لندن – نزع الاحتلال الإسرائيلي مقومات الحياة من الشعب الفلسطيني في غزة، وجرده من حقوقه الأساسية في الحصول على أجهزة استخبارات وأنظمة شرطية وجهاز دفاع مدني لمساعدته في انتشال الناجين والضحايا من بين الأنقاض بعد القصف المتكرر.

يوضح المستشار القانوني لمكتب هيومن رايتس ووتش في لندن كلايف بالدوين للجزيرة نت أنه بحسب اتفاقيات جنيف الدولية للقانون الدولي الإنساني، فإن للمحتل واجبات لا يمكنه التنصل منها مثل تحمّله مسؤولية حماية المدنيين، وعليه  حتى ولو تبنت إسرائيل رواية جنائية مختلفة لتفجير المستشفى المعمداني، ستظل هي المسؤول الأول عن حماية المدنين، بحسب ما يعرف دوليا باسم "مسؤوليات المحتل".

أصوات المطالبة بمحاسبة إسرائيل على ارتكابها جرائم حرب ارتفعت بعد اسشتهاد أكثر من 500 شخص في قصف المستشفى المعمداني في غزة (الجزيرة) الاحتلال مُلزم دوليا

يؤكد المستشار بالدوين –رغم عدم البدء في التحقيقات في العملية الجنائية لحادث تفجير المستشفى المعمداني في غزة- أنّ هناك مسؤولية متعلقة بالاحتلال تتمثل بحماية جميع المدنيين وتعتبر واجبا قطعيا، ويُلزم الإحتلال بترميم المستشفى، ومد غزة بالإمدادات الطبية العاجلة، وتأسيس الحياة المدنية الأساسية لغزة، بما في ذلك تطوير النظام الشرطي في غزة والضفة الغربية.

ويختلف واجب حماية المدنيين عن المسؤولية الجنائية للمتسبب الرئيسي للتفجير، وهناك كيانات دولية معنية بالتحقيق، مثل مؤسسة الصليب الأحمر أو محكمة العدل الدولية أو المحكمة الجنائية الدولية، ويلتزم جيش الإحتلال بتأمين فرق وصول التحقيق لمقر المستشفى، لأن المحقق الجنائي لن يذهب لمنطقة نزاع نشطة، كما إن التحقيقات الجنائية تأخذ الكثير من الوقت لدراسة الأدلة.

وأوضح بالدوين أن القادة والسياسيين عادة ما يزعمون أن الاستهداف دفاع عن النفس وغير متعمد، لكن المحققيين قادرون على تجميع كل شيء وتوضيح الأمر خاصة في حالة مستشفى، فإذا وُضع رمز للصليب أو الهلال الأحمر على مكان أو كان من الواضح أنه مشفى، سيتعين على سلطات الاحتلال إثبات أن هناك استخداما عسكريا للمبنى.

ومن المفترض إنه اذا كان هناك شك في أن الفرد أو المبنى يحمل صفة مدنية، فإن له حماية، ويعد استهداف أطقم الرعاية الطبية والصحفيين والمدنيين المتعمد انتهاكا صارخا للقانون.

وانضمت فلسطين إلى محكمة العدل الدولية منذ حوالي 10 سنوات، بينما لم تنضم إسرائيل بعد، ومع ذلك تتمتع المحكمة بولاية قضائية على الأحداث وجرائم الحرب التي وقعت في الضفة الغربية وغزة، وفي الوقت الحالي تنظر محكمة العدل الدولية في قضايا ناشئة عن شرعية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، حيث قدمت منظمة هيومن رايتس ووتش للمدعي العام طلبا بالتحقيق في جرائم ضد الانسانية، والفصل العنصري والاضطهاد، التي وجدها المراقبون في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

جرائم ضد الإنسانية

يشكل القانون الدولي الإنساني أو قوانين النزاعات المسلحة الحجر الأساسي للتحكيم في أحداث الصراع، وهما اللاعب الأساسي فيما يحدث في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.

وتفرض تلك القوانين واجب المحتل تجاه المدنيين، الذي لا يشمل حمايتهم من الهجوم فحسب، بل إن الواجب الرئيسي للمحتل هو ضمان تمكين السكان المدنين من الوصول إلى جميع أساسيات الحياة من غذاء ومياه ودواء، وهذا الواجب يسري في أوقات السلم والحرب، وتتحمله قوات الإحتلال بشكل كامل، وهو ما قصرت به على مدار 20 عاما خاصة في غزة.

