عربي21:
2025-03-03@21:50:17 GMT

ونائب البرهان أيضا قد لا يعود

تاريخ النشر: 22nd, October 2023 GMT

تناولت في مقالي هنا ليوم 30 أيلول/ سبتمبر الماضي، أمر خروج عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش السوداني من الخرطوم، بعد اختفاء عن الأنظار طوال أكثر من أربعة أشهر، ظل فيها هو وكبار قادة الجيش، محاصرين داخل مباني القيادة العامة للجيش، من قِبل قوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو (حميدتي)، والتي تخوض حربا ضد الجيش السوداني، دخلت الآن شهرها السابع، وحاول الإعلام الموالي للبرهان تصوير ذلك الخروج، وكأنه خروج من مكة حيث صناديد قريش يضيقون عليه، الى رحاب يثرِبِه (ميناء بورتسودان) حيث سيأتيه نصر الله والفتح.



قلت في ذلك المقال إن البرهان خرج من أرض المعركة الرئيس (الخرطوم) وقد لا يعود إليها، لأن حصار الدعم السريع على مواقع الجيش كلها في العاصمة، ما عدا قاعدة وادي سيدنا الجوية ما زال على أشُدِّه، وإن البرهان سيكتفي بالهيلمان والطيلسان الذي ينعم به في العواصم التي يزورها كرئيس دولة "افتراضية" على أحسن الفروض، فقد كان السودان الذي سطا البرهان على السلطة فيه، بعد أن أطاحت ثورة شعبية بحكم الجناح السياسي للحركة الإسلامية في نيسان/ ابريل من عام 2019، بزعم الانحياز للثورة، بلدا مهلهلا أوصاله مخلخلة، وبعض أطرافه خاضعة لجماعات متمردة، والبعض الآخر يعاني من بؤس الخدمات العامة وانعدام الأمن.

ثم بدأت الحرب بين الجيش والدعم السريع، ودخل السودان مرحلة الفوضى الشاملة، خاصة في منطقة العاصمة، حيث انسحبت قوات الشرطة من مسارح عملها مؤثرة السلامة، وحيث توقفت الخدمات الضرورية من ماء وكهرباء، وحيث تعرضت معظم أحياء مدن العاصمة الثلاث (الخرطوم وبحري وام درمان) للنهب من قبل عصابات مسلحة من بينها عناصر من الدعم السريع، فاكتملت حلقات الفشل، فما هو متعارف عليه، هو أن الدولة تصبح فاشلة إذا فقدت السلطة الحاكمة فيها القدرة على السيطرة الفعلية على أراضيها، وفقدت احتكارها لحق استخدام العنف المشروع في الأراضي التي تحكمها. مقرونا بفقدانها لشرعية اتخاذ القرارات العامة وتنفيذها. ثم عجزها عن توفير الحد المعقول من الخدمات العامة. وعن التفاعل مع الدول الأخرى كعضو في الأسرة الدولية.

الآن فالبرهان خارج فعليا المعركة، وها هو نائبه على قيادة الجيش يخرج من مقر القيادة، أي أن كلا الرجلين باتا بعيدين عن مركز إدارة المعارك، ولم يبق أمامها سوى التواصل مع هيئة القيادة إلا عبر تطبيق واتساب، والمكالمات الهاتفية، في بلد تنهار فيه شبكات الاتصالات عدة مرات يوميا تحت ضغوط المكالمات، ولأن العديد من أبراجها الناقلة للمكالمات تعرضت للدمار.وقبل يومين اشتعلت الأسافير بالتصفيق والتهليل، لأن شمس الدين كباشي نائب القائد العام للجيش السوداني (الذي هو البرهان)، وعضو مجلس السيادة، تمكن بدوره من الخروج من القمقم الذي ظل محبوسا فيه بأمر قوات الدعم السريع، وسار الرجل بين نفر من الضباط وصف الضباط رافعا علامات النصر بإصبعين، وكأنما هو يقول إن نجاحه في التسلل من حيث كان محاصرا لأكثر من ستة أشهر، هو في حد ذاته انتصار جدير بالاحتفاء.

