العراق يستورد 90% من احتياجاته.. ما علاقة الانتاج المحلي بالسوق الموازي؟
تاريخ النشر: 22nd, October 2023 GMT
بغداد اليوم- ديالى
كشفت اللجنة المالية النيابية، اليوم الاحد (22 تشرين الاول 2023)، عن استيراد العراق 90 بالمئة من احتياجاته، فيما اشارت الى علاقة الانتاج المحلي بالسوق الموازي.
ويؤكد عضو اللجنة المالية النيابية مضر الكروي، اليوم الاحد، أن "غياب الانتاح المحلي زاد من ضغط السوق الموازي بنسبة 50%".
ويقول الكروي في حديث لـ"بغداد اليوم"، إن" الاوضاع الاقتصادية في العراق بعد 2003 كانت استثنائية في ظل تحديات ضاغطة دفعت الى توقف عجلة الانتاج في 90% من المعامل والمصانع وربما النسبة اعلى لدرجة أن ميزان الاستيراد كسر حاجز 90% في تأمين احتياجات الاسواق من خارج الحدود".
نسب مثيرة للقلق
ويشير عضو اللجنة المالية النيابية الى أنها "نسبة مثيرة للقلق وتعكس تحدي وضعف اقتصادي كبيرة يتمثل بأنه شديد الخطورة في مواجهة أي ازمات".
واضاف، أن" غياب الانتاج المحلي في ظل استيراد اكثر من 7 الاف سلعة مختلفة للاسواق العراقية دفعت الى ضغط على السوق الموازي للدولار بنسبة لاتقل عن 50% اي جزء كبير من التجار والشركات ووصولا الى المواطنيين".
واوضح انه "عندما لا يجد التاجر سيولة مالية من الدولار من خلال منافذ البنك المركزي وفق الاسعار الرسمية يلجأ للموازي مضطرًا ".
ولفت الى أن" دفع عجلة الانتاج تحتاج الى استراتيجية وطنية بدعم وتمويل حكومي من خلال خارطة طريق تعيد احياء القطاع الخاص وتحمي المنتج وتوقف اغراق الاسواق بالمستورد من خلال ضبط المعابر"، مؤكدا أن" الاكتفاء من المواد والبضائع سيقلل الاقبال على الدولار ويدفع الى تقوية الدينار".
دعم القطاع الخاص
وفي (3 آيار 2023)، أكد وزير الصناعة والمعادن، خالد بتال، أن من أولويات حكومة رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني النهوض بالقطاع الصناعي، وفيما كشف عن خطة لدعم القطاع الخاص، أعلن دعمه وزارته الكامل لفسح المجال للقطاع الخاص وعدم منافسته.
وقال بتال، خلال فعاليات مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيمياوي والأسمدة والسمنت، إن "هذا المؤتمر هو الأول من نوعه الذي تقيمه وزارة الصناعة والمعادن والذي نتطلع أن يؤسس لشراكة حقيقية مع شركات القطاع الخاص الداخلي والخارجي"، مبينا ان "الحكومة الحالية برئاسة السوداني، وضعت من أولوياتها للنهوض بالقطاع الصناعي العراقي في مجالات التعدين والأسمدة والبتروكيمياويات والاسمنت والمجالات الأخرى ليسهم في تحقيق أهداف خطة التنمية الوطنية العراقية من حيث زيادة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي وتوفير فرص العمل وتطلعات العراق لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 من خلال استغلال أمثل للثروات المعدنية والمعادن.
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: القطاع الخاص من خلال
إقرأ أيضاً:
منافسة الحكومة للقطاع الخاص
مدرين المكتومية
قبل يومين وأثناء انهماكي في العمل الصحفي، وصلني اتصال من إحدى موظفات قسم التسويق بإحدى مؤسسات القطاع الخاص، وكانت تشكو لي وتخبرني بأنَّها توجَّهت لتقديم فكرة لإحدى الدوائر الحكومية على أمل أن ينخرطوا في شراكة ثنائية من أجل تنظيم حدثٍ ما؛ حيث لاقت في البداية الترحاب والقبول؛ نظرًا لأهمية الموضوع، ووعدوها بالرد لاحقًا بعد عرض الفكرة على بعض المسؤولين.
