الطوائف المسيحية فى مصريداً واحدة لإغاثة الفلسطينيين
تاريخ النشر: 22nd, October 2023 GMT
الكنيسة القبطية تُسخر جهود أسقفية الخدمات من أجل غزة
البابا تواضروس يعلن مبادرة قبطية لتقديم المساعدات والتبرعات لغزة
لا يبخل التاريخ بالحديث عن أرض فلسطين، فهى مهد الديانات ومحط أنظار وأطماع العالم منذ آلاف السنين، وبها تضم أقدم الكنائس وأعظم المساجد كما شهد ترابها ملاحم وطنية ومرور الأنبياء وحدوث المعجزات.
ويلتفت أنظار العالم مؤخرًا لمتابعة ما تشهده أرض غزة من أحداث متعددة الأوجه قاسية المعالم فتكت بالإنسانية وانتهاك القانون الدولى بالتعدى والقصف المتعمد على المدنيين والمستشفيات والمساجد والكنائس.
لا يكل الظالم من التعدى ولا يراعى حرمة الأديان السماوية فمنذ اندلاع الحرب الأخيرة، تنتشر مقاطع الفيديو وصور الضحايا والأطفال الجرحى يشيب لها الرأس، وتُعيد هذه الوقائع لمحات تاريخية محفوظة فى الكتاب المقدس عن مذبحة الأطفال الأبرياء التى كانت فى عهد هيرودس الملك، الذى لم يستطع كبح غضبه عندما أخبره المجوس بظهور علامات تنذر ملكًا جديدًا لليهود وهو «السيد المسيح»، فخاف على عرشه المهزوز وأمر بقتل جميع الأطفال فى بيت لحم من عمر سنتين ما دون.
ويروى الإنجيل عن تفاصيل الواقعة، بعد مولد المسيح ظهرت علامات كونية بارزة كان يعلمها المجوس وهى عبارة عن «ظهور نجمة فى اتجاه الشرق» وتعد إشارة بمولد ملك «لليهود»، وبعدما ظهرت ذهبوا لهيرودس حتى يلتقون بالملك الجديد، الأمر الذى أشعل غضبه وأرسل جنوده فى ربوع الأرض حتى يقتلون الأطفال الأبرياء وأرشد الله العائلة المقدسة فى هذه اللحظة للهروب إلى مصر حتى تحتضن أراضيها مخاوف الطفل يسوع وأمه العذراء والقديس يوسف البار ويعيشون فى سلام وأمان.
تتشابه مخاوف العائلات فى بيت لحم وهم لا يعلمون بأى ذنب تقتل أطفالهم بما يحدث فى غزة هذه الفترة وتعيد إلى الأذهان تلك المشاعر المدونة فى (مت 18:2) من الكتاب المقدس عن قصة الأم التى فقدت أطفالها «صوت سمع فى الرامة، نوح وبكاء وعويل كثير راحيل تبكى على أولادها ولا تريد أن تتعزى، لأنهم ليسوا بموجودين».
وأدانت الكنائس المصرية الأرثوذكسية، والإنجيلية والكاثوليكية، شتى أنواع العنف والقصف الذى استهدف الأبرياء فى المستشفيات والكنائس والمساجد.
وحرص قداسة البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، على التعبير عن رفض واستنكار الكنيسة القبطية والمجمع المقدس لما يحدث فى فلسطين وأنها أحداث ليس بها التكافؤ فى شتى الجوانب.
وتناول فى مستهل العظة الأسبوعية خلال اجتماع العام الذى أقام الأربعاء الماضى، بكنيسة الشهيد مار جرجس بمنطقة أرض الجنينة بالزاوية الحمراء التابعة لقطاع كنائس شرق السكة الحديد، بعد عودة قداسة البابا من جولته الرعوية فى إيبارشيات المهجر بميلانو وفينيسيا، موضوع الإنسانية فى الوضع الراهن جراء مايحدث فى فلسطين قائلًا: قلوبنا تعتصر ألمًا مما يحدث على أرض غزة والأعداد الكبيرة فى الضحايا من شهداء والمصابين ومن أسر ومشردين وعنف قاسٍ للغاية، والتعدى على القوانين الدولية فى الهجوم على المستشفيات.
