مستشار هيومن رايتس ووتش للجزيرة: الغرب منافق وإسرائيل انتهكت القوانين الدولية
تاريخ النشر: 22nd, October 2023 GMT
لندن – نزع الاحتلال الإسرائيلي مقومات الحياة من الشعب الفلسطيني في غزة، وجرده من حقوقه الأساسية في الحصول على أجهزة استخبارات وأنظمة شرطية وجهاز دفاع مدني لمساعدته في انتشال الناجين والضحايا من بين الأنقاض بعد القصف المتكرر.
يوضح المستشار القانوني لمكتب هيومن رايتس ووتش في لندن كلايف بالدوين للجزيرة نت أنه بحسب اتفاقيات جنيف الدولية للقانون الدولي الإنساني، فإن للمحتل واجبات لا يمكنه التنصل منها مثل تحمّله مسؤولية حماية المدنيين، وعليه حتى ولو تبنت إسرائيل رواية جنائية مختلفة لتفجير المستشفى المعمداني، ستظل هي المسؤول الأول عن حماية المدنين، بحسب ما يعرف دوليا باسم "مسؤوليات المحتل".
يؤكد المستشار بالدوين –رغم عدم البدء في التحقيقات في العملية الجنائية لحادث تفجير المستشفى المعمداني في غزة- أنّ هناك مسؤولية متعلقة بالاحتلال تتمثل بحماية جميع المدنيين وتعتبر واجبا قطعيا، ويُلزم الإحتلال بترميم المستشفى، ومد غزة بالإمدادات الطبية العاجلة، وتأسيس الحياة المدنية الأساسية لغزة، بما في ذلك تطوير النظام الشرطي في غزة والضفة الغربية.
ويختلف واجب حماية المدنيين عن المسؤولية الجنائية للمتسبب الرئيسي للتفجير، وهناك كيانات دولية معنية بالتحقيق، مثل مؤسسة الصليب الأحمر أو محكمة العدل الدولية أو المحكمة الجنائية الدولية، ويلتزم جيش الإحتلال بتأمين فرق وصول التحقيق لمقر المستشفى، لأن المحقق الجنائي لن يذهب لمنطقة نزاع نشطة، كما إن التحقيقات الجنائية تأخذ الكثير من الوقت لدراسة الأدلة.
وأوضح بالدوين أن القادة والسياسيين عادة ما يزعمون أن الاستهداف دفاع عن النفس وغير متعمد، لكن المحققيين قادرون على تجميع كل شيء وتوضيح الأمر خاصة في حالة مستشفى، فإذا وُضع رمز للصليب أو الهلال الأحمر على مكان أو كان من الواضح أنه مشفى، سيتعين على سلطات الاحتلال إثبات أن هناك استخداما عسكريا للمبنى.
ومن المفترض إنه اذا كان هناك شك في أن الفرد أو المبنى يحمل صفة مدنية، فإن له حماية، ويعد استهداف أطقم الرعاية الطبية والصحفيين والمدنيين المتعمد انتهاكا صارخا للقانون.
وانضمت فلسطين إلى محكمة العدل الدولية منذ حوالي 10 سنوات، بينما لم تنضم إسرائيل بعد، ومع ذلك تتمتع المحكمة بولاية قضائية على الأحداث وجرائم الحرب التي وقعت في الضفة الغربية وغزة، وفي الوقت الحالي تنظر محكمة العدل الدولية في قضايا ناشئة عن شرعية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، حيث قدمت منظمة هيومن رايتس ووتش للمدعي العام طلبا بالتحقيق في جرائم ضد الانسانية، والفصل العنصري والاضطهاد، التي وجدها المراقبون في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
جرائم ضد الإنسانيةيشكل القانون الدولي الإنساني أو قوانين النزاعات المسلحة الحجر الأساسي للتحكيم في أحداث الصراع، وهما اللاعب الأساسي فيما يحدث في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.
وتفرض تلك القوانين واجب المحتل تجاه المدنيين، الذي لا يشمل حمايتهم من الهجوم فحسب، بل إن الواجب الرئيسي للمحتل هو ضمان تمكين السكان المدنين من الوصول إلى جميع أساسيات الحياة من غذاء ومياه ودواء، وهذا الواجب يسري في أوقات السلم والحرب، وتتحمله قوات الإحتلال بشكل كامل، وهو ما قصرت به على مدار 20 عاما خاصة في غزة.
أكد بالدوين أن الإحتلال ارتكب جريمة حرب من خلال حصار غزة، وهو ما لا يمكن أن يعتبر هدفا عسكريا، بل يعد "معاقبة جماعية للسكان"، وما يحدث الآن من تجويع وقطع المياه والكهرباء هو انتهاكٌ واضحٌ للقانون الدولي والمواثيق الدولية التي تعتبر العقاب الجماعي "جريمة حرب".
