بوابة الوفد:
2024-11-24@15:03:27 GMT

الرضا في الإسلام

تاريخ النشر: 22nd, October 2023 GMT

إن الرضا هو بابُ اللهِ الأعظم، ومُستراحُ العابدين، وأنسُ المحبين وحياة العارفين، وهو سكونُ القلبِ لما اختاره الربُّ للعبد، واليقينُ بأن الخيرَ فيما قضاه الله وقدره، فمن رزقه اللهُ الرضا فقد ملأ صدرَه أمْنًا وغِنى، وهو مِفْتاحُ السعادة، ونعيمُ الآخرة، والرضا على ثلاثةِ أقسام: الرضا بما قسمه اللهُ وأعطاه، والرضا بما قدره اللهُ وقضاه، والرضا باللهِ عن كلِّ ما سواه.

 

شيخ الأزهر يفند شبهات إدعاء "الإسلام دين محلي"

*الرضا بما قسمه الله وأعطاه: وثمرتُه: أن يصلَ العبدُ إلى درجةٍ عميقةٍ من الرضا بحاله، وبما قدّرَه الله له في الصحةِ والمالِ والولدِ وغيرِها من متاع الدنيا.وترك الشكوى والاعتراض على قسمة الله، قال رسولُ الله:" قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ، وَرُزِقَ كَفَافًا، وَقَنَّعَهُ اللهُ بِمَا آتَاهُ "، فالدنيا ما اكتملَت لأحد، فمن الناس من ابتُلي في صحتِه أو مالِه أو ولده، ولا نجاةَ للعبدِ إلا بالرضا :" وارض بما قسمه اللهُ لك تكن أغنى الناس، وليس الغنى عن كثرةِ العرض، ولكن الغنى غنى النفس" فكم من أناس ملكوا الدنيا وهم فقراء، وكم من أناس باتوا بغير عشاء وهم سعداء. أوحى الله إلى بعض أنبيائه: إذا أوتيتَ رزقاً مني، فلا تنظر إلى قلّتِه، ولكن انظر إلى من أهداه إليك، وإذا نزلت بك مصيبةٌ فلا تشكني إلى خلقي، وكيف تشكو ملكَ الملوك، وبيده ملكوتُ كلِّ شيء إلى عبدٍ مملوك لا يقدرُ على شيء"

 قال ـــ عليه الصلاة والسلام ــ:" مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا "، وليعنك على الرضا بما قسمه الله وأعطاه أن تنظرَ إلى من هو دونك، قال رسول الله: " انْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ، فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عليكم " فنظرُك فيك يكفيك على أن صاحبَ الفضلِ عليك هو الله، وقليلٌ يكفيك خيرٌ من كثيرٍ يُطغيك، ولن تجد خيراً أفضلَ من الرضا بحالِك، وما عند الله خير وأبقى، كتب بعضُ بني أميةَ إلى أبي حازم، العالم الزاهد يعزمُ عليه إلا رفع حوائجَه إليه، فكتب له وقال: رفعتُ حوائجي إلى مولاي فما أعطاني منها قبِلت، وما أمسك عني رضِيت، إنما أشكو بثي وحزني إلى الله ".