منذ خروجه من الخرطوم، زار البرهان قطر ومصر وأريتريا وجنوب السودان وتركيا، ثم وقف أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث خاطب قاعة خاوية إلا من موظفي المراسيم ومرافقيه، وبعدها اتخذ من ميناء بورتسودان البعيد عن ارض المعارك ملاذا آمنا، ولكنه وكما عجز منذ انقلابه على الشق المدني في الحكم في تشرين اول/ أكتوبر من عام 2021، عن تشكيل حكومة، وجد نفسه أيضا "رئيسا" لحكومة لا وجود لها على الأرض أو حتى على الورق، ومنذ أسابيع سكت البرهان عن الكلام المباح وغير المباح عن الحرب، وربما تلقى النصح بالكف عن قبول الاستضافات في قنوات التلفزة للحديث عبر الهواتف، كما يفعل مراقبو المشاهد والمحللون السياسيون.

التهليل لخروج كباشي نائب قائد الجيش السوداني من حالة الحصار التي كان خاضعا لها لستة أشهر، تذكر السودانيين بما حدث للرئيس المخلوع عمر البشير عندما زار جنوب افريقيا في عام 2015، للمشاركة في اجتماع لقادة أفارقة، وكان وقتها مطلوبا للمثول امام محكمة الجنايات الدولية متهما بارتكاب جرائم حرب وإبادة للبشر، فكان ان تحركت السلطات العدلية في الدولة المضيفة لاعتقاله، ولكن جهاز الأمن الجنوب أفريقي تمكن من تهريبه الى مطار صغير في أطراف مدينة جوهانسبيرغ، حيث غادر الى الخرطوم حيث نظم له انصار الحزب الحاكم استقبال الفاتحين، وأضفوا عليه لقب اسد افريقيا.

مجريات الحرب في السودان تقول إن يد قوات الدعم السريع هي العليا، لأنها لم تفقد موقعا سيطرت عليه منذ بدء المعارك، وإنها تتمدد في ولايات كردفان وتقترب من مدن إقليم النيل الأبيض، المحاذي لولاية الخرطوم من جهة الجنوب، وإن الجيش يفتقر الى القوات البرية، ومن ثم يستخدم سلاح الطيران لضرب المواقع التي يسيطر عليها الدعم السريع، فتكون النتيجة في كل مرة دك مساكن المدنيين وسقوط عشرات المواطنين صرعى.

والآن فالبرهان خارج فعليا المعركة، وها هو نائبه على قيادة الجيش يخرج من مقر القيادة، أي أن كلا الرجلين باتا بعيدين عن مركز إدارة المعارك، ولم يبق أمامها سوى التواصل مع هيئة القيادة إلا عبر تطبيق واتساب، والمكالمات الهاتفية، في بلد تنهار فيه شبكات الاتصالات عدة مرات يوميا تحت ضغوط المكالمات، ولأن العديد من أبراجها الناقلة للمكالمات تعرضت للدمار.

وهكذا قد يدرك كباشي ما أدركه البرهان من قبل بأن

خروج الناس من الشبكات هيِّن              ولكن التأمل في الرجوعِ

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الجيش السوداني المعارك السودان معارك الجيش رأي مآلات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة رياضة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

مكاسب الجيش في العاصمة… هل تُنهي حرب السودان؟ توقعات بأن تنتقل المعارك منها إلى غرب البلاد

كمبالا: أحمد يونس: الشرق الأوسط: قبل معارك منطقة «جبل موية» بولاية سنار جنوب شرقي السودان خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لم تكن «قوات الدعم السريع» قد خسرت معركة كبيرة منذ بداية الحرب في أبريل (نيسان) 2023.

