للرئيس المخلوع عمر البشير عندما زار جنوب افريقيا في عام 2015، للمشاركة في اجتماع لقادة أفارقة، وكان وقتها مطلوبا للمثول امام محكمة الجنايات الدولية متهما بارتكاب جرائم حرب وإبادة للبشر، فكان ان تحركت السلطات العدلية في الدولة المضيفة لاعتقاله، ولكن جهاز الأمن الجنوب أفريقي تمكن من تهريبه الى مطار صغير في أطراف مدينة جوهانسبيرغ، حيث غادر الى الخرطوم حيث نظم له انصار الحزب الحاكم استقبال الفاتحين، وأضفوا عليه لقب اسد افريقيا.

مجريات الحرب في السودان تقول إن يد قوات الدعم السريع هي العليا، لأنها لم تفقد موقعا سيطرت عليه منذ بدء المعارك، وإنها تتمدد في ولايات كردفان وتقترب من مدن إقليم النيل الأبيض، المحاذي لولاية الخرطوم من جهة الجنوب، وإن الجيش يفتقر الى القوات البرية، ومن ثم يستخدم سلاح الطيران لضرب المواقع التي يسيطر عليها الدعم السريع، فتكون النتيجة في كل مرة دك مساكن المدنيين وسقوط عشرات المواطنين صرعى.

والآن فالبرهان خارج فعليا المعركة، وها هو نائبه على قيادة الجيش يخرج من مقر القيادة، أي أن كلا الرجلين باتا بعيدين عن مركز إدارة المعارك، ولم يبق أمامها سوى التواصل مع هيئة القيادة إلا عبر تطبيق واتساب، والمكالمات الهاتفية، في بلد تنهار فيه شبكات الاتصالات عدة مرات يوميا تحت ضغوط المكالمات، ولأن العديد من أبراجها الناقلة للمكالمات تعرضت للدمار.

وهكذا قد يدرك كباشي ما أدركه البرهان من قبل بأن

خروج الناس من الشبكات هيِّن              ولكن التأمل في الرجوعِ

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الجيش السوداني المعارك السودان معارك الجيش رأي مآلات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة رياضة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

حسم الجدل حول مشاركة الدعم السريع في تشكيل حكومة سودانية موازية

حسم مستشار قائد «قوات الدعم السريع»، إبراهيم مخير، الجدل حول موقفهم بشأن المشاورات التي تجريها بعض الأطراف السياسية والمدنية لتشكيل حكومة «موازية» في السودان، عاصمتها الخرطوم، مؤكداً أنها «ستجد كامل الدعم والحماية» منهم، في مقابل السلطة التي يتزعمها قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، في مدينة بورتسودان شرق البلاد.

اقرأ ايضاًمجازر جديدة في قطاع غزة.. 20 شهيدا وعشرات الجرحى

وجرت مشاورات مطولة الأسابيع الماضية في العاصمة الكينية نيروبي بين قوى سياسية والجبهة الثورية وشخصيات من تحالف «تقدم» ومن خارجه، بحثت تشكيل «حكومة سلام» على الأرض داخل السودان، في المناطق التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في غرب السودان ووسطه.

وقال مخير في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «توصلنا إلى قناعة بالطرح المقدم من السياسيين المدنيين ونياتهم الحقيقية تجاه تحقيق السلام في البلاد». وأضاف أن «أهم الأسباب التي تدفعنا لدعم تكوين حكومة في البلاد، هو فشل كل المؤسسات القائمة في النظر إلى السودانيين كشعب واحد متساوٍ في المواطنة والحقوق والواجبات».

ترقب لإعلان الحكومة

ويسود جوّ من الترقب لإعلان الحكومة في الأيام المقبلة، بمشاركة بعض الفصائل من «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم) التي ترفض بشدة هذه الخطوة، باعتبارها تكرس الانقسام في البلاد. كما تهدد الخطوة بحدوث انقسام في أكبر تحالف سياسي مناهض للحرب في البلاد.

وقال مستشار «حميدتي» إن «البلاد تمضي بشكل متسارع نحو التقسيم، في ظل الممارسات الانفصالية التي تنتهجها حكومة بورتسودان بإصدار عملة جديدة، وتنظيم امتحانات الشهادة الثانوية، وحرمان المواطنين في مناطق سيطرة (الدعم السريع) من هذه الحقوق». وأضاف: «أمام كل ذلك لا خيار أمامنا سوى دعم قيام حكومة شرعية قومية تمارس سلطاتها على أراضي البلاد كافة، والقيام بدورها في حماية المدنيين وتقديم العون لهم، فضلاً عن فتح الأبواب أمام كل الجهود الدولية والإقليمية التي تهدف لوقف الحرب وتحقيق السلام».


