من التجارة إلى الغاز والسياحة.. حرب إسرائيل على غزة تطال اقتصاد مصر
تاريخ النشر: 22nd, October 2023 GMT
القاهرة- تزيد المواجهة بين جيش الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية -عقب إطلاق عملية "طوفان الأقصى"– من متاعب الاقتصاد المصري، الذي يعاني شحا في الدولار، وارتفاعا في الدين الخارجي أدى إلى تراجع قدرته على الوفاء بالتزاماته، وفق وكالات التصنيف الائتماني العالمية.
التجارة مع فلسطين وإسرائيليأتي الأثر السلبي للصراع في غزة على الاقتصاد المصري من عدة أوجه، على غرار المخاوف من توقف صادرات مصر إلى قطاع غزة بصورة مباشرة، وعرقلة هذه الصادرات نحو الضفة الغربية.
وكانت الصادرات المصرية نحو فلسطين قد ارتفعت بنسبة 28.4% وبلغت 451.5 مليون دولار خلال عام 2022، مقابل 351.5 مليون دولار خلال 2021، بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري.
وبشأن العلاقة مع الاحتلال تشير بيانات لوزارة التجارة الإسرائيلية إلى خطة لرفع التبادل التجاري مع مصر -باستثناء السياحة وصادرات الغاز الطبيعي- إلى 700 مليون دولار في أفق 2025، مقابل 300 مليون دولار في العام 2022.
وبموجب الخطة -التي نقلت صحيفة تايمز أوف إسرائيل تفاصيل عنها- من المقرر أن تطور القاهرة وتل أبيب معبر (نيتسانا) بينهما، كما أنه من المقرر أن يزيد الاحتلال مستورداته من المواد الغذائية والأسماك الطازجة ومواد البناء من مصر مقابل تصدير الحلول والتقنيات الزراعية.
كما زادت صادرات مصر إلى الولايات المتحدة -وفق اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة (كويز) التي تقتضي تعاونا صناعيا مع إسرائيل- إلى 1.5 مليار دولار في 2022، مقابل 1.2 مليار دولار في السنة التي قبلها، وفق بيانات الغرفة التجارية الأميركية في مصر.
وشكّلت منتجات "الكويز" (اتفاقية بين مصر وإسرائيل والولايات المتحدة تخص تصدير منتجات المناطق الصناعية المؤهلة) 53% من إجمالي صادرات مصر إلى الولايات المتحدة في عام 2022 و55% من الصادرات غير النفطية إليها.
وبحسب اتفاق "الكويز"، يجب أن تحتوي المنتجات المؤهلة للتصدير إلى الولايات المتحدة مع إعفاءات جمركية، على 35% على الأقل من قيمتها المضافة من قبل مصانع المناطق الصناعية المؤهلة، وتساهم مصر بما لا يقل عن 12% من هذه القيمة المضافة، في حين يجب أن تساهم إسرائيل بنسبة 11%.
لكن وبالنظر إلى الارتباك الذي تشهده إسرائيل مع صافرات الإنذار ودخول المستوطنين الملاجئ، وتوقف حركة المصانع، بالإضافة إلى استدعاء العاملين إلى الجيش وفق التعبئة الأخيرة، من المتوقع على نطاق واسع أن تتأثر كل من الصادرات المصرية والإسرائيلية سلبا، وفق مراقبين.
صادرات الغازتأثير سلبي آخر على اقتصاد مصر سيأتي من صادرات الغاز الإسرائيلية، حيث أعلنت شركة شيفرون في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الجاري وقف صادرات الغاز الطبيعي عبر خط أنابيب غاز شرق المتوسط البحري بين إسرائيل ومصر، واستخدام خط الغاز العربي المار عبر الأردن.
