تحليل: الولايات المتحدة تقترب بشكل خطير من الانجرار لحرب في الشرق الأوسط
تاريخ النشر: 22nd, October 2023 GMT
تقرير من إعداد بن ويدمان، ضمن نشرة الشرق الأوسط البريدية من CNN . للاشتراك في النشرة (اضغط هنا)
(CNN)-- اعترضت سفينة تابعة للبحرية الأمريكية صواريخ أطلقها المتمردون الحوثيون في اليمن، تعرضت قاعدتان أمريكيتان في سوريا لإطلاق نار، وفي العراق، أطلقت الطائرات بدون طيار الصواريخ على القوات الأمريكية.
قد تكون غزة هي المكان الذي تدور فيه الحرب الآن، ولكن تومض أضواء التحذير باللون الأحمر لمزيد من المشاكل القادمة في مختلف أنحاء الشرق الأوسط.
وكانت الولايات المتحدة قد نشرت مجموعتين من حاملات الطائرات في شرق البحر الأبيض المتوسط لردع إيران وحلفائها سوريا وحزب الله من فتح جبهات جديدة ضد إسرائيل. ويوجد ألفين من مشاة البحرية الأمريكية على أهبة الاستعداد للانتشار في المنطقة.
أمضى الرئيس الأمريكي جو بايدن سبع ساعات في إسرائيل، الأربعاء، وأعرب عن دعمه الكامل للحملة الإسرائيلية ضد غزة، لكنه حث القادة الإسرائيليين، وكرر ذلك في خطابه مساء الخميس من البيت الأبيض، على ألا يعميهم الغضب، ويتعهد بايدن بتقديم مساعدات إضافية لإسرائيل بمليارات الدولارات.
وقبل ذلك، أمضى وزير الخارجية أنتوني بلينكن سبع ساعات في الاجتماع مع مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي، وليس مجلس الوزراء الإسرائيلي العادي، إنما مجلس الوزراء الحربي.
تقوم الولايات المتحدة وفي الوقت نفسه بنقل كميات هائلة من الذخيرة والمعدات جواً لمساعدة الجهود الحربية الإسرائيلية.
يؤدي كل ذلك إلى الآتي: تقترب الولايات المتحدة من الاحتمال الحقيقي للغاية للتورط المباشر في حرب إقليمية في الشرق الأوسط، وهذه ليست حملة العام 1991 لطرد جيش صدّام حسين من الكويت، أو غزو العراق في العام 2003، وكلاهما سبقته أشهر من التخطيط والإعداد، ثم قامت الولايات المتحدة وحلفاؤها بتحديد الزمان والمكان وحجم الهجوم.
الآن، في أفضل الأحوال، تسعى الولايات المتحدة جاهدة للرد على أحداث خارجة عن سيطرتها إلى حد كبير.
أصبحت نقاط الضعف في الوجود العسكري الأمريكي مترامي الأطراف في جميع أنحاء الشرق الأوسط فجأة واضحة بشكل صارخ في ظل هذه الظروف.
المنافسات الإقليمية
توجد قوات الولايات المتحدة في شمال شرق وجنوب شرق سوريا، الدولة التي يعمل فيها جيش بشار الأسد، وقوات من روسيا وتركيا وإيران وحزب الله، ومجموعة من الفصائل المناهضة للنظام، والميليشيات الكردية، فضلاً عمن لا يزال مستمراً من فلول الدولة الإسلامية (داعش) النشطة. تقصف إسرائيل بانتظام أهدافًا في سوريا، ويعتقد على نطاق واسع، أن آخرها، مطارا حلب ودمشق، بهدف منع إيران من نقل الأسلحة والذخائر جوًا.
وهناك وجود عسكري للولايات المتحدة أيضًا في العراق، حيث يعمل عدد لا يحصى من الميليشيات المدعومة من إيران والمسلحة جيدًا والمتمرسة في القتال بشكل مستقل إلى حد كبير عن الحكومة في بغداد.
ثم هناك إيران.
رغم عقود من العقوبات الصارمة التي فرضتها الولايات المتحدة، نجحت إيران في تطوير مجموعة من الأسلحة المتطورة. وقد اكتسب الحرس الثوري الإسلامي (IRGC) خبرة قتالية قيمة في سوريا والعراق. لقد قدمت التدريب والأسلحة للحوثيين في اليمن والنظام السوري وحزب الله وحماس والجهاد الإسلامي.
تمكنت إيران من إطلاق وابل من الصواريخ على قاعدة أمريكية في العراق المجاور في أعقاب اغتيال الولايات المتحدة لقائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في يناير العام 2020.
