الجزيرة:
2024-10-02@10:26:35 GMT

حسابات إيران في الحرب الراهنة

تاريخ النشر: 22nd, October 2023 GMT

حسابات إيران في الحرب الراهنة

أحدثت الحربُ الجديدةُ بين إسرائيلَ وفصائلِ المقاومة الفلسطينيّة في غزة هزّةً كبيرةً في الشرق الأوسط، وقد تتطوّر إلى حربٍ إقليميّة. علاوةً على أنَّ الحرب أظهرت أنَّ الصراعَ الفلسطيني الإسرائيلي لا يزال قادرًا على العمل كمُحدّد رئيسي لسياقات الأمن الإقليمي والتأثير بفاعليَّة على ديناميكية السياسات الإقليميَّة، فقد تسببَّت أيضًا في تصدُّع مفهومَين رئيسيَين ساهما في إدارة الصّراع لفترةٍ طويلةٍ، وهما: قواعد الردع المُتبادل التي حالت- حتى هجوم حماس في السابع من أكتوبر- دون انفجار حرب شاملة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينيّة في غزّة، وصراع الظلّ بين إسرائيل وإيران، والذي صُمم من قِبل الطرفَين كأداة لتجنّب الحرب المباشرة، أو الحرب بالوكالة واسعة النطاق.

يُثير تصدّع هذَين المفهومَين تساؤلًا جوهريًا حول المدى الذي يُمكن أن تؤثر فيه هذه الحرب على الأمن الإقليمي.

إنَّ الإجابةَ عن هذا السؤال مرهونةٌ بحدود الردّ الإسرائيليّ على هجوم حماس، وبطبيعة الاستجابة الإيرانيّة لهذا الردّ، وما إذا كانت طهران ستنخرط في الصراعِ بشكلٍ مباشرٍ أو عبر وكلائها المنتشرين في المِنطقة، مثل: حزب الله في لبنان، والجماعات التي تُديرها في سوريا، والعراق، وجماعة الحوثي في اليمن. حتّى لحظة كتابة هذه السطور، لم تظهر مؤشّرات قوية لاحتمال تحقّق مثل هذا السيناريو، لكنّ الهجمات العرَضيّة التي شنّها حزبُ الله على شمال إسرائيل منذ اندلاع الحرب والجولة الإقليميّة الأخيرة التي أجراها وزيرُ الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان وشملت بيروت، ودمشق، وبغداد، تُشير إلى أنَّ طهران تُحضّر حلفاءَها لاحتمال الانخراط في الحرب. حتّى الآن، لا توجد استراتيجية إيرانية واضحة للتعامل مع هذه الحرب. في الخطاب السياسي، لا تزال طهران تحاول النأي بنفسِها عن الهجوم الذي شنّته حماس، بعد مزاعم وسائل إعلام أمريكية بأنّها خطّطت للهجوم وأعطت الضوء الأخضر له. كما تتجنّب إصدار تصريحات واضحة باحتمال انخراطها أو دفع وكلائها إلى الانخراط في الحرب. لكنْ في الميدان، تواصلُ إرسال الرسائل التحذيرية من خلال الهجمات العرَضية من جنوبي لبنان وسوريا.

مع أن الولايات المتحدة تسعى بجِديّة إلى تجنّب تطور الحرب بين إسرائيل وغزة إلى حرب إقليمية، إلّا أنّ هذه الرغبات لن تُغير كثيرًا من حسابات إيران إذا ما وجدت في نهاية المطاف أنّ فوائد الانخراط في الحرب عبر الوكلاء تفوق العواقب الفورية والمُستقبلية عليها

مثل هذا الغموض المتعمّد في الموقف الإيراني مُربك لمجتمع الاستخبارات الإسرائيلي والغربي الذي يسعى لفهم نوايا طهران. مع أنّ التقديرات الغربية- في العموم- لا تتوقع أن تؤدّي هذه الحرب بأي حال إلى انخراط عسكري إيراني مباشر فيها، إلّا أنّها لا تستبعد أن تدفع إيران بحلفائها في المنِطقة إلى الانخراط فيها؛ لإرباك إسرائيل، وتشتيت جهدها العسكري في حال مضت الأخيرة في خُططها لشنّ غزو بريّ واسع على غزّة أو شكّلت تهديدًا وجوديًا لحماس والجهاد الإسلاميّ. تبدو هذه التقديرات واقعيّة بعض الشيء إذا ما نظرنا إلى هذه الحرب من منظور إقليمي أوسع. لقد وعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتغيير الشرق الأوسط، حتى أنّ المسؤولين الإسرائيليين شبّهوا هجومَ حماس على إسرائيلَ في 7 أكتوبر بهجمات الحادي عشر من سبتمبر على الولايات المتّحدة، ما يعني أنَّ إسرائيل تطمح إلى الوصول لنتائج مشابهة لتلك التي أعقبت هجوم 11 سبتمبر، والتي أدّت إلى إسقاط نظامَين معاديَين للولايات المتحدة، هما: حركة طالبان في أفغانستان، ونظام صدام حُسين في العراق.