ولم تفصح الشركة الأميركية ولا أي من الجهات الإسرائيلية أو المصرية عن الخسائر بعد هذا الإجراء، لكن يبدو واضحا من الخرائط -وفق مختصين- أن خط الغاز العربي أطول من خط أنابيب غاز شرق المتوسط الذي يمتد من عسقلان، على بعد نحو 10 كيلومترات شمال غزة، إلى العريش في مصر.
كما علّقت إسرائيل الإنتاج في حقل غاز تمار قبالة الساحل الجنوبي بعد 3 أيام من إطلاق عملية المقاومة الفلسطينية، في وقت نقلت رويترز عن مصادر في صناعة الطاقة قولها إن كمية الغاز المصدرة من حقل لوثيان إلى مصر تقلصت قليلا مع إعطاء الأولوية للإمدادات للسوق المحلية.
ولا توجد حتى الآن معطيات رسمية عن التأثيرات السلبية للحرب في غزة على صادرات الغاز لكن التوقعات تتحدث عن انعكاسات سلبية محتملة.
ويقول خبير النفط والطاقة الكويتي، كامل الحرمي في تعليق للجزيرة نت عبر الهاتف إن التأثيرات السلبية المعتبرة على صادرات الغاز من إسرائيل إلى مصر يمكن أن تظهر إذا طال أمد الحرب.
ويضيف أن صادرات الغاز المصرية تراجعت منذ فبراير/شباط الماضي حتى توقفت في مايو/أيار تماما، مشيرا إلى أنه كان من المقرر أن يتم استئنافها الشهر الجاري، وفق ما صرح وزير البترول المصري طارق الملا في وقت سابق من العام.
وكانت مصر وقعت اتفاقا مع إسرائيل منتصف يونيو/حزيران من السنة الماضية، لاستيراد الغاز الطبيعي من إسرائيل، وإعادة تصديره مسالا إلى أوروبا، لمدة 3 سنوات، ويجدد الاتفاق تلقائيا لمدة سنتين إضافيتين.
ولا تفصح مصر رسميا عن وارداتها من الغاز الإسرائيلي، لكن بيانات مبادرة البيانات المشتركة (جودي) تشير إلى أنها استوردت عبر الأنابيب (من إسرائيل) نحو 6 مليارات متر مكعب منذ مطلع السنة وحتى أغسطس/آب الماضي، وفق حسابات أجرتها الجزيرة نت، في حين أعادت تصدير نحو 3.8 مليارات متر مكعب من الغاز المسال بداية من يناير/كانون الأول إلى أبريل/نيسان الماضيين قبل موجة حر شديدة ضربت مصر والعالم وأحدثت أزمة في إمدادات الغاز لمحطات الكهرباء.
وبدءا من يوليو/تموز 2022 وحتى نهاية السنة نفسها، استوردت مصر عبر الأنابيب 3.11 مليارات متر مكعب من الغاز، في حين صدّرت 5.67 مليارات متر كعب من الغاز المسال. وتستورد مصر غازا عبر الأنابيب من إسرائيل وتعيد تصديره مسالا مع الغاز الذي تستخرجه من الحقول المصرية وفق الاتفاق بين الطرفين.
وارتفعت حصيلة مصر من صادرات الغاز بنسبة 140% في 2022 محققة ما قيمته 8.4 مليارات دولار، مقارنة مع 3.5 مليارات دولار مسجلة في 2021، مدفوعة بزيادة أسعار تصدير الغاز المسال عالميا، وفق ما ذكر جهاز التعبئة العامة والإحصاء.
وأعلنت مصر وإسرائيل بدء تدفق الغاز الطبيعي من حقلي ليفياثان وتمار للغاز الطبيعي الواقعين تحت سيطرة إسرائيل إلى مصر منتصف يناير/كانون الثاني 2020، لكن أولى الصادرات ظهرت وفق البيانات في يوليو/تموز من السنة نفسها بواقع 174 مليون متر مكعب.
