بيروت- لم تتأخر الفصائل الفلسطينية في لبنان عن الانخراط سريعا في معركة "طوفان الأقصى" ترجمةً للشعار الذي رفعته قوى "محور المقاومة" بوحدة الساحات والجبهات في أي مواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي.

ورغم انخراط الفصائل الفلسطينية -خاصة حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي"- في هذه العمليات العسكرية، سواء عبر التسلل خلف خطوط الاحتلال والاشتباك معه مباشرة، أو مهاجمة مواقعه العسكرية على الحدود، أو قصف المستعمرات في الجليل الأعلى؛ إلا أن جبهة الجنوب لم تُفتح على مصراعيها بعد، كما يعتقد المراقبون، وما تزال محصورة بقواعد الاشتباك المتبعة منذ العدوان الإسرائيلي على لبنان في العام 2006.

وفي سياق هذه المواجهة، ارتفعت وتيرة العمليات العسكرية التي بدأها حزب الله الأحد الثامن من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، أي بعد يوم واحد من معركة "طوفان الأقصى" في غزة، وأخذت تزداد سخونة وعددا كل يوم حتى وصلت أمس الجمعة -أي بعد أسبوعين- إلى 12 هجوما في اليوم الواحد؛ مما يشير إلى تحول الجبهة الجنوبية إلى ساحة صراع مفتوحة على كل الاحتمالات.

إسرائيل تقصف العديد من المواقع في جنوب لبنان (الجزيرة)

ويتوقع مراقبون أن تدخل جبهة جنوب لبنان في مواجهة مفتوحة ارتباطا بـ3 تطورات في معركة غزة، وهي:

إذا طال أمد العدوان، إذ يرتفع احتمال فتح جبهات أخرى ارتباطا بمحور المقاومة سواء في اليمن أو العراق أو سوريا أو لبنان. إذا أقدم جيش الاحتلال الإسرائيلي على الاجتياح البري لغزة، حيث حرص الاحتلال على إطلاق تسمية "مناورة برية" على عمليته العسكرية، كي يناور في التقدم والتراجع ويمنع التصعيد على جبهة جنوب لبنان. إذا أقدم الاحتلال على ارتكاب مجازر جديدة، خاصة ضد الأطفال والنساء.

ويرى الخبير العسكري اللبناني ناجي ملاعب أن جنوب لبنان بانتظار أي من التطورات الثلاثة، مشيرا إلى أنه لولا التهديد والحشد العسكري الأميركي في المنطقة والشرق الأوسط واستقدام حاملة الطائرات لكان الوضع في المنطقة انفجر بشكل كامل.

ويضيف ملاعب -في حديث للجزيرة نت- "نحن لسنا أمام عدوان إسرائيلي معروف الخطط وإنما أمام فعل وردة فعل، ولولا نجدة أميركا لإسرائيل بالحضور الدبلوماسي والعسكري وممارسة الضغوط على لبنان وعلى المحور الذي تدعمه إيران لانفجر الوضع في شمال فلسطين المحتلة والتحمت مع جبهة الجنوب في غزة".

التدخل المناسب

ورأى الخبير العسكري اللبناني أنه إذا أسقطنا التقييم الحالي على جبهة الجنوب مثلما حدث في العدوان الإسرائيلي السابق على حركة الجهاد الإسلامي في غزة، حيث استهدف قادتها العسكريون من دون تدخل "حزب الله"، فإن الأمين العام السيد حسن نصر الله قال في يونيو/حزيران الماضي "لم نتدخل لأن الإخوان لم يطلبوا ذلك، وإذا طلبوا نجري التقييم لمعرفة التدخل المناسب".

وأعرب ملاعب عن اعتقاده بأنه وبعد التدمير الممنهج والانتقام الكبير والعقاب الجماعي، ومع الهجوم البري؛ فإن منسوب التدخل لحزب الله سيرتفع إذا طلب الفلسطينيون ذلك.

