القاهرة- تزيد المواجهة بين جيش الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية -عقب إطلاق عملية "طوفان الأقصى"– من متاعب الاقتصاد المصري، الذي يعاني شحا في الدولار، وارتفاعا في الدين الخارجي أدى إلى تراجع قدرته على الوفاء بالتزاماته، وفق وكالات التصنيف الائتماني العالمية.

التجارة مع فلسطين وإسرائيل

يأتي الأثر السلبي للصراع في غزة على الاقتصاد المصري من عدة أوجه، على غرار المخاوف من توقف صادرات مصر إلى قطاع غزة بصورة مباشرة، وعرقلة هذه الصادرات نحو الضفة الغربية.

وكانت الصادرات المصرية نحو فلسطين قد ارتفعت بنسبة 28.4% وبلغت 451.5 مليون دولار خلال عام 2022، مقابل 351.5 مليون دولار خلال 2021، بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري.

وبشأن العلاقة مع الاحتلال تشير بيانات لوزارة التجارة الإسرائيلية إلى خطة لرفع التبادل التجاري مع مصر -باستثناء السياحة وصادرات الغاز الطبيعي- إلى 700 مليون دولار في أفق 2025، مقابل 300 مليون دولار في العام 2022.

وبموجب الخطة -التي نقلت صحيفة تايمز أوف إسرائيل تفاصيل عنها- من المقرر أن تطور القاهرة وتل أبيب معبر (نيتسانا) بينهما، كما أنه من المقرر أن يزيد الاحتلال مستورداته من المواد الغذائية والأسماك الطازجة ومواد البناء من مصر مقابل تصدير الحلول والتقنيات الزراعية.

كما زادت صادرات مصر إلى الولايات المتحدة -وفق اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة (كويز) التي تقتضي تعاونا صناعيا مع إسرائيل- إلى 1.5 مليار دولار في 2022، مقابل 1.2 مليار دولار في السنة التي قبلها، وفق بيانات الغرفة التجارية الأميركية في مصر.

وشكّلت منتجات "الكويز" (اتفاقية بين مصر وإسرائيل والولايات المتحدة تخص تصدير منتجات المناطق الصناعية المؤهلة) 53% من إجمالي صادرات مصر إلى الولايات المتحدة في عام 2022 و55% من الصادرات غير النفطية إليها.

وبحسب اتفاق "الكويز"، يجب أن تحتوي المنتجات المؤهلة للتصدير إلى الولايات المتحدة مع إعفاءات جمركية، على 35% على الأقل من قيمتها المضافة من قبل مصانع المناطق الصناعية المؤهلة، وتساهم مصر بما لا يقل عن 12% من هذه القيمة المضافة، في حين يجب أن تساهم إسرائيل بنسبة 11%.

لكن وبالنظر إلى الارتباك الذي تشهده إسرائيل مع صافرات الإنذار ودخول المستوطنين الملاجئ، وتوقف حركة المصانع، بالإضافة إلى استدعاء العاملين إلى الجيش وفق التعبئة الأخيرة، من المتوقع على نطاق واسع أن تتأثر كل من الصادرات المصرية والإسرائيلية سلبا، وفق مراقبين.

صادرات الغاز

تأثير سلبي آخر على اقتصاد مصر سيأتي من صادرات الغاز الإسرائيلية، حيث أعلنت شركة شيفرون في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الجاري وقف صادرات الغاز الطبيعي عبر خط أنابيب غاز شرق المتوسط البحري بين إسرائيل ومصر، واستخدام خط الغاز العربي المار عبر الأردن.

ولم تفصح الشركة الأميركية ولا أي من الجهات الإسرائيلية أو المصرية عن الخسائر بعد هذا الإجراء، لكن يبدو واضحا من الخرائط -وفق مختصين- أن خط الغاز العربي أطول من خط أنابيب غاز شرق المتوسط الذي يمتد من عسقلان، على بعد نحو 10 كيلومترات شمال غزة، إلى العريش في مصر.

