كل أصدقائي حلوين.. حتى المرّ فيهم حلو أيضاً .. !
تاريخ النشر: 22nd, October 2023 GMT
بقلم : فالح حسون الدراجي ..
بعد هذا الشوط الطويل الذي مضى من لعبة حياتي المثيرة، توصلت الى نتيجة، بل الى قاعدة ذهبية، ملخصها، أن الحياة بدون أصحاب وأصدقاء حقيقيين، جحيم لا يطاق حتى لو عشت في (جنة عدن) .. وقد اختبرت فاعلية هذه القاعدة في غربتي التي قاربت الثلاثة عقود، ورأيت كم هي صحيحة، و(مزبوطة) فعلاً، كما يقول أشقاؤنا اللبنانيون .
إذ وهذا ليس سراً أكشفه أني وطيلة سنوات اقامتي في امريكا، لم أنجح في إقامة صداقة حقيقية سوى مع أربعة أو خمسة من العراقيين- طبعاً أنا أفرق بين الأصدقاء وبين الزملاء وببن المعارف – لذلك تجدني في أغلب الاوقات كئيباً بائساً، مقهوراً، غير سعيد .. والسبب في هذه الكآبة-
رغم أني أعيش في دولة تتوفر على كل أسباب المتعة والرفاه والسعادة، يعود لافتقادي للصحبة فيها، ولولا وجود الصديق العزيز حسن الخفاجي الذي لا يبعد بيته عن بيتي أكثر من خمس دقائق في السيارة، ووجود هؤلاء الأصدقاء القليلين جداً، والذين التقيهم مرة في الأسبوع، وأتبادل وإياهم بعض ما يتبادله الأصدقاء الآخرون في العراق، أو في غير العراق، لفقدت عقلي، وجننت جنوناً حقيقياً، لأن فقدان الأصدقاء يعني لي فقدان الضوء والورد والحنان والمودة والشعر والغناء والموسيقى وكل عوامل الجمال، كما ستفتقد لروائع عديدة بدءاً من روعة الفجر ومشاهدة أول خيوط الشمس عند الصباح، حتى متعة رحيل آخر نجمة في قافلة الليل، ولا أبالغ لو قلت أن الأصدقاء الحقيقيين عندي بأهمية الماء والهواء، فهل يمكن للمرء أن يعيش بلا هواء ولا ماء ولا ضوء ولا حب وموسيقى وشعر وغناء ؟!
لذلك، وكي أواجه تعاستي – الامريكية- استعير السعادة العراقية، والحب والفرح والمتعة الشعبية الباذخة، رغم الظروف المعيشية التي يعيشها العراقيون، وأنقل هذه الاجواء الحميمية من مساءات تلك البيوت المكتنزة بالدعة والطيبة والألفة، ومن تلك المقاهي الضاجة بصخب الحياة، والاسواق الممتلئة بالعباءات السود، وبالعيون الأكثر سواداً، ومن الشوارع المزدحمة بالسيارات والعربات ولجة المزدحمين.. ومن صيف سطوح البيوت العراقية أقطف همسات العشاق في آخر الليل، وبعضاً من بريق النجمات الساهرة فوق تلك السطوح.. وفي مرات عديدة أذهب بخيالي الى حيث (گعدات العصر ) ورائحة الشاي المهيل والكعك، وسمر الأحبة، وحين ياتي المساء – وهنا مقتلي- أهرب بخيالي الى مكتب هادي خلف الخطاط، العامر دائماً بالمودة والصدق والشعر والفن، والنقاء، وحيث يجتمع فيه منذ أن تحل عتمة الليل حشد من الأصدقاء، كما تجتمع الفراشات حول الضوء في عملية يسميها الكثير من العلماء بـ (الانجذاب الضوئي الايجابي)، يتقدمهم محمد خلف (أبو طيبة)، والشاعر جواد الحطاب، وبعض الصحبة الرائعين، أمثال عباس ابو رسل والموسيقار سامي نسيم، وغيرهم فتصعد الموسيقى الى الذروة، ويستقر الشعر في أروع منطقة في الوجدان – أقصد منطقة التخيل والنشوة الباهرة، فيتسابق هنا الابداع ويتبارى عندها المبدعون من اجل السمو والجمال، ويأتي دور الاطراء من الحضور متدرجاً، مبتدئاً من كلمات ( الله الله ياسلام) ، وتنتهي بصيحات الاعجاب العالية..