ما حدث بعد ذلك أنها استمرت في التَّواصل معهم لمعرفة المستجدات، ولم تجد منهم سوى المُمَطالة والتسويف، إلى أن فوجئت قبل أسبوعين فقط بأنَّ المقترح الذي قدمته والفعالية التي كانت ترغب في تنظيمها، تم الإعلان عنها بتنظيم من هذه الجهة فقط دون أي شراكة معها؛ حيث قررت هذه الجهة الحكومية تنفيذ الفكرة بكل تفاصيلها بما فيها من رؤى عميقة وأفكار إبداعية وحتى المستهدفين من الرعاة!! الأمر الذي أصابها بالإحباط، وغرس فيها نوعًا من عدم الثقة في الآخر، فضلًا عن الخسارة المعنوية والمادية.
هذه للأسف واحدةً من قصص عديدة بنفس التفاصيل تقريبًا؛ حيث لا يكف القطاع الحكومي (وزارات وهيئات وشركات) عن منافسة القطاع الخاص في سوقه المحدود أصلًا، وهو ما يضع القطاع الخاص أمام معضلة حقيقية وأزمة عنيفة تُهدد بتلاشيه رويدًا رويدًا.
لقد سادت أفكار لدى بعض الوزارات في السنوات الأخيرة بضرورة تحقيق أرباح مالية من خلال تنظيم فعاليات أو مؤتمرات تحشد فيها رعايات مالية من الشركات الكبرى في القطاع الخاص تحقق لها أرباحًا مجزية، وذلك في منافسة غير عادلة ضد شركات القطاع الخاص المتخصصة في إدارة الفعاليات.
لا يجب أبدًا أن يكون هدف أي مؤسسة حكومية تحقيق الأرباح، لأنها في الأساس لم تُنشأ لهذا الغرض؛ بل إن المؤسسات الحكومية مؤسسات غير ربحية في الأساس، وإذا رغبت في جني أي إيرادات مالية فتكفيها الرسوم والضرائب المفروضة والتي ترتفع كل فترة وحين.
فهل يعقل أن يقوم مسؤول كبير في وزارة معينة بالاتصال برئيس تنفيذي لشركة كبرى بالقطاع الخاص ليطلب منه تقديم رعاية مالية لحفل ستقيمه وزارته؟! أو لدعم تنظيم حدث يخُص إنجازات الوزارة؟! الغريب في الأمر أنَّ مثل هذه الفعاليات لها مخصصات مالية وميزانيات داخلية في كل جهة حكومية، وزارة كانت أو هيئة، ومن الواجبات الوطنية على هذه المؤسسات الحكومية أن لا تُنافس القطاع الخاص، لا سيما وأن المسؤولين عن الشأن الاقتصادي دائمًا ما يؤكدون الحرص على توفير كل سبل النجاح للقطاع الخاص وليس محاربته في قوته ومصدر رزقه، وهو ما يُحتِّم على المؤسسات الحكومية أن تلتزم بهذه التوجهات المنطقية، وعدم التفكير بطريقة البائع والمشتري، وكأنَّ الوزارة تحولت إلى "سوبرماركت"!
الملاحظ أن هناك خلط كبير جدًا؛ إذ إن ممارسات حكومية خاطئة في السنوات الأخيرة، تسببت في إضعاف القطاع الخاص بشكل كبير وخروج العديد من الشركات من السوق، وتسريح الآلاف من الشباب العُماني. ولا ريب أن التضييق على القطاع الخاص ليس من صالح الحكومة في شيء؛ لأن هذه الشركات تساهم في التوظيف ودفع الضرائب ورفع الناتج المحلي، وفي الوقت الذي تواجه البلاد فيه أزمة في التوظيف على الحكومة أن تعمل على عدم منافسة القطاع الخاص؛ بل والواجب عليها تحفيزه حتى يستطيع القيام بالدور المأمول منه.