سيّاح بمتحف الحضارة بالقاهرة (الجزيرة) ضربة مضاعفة للسياحةعلى صعيد السياحة، تلقت مصر ضربة مضاعفة بعد أن قتل شرطي مصري في اليوم التالي لبدء عملية "طوفان الأقصى" سائحين إسرائيليين اثنين، وأصاب آخر، في منطقة أثرية في محافظة الإسكندرية شمالي البلاد، ما دفع وزارة الخارجية الإسرائيلية إلى استدعاء الإسرائيليين الموجودين في سيناء على الفور.
وقدّر عضو غرفة الشركات السياحية المصرية، هاني بيتر في تصريح للجزيرة نت نسبة الإشغالات الفندقية في طابا وشرم الشيخ في جنوب سيناء المصرية بنحو 5% فقط بعد اشتداد وطأة الحرب على غزة، بعد أن وصلت إلى 100% تقريبا قبيل حادث الإسكندرية.
لكن الضربة الأكبر التي تلقتها السياحة المصرية جاءت من تهاوي عدد الزوار المسيحيين الذين تمر مناسكهم بالضرورة بالقدس المحتلة قبل قدومهم إلى مصر، ويقدر بيتر عددهم بنحو مليونين في السنة.
ويمثل إشغال الإسرائيليين في فنادق طابا وجنوب سيناء ما بين 35% إلى 45%، أما النسبة الباقية ففي العادة تكون من نصيب الزوار المسيحيين، الذين يختمون مناسكهم في كنيسة القديسة كاترين في سيناء ويعودون إلى بلدانهم من القاهرة في ما يسمى برنامج "البلدان الثلاثة"، وفق بيتر.
واتسع نطاق تأثر السياحة إلى فنادق في القاهرة والعاصمة الإدارية الجديدة، إذ يقدر بيتر عدد المجموعات التي ألغت حجوزاتها بنحو 500 مجموعة تتكون كل منها من 35 شخصا.
وبلغ عدد السياح الإسرائيليين الذين دخلوا إلى سيناء عبر معبر طابا البري 566 ألف سائح في السنة الماضية (2022) وفق بيانات صادرة عن صفحة "إسرائيل بالعربية" الموثّقة على منصة "إكس"، تويتر سابقا.
كما استقل الطائرة 169 ألف سائح من مطار بن غوريون، منهم 124 ألف سائح إلى شرم الشيخ و45 ألفا إلى القاهرة.
وكانت 3 شركات طيران إسرائيلية أطلقت في أبريل/نيسان من السنة الماضية 3 رحلات أسبوعية مباشرة إلى شرم الشيخ، قبل أن تطلق شركة طيران القاهرة رحلات مباشرة بين تل أبيب وشرم الشيخ في الشهر التالي.
ووفق تقرير معهد الاتفاقيات الإبراهيمية بلغ عدد السياح الإسرائيليين الوافدين إلى مصر 500 فقط في 2021 و37 ألفا و900 في 2020، بتأثير من تداعيات وباء كورونا (كوفيد-19)، لكن العدد الأكبر لتدفق السياح الإسرائيليين سجل في 2019، إذ بلغ 530 ألفا و200 سائح.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الغاز الطبیعی صادرات الغاز ملیون دولار ملیارات متر من إسرائیل دولار فی من الغاز متر مکعب إلى مصر
إقرأ أيضاً:
بين ترامب وهاريس.. كيف تؤثر أميركا على اقتصاد إسرائيل؟
مع اقتراب الانتخابات الأميركية، تتصاعد الأسئلة عن كيفية تأثير السياسة الاقتصادية لكل من المرشحين الرئيسيين، دونالد ترامب وكامالا هاريس، على الاقتصاد الإسرائيلي، خاصة في ظل اعتماد إسرائيل المتزايد على الدعم الأميركي خلال الحرب المتواصلة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وبحسب تقرير في "كالكاليست"، تبرز اختلافات جوهرية بين رؤى ترامب وهاريس حول السياسة الاقتصادية، والضرائب، والتجارة العالمية، مما قد يترك أثرا مباشرا على الشركات الإسرائيلية، لا سيما في قطاع التكنولوجيا.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هاريس في كنيسة وترامب يواصل “العدواني”list 2 of 2فايننشال تايمز: هل يقدم ترامب على ما هو أسوأ مما فعله في الانتخابات السابقة؟end of list سياسات ترامبأوضح التقرير أن ترامب، خلال فترة رئاسته، خفّض الضرائب على الشركات من 35% إلى 21% بهدف تشجيع الاستثمار في الولايات المتحدة وتحفيز الاقتصاد.