ومع أنَّ الحرب لن تُشكل تهديدًا وجوديًا فوريًا لحزب الله في لبنان أو للدور الإيراني في المنطقة، إلّا أن النتائج المترتبة عليها ستُحدد مستقبلَ الدور الإيراني في الجبهات المحيطة بإسرائيل، مثل: لبنان وسوريا. الافتراض الإيراني والواقعي هو أن نجاحًا إسرائيليًا محتملًا في القضاء على حركتَي حماس والجهاد الإسلاميّ في غزة، سيمنح إسرائيلَ ثقةً كبيرة لتَكرار التجربة مع حزب الله في المستقبل، ولزيادة نشاط الاستهداف الإسرائيلي لإيران في سوريا، وربما التفكير في شنّ ضربة عسكرية لإسقاط النظام في إيران. يعمل هذا الافتراض كمحفز قويّ لطهران للتفكير في مزايا الانخراط بالوكالة في الحرب الراهنة بقدرٍ أكبر من العواقب عليها وعلى نشاطها الإقليمي؛ لأنها تنظر إلى حرب إسرائيل على غزة على أنها مقدمة للشرق الأوسط الجديد الذي وعد به نتنياهو، والذي يُفترض أنه سيعمل على تقويض قدرة طهران بشكل كامل على تشكيل تهديد لإسرائيل عبر وكلائها في المنطقة، وربما إسقاط النظام الإيرانيّ في المستقبل.

إنَّ هذه الافتراضات- التي بدت حتى هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر مستبعدةً بشدّة؛ لأنّها بمثابة وصفة متكاملة لحرب إقليميَّة- لم تعد مُجرّد افتراضات بقدر ما تحوَّلت إلى أهدافٍ بدأت إسرائيل بالعمل عليها فعلًا انطلاقًا من غزّة. ومع أنّ إسرائيل تسعى إلى تجنب خوض جبهة ثانية على حدودها الشمالية مع لبنان بالتوازي مع عملياتها العسكرية في غزة، ومع أنّ الولايات المتحدة تسعى بجِديّة إلى تجنّب تطور الحرب بين إسرائيل وغزة إلى حرب إقليمية، إلّا أنّ هذه الرغبات لن تُغير كثيرًا من حسابات إيران إذا ما وجدت في نهاية المطاف أنّ فوائد الانخراط في الحرب عبر الوكلاء تفوق العواقب الفورية والمُستقبلية عليها، وعلى حضورها الإقليمي، وعلى حلفائها في المنطقة، لا سيَّما حزب الله. إنَّ الرسائل التحذيرية التي تُرسلها إيران يجب أن تؤخذ على محمل الجِدّ.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: بین إسرائیل هذه الحرب حزب الله إلى حرب إل ا أن

إقرأ أيضاً:

وول ستريت جورنال: رد إسرائيل على هجوم إيران سيحدد مسار الحرب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