ولا أدل على هذه المنافسة غير العادلة، ولن أبالغ إن قلت إنها منافسة ظالمة للغاية، بدأت مؤسسات حكومية في ممارسة نفس أعمال القطاع الخاص؛ حيث إن عددًا منها يستعين في البداية بالقطاع الخاص ويطلب منه تقديم أفكار ومقترحات وتصورات لازمة لإنجاح الفعالية، وبعد أشهر من العمل المضني من قبل القطاع الخاص، دون أي مقابل على كل هذه الجهود، تكون الصدمة والمفاجأة المدوية، تبدأ بردود باردة وتسويف وتجاهل وهروب من اللقاءات المباشرة، وفي النهاية يكون الرد: "هذه الأفكار يمكن تنفيذها من خلال الوزارة ولا نحتاج إلى شركة متخصصة للقيام بها"!! دون أن تشعر هذه المؤسسة أو الوزارة- ولو للحظة- أن هناك فريق عمل متكامل، عكف ليل نهار على إعداد مثل هذه التصورات، والتي تأتي في نطاق اختصاصه ومصدر رزقه الوحيد. وهذا يدفعنا إلى اتهام هذه الوزارات الحكومية بسرقة الأفكار الإبداعية وعدم الاعتداد بحقوق الملكية الفكرية حتى وإن كانت ما تزال فكرة على الورق أو في رأس صاحبها، فأيُّ دور نأمله للقطاع الخاص في مسيرة التنمية؟ وأي شراكات بين القطاعين يمكن أن نشهدها؟!
أيضًا البعض من هذه المؤسسات يطلب انتداب موظفين من شركات بعينها بهدف التدوير الوظيفي وزيادة الخبرات ورفع كفاءة عمل القطاع الحكومي، لكن فجأة تجد هذا الانتداب يتحول لدى البعض إلى مهمة عمل "تسويقية"، من خلال تركيز عملهم على تقديم أفكار تسويقية كانوا يعملون عليها في القطاع الخاص الذي ينتمون له، ويكون الهدف الرئيسي هو الربح وجني المكاسب، وهذا بالتأكيد سوء استخدام وليس خدمة للأهداف الأصيلة. كل هذا يحدث يوميًا أمام أعيننا في بيئة غير صحية لممارسة الأعمال التجارية، دون أدنى اعتبار لأهمية دور القطاع الخاص وضرورة عدم منافسة القطاع الحكومي له، بل بناء الشراكات والتعاون المُثمر.
يجب على الجهات الحكومية، وبصفة خاصة الوزارات، أن تعي أن هدفها الأساسي يتمثل في خدمة المجتمع بالدرجة الأولى، والنهوض بالقطاع الخاص وتمكينه، وهذا الهدف في مرحلة سابقة كان هدفًا ساميًا، عملت المؤسسات الحكومية يدًا بيدٍ مع القطاع الخاص من أجل تحقيق غاياتها التنموية وتقديم خدماتها بصورة مميزة، لكن خلال السنوات الأخيرة الماضية لوحظ أنها أصبحت تخوض منافسة ظالمة مع القطاع الخاص، وتسعى لسحب الأرباح منه، والبحث عن المكسب لا سواه، وهذا بالطبع أمر غير صحي ولا يدخل ضمن دورها الأساسي والمرجو منها.
وختامًا.. إنني أتوجه بالدعوة إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء الموقر، بضرورة توجيه الوزارات والجهات الحكومية، نحو تفعيل الشراكة مع القطاع الخاص، وعدم مزاحمته في مصدر رزقه، وأن تتفادى الحكومة تمامًا القيام بأعمال القطاع الخاص الهادفة للربح، فهذا حق أصيل للقطاع الخاص لكي يُواصل دوره الإنتاجي والتنموي ويُسهم في نمو الاقتصاد، لأنَّ غير ذلك سيُفضي إلى نتائج سلبية للغاية وانعكاسات ضارة جدًا باقتصادنا الوطني، ولن نجد أي دور حقيقي للقطاع الخاص، طالما قررت الجهات الحكومية الاستحواذ على ما يتبقى للقطاع الخاص (لا سيما المؤسسات الصغيرة والمتوسطة) من أعمال قد تُدر ربحًا يُساعده على الوفاء بالتزاماته.
رابط مختصر