ونوه ملاعب إلى تكتيك الحزب في السماح للبندقية الفلسطينية بالتدخل عسكريا من الجنوب اللبناني، وقال "إن الهدف تشتيت التركيز الإسرائيلي وتخفيف الضغط عن غزة"، وأن "ارتفاع وتيرتها مرهون بالتدخل البري المحتمل في غزة وليس المنتظر".

وفي رأي ملاعب، إذا تم استيعاب وتحمل الرد بواسطة فصائل المقاومة الفلسطينية فلن تكون هناك حاجة لتدخل الحزب وفتح الجبهة الجنوبية لتصبح حربا مفتوحة.

ضوء أخضر

وجاء دخول الفصائل الفلسطينية على خط الجبهة الجنوبية، ليسلط الأضواء على حضورها في المناطق اللبنانية وعلى قدراتها العسكرية المحدودة؛ حيث تشير الوقائع بوضوح إلى أنها لا تمتلك أي تواجد علني، أو معسكرات أو بنى تحتية أو خنادق، وإنما تقوم بنصب الصواريخ على منصات متنقلة وإطلاقها ثم الانسحاب منها، أو من خلال إرسال مجموعة مقاتلين للاشتباك مع جيش الاحتلال الذي يرد على مصادر إطلاق النيران.

كما أن حماس والجهاد الإسلامي ليس لهما أي تواجد عسكري علني داخل المخيمات ويقتصر حضورهما على التمثيل السياسي وعلى تقديم الخدمات الطبية والإغاثية عبر المؤسسات الأهلية والمدنية، بينما يلاحظ حضورهما في الفرق الإسعافية والكشفية.

وبالتالي، يعتقد المراقبون أن الأسلحة محدودة وتكاد تكون محصورة بالبنادق الفردية أو الرشاش المتوسط (ديكتريوف وبيكاسي) في حال الاشتباك أو التسلل، أو في صواريخ "غراد" في حال إطلاق الصواريخ عن بُعد.

وتوقّع مسؤول العلاقات السياسية لحركة حماس في لبنان أيمن شناعة أن تبقى الجبهة الجنوبية على حالها من السخونة، والانتقال إلى مرحلة التصعيد الأكبر أو الأوسع في الأيام المقبلة.

وأضاف شناعة للجزيرة نت "في الحقيقة لا أحد يملك المعطيات الدقيقة لتطورات الأمور، ولكن في اعتقادي أنه إذا لزم الأمر وحصلت معركة برية كبرى وفوق المتوقع وتجاوزت الحدود، فإن كافة الاحتمالات واردة".

ويؤكد شناعة "أن عمليات حماس من الجنوب هي رسالة مزدوجة؛ الأولى لتأكيد دعم غزة وشعبها ومقاومتها، والثانية إلى إسرائيل "بأننا لن نقف مكتوفي الأيدي في إطار معركة طوفان الأقصى ومعادلة وحدة الساحات والجبهات".

تقديم المشورة

على أرض الميدان، قدمت حركة حماس 4 من مقاتلي "كتائب القسام" شهداء، بينما استشهد 3 من مقاتلي سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة "الجهاد الإسلامي".

ولا يخفى على أحد أن الطرفين يعملان تحت جناح حزب الله، بالحصول على المشورة وتسهيل التنفيذ الميداني، نظرا إلى الخبرة الطويلة للحزب بمناطق وخارطة المواقع العسكرية ونقاط المراقبة.

ويؤكد ممثل حركة الجهاد الإسلامي في لبنان إحسان عطايا أن التنسيق مع حزب الله قائم عبر غرفة عمليات مشتركة، وهي على تواصل دائم وتعاون في لبنان ومع غزة، ومطلعة على تفاصيل الأمور".

وبرأيه أيضا، فإن فتح الجبهة الجنوبية مرهون بتطورات العدوان الإسرائيلي في غزة، وأضاف "نحن في حالة استنفار تام وجاهزون لكل التطورات ولكيفية التعاطي معها".