كما علّقت إسرائيل الإنتاج في حقل غاز تمار قبالة الساحل الجنوبي بعد 3 أيام من إطلاق عملية المقاومة الفلسطينية، في وقت نقلت رويترز عن مصادر في صناعة الطاقة قولها إن كمية الغاز المصدرة من حقل لوثيان إلى مصر تقلصت قليلا مع إعطاء الأولوية للإمدادات للسوق المحلية.

ولا توجد حتى الآن معطيات رسمية عن التأثيرات السلبية للحرب في غزة على صادرات الغاز لكن التوقعات تتحدث عن انعكاسات سلبية محتملة.

ويقول خبير النفط والطاقة الكويتي، كامل الحرمي في تعليق للجزيرة نت عبر الهاتف إن التأثيرات السلبية المعتبرة على صادرات الغاز من إسرائيل إلى مصر يمكن أن تظهر إذا طال أمد الحرب.

ويضيف أن صادرات الغاز المصرية تراجعت منذ فبراير/شباط الماضي حتى توقفت في مايو/أيار تماما، مشيرا إلى أنه كان من المقرر أن يتم استئنافها الشهر الجاري، وفق ما صرح وزير البترول المصري طارق الملا في وقت سابق من العام.

وكانت مصر وقعت اتفاقا مع إسرائيل منتصف يونيو/حزيران من السنة الماضية، لاستيراد الغاز الطبيعي من إسرائيل، وإعادة تصديره مسالا إلى أوروبا، لمدة 3 سنوات، ويجدد الاتفاق تلقائيا لمدة سنتين إضافيتين.

ولا تفصح مصر رسميا عن وارداتها من الغاز الإسرائيلي، لكن بيانات مبادرة البيانات المشتركة (جودي) تشير إلى أنها استوردت عبر الأنابيب (من إسرائيل) نحو 6 مليارات متر مكعب منذ مطلع السنة وحتى أغسطس/آب الماضي، وفق حسابات أجرتها الجزيرة نت، في حين أعادت تصدير نحو 3.8 مليارات متر مكعب من الغاز المسال بداية من يناير/كانون الأول إلى أبريل/نيسان الماضيين قبل موجة حر شديدة ضربت مصر والعالم وأحدثت أزمة في إمدادات الغاز لمحطات الكهرباء.

وبدءا من يوليو/تموز 2022 وحتى نهاية السنة نفسها، استوردت مصر عبر الأنابيب 3.11 مليارات متر مكعب من الغاز، في حين صدّرت 5.67 مليارات متر كعب من الغاز المسال. وتستورد مصر غازا عبر الأنابيب من إسرائيل وتعيد تصديره مسالا مع الغاز الذي تستخرجه من الحقول المصرية وفق الاتفاق بين الطرفين.

وارتفعت حصيلة مصر من صادرات الغاز بنسبة 140% في 2022 محققة ما قيمته 8.4 مليارات دولار، مقارنة مع 3.5 مليارات دولار مسجلة في 2021، مدفوعة بزيادة أسعار تصدير الغاز المسال عالميا، وفق ما ذكر جهاز التعبئة العامة والإحصاء.

وأعلنت مصر وإسرائيل بدء تدفق الغاز الطبيعي من حقلي ليفياثان وتمار للغاز الطبيعي الواقعين تحت سيطرة إسرائيل إلى مصر منتصف يناير/كانون الثاني 2020، لكن أولى الصادرات ظهرت وفق البيانات في يوليو/تموز من السنة نفسها بواقع 174 مليون متر مكعب.

سيّاح بمتحف الحضارة بالقاهرة (الجزيرة) ضربة مضاعفة للسياحة

على صعيد السياحة، تلقت مصر ضربة مضاعفة بعد أن قتل شرطي مصري في اليوم التالي لبدء عملية "طوفان الأقصى" سائحين إسرائيليين اثنين، وأصاب آخر، في منطقة أثرية في محافظة الإسكندرية شمالي البلاد، ما دفع وزارة الخارجية الإسرائيلية إلى استدعاء الإسرائيليين الموجودين في ‎سيناء على الفور.