أكد بالدوين أن الإحتلال ارتكب جريمة حرب من خلال حصار غزة، وهو ما لا يمكن أن يعتبر هدفا عسكريا، بل يعد "معاقبة جماعية للسكان"، وما يحدث الآن من تجويع وقطع المياه والكهرباء هو انتهاكٌ واضحٌ للقانون الدولي والمواثيق الدولية التي تعتبر العقاب الجماعي "جريمة حرب".

وعن جرائم التطهير العرقي أضاف بالدوين أن التطهير العرقي والإبادة الجماعية مصطلحات أخلاقية بدأ استخدامها أيام حرب البوسنة وكوسوفو عام 1990، وهي لا تعتبر مصطلحات قانونية، ولكن هناك جريمة "تهجير قسري" لسكان غزة بتهجيرهم للجنوب أو دفعهم إلى الهجرة خارج الأراضي المحتلة، ولا يوجد سبب عسكري لذلك، كما يشكل عدم السماح بالعودة جريمة حرب أخرى.

ولأن هذا يشبه تماما ما جرى في عام 1948، وضّح بالدوين أنه يمكن تطبيق المصطلحات القانونية بأثر رجعي كعواقب للحدث، لكن محكمة العدل الدولية لا يمكنها البت في جريمة حرب حدثت منذ أكثر من نصف قرن، لأن اختصاصها القضائي يسمح لها بالبت في جرائم حرب و جرائم ضد الإنسانية تحدث الآن وحتى 10 سنوات مضت في أراضي غزة والضفة الغربية.

نفاق دولي

ووصف بالدوين الدول الغربية "بازدواجية المعايير فيما يتعلق بمقارنة ردود الأفعال الحكومية المختلفة بين فلسطين وأوكرانيا"، مستشهدا بإدانة  قادة الغرب الجرائم التي ارتكبت بحق الأوكرانيين، واعتبارها فورا انتهاكا لقوانين الصراع، في حين لم يطبقوا نفس المعايير على إسرائيل، أو يقدموا الدعم المكافئ سواء المالي أوالعسكري لفلسطين. واعتبر بالدوين الأمر نفاقا، وأكد أن حماية الناس لن تكون سوى بقانون قوي يطبق بشكل موضوعي على الجميع بنفس المعايير، فبحسب القانون الدولي لا يوجد ما يشكل فارقا بين أوكرانيا وفلسطين حسب تحليله.

وأضاف الحقوقي الدولي أن قوانين الصراع في كل اتفاقيات جنيف تدعو جميع الأطراف إلى التوازن واستدعاء أي طرف ارتكب جرائم قتل بحق المدنيين، أو ارتكب جريمة العقاب الجماعي ضدهم، فأي طرف يخرق القانون يجب استدعاؤه وإدانته.

وعن الإدانات الغربية غير المتوزانة أكد بالدوين أنه بالرغم من كون الإدانة الأحادية في ذاتها ليست جريمة، فإن التوازن واجب قانوني ملزم لكل الدول الموقعة على اتفاقيات جنيف وهي كل دول العالم تقريبا. وأشارالمتحدث ذاته إلى وجوب دعم جميع الأطراف والدول بشكل منصف، فلا يمكن للقادة الجلوس بهدوء والسماح بإدانة أحادية أوانحياز.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: محکمة العدل الدولیة جریمة حرب فی غزة

إقرأ أيضاً:

محافظ الغربية يشهد احتفال المستشفى الأمريكي بطنطا بمرور 125 عام على تأسيسها

شهد اللواء أشرف الجندي محافظ الغربية، يرافقه الدكتور محمد حسين رئيس جامعة طنطا والقس أندريه زكي، رئيس الطائفة الإنجيلية ، احتفال المستشفى الأمريكي بمدينة طنطا التابعة لمجلس المؤسسات الطبية لسنودس النيل الإنجيلي، بمناسبة مرور 125 عامًا على تأسيسها، وافتتاح وحدة القسطرة المتطورة، بحضور  عدد من القيادات السياسية والتنفيذية والدينية، على راسهم :الدكتور محمود عيسى، نائب محافظ الغربية، الأستاذة مارجريت صاروفيم، نائبة وزيرة التضامن الاجتماعي، والأنبا بولا، مطران طنطا وتوابعها، واللواء أحمد أنور، السكرتير العام للمحافظة ، أعضاء مجلسي النواب والشيوخ ، الدكتور أسامة بلبل وكيل وزارة الصحة بالغربية .