 *ثم الرضا بما قدره اللهُ وقضاه: وهو درجةٌ رفيعة، ومنزلةٌ شريفة، أن ترضى بالقضاء وتصبرَ على البلاء، " ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه " ذكر المفسرون أنها المصيبة تصيبُ الرجلَ، فيعلمُ أنها من عند الله، فيسلّمُ لله ويرضى، يقول الإمامُ أبوحاتم: " لو لم يكن في الرضا إلا راحةُ النفس وهدايةُ القلب لكان الواجبُ على العاقل ألا يفارقَه الرضا في كل أحوالِه" ، وإن الله إذا أحب عبداً ابتلاه، فإن صبر اجتباه، وإن رضي اصطفاه، وإن عظم الجزاء مع عظم البلاء، ولتعلموا عباد الله: أن شدائدَ الدنيا مما يجبُ على العبدِ أن يصبر عليها ويرضى بها؛ وهي نعمٌ في الحقيقة؛ لأنها تعرضُ العبدَ لمنافعَ عظيمةٍ ومثوباتٍ جزيلة، فظاهرُها الشدة، وباطنُها الثوابُ والرحمة " يجري القضاءُ وفيه الخيرُ نافلةٌ لمؤمنٍ واثقٍ بالله لا، لاهي إن جاءَه فرحٌ أو نابه ترحٌ في الحالتين يقولُ: الحمد لله ، "عجباً لأمر المؤمن إن أمرَه كله له خير، إن أصابته سراءُ شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراءُ صبر فكان خيرًا له " ، جاء رجلٌ إلى رسولِ الله يسأله وصيةً جامعةً موجزةً، فقال له النبي:" لا تتهم اللهَ في شيءٍ من قضائه" فكلُّ قضاءِ الله خير، وهيا بنا نتعلم من سعدِ بنِ أبي وقاص ــ رضي الله عنه ــ الذي قدم مكة، وقد كُف بصرُه، وكان مجابَ الدعوة، وكان الناس يهرعون إليه ويطلبون منه الدعاء، يقول عبدُالله بنُ السائب: فأتيتُه وأنا غلام، وقلتُ له: يا عم، أنت تدعو للناس فلو دعوتَ لنفسك ليرد اللهُ عليك بصرَك، فتبسم وقال: " يا بُني قضاءُ الله عندي أحسنُ إلي من ردّ بصري"، وعروةُ بنُ الزبيرِ بنِ العوام قطعت ساقُه، ومات ولدُه في يومٍ واحد، فجاءه الناسُ ليواسوه ويخففوا عنه، فقال: إني والله لراضٍ عن ربي، فقد أعطاني الله أربعةً من الولد، فأخذ واحدا وأبقى ثلاثة، فالحمد لله، وأعطاني أربعةً من الأطراف فأخذ واحداً وأبقى ثلاثة فالحمد لله " وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى ... *الرضا بالله عن كل ما سواه: وهو أعظمُ المقامات وأكملُها، وعلامةُ هذا الرضا: دوامُ حبِّ اللهِ في القلبِ بعد القضا، فإذا علم العبدُ أن اللهَ كافٍ جميعَ عبادِه وثِق بضمانه، فاستراح من تعبه، وأزال الهمومَ والأكدارَ عن قلبه، فيدخلُ جنةَ الرضا والتسليم، ويهُبُّ عليه من روحِ الوصالِ وريحانِ الجمالِ نسيم، فيكتفي بالله ويثق بضمانِه، ويرضى بقدره وقضائه" يهربُ من كل شيء إلى الله ولا يرضى بأحدٍ سوى الله ويعلمُ أن المصائبَ في باطنها تقوده إلى الله، يقول أهل الله: " رحمك بأكدارِ الدنيا ليزعجَك إليه، وأشهدك محاسنَ الآخرةِ لتُقبِل بكلِّيتك عليه، وإنما سلَّط الخلقَ عليك بالأذى حتى لا يشغلَك عنه شيء، أراد أن يزعجك من كل شيء كي لا تركنَ إلا إليه، ومتى أوحشك من خلقه، فاعلم أنه يريدُ أن يفتحَ لك بابَ الأنسِ به، ومن لم يقبلْ على الله بملاطفات الإحسان سِيق إليه بسلاسل الامتحان" ، فليست الغايةُ تعذيبَك بالابتلاء، وإنما الإقبالُ عليه والفرارُ إليه، ورضاك بقضائه وقدره. عباد الله كيف نحقق الرضا ؟ قيل ليحيى بن معاذ: كيف يبلغُ العبدُ مقامَ الرضا؟ قال: إذا أقام نفسَه على أربعةِ أصولٍ فيما يعاملُ به ربَّه، فيقول: " يارب، إن أعطيتَني قبِلت، وإن منعتَني رضيت، وإن تركتَني عبدت، وإن دعوتَني أجبْت " ، وسُئل الفضيلُ بنُ عياض، كيف يحقق العبدُ الرضا ؟ قال: إذا استوى عنده المدحُ والذم، والعطاءُ والمنع يشكرُ على النعماء ويصبرُ على البلاء، إذ الكلّ من الله " ولتعلم أن اختيارَ اللهِ لك هو اختيارُ الحكيمِ الخبير الذي يعلم السرَّ وأخفى، وأن اختياره لك أفضلُ من اختيارِك لنفسك، ولو اطلعتَ على الغيبِ لما اخترتَ إلا ما أنت فيه.


