قمة القاهرة للسلام تتمسك بالوقف الفوري للحرب على غزة خوفا من اتساع نطاقها
تاريخ النشر: 22nd, October 2023 GMT
تدخل الحرب في غزة أسبوعها الثالث على التوالي وسط مخاوف من استمرار أمد الحرب التي تهدد سكان قطاع غزة المحاصر، وسط نقص الإمدادات الطبية والغذائية داخل القطاع المحاصر من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وفي هذا الإطار، بذلت مصر الكثير من الجهود لحل الأزمة ولضمان سلامة الشعب الفلسطيني، لذلك استضافت جمهورية مصر العربية قمة القاهرة للسلام أملاً في تهدئة الأوضاع المتصاعدة منذ السابع من أكتوبر 2023 في فلسطين بسبب استمرار القصف الإسرائيلي على القطاع، وبدأت القمة مع عبور 20 شاحنة محملة بالمساعدات حدود رفح، لكن المنظمات الإنسانية حذرت من أن ذلك لن يكون كافيًا لتلبية الاحتياجات.
وشدد القادة وممثلو الدول المشاركون في القمة، في كلماتهم على رفض التهجير ووضعه كخط أحمر لا يجب أن يتخطاه أحد، بالتزامن مع ضمان وصول المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني.
وشهدت القمة مشاركة واسعة من قبل 31 دولة من بينها المملكة العربية السعودية، وقطر، وتركيا، واليونان، وفلسطين، والإمارات، والكويت، والعراق، والبحرين، وإيطاليا، وقبرص، إضافة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، و3 منظمات دولية، الهدف الأساسي من هذه القمة تحقيق تهدئة في المنطقة، وصدرت عن قمة القاهرة للسلام عدة توصيات التي تهدف إلى تعزيز السلام والأمن في المنطقة ولكن يوجد تحديات لتنفيذ تلك التوصيات أبرزها عدم وجود إجماع بين جميع الأطراف المعنية على هذه التوصيات بالإضافة إلى مستوى الإدانة لأحد الأطراف وتخالف مصالح بعض الأطراف المعنية.
ومن جانبه، قال المتحدث باسم رئاسة الجمهورية أحمد فهمي إن عدم صدور بيان ختامي لقمة القاهرة للسلام ليس معناه فشل القمة، موضحًا أن مجلس الأمن في الكثير من المرات لم يصدر بيان ختامي للقمم التي عقدها، موضحاً أن القمة التي عقدتها مصر شارك فيها قادة وزعماء العالم وهذا يعني أن لمصر دور محوري على المستوى الإقليمي والدولي، وأكد أن القمة شهدت عدم تطابق في وجهات النظر السياسية ولكنها نجحت في حشد المجتمع الدولي للتعرف على ما يحدث فعليًا في غزة.
وأكد أيضًا أنه لا يوجد أي خلاف بين المشاركين في قمة القاهرة للسلام بشأن ضرورة دخول المساعدات إلى قطاع غزة كما لفت إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي رفض فكرة تهجير الفلسطينيين وقال لن يحدث تصفية للقضية الفلسطينية على حساب مصر.
ويشار إلى أن ممثلي الغرب رغبوا في أن يتضمن البيان فقط إدانة لحركة حماس، بينما رفضوا إدانة إسرائيل بقتل آلاف المدنيين في غزة، أو المطالبة بوقف عاجل لإطلاق النار ودخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر، لهذا خرجت الرئاسة المصرية ببيان عبر عن وجهة نظرها في الأزمة، وأشار إلى ما كانت تتطلع إليه مصر عبر دعوتها لهذه القمة، وجاء البيان كالتالي:
أن “مصر سعت من خلال دعوتها إلى هذه القمة، لبناء توافق دولي عابر للثقافات والأجناس والأديان والمواقف السياسية. توافق محوره قيم الإنسانية وضميرها الجمعي، ينبذ العنف والإرهاب وقتل النفس بغير حق. يدعو إلى وقف الحرب الدائرة التي راح ضحيتها الآلاف من المدنيين الأبرياء على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. يطالب باحترام قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني. يؤكد الأهمية القصوى لحماية المدنيين وعدم تعريضهم للمخاطر والتهديدات. ويعطى أولوية خاصة لنفاذ وضمان تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية وإيصالها إلى مستحقيها من أبناء قطاع غزة. ويحذر من مخاطر امتداد رقعة الصراع الحالي إلى مناطق أخرى في الإقليم”.
وتابع البيان: “تطلعت مصر أيضا إلى أن يطلق المشاركون نداء عالميا للسلام، يتوافقون فيه على أهمية إعادة تقييم نمط التعامل الدولي مع القضية الفلسطينية على مدار العقود الماضية. وبحيث يتم الخروج من رحم الأزمة الراهنة بروح وإرادة سياسية جديدة تمهد الطريق لإطلاق عملية سلام حقيقية وجادة، تفضي خلال أمد قريب ومنظور إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود يونيو 1976 وعاصمتها القدس الشرقية”.