وتوحدت سُبل المساعدات بين الطائف المسيحية فرفعت أصواتهم خلال الصلوات من أجل أن يعطى الله سلامًا ويعطى هدوءًا ويعطى حكمة فى الأبرياء غزة وقطاعات فلسطين، وقال البابا تواضروس: «حياة الإنسان هى أغلى عطايا الله، أما أن الإنسان يقوم بتدمير الحياة بنفسه فهذا شر عظيم أمام الله ونؤمن أن الله سيسكب رحمته وحنانه على كل القلوب المجروحة والمتألمة».
وأعرب البابا تواضروس الثانى عن تأييده للدولة المصرية بخصوص الأحداث الجارية فى فلسطين، خطورة ترك أراضيهم التى تعيد للأذهان أحداث ١٩٤٨، منذ ٧٥ سنة، حينما أبعدوا الفلسطينيين عن بيوتهم وممتلكاتهم.
وأعلن البابا فى حديثه عن إطلاق الكنيسة المصرية مبادرة لتقديم المساعدات والتبرعات العينية والمادية من أغذية وأدوية ومستلزمات صحية، ومواد متنوعة من خلال أسقفية الخدمات والصلاة لأجل انتهاء الحرب وأكد قداسته، فى بداية عظته أن تعاطف الكنيسة مع فلسطين ليس مجرد تعاطف كلامى بل هناك أفعال مجسدة على أرض الواقع.
كما دعا أبناء الكنائس القبطية للمشاركة فى تقديم المساعدات لكنائسهم التى ستقوم بجمعها وتحويلها لمركز مار مرقس بجوار كنيسة السيدة العذراء والقديس أثناسيوس بمدينة نصر، موضحًا أن هذه المساعدات ستتمكن من العبور إلى غزة بالتعاون مع التحالف الوطنى للعمل.
واستكمل العظة الروحية ضمن سلسلة «صلوات قصيرة من القداس» وتناول جزءًا من الإصحاح الثالث من سفر أعمال الرسل والأعداد (١ - ١0)، وأشار إلى طِلبة قصيرة من الطِلبات التى ترفعها الكنيسة فى القداس الغريغورى، وهى: «معونة للمساكين»، وكان فى مستهلها كلمة لنيافة الأنبا مارتيروس الأسقف العام لكنائس قطاع شرق السكة الحديد، وعبر خلالها بالترحيب الجم بقداسة البابا فى زيارته الأولى للكنيسة، كما شهد قداسته تكريم أوائل الشهادات من أبناء القطاع.
وفسر البابا أوصاف أنواع «المساكين»، والتى يأتى فى مقدمتها الذين يعيشون حالة «الاتضاع» أو «الوداعة على الدوام»، ولذلك تسير حياتهم باستقامة، كما ورد فى آيات «لو ١: ٤٦ – ٤٨»، ويأتى فى ثانى مراتب الذين لديهم احتياجات بمختلف أنواعها وليس الفقراء للمال فقط، «مت ٢٥: ٣٤، ٣٥»، وفى ثالث نقاط الذين لا يعرفون الله، ويجهلون الرب، ولا يعرفون الله صاحب النِعم والخيرات.
كما شرح قداسته أهمية الاهتمام بـ«المساكين» كما أوصى الله ومن أمثلتهم كما ورد فى الكتاب المقدس، مثل: داود النبى فى وقت ما من حياته، إرميا النبى الذى حمل فى قلبه آلام شعبه، والسيد المسيح نفسه.
كما كشف عن الأنواع التى وردت نوعين من المساكين والفقراء للمال فى الكتاب المقدس، وهو غير المحتاج الذى أخذ من المسكين، كآخاب الملك الذى أخذ حقل نابوت اليزرعيلى عنوة.