وفي وقت سابق هدد قائد «قوات الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو (حميدتي) بإعلان سلطة مستقلة في مناطق سيطرته، عاصمتها الخرطوم، حال أقدم قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، على تشكيل حكومة في مدينة بورتسودان شرق البلاد.

وجرت في العاصمة الكينية نيروبي خلال الأسابيع الماضية نقاشات مكثفة بين قوى سياسية والجبهة الثورية وشخصيات من تحالف «تقدم» ومن خارجه، بحثت نزع الشرعية من حكومة بورتسودان، وتشكيل حكومة على الأرض داخل السودان.

وأكد رئيس الجبهة الثورية، العضو السابق في «مجلس السيادة»، الهادي إدريس، في تصريحات الخميس الماضي، أن قرار تشكيل الحكومة لا رجعة فيه، مشدداً على أنهم لن يتخلوا عن تشكيل الحكومة إلّا إذا قرر طرفا الحرب الذهاب إلى المفاوضات لإنهاء القتال.

نزع الشرعية من بورتسودان

وقال إدريس، وهو نائب رئيس تحالف «تقدم» المدني الذي يرأسه عبد الله حمدوك رئيس الوزراء السوداني السابق، إن الهدف من تشكيل «حكومة مدنية موازية هو نزع الشرعية من الحكومة التي تتخذ من بورتسودان عاصمة مؤقتة، وقطع الطريق أمام خطط أنصار نظام الإسلاميين (النظام البائد بقيادة الرئيس المعزول عمر البشير) الرامية لتقسيم البلاد، وأيضاً لعدم ترك صوت السودان للجبهة الإسلامية لتتحدث باسمه، وأخيراً لإجبار الطرف الآخر (الجيش) على القبول بمفاوضات لوقف الحرب». وأشار إدريس في الوقت ذاته إلى تمسكه بوحدة الصف المدني.

اقرأ ايضاًإدانة عربية لـ" جريمة إسرائيل" بحرق مستشفى كمال عدوان

وترى المجموعة الداعية إلى تشكيل الحكومة الموازية أهمية التشاور مع «قوات الدعم السريع» حول الأمر، والاتفاق على ميثاق سياسي يكون مرجعية للحكم، متوقعة أن تجد هذه الخطوة اعترافاً من بعض الدول.

وشهد مؤتمر «تقدم» التأسيسي الذي عُقد في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في مايو (أيار) الماضي، تداول فكرة تشكيل حكومة موازية لحكومة بورتسودان التي يترأسها البرهان، لكن المقترح لم يحظَ بالقبول الكافي، ثم أعيد طرحه مجدداً في اجتماع الهيئة القيادية لـ«تقدم» في مدينة عنتيبي الأوغندية مطلع ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وأحيل إلى لجنة سياسية لمزيد من التشاور.

وترفض العديد من القوى السياسية في «تنسيقية تقدم» مثل حزب الأمة القومي، وحزب المؤتمر السوداني، ومكونات مدنية مهنية ونقابية، بشدة، فكرة تشكيل حكومة «موازية»، خوفاً من تكريس الانقسام في البلاد.
 

Via SyndiGate.info


Copyright � Saudi Research and Publishing Co. All rights reserved.

محرر البوابة

يتابع طاقم تحرير البوابة أحدث الأخبار العالمية والإقليمية على مدار الساعة بتغطية موضوعية وشاملة

الأحدثترند حسم الجدل حول مشاركة "الدعم السريع" في تشكيل حكومة سودانية موازية 7 طرق منزلية للتخلص من الرشح ونزلات البرد أدعية للفقراء من البرد الشديد  إدانة عربية لـ" جريمة إسرائيل" بحرق مستشفى كمال عدوان عدد ركعات صلاة الاستسقاء Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا فريقنا حل مشكلة فنية اعمل معنا الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2024 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • وصول قافلة مساعدات إنسانية إلى الخرطوم لاول مرة منذ اندلاع الحرب
  • حسم الجدل حول مشاركة الدعم السريع في تشكيل حكومة سودانية موازية
  • توهان الدعم
  • وصول أولى المساعدات الإنسانية إلى الخرطوم
  • انا بتفق مع الاستاذ يوسف عزت كبير مستشارى الدعم السريع (سابقا؟) لانه علي حق
  • الحزب الإنتهازي
  • اشتباكات عنيفة بين الجيش والدعم السريع بالخرطوم ودارفور
  • الحركة الشعبية والدعم السريع- رؤى متضاربة وصراع المصير
  • الجيش السوداني والقوة المشتركة تستردان مناطق جديدة من الدعم السريع والإستيلاء على مخزون ذخائر وأسلحة ومركبات قتالية
  • مطابع العملة السودانية تدفع بقافلة دعما لمواطني شرق الجزيرة وتوتي