ووفق معلومات حصلت عليها الجزيرة نت، فإن بعض الفصائل الفلسطينية تستعد للدخول على خط المواجهة كما فعلت حماس والجهاد الإسلامي، تأكيدا على أن المعركة مع كل الطيف الفلسطيني وقواه السياسية والعسكرية وليست فقط مع الفصائل الإسلامية، وهو ما قد يعطي سخونة إضافية للجبهة الجنوبية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الفصائل الفلسطینیة الجبهة الجنوبیة الجهاد الإسلامی جبهة الجنوب جنوب لبنان حزب الله فی لبنان فی غزة

إقرأ أيضاً:

السيد القائد: اعتداءات العدو الإسرائيلي في لبنان كبيرة وانتهاكاته جسيمة والمسؤولية الآن تقع على عاتق الدولة

يمانيون/ خاص

وأوضح السيد القائد أن العدو الإسرائيلي استمر هذا الأسبوع بالقصف الجوي والاغتيالات في لبنان وأن الشهداء يرتقون بشكل شبه يومي، فاعتداءات العدو الإسرائيلي في جنوب لبنان تستمر بالقصف على القرى والتمشيط الناري وجرف الطرق ومنع أي عودة للحياة.

وأكد السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، في كلمه له اليوم الخميس، حول آخر مستجدات العدوان على غزة والتطورات الإقليمية والدولية، أن  العدو الإسرائيلي يستهدف المنازل والجوانب الخدمية في جنوب لبنان كما يستهدف المدنيين أثناء عملهم في الأراضي الزراعية، ولم يكتف العدو الإسرائيلي بالاعتداءات في القرى الحدودية في الجنوب بل وسع عدوانه باتجاه العمق اللبناني.

ولفت قائد الثورة إلى أن حزب الله كسر العدو الإسرائيلي في كل مراحل الصراع منذ الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 82 وحتى التحرير عام 2000 وفي حرب تموز 2006م، فالعدو الإسرائيلي وقف عاجزا على أعتاب القرى الحدودية اللبنانية لما يقارب الشهرين دون تحقيق تقدم أو اختراق فعلي وحزب الله حينما أتى اتفاق وقف إطلاق النار التزم ونفذ كل ما عليه بينما العدو الإسرائيلي لم يخرق الاتفاق فقط بل بما هو أكثر من الخرق.

وشدد السيد عبدالملك على أن اعتداءات العدو الإسرائيلي في لبنان كبيرة وانتهاكات جسيمة ولذلك المسؤولية الآن تقع على عاتق الدولة اللبنانية، وينبغي أن يكون كل الجهد اللبناني على المستوى الرسمي والشعبي هو الضغط على العدو الإسرائيلي لتنفيذ ما عليه في الاتفاق.

وشدد السيد القائد على أنه لا ينبغي لا على المستوى الرسمي في لبنان ولا لأي جهة أن توجه أي كلمة إساءة ضد حزب الله، فليس هناك أي التزامات لم يفِ بها حزب الله فيما يتعلق بالاتفاق، وحينما يتجه البعض في لبنان وينطقون بنفس منطق العدو الإسرائيلي ضد حزب الله فهذا خيانة للبنان وعمل يخدم العدو الصهيوني.

لافتاً إلى أن الأولويات في لبنان هي السعي للضغط على العدو الإسرائيلي بتنفيذ ما عليه في الاتفاق والتوجه الجاد لإعادة الإعمار، و تبني المنطق الإسرائيلي في لبنان خطأ فادح وخيانة للبلد.

وأكد قائد الثورة أن الأمريكي يسعى في لبنان إلى إثارة البلبلة عبر بعض المكونات وحرف مسار الأولويات لدى الجانب الحكومي، والهدف الأمريكي في لبنان أن يتبنى الجميع الموقف الإسرائيلي والعمل لخدمته مع التفريط في شعبهم وسيادة بلدهم ومصالحهم، كما يسعى العدو الإسرائيلي  لتجريد لبنان من أهم عناصر القوة، لأن المقاومة هي عامل الردع الحقيقي والتاريخ يشهد بذلك، وينبغي أن تحظى المقاومة في لبنان بالاحتضان والمساندة الشعبية، كما ينبغي ألا يصغي الشعب اللبناني إلى الأبواق التي تردد المطالب العدوانية الصهيونية.

