الجزيرة:
2025-01-05@10:21:57 GMT

إسرائيل والاحتلال التقليدي .. عالم يعود إلى الوراء

تاريخ النشر: 22nd, October 2023 GMT

إسرائيل والاحتلال التقليدي .. عالم يعود إلى الوراء

في كتابِها "سجون نختار أن نحيا فيها "، ترى الروائية الإنجليزية درويس ليسينج الحاصلة على جائزة نوبل في الآداب أنّ الناظر إلى شؤون السياسات الداخلية، والأطماع التي تحُلُّ في رؤوسِ قادة بعض الدول، يتأكّد أنَّ العالم لا يتقدّم إلى الأمام في خطّ مستقيم، نحو التقدُّم والتحرّر والرفاه، إنما يتقهقر إلى الخلف، بخطًى سريعة، ليعود الإنسان إلى الغابة.

في أواخر السبعينيات من القرن الماضي انتشر بقوّة اصطلاح "الاستعمار الجديد" Neocolonialism  والذي يقومُ على أنّ زمن احتلال أرض الغير بالقوّة العسكرية المسلّحة قد ولّى إلى الأبد، ليحلّ محِلّه شكلٌ آخر من الاستعمار يقوم على سرقة طوعية، ظاهرة وخفية، للموارد الطبيعية والبشرية، عبر تعويق القدرات الصناعية للدول الفقيرة والنامية، لتُجبر على تصديرها كموادَّ خام، ثم تعود إليها في شكل سلع، وبذا تتراكم الأرباح الوفيرة في جيوب المصنّعين، بينما يزداد المزارعون ومستخرجو المعادن من بطن الأرض فقرًا.

ويقوم هذا النوع من الاحتلال أيضًا على نزيف العقول أو هجرة الأدمغة من العالم الثالث إلى العالم الأول صناعيًا، إلى جانب الغزو الثقافيّ المنظم الذي يربط الدول الفقيرة في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية بثقافة الدول المتقدّمة تقنيًا وصناعيًا، وَفق ما اصطُلح عليه اسم "المركزية الأوروبية".

وفي رِكاب هذا ظهرت مدرسة التبعية التي تقوم على إلحاق الدولة المتعثرة في التنمية بدول حقّقت فيها درجات متقدّمة، لتكون الأولى مجرد محيط للثانية، التي تشكل مركزًا يشدّ المحيط بإحكام ليدور في فلكه. ويتمّ هذا عبر ربط مجموعات من أصحاب المصالح في الدول الفقيرة بالمركز، ليظلّ هؤلاء أشبهَ بوكلاء محليين للاستعمار، أو لشركاته متعدية أو متعدّدة الجنسيات، التي صارت القدرة المالية لبعضها أكبر من دول كثيرة في عالمنا المعاصر.

وفي السياسة عمدت الدول الاستعمارية السابقة إلى أن تجعلَ على رأس الدول المستقلّة نخبًا سياسية تابعة، تؤمن بأنّ وصولها إلى السلطة، والاستمرار فيها، بيد الدول الكبرى، غير عابئة بمواقف الشعوب التي تدير شؤونها.  فرغم أنَّ هذه الشعوبَ هي صاحبة الأرض والمال والسيادة والشرعية، فإنّها يجب ألا تملك القدرة على تغيير مَن يحكمونها، ليرى الحكّام أنّ بقاءَهم جالسين على عروشهم بيد القوى العالميّة الكبرى، وليس بيد الشعب.

وبينما كانت الدول المستقلّة حديثًا تلوكُ عبارتَها الغارقة في المجاز والتي تقول: "حمل الاستعمار عصاه ورحل"، كانت الدول الاستعماريّة السابقة مستريحة للصيغة الجديدة، التي تمكنها من الحصول على موارد الدول الفقيرة، والسيطرة على أغلب رؤوس أبنائِها ومشاعرهم، دون أن تكون مضطرة لتسيير الجيوش إليها، في مغامرة ذات كلفة بشرية ومادية مرتفعة.