وقدّر عضو غرفة الشركات السياحية المصرية، هاني بيتر في تصريح للجزيرة نت نسبة الإشغالات الفندقية في طابا وشرم الشيخ في جنوب سيناء المصرية بنحو 5% فقط بعد اشتداد وطأة الحرب على غزة، بعد أن وصلت إلى 100% تقريبا قبيل حادث الإسكندرية.

لكن الضربة الأكبر التي تلقتها السياحة المصرية جاءت من تهاوي عدد الزوار المسيحيين الذين تمر مناسكهم بالضرورة بالقدس المحتلة قبل قدومهم إلى مصر، ويقدر بيتر عددهم بنحو مليونين في السنة.

ويمثل إشغال الإسرائيليين في فنادق طابا وجنوب سيناء ما بين 35% إلى 45%، أما النسبة الباقية ففي العادة تكون من نصيب الزوار المسيحيين، الذين يختمون مناسكهم في كنيسة القديسة كاترين في سيناء ويعودون إلى بلدانهم من القاهرة في ما يسمى برنامج "البلدان الثلاثة"، وفق بيتر.

واتسع نطاق تأثر السياحة إلى فنادق في القاهرة والعاصمة الإدارية الجديدة، إذ يقدر بيتر عدد المجموعات التي ألغت حجوزاتها بنحو 500 مجموعة تتكون كل منها من 35 شخصا.

وبلغ عدد السياح الإسرائيليين الذين دخلوا إلى سيناء عبر معبر طابا البري 566 ألف سائح في السنة الماضية (2022) وفق بيانات صادرة عن صفحة "إسرائيل بالعربية" الموثّقة على منصة "إكس"، تويتر سابقا.

كما استقل الطائرة 169 ألف سائح من مطار بن غوريون، منهم 124 ألف سائح إلى شرم الشيخ و45 ألفا إلى القاهرة.

وكانت 3 شركات طيران إسرائيلية أطلقت في أبريل/نيسان من السنة الماضية 3 رحلات أسبوعية مباشرة إلى شرم الشيخ، قبل أن تطلق شركة طيران القاهرة رحلات مباشرة بين تل أبيب وشرم الشيخ في الشهر التالي.

ووفق تقرير معهد الاتفاقيات الإبراهيمية بلغ عدد السياح الإسرائيليين الوافدين إلى مصر 500 فقط في 2021 و37 ألفا و900 في 2020، بتأثير من تداعيات وباء كورونا (كوفيد-19)، لكن العدد الأكبر لتدفق السياح الإسرائيليين سجل في 2019، إذ بلغ 530 ألفا و200 سائح.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الغاز الطبیعی صادرات الغاز ملیون دولار ملیارات متر من إسرائیل دولار فی من الغاز متر مکعب إلى مصر

إقرأ أيضاً:

الأحساء تدشن قرية النخيل.. وجهة مبتكرة تجمع الزراعة والسياحة والتراث

دشن صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن طلال بن بدر، محافظ الأحساء، مشروع ”قرية النخيل“ الذي يقيمه المركز الوطني للنخيل والتمور على مساحة تزيد عن خمسين ألف متر مربع بالمحافظة.
وجرى الافتتاح بحضور وكيل وزارة البيئة والمياه والزراعة لشؤون الزراعة، المهندس أحمد العيادة، وجمع من المسؤولين والمهتمين بالقطاعين الزراعي والسياحي.
أخبار متعلقة نائب أمير الشرقية يرأس اجتماع مجلس إدارة مؤسسة تطوير جزيرة دارين وتاروتاحتفال بـ4 مواليد لغزلان الريم وتطوير شامل لمتنزه الأحساء الوطنيبالصور.. 482 متسابقًا في مسابقة محافظ الأحساء لحفظ القرآن الكريموخلال جولة تفقدية، اطلع المحافظ على مكونات القرية المتنوعة التي تشمل ساحات عرض للمنتجات الزراعية، ومواقع مجهزة لاستضافة الفعاليات التراثية والثقافية، ومجسمات تعريفية، إلى جانب مناطق خدمية وترفيهية مخصصة للزوار والعائلات تضم عدداً من المطاعم والمقاهي.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } تدشين قرية النخيل في الأحساء- اليوم تعزيز الاقتصاد الوطنيومن المتوقع أن تستقبل هذه الوجهة الجديدة نحو خمسة آلاف زائر يومياً، بفضل بنيتها التحتية المستدامة وفعالياتها المتنوعة المخطط لها على مدار العام.
ونوه الأمير سعود بن طلال بالدعم السخي الذي توليه القيادة الرشيدة لمختلف القطاعات بهدف تحقيق التنمية المستدامة، مشيراً إلى الأهمية البالغة لاستثمار المقومات الطبيعية والثقافية الغنية التي تزخر بها المملكة، لا سيما في قطاع النخيل والتمور الحيوي، وذلك لتعزيز الاقتصاد الوطني وتنويع مصادره.
وأوضح أن مشروع قرية النخيل يمثل بيئة مبتكرة تدمج ببراعة بين الزراعة والسياحة والفعاليات الثقافية والتراثية، لتصبح مركزاً استراتيجياً محورياً لدعم وتطوير صناعات النخيل والتمور في الأحساء، التي تُعد إحدى أكبر الواحات الزراعية عالمياً.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } تدشين قرية النخيل في الأحساء- اليوم المركز الوطني للنخيل والتموروأكد محافظ الأحساء على دور المشروع الهام في تعزيز مشاركة المجتمع المحلي وتحفيز الاستثمارات النوعية في قطاع السياحة الزراعية الواعد، مما يصب في صالح تحقيق التكامل الاقتصادي المنشود بالمحافظة.
وأشاد بالجهود الكبيرة التي بذلها المركز الوطني للنخيل والتمور في تخطيط وتنفيذ مشروع ”قرية النخيل“، معرباً عن تقديره لدعم كافة الجهات المعنية التي ساهمت في إنجاح هذا المشروع الوطني الهام.
الجدير بالذكر أن القرية تحتضن منطقة خاصة بالحرفيين وورش عمل، تكتسب أهمية إضافية لتزامنها مع إقرار مجلس الوزراء لعام 2025 عاماً للحرف اليدوية، احتفاءً بقيمتها الثقافية ودورها في إبراز الصناعات الإبداعية السعودية.
وتهدف قرية النخيل إلى أن تكون حاضنة متكاملة لصناعات النخيل والتمور، ووجهة سياحية جاذبة بفعالياتها الثقافية والتراثية المستمرة، ومركزاً معرفياً رائداً لتحقيق الاستدامة والتطوير في القطاع، فضلاً عن كونها محركاً اقتصادياً يدعم المزارعين والمشاريع المحلية ويخلق فرصاً استثمارية ووظيفية جديدة، بما يتماشى مع توجهات المملكة لتنشيط السياحة الزراعية وتحقيق التكامل بين الثقافة والزراعة.

مقالات مشابهة

  • أسعار الذهب في الأسواق المصرية اليوم الخميس 24 أبريل 2025
  • «آي صاغة»: الذهب يتراجع بعد تخفيف ترامب لهجته بشأن الحرب التجارة والفيدرالي الأمريكي
  • الأحساء تدشن قرية النخيل.. وجهة مبتكرة تجمع الزراعة والسياحة والتراث
  • فرص اسثمارية للسعوديين في إثيوبيا بقطاعات الزراعة والأغذية والسياحة والفندقة والتصنيع
  • اقتصاد العراق مقبل على انكماش هذا العام بسبب النفط
  • وزارة التجارة:لدينا “رغبة “بزيادة حجم الصادرات التركية للعراق إلى أكثر من (14) مليار دولار سنوياً
  • تركيا تغرّم شركات أحذية شهيرة بسبب عدم الإفصاح عن استخدام جلد الخنزير
  • الصين تخفض وارداتها من أهم سلع الولايات المتحدة وتوقف استيراد الغاز المسال
  • أهم أخبار الإمارات اليوم.. ثورة تشريعية باستخدام الذكاء الاصطناعي لصياغة القوانين
  • تراجع صادرات السجاد اليدوي الإيراني إلى 41 مليون دولار خلال عام