وكغيرها من المسائل التى وضع لها الكتاب المقدس طرق للتعامل مع المساكين، حتى تتحسن الأوضاع الحياتية وتسنح الفرصة للتعايش فى سلام ومحبة بين الجميع، ومن خلال الاحترام والتقدير لشخصه المسكين: وقول الحقيقة وهذه الوصية والطريقة وردت فى (أع ٣: ٤، ٦)، وأما عن الطريقة الثانية التى تحقق تعامل سالم وحقيقى مع الآخر هو الاستعداد للعطاء بقلب كريم ورحيم وبأمانة كما ورد فى (أع ٣: ٦).
وخلال العظة أشار إلى أنواع الاحتياجات التى يريدها الإنسان وطرق إشباعها، ومنها الاحتياج للمعونة النفسية، من خلال التشجيع والتقدير والحب، وأيضاً الروحية، عن طريق التعريف بكيفية الاندماج فى الكنيسة، وتعليم الصلاة بالأجبية، وتخصيص دور فى الخدمة، وهناك احتياج ومعونة مادية بتوفير السكن والتعليم، وتوفير العلاج، والأخيرة هى المعونة الاجتماعية ويحتاج فيها الإنسان أن يشعر بحضوره ودوره المؤثر بين أقارنه بالمجتمع.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الحديث أرض فلسطين المساجد الكتاب المقدس البابا تواضروس الکتاب المقدس
إقرأ أيضاً:
الصحابي أبو ذؤيب والغزي أبو مهادي.. فرقهما التاريخ وجمعتهما الفجيعة بالأبناء
استقرت عيْنِية أبي ذؤيب الهذلي منذ أن ودع بها أبناءه الخمسة، ذات فجيعة غائرة إلى ترنيمة للحزن، وصولجان بيد الأسى تتقاذف كرته اللاهبة أيدي الأيام وسنوات الفجيعة على أكباد الآباء والأمهات المفجعين بفظائع فقد الأبناء دفعة واحدة.
كان أبو ذؤيب -وهو صحابي جليل وعربي بدوي يجري في دمه عبق الضاد وأريج الأخلاق البدوية، ويمثل ديوانه أحد أهم مناجم التكوين اللغوي والذائقة الشعرية- قد تربع على عرش الأسى وتوجه الفقد تاجا من دموع ونياشين من جمر الفجيعة، بعد أن خسر أبناءه الخمسة موتا بالطاعون وهو في رحلة جهاد إلى شمال أفريقيا.
غير أن أبا ذؤيب الهذلي تراجع إلى الرتبة الثانية، بعد الفاجعة المؤلمة التي ألمت ببيت الحاج إبراهيم أبو مهادي، الذي فقد أبناءه الستة بغارة إسرائيلية باغتتهم دون إنذار وهم يتجهون نحو مركز لتحضير وجبات ومساعدات غذائية إلى أبناء القطاع، حيث كانوا يعملون متطوعين في منظمة خيرية تؤدي بعض خدمات الإغاثة لشعب يقتات اللهب منذ أكثر من عام ونصف.
في دير البلح، وقف الأب إبراهيم أبو مهادي في مشهد يُنقَش في ذاكرة الألم،
يؤمّ الصفوف في وداعٍ ثقيل،
يصلي الجنازة على أبنائه الستة
ستة نعوش أمامه،
ستة أرواح كانت تملأ بيته ضحكًا، فإذا بها تصطف أمامه صمتًا ووداعًا.