عقارب الساعة الى الوراء

ومع تفكُّك الدول التي انضمّت قسرًا إلى كِيانات كبرى، كما جرى في الاتحادّين: السوفيتي واليوغسلافي المنهارَين، راحت الأدبيات السياسية تحفل بالحديث عن حقّ تقرير المصير، وعن ضرورة تلبية رغبة أصحاب القوميات في الاستقلال، وإقامة دول أو دويلات على أساس عِرقي. ولم يكن هذا ببعيد عن الرؤية العامة المتعلّقة بنهاية عصر الاستعمار التقليدي، الذي حكم تاريخ العالم، وقامت على أساسه دول وإمبراطوريات سادَت ثم بادَت.

وأرادت الولايات المتحدة الأميركية- بوصفها الإمبراطورية التي تغلّبت بعد الحرب العالمية الثانية- أن تعيد عقارب الساعة إلى الوراء، باستخدام القوّة المسلّحة السافرة في تغيير أنظمة الحكم عَنوة، كما جرى في بنما، وفي احتلال الدول، كما حدث في أفغانستان والعراق. لكنّ هزيمة مشروع الاحتلال الأمريكي- بالانحسار والتقوقع في العراق، والهرب من أفغانستان- أعطت الرؤيةَ السائدة بانتهاء عصر الاستعمار التقليديّ حُجةً قوية.

وحتى الهيمنة المباشرة- التي تقوم على تمسّك دول متقدمة بالنفوذ القديم في دول تعتبرها امتدادًا لإرثها الاستعماري التاريخي أو فِناءً خلفيًا أو مجالًا حيويًا لها- لاقت صعوبة في الاحتفاظ بقوّة دفعها، فوجدنا قدرة الولايات المتحدة على تغيير الأنظمة في أمريكا اللاتينية أو استتباعها، تواجه صعوبات جمّة، وتفشل في بعض الحالات، وآخرها ما حدث في فنزويلا. ووجدنا فرنسا تُجبر على سحب قواتها من دول فرانكفونية مثل النيجر، أو تفقد قدرتها على تحريك السياسات المحلية، مثلما حدث في الجابون.

وحدها اسرائيل

وحدَها بقيت إسرائيل متمسكة بالاحتلال في شكله التقليدي، تدافع عنه، وتقتل وتصيب وتدمر وتسجن من أجل استمراره، بل تسعى إلى زيادة رقعة الأرض المستعمرة، سواء بقضم الأراضي في الضفة الغربية، لتقيم عليها مستوطنات أو مغتصبات، حَسَب الاصطلاح الفلسطيني، أو بالسعي إلى تهجير السكان الأصليين والاستيلاء على أراضيهم، مثلما تطرح الآن الحكومة التي تشكّلها أحزاب متطرفة ويقودها بنيامين نتنياهو، بخصوص قطاع غزة.

لم تكتفِ إسرائيل بشكل الاستعمار الجديد، الذي يتجسّد في استيلائها على الموارد في المناطق الفلسطينية، وفائض الجهد لسكانها، الذين يضطر بعضهم إلى العمل في بناء المستوطنات نفسها، ليجدوا ما يتقوّتون به، بل حافظت معه على الاستعمار التقليدي، ما جعلها ترفض طَوال الوقت إقامة دولة للفلسطينيين على مساحة لا تزيد عن 22 في المائة من أرض فلسطين التاريخية.

واستخدمت إسرائيل التقنيات الفائقة في إدارة احتلالها، لتحوّل الضفة الغربية وقطاع غزة إلى أكبر سجن في العالم. فهاتان المنطقتان مطوّقتان بسياج من الخرسان (الإسمنت والحديد) يسمّى "الجدار العازل"، مثبتة عليه كاميرات مراقبة متطورة جدًا، متصلة بأسلحة إلكترونية، ما إن ترصد الكاميرات أحدًا يريد أن يفرّ من هذا السجن، حتى يطلق السلاحُ النارَ عليه فيُرديه قتيلًا أو يصيبه. وتمتدّ هذه الرقابة إلى شوارع المدن، والبيوت أحيانًا.