وفي مكان آخر تجد الصديق الجميل سعد عبد الحسين و (جماعته)، الطيبين، وجلهم من عشاق الشعر والغناء.. كيف لا، وسعد يملك صوتاً غنائياً يذيب الحجر؟
وفي ليلة الجمعة، ثمة أصدقاء كثيرون يقضون ساعاتها في زيارة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، أو الإمام الحسين، او موسى الكاظم عليهم السلام، فيذكرونني دائماً بالدعاء والسلام، بل أن ثمة من يشركني بالزيارة عبر (الواتساب).. وفي مكان آخر أتخيل جمعاً من الأصدقاء الشعراء بينهم جواد الحمراني وعباس عبد الحسن وماجد عودة وجبار صدام ورياض الركابي وجبار فرحان، وحليم الزيدي يقرؤون الشعر، ويتبارون في الابوذيات والذكريات وحكايات المنتدى القديمة، ويستذكرون الشعراء الراحلين واحداً واحدا، وحين يمضون لاصدقائهم المغتربين لن يفوتهم اسمي طبعاً… وفي مكان ليس ببعيد أتخيل اصدقاء أعزاء يجلسون حول مائدة الابداع في نادي اتحاد الادباء، بينهم كاظم غيلان ورياض النعماني ورحيم يوسف وريسان الخزعلي ورحيم العراقي، وداود سالم، ومع حماستهم الشعرية والنقدية، تتصاعد خيوط الدخان، وخيوط الاختلاف الودي حول الشعر ومدارسه والقصيدة المثلى.. وفي صومعة (الحبايب) يتألق الشاعر الممتلئ طيبة جنوبية عذبة، عدنان الفضلي، وحوله يجتمع حشد الجمال والابداع الشعري والغنائي وسيكون الطقس أكثر شاعرية وجمالاً حين يكون علي ريسان حاضراً، لأن لأبي فادي مزايا حلوة، ولغة سينمائية مسرحية (خاصة) تأخذ الجلسة الى مناخات زاهرة، أما حين يكون صادق الزيدي – المقيم في اسبانيا – موجوداً تلك الليلة، فهذا يعني أن مثلث الجمال والروعة قد اكتمل.. وفي مدينة الثورة، أحلق كل ليلة مع اصدقائي الموزعين على قطاعات هذه المدينة الحبيبة، واجلس بين اصدقائي في سهرات يطول الحديث عنها، جلسات لن يكون الضحك والفرح بعيداً عنها، وهذه الجلسات تضم في اغلب الاحيان غالب جاسم عودة وعواد وكريم محمد ورحيم السيد (كاووش) ومهدي منشد وعادل قاسم ومحمد نعمة .. وفي مكانات أخرى هناك علي المالكي وعباس غيلان ومحمد مؤنس وناظم حاتم، وحميد العقابي ( أبو نور) وقاسم ماجد وفيصل حمادي وجاسم فرج، وخالد الدراجي وأبو علي الوحيلي ورسن بنيان وحسون وشقيقه حمودي فرحان، وأياد بنيان أبو زيدون، والصديق فاضل عبود والصديق كريم صدام والصديق علاء راضي ابو همام والروائي ستار البيضاني والصديق صباح الخطاط، واحمد الوحيلي، وبقية العقد الذهبي من الأحبة الذين لن تستوعب عددهم جميع صفحات الجريدة .. اما في يوم الجمعة، او يوم المتنبي كما أسميه، فحدث عنه وعن خيالي، بلا حرج، إذ ترتسم أمامي صورته، بدءاً من تناول الكبة البغدادية اللذيذة في ذلك المطعم الصغير، الى روائح الكتب، واصحاب المحلات مثل الصديق كريم حنش، وغيره.. وفي ساحة القشلة يتألق الشعر والفن وتسمو المودة الى أبهى الصور.. فترى أمامك الأصدقاء فلاح ابو عاطف ومحمود المعموري وحسام حسن وظافر البهادلي ومنعم جابر، وكريم العبودي، وخالد جاسم وجعفر العلوچي وجمال الطالقاني وسالم ابو حيدر وعشرات الأحبة. ثمة اصدقاء يكون حضورهم لبغداد متقطعاً كالأصدقاء الأعزاء وجيه عباس، وحجي علي أبو همام، والفنان الكبير جواد الشكرچي والفنان عمر سعد والدكتور محمد كحط والشاعر محمد الشرقي، والصديق العزيز طارق الحارس وغيرهم..
