يتدفق المتظاهرون الأمريكيون إلى الشوارع ومراكز المدن الكبيرة مثل نيويورك بشكل شبه يومي، حاملين إما علم إسرائيل أو فلسطين، للتعبير عن تضامنهم مع أي من الطرفين، في أعقاب حملة العنف المتصاعدة التي تشنها الدولة العربية على قطاع غزة. 

وفي ظل استمرار القصف الإسرائيلي العنيف على غزة منذ 15 يوماً، في أعقاب هجوم حماس غير المسبوق في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، بات المجتمع الأمريكي منقسماً على نفسه، وتأثرت الجاليتان اليهودية، والفلسطينية في الولايات المتحدة بشكل مباشر بتبعات الصراع.


كما طغى الانقسام على الجامعات، وتصاعدت التهديدات ضد دور العبادة، وطُعن طفل أمريكي من أصل فلسطيني يدعى وديع الفيومي في شيكاغو حتى الموت على يد جاره الأمريكي المعبأ بمشاعر الكراهية ضد الفلسطينيين، في أعقاب هجوم حماس، وفق ما ذكرته صحيفة "نيويورك تايمز".

وأبدت الولايات المتحدة دعماً غير محدود لتل أبيب في أعقاب الهجوم، وطلب الرئيس بايدن من الأمريكيين الوقوف إلى جانب إسرائيل في حربها ضد حماس، ومع أوكرانيا في حربها ضد روسيا، وحذر وهو يعلن عن حزمة مساعدات عسكرية للبلدين بقيمة 105 مليارات دولار من "نقطة انعطاف تاريخية".

"يصب في مصلحة أمريكا"

ثلثا الناخبين في الولايات المتحدة أبدوا تجاوباً مع مطلب الرئيس بايدن، فهم يرون حسب استطلاع للرأي نشرته مؤسسة "كوينيبياك" يوم الثلاثاء الماضي، أن دعم أوكرانيا وإسرائيل يصب في المصلحة الوطنية للولايات المتحدة.

لكن الكثيرين من سكان الولايات "المتأرجحة، عبروا عن خوفهم من الصراعات الآخذة في الاتساع في الشرق الأوسط وأوروبا، متسائلين في الوقت نفسه عن مدى انخراط الولايات المتحدة ومشاركتها في تلك الحروب. 

أزمات الداخل

ومع شعورهم بالاشمئزاز من العملية السياسية والانسحاب الفوضوي من حرب مؤلمة استمرت 20 عاماً في أفغانستان، قال كثيرون، إن دافعهم كان التحول إلى أزمات الداخل وإصلاحها، بعيداً عن التوترات الدولية المتصاعدة.

في ولاية جورجيا، وتحديداً في حانة مانويل، وهي مكان استراحة تاريخي في منطقة بونسي-هايلاند، تباينت آراء عدد من المستمعين لخطاب الرئيس بايدن. وقال ويليام ميلر، البالغ من العمر 50 عاماً، "لماذا لا يتحدث (بايدن) عن مشكلة المشردين أو عنف العصابات؟"
أنتوني بيجاندو، 56 عاماً، وهو طبيب سابق بالجيش يشير إلى نفسه على أنه "وسطي متشدد"، قال معقباً على خطاب بايدن، "علينا أن نقف إلى جانب حلفائنا". ومع ذلك، فإنه يشعر بالقلق من أن المزيد من المساعدات العسكرية الأمريكية لن تؤدي إلا إلى تصعيد الصراع في الشرق الأوسط. تيم يونغ، 57 عاماً، كان له رأياً آخر، فهو أبدى تأييداً مطلقاً إزاء دعم الولايات المتحدة لحلفائها مبرراً ذلك بالقول، "لدينا ما يكفي من المال لمساعدة إسرائيل وأوكرانيا، وإذا لم ننفقها هناك، فسنواجه مشاكل مماثلة هنا".

مطلب صعب

في ولاية ويسكونسن، تعددت آراء الأمريكيين تجاه الصراع في الشرق الأوسط أيضاً. يقول راندي شميدت، 60 عاماً، وهو مزارع، إن نداء الرئيس للحصول على مساعدة عسكرية ضخمة لأوكرانيا وإسرائيل "سيكون من الصعب قبوله".