وجاءت الحرب على غزة لتظهر أنّ هذا النوع من الاحتلال يلقى تأييدًا من القوى الاستعمارية القديمة؛ رغم أنها تتحدث في الظاهر عن أنها قد تجاوزت الحقبة الاستعماريّة، وأن الإرغام يجب أن يغادر علاقات الدول إلى الأبد، ويحلّ محِلّه التعاون. لكنّها في الواقع تصرفت وَفق الثقافة القديمة، التي تقوم على المركزية في الثقافة والاقتصاد والسياسة، وتريد أن تُلحِق الآخرين بها، طوعًا أو كرهًا.

دولة مستقلة تحارب اسرائيل

فقد وجدنا الغرب الرسمي، في الغالب الأعمّ، يتحدث عن الفلسطينيين وكأنهم دولة مستقلة تحارب إسرائيل، وليسوا شعبًا تحت نير الاحتلال، له الحقّ في المقاومة المشروعة، التي تقرّها اتفاقية جنيف، وله الحقّ في رفض السجن الذي يعيش فيه، والتمرّد على أساليب القهر والإفقار بل والعقاب الجماعيّ، الذي تفاقم في الحرب الدائرة حاليًا إلى درجة الإبادة الجماعية.

بل الأدهى من هذا أنَّنا وجدنا الغربَ وكأنه لم يخرج بعد من الإنشاءات والحكايات المزيفة التي صيغت أيام حروب الفرنجة، أو ما تسمّى بـ "الحروب الصليبية". لقد جاء الملوك غزاة طامعين يزعمون حماية مسيحيي الشرق، ثم آذوهم مع المسلمين. ونسجت أساطير، سكنت الكتب، ثم رؤوس الناس. ورغم تقدّم الغرب علميًا ومنهجيًا، تأتي الأزمات لتبين أنّ الأغلبية وفيّةٌ لهذا الإرث الاستعماري.

إنّ الجمهور الأوروبي القُحّ، الذي شارك العرب والمسلمين المجنّسين والمقيمين في دول أوروبا مساندة الفلسطينيين، لم يخضع لهذا الإنشاء التاريخي غالبًا، أو هو على وعي بفظائع الحقبة الاستعماريّة الحديثة، أو هو ممتثل لنزعة إنسانية تدفعه إلى الدفاع عن المظلوم. لكن هؤلاء لا يمنعون وجود الذين يتصرّفون وكأننا لا نزال نعيش في زمن الاستعمار التقليدي، وينتشرون في المؤسسات السياسية، والدوائر الدبلوماسية، والمنابر الإعلامية، ولهم بالطبع الغلَبة والنفوذ الأوسع.

على هذا الأساس يمكن أنّ نقسم المتفاعلين في العالم مع ما يجري في غزة إلى صنفين: الأول هو من يرفض عودة الاحتلال التقليدي أو بقاءَه، ويعرف كم هو بغيض، والثاني هو من يتساوق معه، ولا يرى أي غضاضة فيه. ولعل واحدة من مكاسب هذه الحرب أن أتباع الصنف الأول يزداد عددهم وتأثيرهم تباعًا، ما يمنح الفلسطينيين تعاطفًا غربيًا كانوا في أشدّ الحاجة إليه.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

