واشنطن والـفيتو: لا وقف لإراقة الدم الفلسطيني
تاريخ النشر: 22nd, October 2023 GMT
استخدمت واشنطن حق النقض «الفيتو» في مجلس الأمن الدولي لتعطيل مشروع قرار برازيلي الصياغة يدعو إلى هدنة إنسانية في حرب دولة الاحتلال الإسرائيلي ضدّ أكثر من 2 مليون قاطن في قطاع غزّة، وذلك رغم أنّ النصّ يدين ما وصفها بـ«الهجمات الإرهابية الشنيعة التي شنّتها حماس». وكان في وسع الولايات المتحدة أن تفوّض أياً من حليفتيها بين الدول دائمات العضوية في مجلس الأمن الدولي، فرنسا مثلاً أو بريطانيا (التي اختارت لعبة الامتناع عن التصويت) لتعطيل المشروع، تخفيفاً من حدّة اصطفاف واشنطن الأعمى المطلق خلف الهمجية الإسرائيلية؛ لكنها لم تفعل، لأسباب شتى لا يتوجب أن تغيب عنها حقيقة «الفلسفة» المتكاملة التي تعتمدها الإدارات الأمريكية في تسيير حقّ النقض كلما اتصل بأمر يؤذي دولة الاحتلال.
لافت، إلى هذا، أنّ ذريعة الرفض، كما جاءت على لسان ليندا توماس غرينفيلد المندوبة الأمريكية الدائمة، هي عدم تشديد النصّ على حقّ دولة الاحتلال في الدفاع عن النفس؛ وأمّا الجوهر، في المقابل، فهو أنّ الهدنة/ وقف إراقة الدم الفلسطيني لا تخدم ستراتيجيات الاحتلال في هذه المرحلة من عمليات «السيوف الحديدية»، وبالتالي فإنّ مبدأ وقف إطلاق النار (المبتغى في كلّ الحروب، من حيث الشكل على الأقلّ) ليس مرغوباً إسرائيلياً في هذا الطور من العدوان، ولا أمريكياً استطراداً.
غير خافٍ، بالطبع، أنّ حقّ النقض هذا استُخدم، ويُستخدم مراراً وتكراراً، لتعطيل مشاريع القرارات التي لا تلائم هذا أو ذاك من أعضاء مجلس الأمن الدائمين، أمريكا وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا؛ ولو كان مشروع القرار يخصّ إدانة نظام بشار الأسد في سوريا، لانتهاكات لا تقلّ شناعة عن جرائم الحرب الإسرائيلية، لاستخدمت موسكو أو بكين الحقّ إياه.
الأمر، من جهة ثانية، يتصل بنهج قديم ومتقادم ودائم التجدد، هو رفض مبدأ الهدنة حين تكون دولة الاحتلال هي الطرف الذي يشنّ الحرب؛ ولعلّ الواقعة الأشهر، في ذاكرة الصراع العربي – الإسرائيلي الحديثة أو شبه المعاصرة، كان رفض واشنطن ولندن إيقاف العمليات العسكرية خلال الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان سنة 2006، ومنح جيش الغزو الإسرائيلي ترخيصاً بالمزيد من المجازر. آنذاك أيضاً، وعلى صعيد قاطرات الاتحاد الأوروبي اللاهثة خلف البيت الأبيض، خيّم على أروقة بروكسيل جدل بيزنطي عقيم انخرطت فيه غالبية الديمقراطيات الأوروبية، حول التفريق اللفظي بين «وقف إطلاق النار» و«وقف الأعمال العدائية»؛ وأمّا الوحش الإسرائيلي البربري الهمجي فقد كان يواصل الإجهاز على المزيد من المدنيين في لبنان، فيقتل عشوائياً، ولا يُبقي حجراً على حجر، برّاً وجوّاً وبحراً…
وما يجري في غزّة الشهيدة اليوم، على نهج ما جرى في لبنان صيف 2006 والعراق ربيع 2003 والحروب الإسرائيلية السبع ضدّ القطاع، يعيد من جديد تظليل قسمات هذا النظام الدولي الذي استجدّ بعد سقوط جدار برلين وانهيار أنظمة الاستقطاب القديمة. الآن، وبعد توسيع الحلف الأطلسي خصوصاً، لم يعد دهاقنة تحليل العلاقات الدولية مضطرين إلى تقليب الرأي في استقطاب أنغلو – ساكسوني (أمريكي/ بريطاني)، مقابل استقطاب أوروبي (فرانكو/ ألماني)، وثالث آسيوي (هندو/ صيني)، أو رابع يتشكل بين موسكو وبكين… وصار في الوسع الحديث، اليوم، عن نظام أمريكي إمبراطوري، تشارك فيه أطراف «العالم الحرّ» على نحو من المحاصصة الوظيفية النسبية والتناسبية: لدولة الاحتلال الإسرائيلي أدوار غير تلك التي تتولاها بريطانيا، وعلى أستراليا أداء واجبات غير تلك الملقاة على عاتق اليابان، وفي وسع فرنسا أن تعترض أو تشاغب أو تتوسط، مثل ألمانيا أو إيطاليا، شريطة البقاء ضمن التعاقد الأعرض.
وإذْ تصادق واشنطن على إرادة العدوان الإسرائيلي في عدم التوقف عن إراقة الدم الفلسطيني، فإنّ الجوقة الغربية لا تكتفي بترديد الصدى، بل تلهث خلفها وبها تلتحق.
(القدس العربي)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الاحتلال امريكا غزة الاحتلال طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دولة الاحتلال
إقرأ أيضاً:
ما حجم الخسائر التي تكبدها لبنان منذ بدء العمليات العسكرية الإسرائيلية؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- منذ بدء العمليات العسكرية الإسرائيلية في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2023، أودت الضربات الإسرائيلية بحياة أكثر من 3,200 شخص، بينما تجاوزت الإصابات أكثر من 14,100 شخص، وفقًا لبيانات وزارة الصحة اللبنانية.
وحسب بيانات منظمة الهجرة الدولية، بلغ عدد النازحين داخليًا في جميع أنحاء لبنان أكثر من878,000 شخص. وذكر برنامج الأغذية العالمي أن 618 ألف فرد تلقوا مساعدات غذائية أو نقدية منذ يناير/كانون الثاني، لكن الاحتياجات تفوق الموارد، حيث تم توفير %6 فقط من الاحتياجات البالغة 116 مليون دولار حتى الآن.
ووفقًا لتقرير تابع للأمم المتحدة، قبل تصاعد العنف في أكتوبر/تشرين الأول، كان لبنان يعاني من مشاكل اقتصادية مزمنة مرتبطة بفيروس كورونا وأزمة سياسية طويلة الأمد. وقد جعلت الحرب الوضع أسوأ بكثير، حيث قدرت الأضرار بنحو 12 مليار دولار في جميع قطاعات الاقتصاد، بما في ذلك المباني والبنية التحتية.
وقال برنامج الأغذية العالمي: "إن الصراع يهدد أيضًا القطاع الزراعي في البقاع والجنوب، والذي يمثل أكثر من 60% من الإنتاج الزراعي في لبنان".
إسرائيللبنانانفوجرافيكنشر الثلاثاء، 12 نوفمبر / تشرين الثاني 2024تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2024 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.