لكن خسائرها توالت بعد استعادة الجيش تلك المنطقة الاستراتيجية، وتراجعت مناطق سيطرتها تدريجياً في وسط وشرق البلاد، كما أصبح وجودها في العاصمة الخرطوم مهدداً. فهل تعني انتصارات الجيش بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، وتراجعات «الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، أن حرب «الجنرالَين» على وشك الانتهاء؟

يؤكد الجيش أنه حقق انتصارات كبيرة وألحق هزائم فادحة بـ«قوات الدعم السريع»، متوعداً باستمرار الحرب حتى القضاء عليها تماماً. من جانبها، تنفي «قوات الدعم السريع» تعرضها لهزائم، وتؤكد أنها انسحبت من المناطق التي دخلها الجيش من دون معارك، وذلك بسبب «تكتيكات قتالية جديدة»، مشيرة إلى عدم استطاعة الجيش توثيق الخسائر الكبيرة في الأرواح والعتاد التي يتحدث عنها.

ولُحظ أن «قوات الدعم السريع» المنسحبة تتوجه إلى إقليمي دارفور وكردفان حيث الحاضنة الاجتماعية لتلك القوات، فيما يقول متحدثون باسمها إن «المناطق التي انسحبنا منها، انتزعناها من الجيش انتزاعاً في الأشهر الأولى من الحرب. احتفظنا بها لأكثر من عام ونصف العام، ثم تركناها برغبتنا، ونستطيع انتزاعها مرة أخرى متى ما أردنا ذلك». لكن مؤيدي الجيش يرون أن المعركة أوشكت على النهاية، بينما يؤكد مراقبون مستقلون أن «نهاية الحرب لا تزال بعيدة».

استراتيجية جديدة
ويقول المحلل السياسي، الجميل الفاضل، إن تقدم الجيش ليس سوى «جولة من جولات الحرب التي لا تبدو لها نهاية قريبة»، موضحاً أنه «من المتوقع أن تتخذ الحرب طابعاً أكثر عنفاً ودموية، لكن ليس في المناطق التي استردها الجيش، بل في مناطق رخوة في خاصرة الحاضنة الشعبية للجيش».

وأشار الفاضل إلى التصريح الأخير من قائد «قوات الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو، الذي طالب فيه قواته بعدم التأثر بفقدان بعض المناطق مؤخراً، وأنه ينبغي عليهم التركيز على مناطق جديدة سيسيطرون عليها. وأضاف الفاضل: «يبدو أن (قوات الدعم السريع) ستتبع استراتيجية جديدة، تتخلى فيها عن تكتيك الانتشار الواسع في البلاد. كما أن هجمات المسيّرات خلال الفترة السابقة تشير إلى مناطق المعارك المرتقبة، فبينما تتراجع في الخرطوم، نشهد تقدمها في مناطق أخرى غرب البلاد بالاشتراك مع (قوات عبد العزيز الحلو)».

وتوقع عدد من المحللين أن تنتقل الحرب من العاصمة إلى أقاليم غرب البلاد، وأن «تتخذ شكلاً أعنف إذا تم تشكيل حكومة موازية في تلك المناطق، وإدخال أسلحة نوعية وإضافة إمكانات حربية جديدة، مما سيغير من خريطة الحرب على الأرض».

معارك العاصمة
ميدانياً، تدور معارك «كسر عظم» في مدن العاصمة المثلثة - الخرطوم وأم درمان وبحري - حيث يحقق الجيش تقدماً لافتاً، ففي منطقة شرق النيل بمدينة بحري، يقترب الجيش وحلفاؤه من جسر «المنشية» الرابط بين شرق النيل ووسط مدينة الخرطوم، بعد أن استعاد معظم منطقة «الحاج يوسف»؛ وهي من أهم معاقل «قوات الدعم السريع» منذ بداية الحرب.