طريق الإصلاح في العالم العربي

يشهد العالم العربي نقطة تحول حاسمة في مسيرته نحو التنمية المستدامة، في ظل التحولات الكبيرة التي يشهدها العالم نتيجة التقدم التكنولوجي، والتغيرات الديموغرافية، والضغوط البيئية المتزايدة. ويعد الإصلاح الداخلي والإصلاح التحديثي من المفاهيم الحديثة لتحديث الأنظمة والهياكل المؤسسية لتلبية المتطلبات الحديثة، كمسارين مترابطين ومتكاملين لتحقيق هذه الغاية. 
تُعد الإصلاحات الداخلية ذات أهمية جوهرية، إذ تهدف إلى إعادة الهياكل التنظيمية القائمة لتحسين الكفاءة والمساءلة والشمولية. وقد شهدت المنطقة العربية في السنوات القليلة الماضية جهود لافتة لتعزيز معايير الشفافية ومكافحة الفساد في المؤسسات العامة والخاصة. وعلى الرغم من أن برامج الإصلاحات أظهرت بعض التقدم وفقاً لمنظمة الشفافية الدولية، إلا أن التقارير تنوه إلى أن دول المنطقة لا زالت بحاجة لتغييرات هيكلية لتحقيق التقدم المنشود. 
الإصلاحات المطلوبة وفق هذه التقارير يجب أن تتعامل مع الأوضاع الراهنة لسوق العمل والمتطلبات المهارية للقوى العاملة في العالم العربي. وبحسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإنه وبالرغم من أن70%  من سكان المنطقة متصلين بالإنترنت منذ عام 2022، إلا أن 1.7% فقط يمتلكون المهارات التقنية المتقدمة اللازمة للتعامل مع الوظائف الرقمية الحديثة، مثل البرمجة، وتحليل البيانات، وتطوير التطبيقات، والأمن السيبراني. جدير بالإشارة إلى أنه في عام 2023، بلغت نسبة البطالة بين الشباب في العالم العربي حوالي 25%، والذي يعد من أعلى المعدلات العالمية. ويتوقع دخول أكثر من 100 مليون من الشباب إلى سوق العمل خلال العقد المقبل، ليشكل بدوره ضغطًا إضافيًا على الحكومات العربية لتوفير فرص العمل، وتطوير اقتصاداتها بما يواكب الاحتياجات المتزايدة.
من الناحية الأخرى، يهدف الإصلاح التحديثي إلى تمكين الاقتصادات والمجتمعات العربية من الاندماج في السياق العالمي عبر الابتكار والتكنولوجيا. الاستثمار في الطاقة المتجددة هو من أحد الأمثلة البارزة على الإصلاح التحديثي. عربياً، أحرزت دول مثل الإمارات العربية المتحدة ومصر والمغرب تقدمًا ملحوظًا في هذا المجال كمشاريع "مصدر"، و"بنبان" ومجمع "نور ورزازات"، كأبرز المشاريع العالمية.
وعلى الرغم من هذه الجهود، إلا أن المنطقة العربية لا تزال متأخرة في تحقيق إمكاناتها في الطاقة المتجددة. وفقًا لتقرير صادر عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (أيرينا)، بلغت القدرة الإنتاجية للطاقة الشمسية في منطقة الشرق الأوسط حوالي 12.9 جيجاواط في عام 2022، وهو رقم يعادل تقريبًا قدرة فرنسا.
إلى جانب الطاقة المتجددة، يشكل تنويع الاقتصاد عنصرًا أساسيًا في الإصلاح التحديثي. تاريخيًا، اعتمدت العديد من الدول العربية بشكل كبير على النفط، ما جعل اقتصاداتها عرضة لتقلبات الأسعار والانتقال العالمي إلى الاقتصاد منخفض الكربون. وأصبح من الأهمية على الدول العربية تطوير قطاعاتها الحيوية مثل التكنولوجيا، والسياحة، والزراعة كخطوة ضرورية لتقليل الاعتماد على العائدات النفطية وبناء نماذج اقتصادية أكثر توازنًا واستدامة. المنطقة الاقتصادية لقناة السويس هو نموذج لمثل هذه المشاريع والتي تركزت على تطوير البنية التحتية، وتحسين الخدمات اللوجستية، وجذب الاستثمارات، وتوطين الصناعات. 
إجمالاً، تتطلب كل من الإصلاحات الداخلية والتحديثية أطر تشريعية قوية لدعم الابتكار وتحقيق العدالة وتطوير الشفافية والحد من الفساد. تحتاج الاقتصادات الحديثة إلى أنظمة قانونية مرنة تحمي حقوق الملكية الفكرية، وتضمن أعلى مستويات أمن البيانات، وتحسين جاذبيتها للاستثمارات الأجنبية. شمولية الإصلاحات مسألة مهمة للغاية لتلبية احتياجات الفئات المهمشة وإشراك كافة مكونات المجتمع وضمان تكافؤ الفرص.