وصدقاً أقول: إن جميع اصحابي واصدقائي حلوين كالعسل، ولا أجد فيهم أحداً غير ذلك، حتى لو كان ( مراً ) ! لذلك لم أزعل على احد فيهم (من كل قلبي)، ولم أرد على أية اساءة من أي صديق مهما كانت قاسية، خاصة وأني تعرضت لبعض الاساءات في وسائل التواصل الاجتماعي، لكني لم أرد عليها، لأني أحب صحبتي واصدقائي وأغفر للصديق زلة، أو خطأً ما دمنا أصدقاء، وهذه الحقيقة بات يعرفها أغلب اصحابي ..وفي أهمية الاصدقاء، أذكر أني كتبت نصاً غنائياً قبل اربعين عاماً، وأظن أن الفنان الصديق قاسم ماجد قد لحنه بعدها، وسمعه مني الكثير من الشعراء، وهذا النص يقول:
شكراً لكل الأماني .. شكراً لهذا الوفاء .. الجروح تصير أغاني بلمسة من الأصدقاء .. الى آخره .. ختاماً أقول بكل صدق: إني اعيش جسداً في امريكا، وروحاً في العراق، ولولا العراق الذي يسكنني في غربتي ما كتبت بيتاً من الشعر، ولا نصاً غنائياً، أو حتى مقالة واحدة..بل وما عشت يوماً واحداً في (جحيم) الحياة الأمريكية. وهنا قد يسألني سائل، ويقول، ولكن، لماذا لا تترك امريكا، وتعود الى العراق لتحيا كما تحب ، فأجيب على السؤال غناءً: وأقول: اشجابرك على المرّ ؟ غير الأمر منه !!
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
بطولة فزاع لليولة تنطلق في المرموم
زايد المرّي يحقق العلامة الكاملة ويحصد بطاقة التأهل برفقة عبد الله الفلاسي
عبد الله حمدان بن دلموك: تحديات ترسخ موروثنا الأصيل
وسط حضور جماهيري كبير شهدته مدرجات قلعة الميدان في القرية التراثية بمنطقة المرموم، انطلقت النسخة الـ 24 لبطولة فزاع لليولة، والنسخة الـ 20 من برنامج الميدان، بإقامة الحلقة الأولى التي قرعت جرس التحدي منذ ضربة البداية في 6 تحديات تراثية، لتحقيق حلم التتويج بكأس فزاع لليولة.
وظهر ميدان المرموم بحلة جديدة، مستقاة من البيئة البحرية المحلية لدولة الإمارات العربية المتحدة، في خطوة تُظهر التطور الكبير الحاصل على البطولة، وتُحسب للجنة المنظمة، من خلال القيام بالعديد من التغييرات بغية ظهور البطولة بالشكل الأمثل، وتهيئة الأرضية المثالية التي تساعد اليويلة في تقديم الأداء الأفضل، ضمن الجهود المستمرة للارتقاء بهذه البطولة التي تُعد الأبرز في روزنامة موسم بطولات فزاع، التي ينظمها مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، وفق استراتيجيته الرامية لترسيخ ورفع معدل الوعي تجاه الإرث الإماراتي الأصيل بمختلف مجالاته.
وسبق انطلاق الميدان 20 خضوع المتأهلين الستة عشر لتدريبات يومية مكثفة تحت إشراف مجموعة من خيرة خبراء ومدربي المركز، على جميع التحديات التي يتضمنها البرنامج، وذلك من أجل ضمان ظهورهم بالصورة الأمثل في هذه البطولة، حيث قامت اللجنة المنظمة بوضع برنامج تدريبي شامل ومتكامل، امتد لأكثر من شهر لاعداد وصقل مهارات المشاركين في نسخة هذا العام التي تشهد منافسة كبيرة من البداية.
وتنافس في الحلقة الأولى أربعة مشاركين وجاء بالمركز الأول اليويل زايد أحمد المرّي من دبي محققًا العلامة الكاملة “100 علامة”، وثانياً عبد الله نبيل الفلاسي من إمارة دبي بـ 55 علامة، اللذان حجزا بطاقتي التأهل إلى المرحلة الثانية من التحديات، فيما جاء بالمركز الثالث سالم محمد الكتبي من إمارة الشارقة، برصيد 45 علامة، وبالمركز الرابع سليم حمد المنهالي من العاصمة أبو ظبي بـ 10 علامات.