غير أن حدة المواجهات انخفضت في الخرطوم وأم درمان مع بداية شهر رمضان المبارك، فقد تراجعت العمليات في معظم خطوط التماس بين الطرفين المتحاربين، وبقيت مناطق السيطرة كما هي دون تغيرات كبيرة. ويقول شهود إن الجيش ما زال يسيطر على أحياء في جنوب غربي الخرطوم حتى جسر «الحرية» والمنطقة الصناعية، بينما لا تزال «قوات الدعم السريع» تسيطر على أحياء أخرى في جنوب الخرطوم؛ بما فيها القصر الرئاسي ومنطقة «جنوب الحزام»، ومقر القيادة الاستراتيجية التابعة للجيش و«مطار الخرطوم»، والجزء الشرقي من مقر القيادة العامة للجيش.

وفي أم درمان، وسع الجيش من مناطق سيطرته لتشمل بعض الأحياء الجنوبية والغربية من المدينة، خصوصاً منطقتَي أم بدة والفتيحاب، لكن المعارك على حدود المنطقتين تحوّلت إلى كر وفر، من دون تقدم لمصلحة أحدهما.

معارك الغرب
أما في شمال إقليم كردفان بوسط غربي البلاد، فقد حقق الجيش انتصارات باستعادة السيطرة على مدينتَي أم روابة والرهد، وتمكن من الوصول إلى أطراف مدينة الأُبيّض؛ كبرى مدن الإقليم، وفتح الطريق البرية الرابطة بينها وبين وسط البلاد. إلا إن الجيش مُني بهزيمة كبيرة حين حاول التقدم شرقاً باتجاه مدينة بارا، وأعلنت «قوات الدعم السريع» أنها «دحرت القوات المهاجمة وألحقت بها هزائم كبيرة في الأرواح والعتاد»، ولم يصدر تعليق من جانب الجيش.

وتأثرت العمليات العسكرية في ولاية النيل الأزرق بالتحالف الذي نشأ بين «قوات الدعم السريع» وقوات «الحركة الشعبية لتحرير السودان - تيار عبد العزيز الحلو»، فقد استطاعت القوتان معاً السيطرة على عدد من مناطق الولاية المتاخمة لجمهورية جنوب السودان، وأصبحت القوات المشتركة بينهما تهدد حاضرة الولاية؛ مدينة الدمازين.

ووقّعت قوى سياسية وحركات مسلحة، على رأسها «حركة عبد العزيز الحلو»، مع «قوات الدعم السريع» في 22 فبراير (شباط) بالعاصمة الكينية نيروبي، ميثاقاً سياسياً يهدف إلى توحيد العمل السياسي والعسكري ضد الجيش وحلفائه من أنصار النظام السابق، بالإضافة إلى تشكيل حكومة في مناطق سيطرة «قوات الدعم السريع»؛ لمنافسة الحكومة التي يقودها الجيش وتتخذ من مدينة بورتسودان مقراً لها.  

مقالات مشابهة

  • مكاسب الجيش في العاصمة… هل تُنهي حرب السودان؟ توقعات بأن تنتقل المعارك منها إلى غرب البلاد
  • السودان: هل تنهي مكاسب الجيش في العاصمة الحرب؟
  • الجيش السوداني يتقدم شرقي الخرطوم
  • معارك شرق الخرطوم والجيش يكثف غاراته على الدعم السريع بمحيط الفاشر
  • لجنة إغاثية سودانية: مقتل 4 نازحين في مخيم (أبوشوك) بقصف للدعم السريع
  • كيف صمدت مقار الجيش السوداني أمام حصار 21 شهرا؟
  • الجيش: سيطرنا على منظومة تشويش تابعة لقوات الدعم السريع على سطح منزل في شرق النيل – فيديو
  • الجيش السوداني يتقدم أكثر باتجاه العاصمة و مقتل 10 من مليشيات الدعم السريع
  • مقتل 10 من الدعم السريع والجيش يتقدم في محاور القتال شرقي الخرطوم
  • الجيش السوداني يقصف مواقع الدعم السريع في الخرطوم وشمالي الأبيّض