ورغم أن هذه الخطوة ساعدت في تعزيز أرباح الشركات الكبيرة، فإنها أدت إلى تقليص عائدات الضرائب الفدرالية وتفاقم التفاوت الاجتماعي، وهو ما قد تكون له تداعيات سلبية على المدى الطويل.
وفي سياق تحفيز الإنتاج المحلي، فرض ترامب رسوما جمركية على الواردات، وخاصة من الصين، مما أثر على الشركات الأميركية التي تعتمد بشكل كبير على الواردات، نظرا لارتفاع تكاليف الإنتاج المحلي.
ويوضح المستشار الإستراتيجي وخبير الاقتصاد، عمّيت ساروسي، أن هذه السياسة أثرت على الشركات التي تستورد المواد من الخارج، وخلقت حالة من عدم اليقين بين الدول التي تعتمد على التصدير إلى الولايات المتحدة.
رؤى هاريسفي المقابل، تتبنى هاريس رؤية اقتصادية تعتمد على رفع الضرائب على الشرائح الأكثر ثراء والشركات الكبرى، وذلك بهدف تقليص الفجوات الاقتصادية والاجتماعية.
ورغم أن هذه الخطوة قد تساهم في تحقيق توازن اجتماعي، فإن ارتفاع الضرائب قد يؤدي إلى تقليل الاستثمارات الداخلية وبالتالي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي الأميركي.
وتدعو هاريس أيضا إلى تطوير "اقتصاد أخضر" قائم على التكنولوجيا والطاقة النظيفة، مما قد يفتح الأبواب أمام التعاون الدولي، ويفتح فرصا تجارية عالمية جديدة.
وأشار التقرير إلى أن هذه السياسة قد تدعم توجه إسرائيل نحو الابتكار في قطاع التكنولوجيا المستدامة، وتزيد من التعاون التجاري بين الدول.
تأثير السياسات على الاقتصاد الإسرائيليومن منظور اقتصادي، قد تساهم سياسات ترامب في تعزيز نمو الشركات الإسرائيلية ذات الوُجود في الولايات المتحدة، خصوصا في قطاع التكنولوجيا.
ومع ذلك، فإن توجه ترامب الرأسمالي قد يؤدي إلى توسيع الفجوات الاجتماعية، مما قد يؤثر سلبا على الطبقة المتوسطة، ويضعف الاقتصاد الأميركي على المدى الطويل.
في المقابل، تتباين الآراء داخل الجالية اليهودية في الولايات المتحدة -وفق كالكاليست- حول هذه الانتخابات، حيث إن العديد منهم يميلون لدعم الحزب الديمقراطي تقليديا، لكن التغيرات السياسية الجارية في إسرائيل قد تؤثر على هذا الاتجاه.
ويُطرح السؤال حول إذا ما كانت هاريس ستواصل دعم إسرائيل كما فعلت إدارة بايدن، وإذا ما كان ترامب سيظل ملتزما بتعهداته السابقة.
ويبرز تقرير "كلكاليست" أن النتائج النهائية غير مؤكدة، وأن على إسرائيل في الوقت الحالي أن تركز جهودها على بناء حكومة مستقرة قادرة على اتخاذ قرارات اقتصادية وأمنية مستدامة تعزز من الوحدة وتدعم الاقتصاد.