 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الرضا الرضا بما قسمه الله ه الله

إقرأ أيضاً:

الديون الأميركية أكبر خطر على الاستقرار المالي.. هذا ما توصل إليه الفدرالي

الاقتصاد نيوز - متابعة

فوز الرئيس المنتخب دونالد ترامب أسهم في حملة قوية ضد التضخم المرتفع، ولكن بعد الخامس من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، تجاهل الخبراء الماليون والاقتصاديون ارتفاع الأسعار وبدأ القلق يسري بشأن ارتفاع  الديون الأميركية، والركود المحتمل، والمخاطر التي تهدد التجارة العالمية.

عبء الديون قد يكون من أهم التهديدات لاستقرار القطاع المالي، وفقاً لمسح جديد أجراه الفدرالي الأميركي ونشر في وقت متأخر من ليل الجمعة بتوقيت الولايات المتحدة.

وخلص مسح الفدرالي الأميركي إلى أن "المخاوف بشأن القدرة على تحمل الديون المالية الأميركية كانت من بين المخاطر الأكثر ذكراً. ولوحظ أن زيادة إصدارات سندات الخزانة يمكن أن تبدأ في مزاحمة الاستثمار الخاص أو تقييد استجابات السياسات في حالة الانكماش الاقتصادي"، في حين أن الضعف المحتمل في الدين العام الأميركي قد يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي. 

وبتلك التوجهات، ارتفع همّ الاقتصاد الكلي واحتمال نشوب حرب تجارية عالمية إلى أعلى قائمة المخاوف.

ارتفعت أعباء تكاليف الفائدة على الديون الأميركية إلى أعلى مستوياتها منذ تسعينيات القرن العشرين في السنة المالية المنتهية في سبتمبر، مما أدى إلى تصعيد خطر أن تحد المخاوف المالية من خيارات السياسة للإدارة المقبلة في واشنطن.

وانعكست هذه المخاوف أيضاً في سلوك سوق السندات في الآونة الأخيرة، مع ارتفاع العائدات على سندات الخزانة لأجل عشر سنوات، على سبيل المثال، بشكل حاد خلال الشهرين الماضيين على الرغم من قيام الفدرالي الأميركيبتخفيض سعر الإقراض القياسي مرتين بما مجموعه 75 نقطة أساس.

وإلى جانب ذلك، كان تقدير علاوات سندات الخزانة، وهو مقياس التعويض الذي يحتاجه المستثمرون للاحتفاظ بأوراق مالية الخزانة الأطول أجلاً بدلاً من الأوراق المالية القصيرة الأجل، قريباً من أعلى نطاقه منذ عام 2010. 

وعلاوة على ذلك، كانت مقاييس تقلب أسعار الفائدة فوق المعايير التاريخية، ويرجع ذلك جزئياً إلى "ارتفاع حالة عدم اليقين بشأن التوقعات الاقتصادية والمسار المرتبط بالسياسة النقدية بالإضافة إلى الحساسية المتزايدة للأخبار المتعلقة بنمو الإنتاج والتضخم والمعروض من سندات الخزانة".

مخاطر الحروب التجارية

وفي الوقت نفسه، ارتفع الضعف المحتمل في الاقتصاد واحتمال نشوب حرب تجارية عالمية على قائمة المخاوف.

ووجد الاستطلاع أن "المخاطر التي تتعرض لها التجارة العالمية تم ذكرها على وجه التحديد في هذا الاستطلاع، حيث أشار بعض المشاركين إلى احتمال أن تؤدي الحواجز الجمركية إلى سياسات حمائية انتقامية من شأنها أن تؤثر سلباً على تدفقات التجارة العالمية وتفرض ضغوطاً تصاعدية متجددة على التضخم". وأشار آخرون إلى أن تدهور التجارة العالمية يمكن أن يؤدي إلى ركود النشاط الاقتصادي وزيادة خطر الانكماش.