وأضاف: “المشهد الدولي عبر العقود الماضية كشف عن قصور جسيم في إيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، لكونه سعى لإدارة الصراع، وليس إنهائه بشكل دائم. اكتفى بطرح حلول مؤقتة ومُسكّنات لا ترقى لأدنى تطلعات شعب عانى على مر أكثر من 80 عاما من الاحتلال الأجنبي ومحاولات طمس الهوية وفقدان الأمل”.
واستطرد البيان: “كما كشفت الحرب الجارية عن خلل في قيم المجتمع الدولي في التعامل مع الأزمات، فبينما نري هرولة وتنافس على سرعة إدانة قتل الأبرياء في مكان، نجد ترددا غير مفهوم في إدانة نفس الفعل في مكان آخر، بل نجد محاولات لتبرير هذا القتل، كما لو كانت حياة الإنسان الفلسطيني أقل أهمية من حياة باقي البشر”.
واعتبرت الرئاسة المصرية أن “الأرواح التي تزهق كل يوم خلال الأزمة الراهنة، والنساء والأطفال الذين يرتجفون رعبا تحت نير القصف الجوي علي مدار الساعة، تقتضى أن تكون استجابة المجتمع الدولي على قدر فداحة الحدث، فحق الإنسان الفلسطيني ليس استثناء ممن شملتهم قواعد القانون الدولي الإنساني أو الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، والشعب الفلسطيني لا بد أن يتمتع بكافة الحقوق التي تتمتع بها باقي الشعوب، بدءا بالحق الأسمى، وهو الحق في الحياة، وحقه في أن يجد المسكن الآمن والرعاية الصحية اللائقة والتعليم لأبنائه، وأن تكون له قبل كل شيء دولة تجسد هويته ويفخر بالانتماء لها”.
وتابع البيان: “تؤكد مصر بهذه المناسبة أنها لن تدخر جهدا في استمرار العمل مع جميع الشركاء من أجل تحقيق الأهداف التي دعت إلى عقد هذه القمة، مهما كانت الصعاب أو طال أمد الصراع. وسوف تحافظ مصر دوما على موقفها الراسخ الداعم للحقوق الفلسطينية، والمؤمن بالسلام كخيار استراتيجي لا حياد أو تراجع عنه، حتى تتحقق رؤية حل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية، اللتين تعيشان إلى جوار بعضهما البعض في سلام”.
واختم: “في إطار سعي مصر نحو تحقيق تلك الأهداف السامية، لن تقبل أبدا بدعاوى تصفية القضية الفلسطينية على حساب أي دولة بالمنطقة، ولن تتهاون للحظة في الحفاظ على سيادتها وأمنها القومي في ظل ظروف وأوضاع متزايدة المخاطر والتهديدات، مستعينة في ذلك بالله العظيم، وبإرادة شعبها وعزيمته”.
ومن جانبه، قال خبير العلاقات الدولية، الدكتور طارق البرديسي، إن قمة السلام الدولية التي عقدتها مصر مهمة جدًا، خاصة أن مصر الدولة الكبيرة وركيزة الاستقرار في العالم العربي وتاريخها وتجربتها تمكنها من نزل فتيل الأزمة الحالية، كما أنها مثلت فرصة لتصحيح المسار وإحلال السلام.
وأضاف البرديسي في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن استضافة القمة في العاصمة الإدارية لها دلالة بالتأكيد على دور القاهرة القيادي في المنطقة ودور الرئيس عبد الفتاح الرئيس السيسي في تحقيق الاستقرار في المنطقة العربية.
وتابع قائلاً إن القمة أكدت ضرورة إيصال المساعدات بشكل عاجل لغزة، والمرحلة الأعمق والأكبر منع توسيع دائرة الصراع وتصحيح المسار ورفض التهجير القسري ضد القانون الدولي، والقمة في مجملها مثلت تحرك الجماعة والأسرة الدولية، وأكدت على تكاتف المجتمع الدولي وتطبيقه للقانون والعمل دون حيلولة تفاقم الوضع والصراع حتى لا ينجرف الموقف إلى حرب إقليمية.
ومن جانب آخر، قال أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، الدكتور طارق فهمي، إن قمة القاهرة للسلام كانت ضرورية لمساعدة الأشقاء في فلسطين، بعد العدوان الذي تشنه إسرائيل على الفلسطينيين منذ نحو أسبوعين، مشيرًا إلى أن حضور قادة وزعماء العالم إلى مصر للمشاركة يدل على ثقل مصر في المنطقة.
وأضاف فهمي في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن القمة ساعدت مصر على تصويب مسار بوصلة القضية الفلسطينية، وإعادة تقديم القضية الفلسطينية للوجهة الدولية مرة أخرى، والتأكيد على ثوابت التعامل مع الملف الفلسطيني، مشيراً إلى أن القمة دعت إلى إعادة الأمور إلى مسارها الطبيعي الذي يتمثل في وقف إطلاق النار، ورفض إجراء عمليات الترحيل.