هُنا في المدينة ماتوا كلهم، قتلهم المجرم دفعة واحدة
قتل محمد… pic.twitter.com/fCP2e0aZrX
— Khaled Safi ???????? خالد صافي (@KhaledSafi) April 13, 2025
إعلان أبو ذؤيب الجديد.. حزن وصمودصرخ الصحابي الجليل أبو ذؤيب في الدنيا ذات مساء وهو يجيب قرينته المفترضة:
أمن المنون وريبها تتوجع… والدهر ليس بمعتب من يجزعُ
قالت أمامة ما لجسمك شاحبا… منذ ابتذلت ومثل مالك ينفعُ
أم ما لجنبك لا يلائم مضجعا… إلا أقض عليك ذاك المضجعُ
فأجبتُها أن ما لجسمي أنه… أودى بني من البلاد فودعوا
أما أبو مهادي -الذي فقد كل أبنائه دفعة واحدة وفي لحظة واحدة- فلا يخفي حزنه العميق بعد أن انهدت أركان بيته، وخطف الاحتلال منه أعز ما يملك؛ لكنه يلوذ بركن مكين من الصبر، مرددا مع أبي ذؤيب من جديد كلمته الخالدة في قصيدته الباكية:
وتجلدي للشامتين أريهم… أني لريب الدهر لا أتضعضع
قتَلُوا أعمِدة البيت السِتَّة،
أفرغُوا المَقاعِد مِن أصحَابهَا، وأزهَقُوا الأروَاحَ دُفعةً واحِدة. خَطفُوا أنفاسَهُم، وحَبسُوا ضَجِيجهُم،
وتركُوا الدُّنيَا مِن بعدهم خَاوِيَة إلا مِن وَجع الفقْد وثقْل الغيَاب.
ستَّة مِن الأبناء .. نُحِروا فِي لحظَة واحِدة، بضَربة واحِدة، #غـــزة pic.twitter.com/Y8LAiszz6m
— آية المصري (@ayatalmasr79701) April 13, 2025
غير أن قرع الحزن يحول قلب الأبوين إلى ذات الصورة التي رسمها أبو ذؤيب حين قال:
فَالعَينُ بَعدَهُمُ كَأَنَّ حِداقَها… سُمِلَت بشوك فهي عور تدمع
حتى كأني للحوادث مروة.. بصفا المُشَرَّقِ كل يوم تُقرَعُ
وعلى المنوال نفسه يقف الرجلان عاجزين عن مواجهة موت زؤام نازل من السماء أو نابع من الأرض محيط بالأجسام اللينة والأرواح الشابة من حيث لا يغني مدفع ولا مواجهة:
وَلَقَد حَرِصتُ بِأَن أُدافِعَ عَنهُمُ… فَإِذا المَنِيِّةُ أَقبَلَت لا تُدفَعُ
إنها المنية ذاتها ذلك الغول ذو الأنياب اللاهبة، كما رآه أبو ذؤيب، ورآه أبو مهادي؛ أزيز صاروخ يحول تلك الأجسام الفارعة والوجوه الناضرة إلى أشلاء متناثرة، وقصص حزن حبكتها دون نهاية ضربة غادرة من عدو يحرق الأرض ومن وما عليها.
كلا الرجلين عاذ بالصبر، وثوى إلى ركن من التسليم، فطفق أبو ذؤيب يعيد تفسير الحياة، وصراع البقاء والمغالبة، ليستعرض أفواجا متعددة ممن أنزلهم الموت من علالي أبراجهم، وفرق جماعاتهم من وعول راتعة في شَعَف الجبال، أو حمر وحشية تعودت أن ترعى الطبيعة، فيترصد بها سهم قانص لا يتقن غير صناعة الموت، أو فارسين مقنعين تساقيا رحيق القتل الزؤام.
أما أبو مهادي، فيحمل في قلبه لوعة الحزن وفي ضميره شرف المقاومة وعنفوان التصدي وهو يودع الستة من فلذات كبده، بعد أن اختار لهم أحسن الأسماء: أحمد، ومحمود، ومحمد، ومصطفى، وزكي، وعبد الله، إلى جانب صديقهم عبد الله الهباش، ثم رباهم على الصمود وترقب منهم أن يسندوا كاهله بعد أن أخذت الأيام من قوته ورسم الشيب خطوطه على تلك الهامة المكتنزة حزنا وأسى ومقاومة.