وعن جرائم التطهير العرقي أضاف بالدوين أن التطهير العرقي والإبادة الجماعية مصطلحات أخلاقية بدأ استخدامها أيام حرب البوسنة وكوسوفو عام 1990، وهي لا تعتبر مصطلحات قانونية، ولكن هناك جريمة "تهجير قسري" لسكان غزة بتهجيرهم للجنوب أو دفعهم إلى الهجرة خارج الأراضي المحتلة، ولا يوجد سبب عسكري لذلك، كما يشكل عدم السماح بالعودة جريمة حرب أخرى.
ولأن هذا يشبه تماما ما جرى في عام 1948، وضّح بالدوين أنه يمكن تطبيق المصطلحات القانونية بأثر رجعي كعواقب للحدث، لكن محكمة العدل الدولية لا يمكنها البت في جريمة حرب حدثت منذ أكثر من نصف قرن، لأن اختصاصها القضائي يسمح لها بالبت في جرائم حرب و جرائم ضد الإنسانية تحدث الآن وحتى 10 سنوات مضت في أراضي غزة والضفة الغربية.
نفاق دوليووصف بالدوين الدول الغربية "بازدواجية المعايير فيما يتعلق بمقارنة ردود الأفعال الحكومية المختلفة بين فلسطين وأوكرانيا"، مستشهدا بإدانة قادة الغرب الجرائم التي ارتكبت بحق الأوكرانيين، واعتبارها فورا انتهاكا لقوانين الصراع، في حين لم يطبقوا نفس المعايير على إسرائيل، أو يقدموا الدعم المكافئ سواء المالي أوالعسكري لفلسطين. واعتبر بالدوين الأمر نفاقا، وأكد أن حماية الناس لن تكون سوى بقانون قوي يطبق بشكل موضوعي على الجميع بنفس المعايير، فبحسب القانون الدولي لا يوجد ما يشكل فارقا بين أوكرانيا وفلسطين حسب تحليله.
وأضاف الحقوقي الدولي أن قوانين الصراع في كل اتفاقيات جنيف تدعو جميع الأطراف إلى التوازن واستدعاء أي طرف ارتكب جرائم قتل بحق المدنيين، أو ارتكب جريمة العقاب الجماعي ضدهم، فأي طرف يخرق القانون يجب استدعاؤه وإدانته.
وعن الإدانات الغربية غير المتوزانة أكد بالدوين أنه بالرغم من كون الإدانة الأحادية في ذاتها ليست جريمة، فإن التوازن واجب قانوني ملزم لكل الدول الموقعة على اتفاقيات جنيف وهي كل دول العالم تقريبا. وأشارالمتحدث ذاته إلى وجوب دعم جميع الأطراف والدول بشكل منصف، فلا يمكن للقادة الجلوس بهدوء والسماح بإدانة أحادية أوانحياز.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: محکمة العدل الدولیة جریمة حرب فی غزة
إقرأ أيضاً:
الاحتلال الصهيوني.. إرهاب دولة برعاية الغرب ووصمة عار في جبين الإنسانية
منذ أكثر من خمسة أشهر، يشهد العالم واحدة من أبشع الجرائم الإنسانية في التاريخ الحديث، حيث يواصل الاحتلال الصهيوني عدوانه الغاشم على قطاع غزة، متجاوزا كل القوانين والأعراف الدولية، وسط تواطؤ دولي وصمت مخزٍ من المؤسسات الأممية، بل ودعم غير مشروط من الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية.
جرائم حرب موثقة.. والمجازر مستمرة
ما يجري في غزة اليوم ليس مجرد حرب، بل هو إبادة جماعية ممنهجة تهدف إلى تصفية الشعب الفلسطيني والقضاء على وجوده. لقد استخدم الاحتلال كل أنواع الأسلحة المحرمة، واستهدف بشكل مباشر النساء والأطفال، حيث سقط أكثر من 30 ألف شهيد، معظمهم من الأطفال والنساء، فضلا عن عشرات الآلاف من الجرحى والمفقودين تحت الأنقاض.
لم تقتصر جرائم الاحتلال على القتل والتدمير، بل وصلت إلى منع دخول الغذاء والدواء، وتحويل غزة إلى سجن كبير يموت فيه الناس جوعا وعطشا، في مشهد يعيد إلى الأذهان حصارات العصور الوسطى، لكنه يحدث اليوم في القرن الحادي والعشرين، تحت سمع وبصر العالم المتحضر!
بينما تفشل الحكومات، تقع المسؤولية الآن على عاتق الشعوب الإسلامية وأحرار العالم. يجب أن تتجاوز الشعوب هذا التقاعس الرسمي، وتتحرك بكل الوسائل الممكنة -من خلال المظاهرات، والمقاطعة الاقتصادية، والدعم الشعبي والإعلامي المستمر، والضغط على الحكومات- لإجبارها على التحرك الفوري لإنهاء الحصار ودعم المقاومة ضد الاحتلال
عبادة جماعية للقتل والإجرام!