في حين يكلف نقل الجندي أو واحد من مشاة البحرية من الولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط آلاف الدولارات، فإن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد رحلة بالحافلة لجندي من الحرس الثوري الإيراني للوصول إلى بغداد أو دمشق أو بيروت.
ربما تمتلك الولايات المتحدة أقوى جيش في العالم، ولكن كما أثبتت الفشل الأمريكي في فيتنام وأفغانستان، فإن هذا لا يضمن النصر على عدو مصمم وواسع الحيلة. أو، في حالة الشرق الأوسط اليوم، الأعداء.
حذر وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان خلال زياراته الأخيرة إلى بيروت ودمشق وبغداد والدوحة، مرارًا وتكرارًا من أنه إذا واصلت إسرائيل هجومها على غزة، فإنه لا يمكن استبعاد فتح جبهات جديدة، ربما خطاب فارغ أو ربما لا.
احتجاجات ضد إسرائيل والولايات المتحدة
يغلي الغضب في الشرق الأوسط مع احتدام الحرب في غزة، اندلعت الاحتجاجات ضد إسرائيل في الأردن، لبنان، ليبيا، اليمن، إيران، تركيا، المغرب، مصر وفي أماكن أخرى، ولكن قدراً كبيراً من الغضب موجه أيضاً ضد الولايات المتحدة، الداعم الأكثر صوتاً وإصراراً وكرماً في التأييد لإسرائيل.
وكان العاهل الأردني الملك عبد الله، الصديق العربي الأكثر تعاونًا لواشنطن، قد ألغى القمة المقررة مع الرئيس بايدن في عمان في أعقاب الانفجار المميت الذي وقع في المستشفى الأهلي المعمداني في غزة. لا شك أنه والمشاركين الآخرين في القمة التي كان مخططًا لها، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، كانوا يكرهون أن يُنظر إليهم جنباً إلى جنب مع زعيم أميركي يحتضن إسرائيل بحماس مع ارتفاع عدد القتلى في غزة.
ولا يزال بوسع الولايات المتحدة أن تحصي حلفاءها بين الحكام المستبدين في المنطقة، ولكن الشوارع مسألة مختلفة تمامًا.
تصاعد الغضب في أعقاب الانفجار المميت الذي هز المستشفى الأهلي المعمداني في غزة، الثلاثاء، وأدى إلى مقتل المئات. ويتهم مسؤولون فلسطينيون إسرائيل بقصف المستشفى في حين تنفي إسرائيل ذلك.
وفي اجتماعهما في القاهرة، الخميس، أصدر كل من الرئيس السيسي والملك عبدالله بيانًا مشتركًا حذرا فيه من أنه "إذا لم تتوقف الحرب وتوسعت، فإنها تهدد بإغراق المنطقة بأكملها في كارثة."
لقد أمضيت الأسبوع الماضي في إعداد التقارير من على طول الحدود اللبنانية الإسرائيلية. يستهدف مقاتلو حزب الله يومياً مواقع للجيش الإسرائيلي، مستخدمين الصواريخ الموجهة لضرب الدبابات والقوات، وبشكل متكرر، معدات المراقبة والاتصالات. ويطلق الجناحان العسكريان لحماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني بين الحين والآخر وابلًا من الصواريخ على إسرائيل. ويرد الإسرائيليون باستهداف ما يقولون إنها البنية التحتية العسكرية لحزب الله. وقُتل وجُرح مقاتلون ومدنيون من الجانبين.
يكفي ذلك لإبقاء الأعصاب متوترة، لكنه ليس كافياً حتى الآن للتعجيل بحرب شاملة، ولا يكفي حتى الآن لجر الولايات المتحدة إلى الصراع. لكن الاحتمال الحقيقي موجود.
إن مجموعات حاملات الطائرات الأمريكية الموجودة في الأفق متمركزة لردع إيران وحزب الله وآخرين من الذهاب بعيداً. وإذا فعلوا ذلك، واستجابت الولايات المتحدة، فإن كل الرهانات ستنتهي.
لقد أصبحت كل القطع جاهزة الآن لكي ينفجر الخلاف الإسرائيلي المستمر منذ عقود مع الفلسطينيين وليتحول إلى كارثة إقليمية. وربما تكون الولايات المتحدة في منتصف ذلك.