واعتمدت اللجنة المنظمة إقامة 6 تحديات، بدأت باليولة التي تمنح 25 علامة، تلاها عد القصيد 15 علامة، والسباحة 15 علامة، والرماية 15 علامة، تحدي الموروث 10 علامات، وسباق الهجن 20 علامة.
وقدم المشاركون أداء مميز وتنافسي في مهارات اليولة على إيقاع أغنية “ضرغام” من كلمات سعادة عبد الله حمدان بن دلموك الرئيس التنفيذي لمركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، وغناء الفنان ميحد حمد، وألحان فايز السعيد، وأشرف على التحكيم خليفة بن سبعين، وقدم الحلقة راشد الخاصوني مدير إدارة البطولات في مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، وتم بثها مباشرة عبر شاشة قنوات سما دبي، ومن خلال أثير إذاعة الأولى 107.4 إف إم.
وفي تحدي السباحة لمسافة 25 متر والتي أقيمت منافساتها في مجمع حمدان الرياضي، كسب السباق زايد المرّي وسالم الكتبي، لينالا 15 علامة.
وفي سؤال الموروث تمكن كل من المرّي والكتبي والمنهالي من الإجابة بشكل صحيح، وتحقيق 10 علامات.
وفي تحدي الرماية التي أقيمت بشكل مباشر على مسرح الميدان، تفوق زايد المرّي، وعبد الله الفلاسي ليحقق كل منهما 15 علامة.
أما في تحدي عدّ القصيد، التي قام بتحكيمها الشاعر سعد بن مرزوق الأحبابي، تمكن كل من زايد المرّي، وعبد الله الفلاسي من حصد نقاط التحدي ليحصلا على 15 علامة.
وفي سباق الهجن الذي تم تصميم مضمار خاص به، ليكون خط النهاية داخل قلعة الميدان، حيث أكسبت السباق الكثير من المنافسة والندية، وفيه تفوق سالم الكتبي وزايد المرّي، حيث استقبلت المطيتان الفائزتان بالزعفران، وليكسب كل منهما 20 علامة.
حاضنة التراث
وعن انطلاق البطولة قال سعادة عبد الله حمدان بن دلموك، الرئيس التنفيذي لمركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، تعتبر بطولة فزاع لليولة واحدة من أبرز البطولات التي تجمع بين التراث والابتكار، وتعد منصة مهمة للحفاظ على مجموعة من أهم عناصر تراثنا الإماراتي العريق. حيث نواصل من خلال ما تجمعه البطولة من تحديات تعزيز مكانة بطولات فزاع كحاضنة للتراث والموروث الشعبي، مع استقطاب أفضل المواهب الإماراتية من جميع أنحاء الدولة.
وأضاف سعادته، نسعى في مركز حمدان لإحياء التراث لإبراز الثقافة الإماراتية وتعريف الأجيال الجديدة بالعراقة والعمق التاريخي لهويتنا الحقيقية التي توارثناها من أهلنا الأوليين، حيث تشكل بطولة فزاع لليولة فرصة فريدة للشباب لعرض مهاراتهم وإظهار شغفهم بهذا الفن الأصيل، كما تسهم في الحفاظ على الهوية الثقافية الإماراتية وتعزيزها على مستوى العالم، نتطلع إلى موسم مميز حيث ستكون هناك منافسات حافلة بالإبداع والتميز، وستوفر منصة كبيرة للشباب ليتنافسوا احتفاءً بالتراث الإماراتي وهويتنا الوطنية.
الفنان ناصر المنصوري ضيف الحلقة
حلّ الفنان ناصر المنصوري ضيفًا على الحلقة الأولى من برنامج الميدان، حيث قدم أغنية بعنوان “ميلوا بي”، وسط تفاعل جماهيري كبير على مدرجات المرموم، مبديًا تقديره لكل الفنون والرياضات التي تعتز وتفخر بتراث الوطن.
جدول علامات المتسابقين:
اليويل فقرة الموروث السباحة الرماية عد القصيد الركض اليولة المجموع %
زايد أحمد المري 10 15 15 15 20 25 100
عبدالله نبيل الفلاسي – – 15 15 – 25 55
سالم محمد الكتبي 10 15 – – 20 – 45
سليم حمد المنهالي 10 – – – – – 10