لقد تجاوز الاحتلال كل الحدود، حيث لم يعد يخفي طبيعته القائمة على العنف والإرهاب، بل أصبح قادته وجنوده يمارسون القتل كـ"عبادة جماعية"، مدعين أن المجازر التي يرتكبونها تقربهم إلى الله! هذا الفكر الإجرامي المتطرف يجعلهم يحتفلون بحرق البيوت على ساكنيها، ويهللون عند قتل الأطفال، بينما يتفاخرون بأنهم يحولون غزة إلى "محرقة"!
دعم أمريكي وغربي.. تواطؤ مكشوف
الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، اللذان يتشدقان بحقوق الإنسان والديمقراطية، أصبحا شريكين مباشرين في هذه الإبادة الجماعية. فواشنطن لم تكتفِ بتقديم الأسلحة والصواريخ، بل منعت أيضا أي قرار دولي يمكن أن يضع حدا لهذه الجرائم، وواصلت تقديم الدعم المالي والسياسي بلا توقف، في تأكيد جديد على ازدواجية المعايير والنفاق السياسي الغربي.
التخاذل العربي ودور الشعوب الإسلامية
إلى جانب التواطؤ الغربي، فإن دور العديد من الأنظمة العربية في هذه الأزمة كان مخزيا ويصل إلى حد الخيانة والتواطؤ. فبدلا من اتخاذ موقف حاسم لوقف المجازر، اختارت بعض الحكومات تطبيع العلاقات مع الاحتلال، أو التزام الصمت، أو حتى عرقلة الجهود الفاعلة لإيصال المساعدات إلى غزة. إن هذا التخاذل الرسمي شجّع المحتل على الاستمرار في عدوانه، وترك الشعب الفلسطيني يواجه مصيره وحده.
لكن بينما تفشل الحكومات، تقع المسؤولية الآن على عاتق الشعوب الإسلامية وأحرار العالم. يجب أن تتجاوز الشعوب هذا التقاعس الرسمي، وتتحرك بكل الوسائل الممكنة -من خلال المظاهرات، والمقاطعة الاقتصادية، والدعم الشعبي والإعلامي المستمر، والضغط على الحكومات- لإجبارها على التحرك الفوري لإنهاء الحصار ودعم المقاومة ضد الاحتلال.
دعم بيان المنتدى الإسلامي للبرلمانيين الدوليين وخطته العملية
في هذا السياق، جاء البيان الصادر عن المنتدى الإسلامي للبرلمانيين الدوليين ليؤكد الموقف الواضح من هذه الجرائم، ويدعو إلى تحرك دولي عاجل لكسر الحصار ودعم الشعب الفلسطيني في غزة بكل الوسائل الممكنة. إننا نثمن هذا البيان ونؤكد على أهمية دعمه سياسيا وإعلاميا، كما ندعو جميع البرلمانيين الأحرار حول العالم إلى التفاعل مع الخطة العملية التي تضمنها، واتخاذ إجراءات ملموسة داخل برلماناتهم للضغط على الحكومات والمؤسسات الدولية لوقف هذه المجازر وكسر الحصار فورا.
دعوة عاجلة للتحرك الفوري
إن ما يحدث في غزة اليوم ليس قضية فلسطينية فحسب، بل هو اختبار للضمير الإنساني، واختبار لقدرة الأمة الإسلامية وشعوب العالم الحر على رفض الظلم والانتصار للمظلومين. من هنا، فإننا في المنتدى المصري (برلمانيون لأجل الحرية) ندعو إلى:
1- تحرك فوري وقوي من جميع الحكومات الإسلامية والمؤسسات الدولية لكسر الحصار وإدخال المساعدات دون إذن الاحتلال.
2- تفعيل الضغوط السياسية والدبلوماسية عبر البرلمانات الدولية لفرض عقوبات على الكيان المحتل ووقف التعاون العسكري والاقتصادي معه.
3- تحريك الشارع العربي والإسلامي عبر مظاهرات مستمرة وحملات مقاطعة اقتصادية للكيان الصهيوني وحلفائه.
4- محاكمة قادة الاحتلال كمجرمي حرب أمام المحكمة الجنائية الدولية، وملاحقتهم قانونيا في كل الدول التي تعترف بالولاية القضائية الدولية.
5- تحريك منظمات المجتمع المدني لدعم أهل غزة ماديا وسياسيا، وتعزيز حملات التبرعات لإغاثة المتضررين.
الأمل بالنصر وانكشاف الغمة
رغم الألم والمعاناة، فإننا نؤمن بأن الاحتلال إلى زوال، وأن الشعب الفلسطيني الذي قدم كل هذه التضحيات سينتصر في النهاية. إن إرادة الشعوب لا تُقهر، وعجلة التاريخ تتحرك دائما نحو العدالة، وسيأتي اليوم الذي تتحقق فيه وعود الله بالنصر والتمكين، وينقشع ظلام الاحتلال، ويرتفع صوت الحق فوق كل المؤامرات.
* رئيس المنتدى المصري (برلمانيون لأجل الحرية)