وخلال خطاب الاحتفال، عبّر الدكتور القس أندريه زكي عن سعادته بمناسبة الاحتفال، مشيرًا إلى أن افتتاح وحدة القسطرة يمثل إضافة نوعية للخدمات الطبية. وأشاد بدور الدولة المصرية في دعم القطاع الصحي، مبرزًا أهمية المبادرات الوطنية مثل "100 مليون صحة". حيث قال: "إن المستشفى الأمريكي يعكس التزامنا بتوفير رعاية صحية متكاملة لكل المواطنين، ونستمر في تقديم خدماتنا للجميع دون تمييز."

وأضاف زكي: "نحن فخورون بأن نكون جزءًا من هذا الصرح الطبي الذي يسهم في تحسين جودة الحياة للمرضى. إن رؤيتنا هي تقديم خدمات صحية عالية الجودة تتماشى مع المعايير العالمية، ونسعى دائمًا للتطوير والابتكار لتلبية احتياجات المجتمع."

وفي كلمته هنئ اللواء أشرف الجندي محافظ الغربية الحضور بذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة والعيد القومي للمحافظة مؤكدا ان احتفال المستشفى الأمريكي العريقة بمرور 125 عامًا على تأسيسها، والذي يتزامن مع احتفالات العيد القومي للمحافظة ، يعكس تاريخًا طويلًا من الإنجازات والخدمات الصحية الرائدة التي قدمتها منذ إنشائها قبل قرن وربع، فقدمت هذه المستشفى مساهمات جليلة في مجال الرعاية الصحية، معتمدة على أحدث الابتكارات الطبية والتقنيات المتطورة. ويأتي الاحتفال بهذه الذكرى كفرصة لتكريم  الجهود الطبية العريقة وتقدير جهود الأطباء والممرضين والموظفين الذين ساهموا في تعزيز صحة المواطنين في محافظة الغربية على مدار أعوام.

وثمن الجندي الدور البارز للمستشفى الأمريكي في تقديم خدمات طبية متميزة لأهالي عروس الدلتا ، مؤكدًا أن الوحدة الجديدة ستساهم في تحسين جودة الخدمات الصحية المقدمة. وصرح قائلًا: "إن هذا الصرح الطبي يُعد نموذجًا للتعاون المثمر مع الدولة في مجال الرعاية الصحية، ونتطلع إلى مزيد من التعاون في المستقبل."

و أعرب الأنبا بولا عن تقديره للمستشفى ولجهود العاملين فيه، مشددًا على أهمية التعاون بين جميع الأطراف لتحقيق التنمية المستدامة. حيث قال: "إن الرعاية الصحية هي حق لكل إنسان، ويجب أن نعمل جميعًا على تحقيق هذا الهدف."

وخلال فعاليات الاحتفالية قدم فريق ترانيم "الكنيسة ترنم" برئاسة المايسترو العالمي ناير ناجي، عددًا من الترانيم الرائعة التي أضفت أجواء من الروحانية على الاحتفال. واختُتم الحفل بالنشيد الوطني وسط أجواء من الفخر والاعتزاز بإنجازات المستشفى التي خدمت مئات الآلاف من المرضى على مدى عقود.

مقالات مشابهة

  • الجنائية الدولية تصدر مذكرات اعتقال ضد 6 ليبيين بتهم جرائم حرب
  • ضبط 8 مُتورطين في جريمة سرقة في الجيزة
  • جريمة الفجر .. طالب أردني يقتل أستاذه عقب خروجه من المسجد " داخل الحرم الجامعي"
  • الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال بحق 6 أعضاء في الكانيات بليبيا
  • اللجنة الدولية للصليب الاحمر: على كافة الأطراف حماية المدنيين
  • الممثل بارديم عن غزة: لا يمكننا أن نبقى غير مبالين وإسرائيل ترتكب جرائم حرب
  • محافظ الغربية يشهد احتفال المستشفى الأمريكي بطنطا بمرور 125 عام على تأسيسها
  • محافظ الغربية يفتتح وحدة القسطرة الجديدة بمستشفى الأمريكي في طنطا
  • محافظ الغربية يفتتح وحدة القسطرة الجديدة بمستشفى الأمريكي بطنطا
  • رايتس ووتش: استمرار احتجاز علاء عبد الفتاح انتهاك صارخ لحقوقه الإنسانية