وفيما يتعلق بسوريا أوضح السيد القائد أن ما يقوم به العدو الإسرائيلي في سوريا من اقتحامات لبعض المناطق واعتقالات هي استباحة وعدوان بكل ما تعنيه الكلمة، فوضعية المواطنين السوريين في بعض مناطق الجنوب سيئة مع تحكم العدو الإسرائيلي في حركتهم. لافتا إلى أن ما يقوم به العدو الإسرائيلي في سوريا بدعم أمريكي يأتي في إطار المشروع الصهيوني للتوسع والهيمنة .

وأكد أن على الأمة الإسلامية مسؤولية دينية وأخلاقية وإنسانية وباعتبار مصالحها وأمنها أن تواجه المشروع الصهيوني، فصمت الأمة وتخاذلها وتفرجها ساعد على تشجيع العدو الإسرائيلي في كل ما يفعله، مؤكدا أن حالة الخنوع تجاه العدو الإسرائيلي بكل ما هو عليه من حقد وأطماع ليس من مصلحة أحد.

وشدد السيد على أن العدو الإسرائيلي لا يُقدر من يخنعون له ومن يوالونه ويتجهون إلى تبني أطروحاته، والعدو الإسرائيلي لا يقدر أحدا من أبناء أمتنا مهما قدم له من خدمات، ولو كان الخنوع للعدو مجديا لحصل ذلك مع سوريا وقد تعاملت الجماعات المسلحة مع العدو بإيجابية.

ولفت إلى أن خيار الموالاة للعدو يخدم العدو ويدمر الأمة، وهو يسهم في تمكين الأعداء أكثر فأكثر، وخيار الاستسلام للعدو انتحاري ومدمر وكارثي يجعل الأمة تخسر كل شيء وفي الوقت نفسه تتلقى عقوبة كبيرة من الله.

وأشار إلى أن الأمة لديها مقومات كبيرة وعوامل مساعدة تشجعها على المواجهة للعدو لو امتلكت النظرة الصحيحة لكن هناك حالة عمى بشكل رهيب ومخيف في واقع الأمة.

وأكد حجم الصمود الفلسطيني في قطاع غزة من العوامل المساعدة المشجعة لتنهض الأمة بمسؤوليتها فالصمود الفلسطيني في قطاع غزة لأكثر من عام ونصف بهذا المستوى من الاستبسال والثبات والتضحية هو حجة على هذه الأمة فلم يسبق أن كان هناك صمود بمستوى الصمود الفلسطيني في غزة في مقابل إبادة جماعية، تدمير شامل، هجمة عدوانية.

مقالات مشابهة

  • تصعيد إقليمي في جنوب لبنان.. مواجهات عسكرية ودبلوماسية
  • السيد القائد: اعتداءات العدو الإسرائيلي في لبنان كبيرة وانتهاكاته جسيمة والمسؤولية الآن تقع على عاتق الدولة
  • القرالة: حل حزب جبهة العمل الإسلامي مرهون بإثبات التورط في أنشطة محظورة
  • قتيلان من الجماعة الإسلامية وحزب الله بغارتين اسرائيليتين على لبنان
  • قتيل من الجماعة الإسلامية وآخر من حزب الله في غارتين اسرائيليتين في لبنان  
  • الأردن.. حزب جبهة العمل الإسلامي يجمد عضوية مُتهمين في خلية تصنيع الصواريخ
  • قتيلان أحدهما قيادي بالجماعة الإسلامية في غارتين اسرائيليتين جنوب لبنان
  • القصف متواصل على لبنان.. «نتنياهو» يواصل تهديداته!
  • الجيش الإسرائيليّ: اغتلنا هذه الشخصيّة في حزب الله اليوم
  • ‏الرئيس اللبناني: استمرار الاحتلال الإسرائيلي لـ 5 تلال جنوبي لبنان لا يساعد على استكمال تطبيق القرار 1701