وقال شميدت، "أعني أن المال يأتي بصعوبة هنا، لقد كانت سنة صعبة نسبياً بالنسبة لنا في مجال الزراعة، أعتقد أننا كدولة ندعم إسرائيل، لكنني لم أصدق أننا نستطيع تقديم ذلك القدر".
لكن في ضواحي ميلووكي، كانت الأسئلة التي تطرحها أعمال العنف في الشرق الأوسط وأوكرانيا أقل اقتصادية منها أخلاقية بالنسبة لجانيت لوكاس، التي قالت، "أدرك أن هناك قتالاً بين حماس وإسرائيل لسنوات وسنوات، ولكن هجوم 7 أكتوبر فطر قلبي، وأعادني إلى أحداث 11 سبتمبر".
وأضافت أيضاً، أن "الأمريكيين شعروا بالتضارب بشأن دعوة الرئيس للوقوف إلى جانب إسرائيل، وقالوا إنهم لا يستطيعون التغاضي عن هجوم 7 أكتوبر، لكنهم يتعاطفون مع الفلسطينيين جراء التمييز الطويل الذي عانوا منه".جانيت لوكاس، قالت بدورها، "هناك أوقات أجلس فيها، ثم أفكر، هل هناك طريقة أخرى، هل يمكن للولايات المتحدة أو أي دولة أخرى التدخل لمساعدتهم على التوصل إلى شكل من أشكال السلام؟"

"هل علينا أن نعتني بالعالم كله؟"

وفي ولاية بنسلفانيا، لم تكن الآراء مختلفة جداً، فهناك مجموعة كبيرة من الأمريكيين أبدت تعاطفاً مع إسرائيل، في حين طالبت نسبة لا بأس بها بالنظر إلى صراعات الداخل، وعلى سبيل المثال يقول، المسن ألبرت ألتنبرغر  وهو من أنصار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، إنه "يدعم إسرائيل ويؤمن بإرسال مبلغ معقول من المال والمعدات إلى الدولة العبرية"، معبراً عن انزعاجه من فكرة "هل علينا أن نعتني بالعالم كله؟"


ماثيو ويليامز، (30 عاماً)، وهي من مواطني برونكس وتعيش الآن في فيلادلفيا، عبرت عن شكوكها، وقالت إنه "قبل إرسال الأموال إلى مكان آخر، يجب على بايدن أن ينفق أكبر قدر ممكن من المال على محاولة الحد من التشرد وحل أزمة المخدرات".

في أريزونا، عبر أمريكيون كثر عن وجهة نظرهم في الصراع المحموم، وقالت كانديس فريمو، (67 عاما)، إن سياسات الرئيس السابق ترامب تحمل على الأقل بعض اللوم عن الاضطرابات في الشرق الأوسط، وكذلك الخطاب المرير في الولايات المتحدة بين مؤيدي إسرائيل وغزة. وأضافت، "هناك الكثير من الكراهية، وهي تمتد إلى شوارعنا".





المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل أمريكا الولایات المتحدة فی الشرق الأوسط فی أعقاب

إقرأ أيضاً:

بالأرقام.. هل هناك مبرر لغضب ترامب التجاري من أوروبا؟

يتهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب باستمرار الاتحاد الأوروبي باستغلال بلاده من خلال مراكمة فائض كبير في الميزان التجاري بينهما، لكن الأرقام تعكس صورة علاقة أكثر توازنا تعود بالفائدة إلى ضفتي الأطلسي.

فائض لأميركا في الخدمات

حين ينتقد ترامب الفائض في الميزان التجاري الأوروبي، فهو يتحدث فقط عن تبادل السلع. بالفعل، سجل الاتحاد الأوروبي -الذي يعتبر من كبار مصدري السيارات والمعدات الصناعية- فائضا كبيرا على هذا الصعيد بلغ 157 مليار يورو عام 2023، بحسب أرقام المفوضية الأوروبية.

لكن هذه الأرقام لا تشمل الخدمات التي تمثل القسم الأكبر من النشاط الاقتصادي، والأميركيون مهيمنون بقوة على هذا الصعيد، ولا سيما في القطاعين المالي والرقمي. وعلى سبيل المثال، فإن مجموعات مثل غوغل وميتا لا مثيل لها في أوروبا.

وسجلت الولايات المتحدة عام 2023 فائضا بقيمة 109 مليارات يورو في قطاع الخدمات، مما يخفض الفائض الأوروبي فعليا إلى 48 مليار يورو فقط، وهو رقم زهيد بالمقارنة مع حجم المبادلات التجارية بين الطرفين البالغ 1600 مليار يورو.

جمارك أوروبية أعلى قليلا

ينتقد ترامب الرسوم الجمركية البالغة 10% التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على السيارات المستوردة من الولايات المتحدة، ويقارنها بنسبة 2.5% التي تفرضها بلاده على السيارات الآتية من أوروبا. لكن الحقيقة أكثر تعقيدا من ذلك.

إعلان

يفرض الطرفان رسوما جمركية مختلفة بحسب المنتجات المعنية. وتقدر المفوضية الأوروبية بالإجمال نسبة الرسوم المفروضة من الجانبين بـ"حوالي 1%" على البضائع التي يتم تبادلها بين ضفتي الأطلسي.