أمريكاإسرائيلالإدارة الأمريكيةالجيش الأمريكيتحليلاتغزةنشر الأحد، 22 أكتوبر / تشرين الأول 2023تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتكوبونز CNN بالعربيةCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2023 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: الإدارة الأمريكية الجيش الأمريكي تحليلات غزة الولایات المتحدة الشرق الأوسط وحزب الله فی غزة
إقرأ أيضاً:
قراءة إسرائيلية في مواقف ماليزيا تجاه حرب غزة وعلاقتها مع حماس
اهتمت وسائل إعلام عبرية بتصريحات رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم، والتي تحدث فيها عن حق "إسرائيل" في الوجود، وحقها في الدفاع عن نفسها، رغم عدم إدانته لهجوم حركة حماس في السابع من أكتوبر لعام 2023، ودعمه الثابت للشعب الفلسطيني، وإدانته للإبادة الجماعية في غزة.
وقال الباحث في معهد ترومان بالجامعة العبرية غيورا أليراز إنّ "إجابات إبراهيم جاءت مفاجئة، لأنه أعلن معارضته لكل أشكال العنف، ملمحا إلى أن خطابه يمحو عقودا قبل السابع من أكتوبر، ويتجاهل محنة الفلسطينيين منذ نكبة 1948، ويغمض عينيه عن تاريخ الاستعمار ويغفر له حتى الإبادة الجماعية".
وتابع ترومان في ورقية بحثية نشرها معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب وترجمته "عربي21": "ينبغي أن نعرف إذا ما كانت تصريحات إبراهيم مجرد تمرين للعلاقات العامة على الساحة العالمية، أو طموحا للتدخل في الشرق الأوسط، أو ربما علامة أولية على تغيير في الاتجاه نحو إسرائيل (..)".
وذكر أنه "من المفارقات أنه عندما انتُخب إبراهيم رئيسا للوزراء أواخر 2022، بعد مسار سياسي طويل، كان من المتوقع أن يخفف من سياسة ماليزيا الصارمة تقليديا تجاه إسرائيل، بزعم أنه لم يشارك في حدة الخطاب المعادي لها على مدة عقود من الزمن، بعكس سلفه الراحل مهاتير محمد".
ولفت إلى أنه "في مواقف سابقة لإبراهيم نستحضر كلمات قالها في مقابلة عام 2012 مع صحيفة وول ستريت جورنال، عندما كان زعيماً بارزاً للمعارضة بأنه يؤيد كل الجهود لحماية أمن دولة إسرائيل، وأكد في الوقت نفسه التزام بلاده العميق بالقضية الفلسطينية، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على أساس حل الدولتين، وأن إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل مشروط باحترامها لتطلعات الفلسطينيين، وحينها لم تتأخر الانتقادات اللاذعة من خصومه السياسيين بسبب تصريحاته غير العادية بشأن قضية أمن تل أبيب، وظلّت ترافقه".
ونوه إلى أنه "هذه المرة أيضا سمعنا انتقادات بعد تصريحاته الأخيرة، لأنها انتشرت على نطاق واسع في شكل مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن يبدو أنها كانت هذه المرة محدودة نسبيا من حيث النطاق والشدة، حيث ردّ على المنتقدين، متهماً إياهم بخداع الرأي العام، استناداً لمقطع فيديو تم تحريره، وإخراج بعض كلماته من سياقها، مؤكدا أنه لم يتغير شيء؛ وستظل ماليزيا ملتزمة بدعم فلسطين، وحديثه هنا باللغة الماليزية، مجددا تصريحاته القاسية ضد تل أبيب".
وبحسب رئيس الوزراء الماليزي، "من يسأل هل أن إسرائيل موجودة، سيكون الجواب نعم، هي موجودة، لكن ماليزيا لم تعترف بها قانونيا قط، بل فقط بوجودها كحقيقة واقعة، بدليل عدم وجود علاقات دبلوماسية معها، ومن وجهة نظره فالموضوع مغلق".
لكن الباحث الإسرائيلي قال إن "تصريحات إبراهيم تزامنت مع نشر مقال صحفي لكاتب عمود محلي من أصل هندي في ماليزيا، تحت عنوان "لماذا أؤيد موقف أنور إبراهيم بشأن حق إسرائيل في الوجود"، ما يكشف عن حقيقة المواقف السائدة بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بين الأقليات التي تشكل 40% من سكانها، أكبرها الصينيون، يليهم الهنود".