رأت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية في عددها الصادر اليوم الأربعاء، أن الرد الإسرائيلي المنتظر على الهجوم الصاروخي الإيراني سيحدد مسار الحرب التي تتوسع بشكل خطير.
وأوضحت الصحيفة -في تقرير إخباري- أن الولايات المتحدة تأمل في رد مدروس خاصة أن لديها لديها الآن قدرة محدودة على التأثير على أقرب حلفائها في الشرق الأوسط ومع ذلك لا يتوقع الكثيرون أن يكون رد إسرائيل محدودا هذه المرة، ما يمثل اختبارا جديدا للإدارة الأمريكية التي تسعى لتجنب تصعيد جديد.
ونقلت الصحيفة عن جوناثان بانيكوف، ضابط استخبارات أمريكي سابق مع المجلس الأطلسي في واشنطن قوله: "تفتقر الولايات المتحدة بالفعل إلى النفوذ الدبلوماسي الكافي لفرض وقف إطلاق النار في غزة ولبنان".
وأضاف بانيكوف: "الآن وقد أطلقت إيران أكثر من 180 صاروخًا باليستيًا على إسرائيل، التي تبدو عازمة على تنفيذ رد قوي، فإن التحدي لتجنب حرب إقليمية بلغ أصعب نقطة له منذ 7 أكتوبر الماضي".
وذكرت الصحيفة أنه حتى الآن، تحاول إدارة بايدن تهدئة اندفاع إسرائيل في الرد بقوة خاصة أن الدفاعات الصاروخية الإسرائيلية والأمريكية أحبطت الهجوم الصاروخي الإيراني مجددا، ورغم أن مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان أقر بأن وابل الصواريخ الإيراني يمثل "تصعيدًا كبيرًا"، إلا أنه أكد أن الهجوم "يبدو أنه هُزم وكان غير فعال".
ونوهت الصحيفة بأن إدارة بايدن تعهدت بأن الولايات المتحدة ستضمن أن تواجه إيران "عواقب وخيمة" بغض النظر عن كيفية رد إسرائيل، وهي خطوة لم تحددها بعد، لكن بعض المحللين قالوا إنها قد تعني تعزيز تطبيق العقوبات ومع ذلك، لا يبدو أن ذلك سيوقف يد إسرائيل، وهو ما أكده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم أمس الثلاثاء عندما أعلن أن إيران "ارتكبت خطأ كبيرًا" و"ستدفع ثمنه.
وأضافت الصحيفة أن إسرائيل لا تحتاج هذه المرة إلى الخوف من أن يؤدي ضربة ضد إيران إلى مواجهة كبيرة مع حزب الله خاصة بعدما قللت الحملة الجوية والبرية الأخيرة لإسرائيل ضد حزب الله، من قدراته بشكل كبير، ومع ذلك فأن أحد السيناريوهات التي تحتاج إسرائيل إلى التحضير لها هو رد إيران التي صرحت بأن وابل الصواريخ الذي أطلقته يوم أمس الثلاثاء كان انتقامًا لمقتل حسن نصر الله، أمين عام حزب الله، وهددت بـ"هجمات ساحقة" إذا ردت إسرائيل.
وأشارت الصحيفة إلى أنه بعد الهجوم الإيراني في أبريل الماضي، الذي لم يترك إسرائيل تتعرض لأي ضرر تقريبًا، ضغط الرئيس الأمريكي جو بايدن على نتنياهو ليقبل "الانتصار" ويحد من انتقامه. ويبدو أن إسرائيل استجابت واستهدفت رادار نظام إس-300 المضاد للصواريخ بالقرب من أصفهان.
ولا يُتوقع أن يكون رد إسرائيل مقيدًا بنفس القدر هذه المرة، رغم أن بعض المسؤولين السابقين يتوقعون أن تُظهر بعض ضبط النفس في اتخاذ إجراءات عسكرية ضد إيران، وفقا لما أوردته الصحيفة.
ونقلت الصحيفة عن بعض المحللين قولهم إن هجومًا إسرائيليًا على المنشآت النووية الإيرانية أو البنية التحتية النفطية من شأنه أن يزيد المخاطر بشكل كبير. مثل هذه الضربة الجوية قد تستفز طهران لإطلاق وابل أكبر من الصواريخ، أو تنظيم هجمات ضد المصالح الإسرائيلية في الخارج، أو تصعيد برنامجها النووي، ما يسرع مسارها نحو القنبلة.
ونقلت عن نورمان رول، الذي شغل منصب كبير ضباط الاستخبارات الأمريكية لشؤون إيران بين عامي 2008 و2017 قوله: "ستسعى إسرائيل إلى تعزيز فكرة أن تفوقها التكنولوجي ومهارتها العسكرية يسمحان لها بضرب أي هدف في إيران." لكن من المرجح أن تتجنب إسرائيل ضرب أهداف قد تؤدي إلى حرب شاملة مع إيران.
وأضاف: "أي حرب مع إيران ستتطلب الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري من الولايات المتحدة، إن لم يكن مشاركتها بشكل فعلي، ولا شك أن إسرائيل تدرك أن واشنطن ليس لديها مصلحة في الانخراط في مثل هذا الصراع."
وتابعت الصحيفة أن إيران كانت تبحث من جانبها عن طريقة للرد على عدوها دون إشعال حرب إقليمية شاملة، وهو الأمر الذي سعت إلى تجنبه على مدار أربعة عقود، ولطالما اعتُبر وجود حزب الله، بمثابة بوليصة تأمين رئيسية لإيران ضد هجوم إسرائيلي على منشآتها النووية أو قيادتها في طهران.
والآن، ومع تراجع قدرات حزب الله بسبب الحملة العسكرية الإسرائيلية، سعت إيران إلى إظهار جديتها في حماية "محور المقاومة" دون دعوة إلى انتقام قد يعرض أمنها للخطر، وفقًا لما قاله محللون.
وبعد مشاهدة إسرائيل وهي تضرب حزب الله، قد تكون طهران اختارت "استفزازًا محسوبًا" بدلًا من البقاء مكتوفة الأيدي، وفقًا لما قاله والتر بوش، الباحث في الأكاديمية الوطنية للدفاع في فيينا.
وفي النهاية، استقر صناع القرار في طهران على فكرة أن ضبط النفس لن تساعد في تجنب مواجهة أكبر بأي حال، بحسب بوش.
 

مقالات مشابهة

  • الجارديان: هجوم إيران على إسرائيل يشير إلى اشتعال الصراع الإقليمي
  • ما هي حسابات إسرائيل في الرد على صواريخ إيران؟
  • وول ستريت جورنال: رد إسرائيل على هجوم إيران سيحدد مسار الحرب
  • إيران تعلن رسمياً عن الأهداف التي قصفتها صواريخها الباليستية في “إسرائيل” (فيديوهات جديدة)
  • إيران تكشف عدد الصواريخ التي أطلقتها على إسرائيل
  • تفاصيل المواقع التي استهدفتها صواريخ إيران في إسرائيل
  • ما المواقع التي استهدفتها صواريخ إيران في إسرائيل؟
  • "حماس" تعلق على الهجوم الإيراني على إسرائيل
  • "حماس" تصدر بيانا بعد الهجوم الإيراني على إسرائيل
  • إسرائيل تزعم: في وقت ما خلال الحرب علمنا مكان السنوار