ولفت فهمي إلى أن كل رؤساء الدول أكدوا ضرورة وقف إطلاق النار ورفض موضوع التهجير، والتأكيد على حق فلسطين في إقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس الشريف، وأن القضية الفلسطينية لن تُحل على حساب أحد، أما عن الموقف المصري، فهو ثابت وراسخ في دعم الأشقاء الفلسطينيين في الحصول على أرضهم.
صدى البلد
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: القضیة الفلسطینیة المجتمع الدولی فی المنطقة هذه القمة أن القمة إلى أن
إقرأ أيضاً:
كيف نثبت على الحق في زمن الاختلاط وندعو للسلام؟
في حديثه عن التحديات التي يمر بها المجتمع المسلم في زمننا هذا، دعا الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية الأسبق، إلى ضرورة تصحيح المفاهيم الدينية في وقت تكثر فيه الفتن والتحديات في هذه الأيام.
يقول جمعة، نواجه اختلاطاً في الأوراق يراه البعض فوضى فكرية؛ حيث يُسمي البعض المنكر معروفًا والمعروف منكرًا، في مشهد يعكس ضياع البوصلة الأخلاقية والدينية في عالمنا المعاصر.
وأكد جمعة أن المؤمن مطالب بأن يعرف المعروف الذي حدده الله عز وجل، وأن ينكر المنكر الذي حذرنا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم منه. كما شدد على أهمية أن نسمي الأشياء بأسمائها، فأي محاولة لتسميتها بغير أسمائها الصحيحة قد تؤدي بالإنسان إلى الضلال.
صبر المؤمن وثباته على الحق
في هذا السياق، دعا الدكتور علي جمعة المؤمنين إلى التحلي بالصبر والثبات، مؤكداً أن الحق لا يضرنا من خالفنا عليه. وهذا التوجيه النبوي يتجسد في الحديث الصحيح الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم إلى يوم القيامة".
هذه الطائفة التي تحدث عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم هي التي تلتزم بالحق وتثابر عليه مهما كانت التحديات، وهي على يقين بأن النصر في النهاية هو حليف الحق، مهما كانت الظروف أو الصعوبات.
الفرقة الناجية في زمن الفتن
دعا جمعة المسلمين إلى أن يظلوا ثابتين على الحق، مُستشهدًا بالأحداث المتتالية التي تُرشدنا إلى ما هو خير، بينما يصر البعض على السير في دروب الحرب والقتال والتعصب. هؤلاء الذين "يأبون إلا الحرب والقتال والإبادة الجماعية" حسب تعبيره، هم الذين ضلوا الطريق وأصبحوا لا يرون إلا مصالحهم الآنية أو شهواتهم العمياء. وذكر د. علي جمعة كيف أن البعض "يسمى العلم جهلاً، والحكمة تخاذلاً، والشهوة عقلاً"، في ظل هذا الاضطراب الحاصل في القيم.
في حديثه عن التحديات الروحية التي تواجه المؤمنين، أشار د. علي جمعة إلى أن الله سبحانه وتعالى يسلي قلوب المؤمنين ويذكرهم بحقائق عظيمة في كتابه الكريم. وقد استشهد بآيات من سورة الضحى، التي نزلت لتسلّي قلب النبي صلى الله عليه وسلم وتبعث الأمل في نفسه بعد ما تعرض له من أذى، مؤكداً أن هذه الآيات ليست مقتصرة على حال النبي صلى الله عليه وسلم بل تشمل أيضاً المؤمنين في جميع الأوقات.
قال جمعة: "لقد شعرت أن هذه الآيات نزلت اليوم خصيصًا لتسلّي قلوبنا، فهي لا تتحدث فقط عن حال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بل هي رسالة موجهة إلينا جميعًا. إن الله سبحانه وتعالى يذكر النبي صلى الله عليه وسلم ويقول له 'مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى'، وهذا يشير إلى أن الله لم يترك نبيه ولم يقصِّه، بل كان معه في كل لحظة".
كما أشار إلى أن الله سبحانه وتعالى في هذه السورة يدعونا إلى العناية باليتامى والسائلين، وتذكيرنا بنعم الله علينا التي يجب أن نشكره عليها في كل وقت. "وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ" هو توجيه لنا بأن نتذكر نعم الله وننشرها في حياتنا اليومية، وأن نكون واعين بفضل الله الذي لا يعد ولا يحصى.
وفي الختام، أكد الدكتور علي جمعة على ضرورة تصحيح المفاهيم الدينية التي اختلطت في هذا العصر. ينبغي على المؤمنين أن يكونوا على دراية تامة بأن الحق أحق أن يُتبع، وأن الانحراف عن الطريق المستقيم يؤدي إلى الضلال والضياع. وأن يتحلوا بالصبر والتمسك بالحق، لأن الله سبحانه وتعالى وعدهم بالنصر والنجاة إذا ما ثبتوا على طريقه المستقيم.