اقرأ أيضاً: راي داليو: الديون الأميركية وقرارات الفيدرالي في مقدمة القوى المحركة للاقتصاد العالمي

وكان "التضخم المستمر" إلى جانب السياسة النقدية المتشددة للفدرالي الأميركي قد تم الاستشهاد به على أنه الخطر الأكبر في استطلاع سابق صدر في الربيع، لكنه انخفض إلى المركز السادس، إلى جانب التجارة العالمية، في الاستطلاع الحالي.

سياسات ترامب

ورغم أن هذا التضخم سبق فوز ترامب في الانتخابات، إلا أن الاستطلاع يسلط الضوء على القضايا التي من المرجح أن تكون محورية في المناقشات المقبلة بشأن الضرائب والرسوم الجمركية والقضايا الاقتصادية الأخرى.

ويرى بعض الاقتصاديين أن حزمة الإجراءات التي يخطط لها ترامب من التخفيضات الضريبية والرسوم الجمركية على الواردات من المحتمل أن يؤدي إلى زيادة التضخم والعجز الفيدرالي الكبير بالفعل في وقت تحافظ فيه أسواق السندات على ارتفاع العائدات على سندات الخزانة الأميركية.

وتستشهد قائمة المخاطر على المدى القريب التي تهدد الاستقرار والتي نُشرت يوم الجمعة بتقريري الاستقرار المالي لعام 2019، عندما كانت "الاحتكاكات التجارية" هي مصدر القلق الأكبر بعد أن أطلق ترامب حرباً تجارية مع الصين وأجبر المكسيك وكندا على إعادة التفاوض بشأن كوريا الشمالية والجدل حول اتفاقية التجارة الحرة الأميركية.

وتظهر الوثيقة أيضاً أن ترامب يرث نظاماً مالياً يبدو متيناً إلى حد كبير من وجهات نظر عديدة، ولكن مع ظهور بعض الضغوط الملحوظة.

وخلص التقرير إلى أن قيم الأصول "ظلت مرتفعة"، وهو ما يشكل مصدر قلق لأن التسعير المرتفع يمكن أن يعني انعكاسات أكثر حدة إذا تغيرت المشاعر أو الظروف، مع انخفاض السيولة وتعرض أسعار العقارات التجارية للضغوط.

وكان اقتراض الأسر "متواضعاً"، لكن التأخر في السداد كان في ارتفاع بالنسبة لبعض أنواع القروض، واقترضت الشركات بكثافة.

وظلت البنوك، التي يخضع الكثير منها لإشراف الفدرالي الأميركي مع مراقبة مستويات رأس المال عن كثب، سليمة ومرنة.

تم وصف إحدى فئات الأصول المحددة، وهي "العملات المستقرة" المستخدمة كجزء من نظام العملة المشفرة، بأنها متنامية.

مقالات مشابهة

  • الصبر في الإسلام: مفتاح الفرج والسكينة في الأوقات الصعبة
  • الاستغفار في الإسلام: مفتاح للمغفرة وزيادة الرزق
  • فضل الاستغفار أثناء نزول المطر: باب واسع للرحمة والمغفرة
  • مفتاح القرب من الله.. أوضحه الشيخ الشعراوي
  • الديون الأميركية أكبر خطر على الاستقرار المالي.. هذا ما توصل إليه الفدرالي
  • الصندوق السيادي المعنوي.. تعزيز وتنمية
  • علي جمعة: الفتن سببها العبد عن مراد الله في التلاعب بالألفاظ
  • ما هو الصاروخ الباليستي العابر للقارات وما هو أقصى مدى يمكن أن يصل إليه؟
  • بيان منزلة النفس الإنسانية في الإسلام.. الإفتاء تجيب
  • مدير الجامع الأزهر يتفقد سير الدراسة برواق القرآن الكريم بالغربية ويوصي بانتهاج طريقة المصحف المعلم