وزعم الكاتب الهندي، وفق القراءة الإسرائيلية، أنه "يتحدث باسم جميع غير المسلمين في ماليزيا، لأنهم، بشكل عام، وعلى عكس المسلمين فيها، ليس لديهم رأي سلبي تجاه دولة إسرائيل، أو رأي إيجابي للغاية تجاه فلسطين، وينظرون للطرفين كدولتين في حالة حرب، مثل أوكرانيا وروسيا، ونرى "نحن غير المسلمين" أن الحرب في الشرق الأوسط حرب خارجية، لا نريد المشاركة فيها، وعندما نرى اعتقاد المسلمين الصادق بأن الحق مع فلسطين، وأن إسرائيل هي الشريرة، فهم يتخذون هذا الموقف من منطلق التعاطف مع الفلسطينيين".
وأشار أننا "نحن غير المسلمين في ماليزيا" نفهم رغبة المسلمين بأن تلعب بلادنا دوراً أكثر نشاطاً لدعم الفلسطينيين في الصراع، مع أنها فعلت الكثير فيما يتصل بالحرب في الشرق الأوسط، ولكن لأن وضع المسلمين أكثر إثارة للقلق، فإن ماليزيا ليست مضطرة للمشاركة في الحرب باختيار الجانب الأضعف ضد الجانب الأقوى بكثير، وهي إسرائيل، لأننا لسنا متأكدين من الصحيح ومن المخطئ، ولا يمكننا أن ندعم رغبات الفلسطينيين إلا إذا اعتزموا أن يروا ماليزيا وسيطًا للسلام في الصراع".
الكاتب الاسرائيلي يعود ليعتبر أن "كلمات رئيس الوزراء إبراهيم، التي يتفق فيها على أن لدولة إسرائيل الحق بالوجود، والدفاع عن النفس، نقطة انطلاق صحيحة لماليزيا، ما يستدعي التوضيح أن التماهي السياسي والعاطفي مع القضية الفلسطينية، الذي يتسم بقوة في الخطاب السياسي والعام في ماليزيا، يبدو متشابكاً مع البناء القديم للهوية الوطنية لدى أغلبيتها المسلمة التي تزيد عن 50% من السكان، بما من شأنه حشد الشعور بالتضامن الإسلامي الشامل، ومثل هذا البناء تضمن أيضًا نغمات معادية لإسرائيل والغرب والاستعمار، لكنه قد يعتبر مشكلة كبيرة من وجهة نظر الأقليات فيها".
وزعم أن "هذه الأقليات الماليزية قد لا تكون الوحيدة التي تشعر حالياً بعدم الرضا عن وضع بلادهم في ضوء حرب غزة الأخيرة، ناقلا عن أحد باحثي الشؤون الماليزية الذي ينقل عن جماعات المجتمع المدني وشخصيات المعارضة استياءهم من موقف الحكومة تجاه حماس، ومخاوفهم من أن يضرّ بمصالح الدولة، بزعم أن تمويل حماس من قِبَل المنظمات الماليزية المؤيدة للفلسطينيين قد يعرضها للعقوبات من قِبَل الغرب".
واستدرك بالقول إن "تصريحات إبراهيم غير العادية بشأن دولة إسرائيل يمكن أن تكون موجهة للخارج والساحة الدولية، لإصلاح صورته في الغرب، وتخفيف التوتر في علاقاته بالولايات المتحدة بسبب اتصالات بقيادة حماس، ويسعى لتجنب الضغوط نظرا لعلاقاته معها، والإشارة أن بلاده شريكة بجهود السلام في الشرق الأوسط، وتتخذ موقفا داعما لجهود السلام من خلال الاتصال بالجسم السياسي للحركة، دون تدخل بأنشطتها العسكرية، زاعما أن علاقاته بها يمنحه ميزة بمحاولة تحقيق السلام في الشرق الأوسط".
وزعم أنه "في الممارسة العملية، فإن خطاب إبراهيم يصرخ بالتناقضات؛ خاصة صمته المطبق إزاء هجوم حماس الدموي في السابع من أكتوبر، مقابل الصراحة الكبيرة بإدانة العدوان الإسرائيلي على غزة، ودعوته على منصة القمة العربية الإسلامية في الرياض لبناء إجماع يحمل المجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات سريعة وفعّالة ضد دولة الاحتلال، وصولا لطردها من الأمم المتحدة".
وختم بالقول إننا "سنضطر للانتظار حتى نفهم ما إذا كانت التصريحات غير العادية لإبراهيم التي مجرد حادثة عابرة، أو تمرين في العلاقات العامة على الساحة العالمية، أو طموح للانخراط في الشرق الأوسط، أو ربما إشارة أولية لتغيير في الاتجاه".