وقالت إلفير فابري خبيرة الجيوسياسة التجارية في معهد جاك دولور "إننا أمام مستويات متدنية، حتى لو أن الاتحاد الأوروبي يفرض بالمتوسط رسوما أعلى بقليل من الولايات المتحدة"، متحدثة عن "مسألة معقدة ذات طبقات كثيرة".

ففي قطاع السيارات مثلا، تشير المفوضية إلى أن الأميركيين يفرضون رسوما بنسبة 25% على آليات "البيك آب"، وهي آليات مطلوبة جدا تمثل الشريحة الأكبر من السوق في الولايات المتحدة.

وبعض الرسوم المفروضة باهظة إلى حد الردع، ولا سيما في المجال الزراعي. وتذكر فابري في هذا السياق الرسوم الأميركية على واردات التبغ (350%) والزيوت النباتية (164%) والفاكهة (132%)، وحتى الملابس (32%)، موضحة أن "دونالد ترامب يختار الأرقام التي تناسبه".

شراكة رابحة للطرفين

وقال المتحدث باسم غرفة التجارة الأميركية في الاتحاد الأوروبي تيبو لورتي إن "تجارة السلع لا تمثل سوى جانب من العلاقة الاقتصادية بين أوروبا والولايات المتحدة. إذا نظرنا إلى مؤشرات أخرى مثل تجارة الخدمات والاستثمارات وبيع فروع الشركات (في الخارج)، تتشكل لدينا رؤية أكثر تكاملا لعمق العلاقة. ففي نهاية المطاف، هذه الشراكة تفيد الاقتصادين إلى حد كبير".

والولايات المتحدة هي المستثمر الأول في أوروبا، كما أن أوروبا هي المستثمر الأول في الولايات المتحدة، وبلغت القيمة الإجمالية لهذه الاستثمارات 5300 مليار يورو عام 2022، بحسب المفوضية الأوروبية.

لكن غرفة التجارة الأميركية في الاتحاد الأوروبي تقر بأن ثمة "قطاعات مثل القطاع الرقمي، حيث تتعرض الشركات الأميركية بفعل نجاحها إلى تدابير الاتحاد الأوروبي". وعلى هذا الصعيد، تعتبر الولايات المتحدة التشريعات الأوروبية بشأن الخدمات والأسواق الرقمية والبيانات والذكاء الاصطناعي بمثابة حواجز غير جمركية.

إعلان

اختبار قوة محفوف بالمخاطر

ولا يرى الاتحاد الأوروبي "أي مبرر" للرسوم الجمركية المشددة التي يعتزم ترامب فرضها على المنتجات الأوروبية، ويبدي استعداده للرد "بحزم وشدة" في حال نفذ الرئيس الأميركي وعيده، وفق ما أعلن المفوض الأوروبي للتجارة ماروس سيفكافيتش خلال زيارة إلى واشنطن هذا الأسبوع.

وتثير هذه الأجواء قلق أوساط الأعمال من جانبي الأطلسي. وقال لورتي إن "الرسوم الجمركية ليست الأداة الاقتصادية الملائمة. إننا متخوفون من مدى التدابير الجاري بحثها وما تولده من ضبابية"، داعيا إلى "تفادي حلقة مفرغة من الرسوم الجمركية المتبادلة التي ستضر حتما بالاقتصادين".

وشددت فابري على أن "العلاقة عبر الأطلسي أساسية لكل من الكتلتين".

مقالات مشابهة

  • «ترامب» يكشف عملية «احتيال مالي» ضخمة خلال عهد «بايدن»
  • الرئيس اللبناني: انسحاب إسرائيل وإعادة الأسرى يحققان الاستقرار على الحدود  
  • الرئيس الإسرائيلي وزعيم المعارضة: هناك ضرورة للإفراج الكامل عن الأسرى
  • بالأرقام.. هل هناك مبرر لغضب ترامب التجاري من أوروبا؟
  • توك شو|مصطفى بكري: الرئيس السيسي قدم خطة واضحة لإعادة إعمار غزة.. المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط: خطة ترامب بشأن غزة ليست لتهجير الفلسطينيين
  • الولايات المتحدة ترفض قرارا أمميا يدعم أوكرانيا
  • المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط: خطة ترامب بشأن غزة ليست لتهجير الفلسطينيين
  • عاجل.. المبعوث الأمريكي: خطة ترامب بشأن غزة ليست لتهجير الفلسطينيين
  • باحث سياسي: هناك فرصة تاريخية لتوحيد النظام السياسي في الضفة الغربية وغزة
  • الرئيس عون عرض مع 5 نواب وحرب للتطورات في البلاد... معوض: هناك فرصة حقيقة للاصلاح