التحول الرقمي بطبيعته يشكل محورًا مهماً للتكامل بين الإصلاح الداخلي والتحديثي. الوتيرة السريعة لتبني التكنولوجيا الرقمية في التعليم، والصحة، والتجارة ساهمت بتحولات نوعية في هذه القطاعات. وقد برزت مبادرات مثل الاستراتيجية الرقمية في مصر وبرنامج الحكومة الذكية في الإمارات كنماذج لافتة ارتكزت على بناء القدرات الداخلية وتعزيز التنافسية العالمية، إلا أن التوسع في مشاريع التحول الرقمي أصبح يتطلب مزيد من الإصلاحات الداخلية والتحديثية لمجاراة قضايا الأمن السيبراني، والخصوصية الرقمية، ورفع مستوى الوعي التكنولوجي لضمان شمولية فوائده.
في المجمل العام، لا تزال التحديات كبيرة. تعاني العديد من الدول العربية من ارتفاع مستويات الديون، والضغوط التضخمية، والتغيرات الديموغرافية التي أصبحت الثقل الذي ينهك كاهل الخدمات العامة ويضعف ثقة جمهور المجتمع. أضف إلى ذلك، أن المنطقة تعاني من عدم استقرار جيوسياسي ومخاطر مرتبطة بالتغير المناخي، وهو ما يزيد من تعقيد الأوضاع ويُضعف قدرة الدول على تحقيق الاستقرار والتنمية.
بالرغم من ذلك، توفر هذه التحديات فرص كبيرة، وكما وصفه الفيلسوف الصيني "سون تزو" في كتابه "فن الحرب": "من قلب الفوضى، تولد الفرصة."
فالتحولات الديموغرافية في العالم العربي تمثل فرص وآفاق واسعة. توقعات النمو السكاني تشير إلى أن عدد سكان المنطقة سيتجاوز 500 مليون نسمة بحلول عام 2050. إذا استطاعت الدول العربية من التخطيط السليم لمجتمعاتها وإشراكهم في دفع عجلة التنمية، فإن ذلك سيمثل قوة دفع هائلة. برامج الإصلاح والتحديث يجب أن تركز على الاستثمار في التعليم والرعاية الصحية وريادة الأعمال لتحويل الشباب إلى محرك للابتكار والتنمية.
من جانب آخر، تقدم المتغيرات الحالية في سلاسل التوريد العالمية فرصة إضافية للعالم العربي. ففي الوقت الذي تسعى فيه الدول إلى تنويع شركائها التجاريين وتقليل الاعتماد على المصادر التقليدية، يمكن أن تتصدر المنطقة كمركز رئيسي للتجارة العالمية بفضل موقعها الاستراتيجي والبنية التحتية الناشئة. كما يمكن لتوسيع التجارة البينية العربية أن يعزز من التكامل الاقتصادي العربي والإقليمي.
في نهاية المطاف، يرتبط نجاح الإصلاحات في العالم العربي بمدى قدرة الدول على استيعاب أهمية التكامل بين المفهومين الأساسيين للإصلاح؛ الإصلاحات الداخلية معنية بتوفير الأساس الضروري للاستقرار والشمولية في المؤسسات والهياكل الوطنية، بينما الإصلاحات التحديثية تركز على تحفيز التنافسية ودعم الابتكار لتلبية متطلبات العصر الرقمي. الجمع بين هذين المسارين، سيمكن للدول العربية من صياغة خارطة طريق فعّالة لتحقيق التنمية المستدامة وضمان مستقبل مستقر للمنطقة.

مقالات مشابهة

  • مفتي سوريا الذي انتقد الأسد يعود إلى دمشق بعد نفي 13 عاما
  • في عام 2025.. ما الدول الخمس التي يفضّل الأمريكيون الإقامة فيها؟
  • طريق الإصلاح في العالم العربي
  • نائب بالشيوخ: الشائعات من أخطر التحديات التي تواجه استقرار الدول
  • تشييع جثمان المجتمع الدولي في غزة… وولادة إسرائيل الكبيرة!
  • عمرو أديب : كل الدول التي أرسلت مسؤولين لـ سوريا لها مصالح
  • هذا ما فعلته حركات المقاومة في العالم
  • داعش يعود.. نشاط عبر الإنترنت وهجمات جديدة تهدد العالم
  • تعرف على الدول التي تمتلك أقوى الطائرات بدون طيار في العالم: هذا ترتيب تركيا
  • بعد 14 عاما.. النابلسي يعود لمسجده الذي طالبه “الأسد” بنسيانه