إعلانويتساءل أبو مهادي لماذا قتلوا أقماره الستة وهم لا يحملون سلاحا ولا يستقلون سيارة عسكرية، ومالذي يمكن أن يقوم به أصغرهم وهو ابن 12 سنة، وكأنه أيضا يجدد سيرة أبي ذؤيب عندما يبكي ابنه نشيبة:
يقولون لي لو كان بالرمل لم يمت… نُشَيبَةُ وَالطُرّاقُ يَكذِبُ قيلُها
ولو أنني استودعته الشمس لارتقت… إليه المنايا عَينُها وَرَسولُها
على حين ساواهُ الشَبابُ وقاربت… خُطايَ وَخِلتُ الأَرضَ وَعثاً سُهولُها
حَدَرناهُ بالأَثوابِ في قَعرِ هُوَّة… شديدٍ على ما ضُمَّ في اللَّحْدِ جُولُها
ربما لم يتح أيضا لأبي مهادي أن يشرح كيف بنى ضريح أبنائه، منذ أن غدت غزة بكاملها قصة شعب يعيش فوق الأرض صمودا وجهادا، وتحتها شهادة وإلهاما؛ ولكنه اختار أن يؤم صلاة الجنازة على جثامينهم بنفسه، معتبرا أن ذلك أقل ما يمكن أن يقدمه لهم.
بعد أن وارى أبناءه تحت الثرى في ودع ثقيل قال أبو امهادي "الحمد لله الذي منحني القوة كي أصلي عليهم، وهذه كرامة من الله، أرجو أن يتقبلهم في عليين مع الشهداء والصالحين"، قبل أن ينتفض في قلبه لهب الثورة والمقاومة "ما كتب الله لنا هو ما يكون، ونحن قوم لا نركع إلا لله"، لن نتخلى عن شبر من أرضنا، ومهما ارتكب الاحتلال من جرائم فلن يستطيع اقتلاعنا، ربنا أعطانا الأمانة واستردها، ونسأل الله أن يتقبلهم جميعا في الفردوس الأعلى".
عن أي وجع تتحدثون؟ كيف لقلب أمٍ أن يتحمل خبر استشهاد فلذات كبدها الستة دفعة واحدة؟ لم يتبقَ لها أحد… ستة إخوة ارتقوا في قصف إسرائيلي استهدف سيارتهم في دير البلح#غزة_تُباد
— ????أسماء | Asma'a ???? (@asm42444) April 13, 2025
ليس الأول وقد لا يكون الأخيرليس أبو مهادي "أبا ذؤيب" الغزي الأول، فقبله -ومنذ أن افترت شفتا الغول الإسرائيلي عن أنياب ومخالب الإبادة الجماعية قبل أكثر من 80 عاما- ما زال الموت يقتلع العائلات الفلسطينية في جذورها ويفجع الآباء في أبنائهم وأسرهم في موعد مع الأسى لا يتخلف ولا يستأذن.
فقبل أبو مهادي كانت عائلة سالم الكبيرة الموزعة بين شمال غزة وجنوبها فقدت 237 فردا من العائلة، لتزف إلى الجنان أكبر عدد من الشهداء، مما وصلت بهم الحياة رحمها الولود، ثم جمعتهم رحم الشهادة ولهب العدوان الإسرائيلي.
إعلانووفق الأرقام الرسمية في غزة، فإن مئات العائلات قد غادرت -كليا أو جزئيا- بجميع أفرادها الحياة، تحت قصف الاحتلال، ضمن إبادة واسعة شملت أكثر من 2270 لم يتبق منها سوى فرد واحد، كما أباد أكثر من 3400 أسرة لم يبق منها سوى فردين، كما هو حال عائلة أبو مهادي.
والواقع أن أبو مهدي ليس إلا صورة من آلاف الصور الدامية التي تعيد رسم حزن أبي ذؤيب، وصمود الخنساء تماضر بنت عمرو بن الشريد، فللألم والصمود ضفاف واسعة اتساع اللهب والحقد الإسرائيلي على الحياة في غزة. وأمام كل ذلك الحزن والألم والموت الدافق تنشد غزة بشموخ مع أبي مهدي وأبي ذؤيب:
وتجلدي للشامتين أريهم.. أني لريب الدهر لا أتضضع