على الجانب الآخر من الحرب التي حولت مدينة غزة إلى حطام، وثق المصورون كيف يعامل الأطباء الأطفال، يلعبون معهم ويربتون على قلوبهم ويمنحونهم السلام الذي سلبه الاحتلال الإسرائيلي منهم بضربات غاشمة وصواريخ مرعبة يعاني الصغار من تأثيرها على المدى البعيد، وفي الوقت الذي تمتلئ فيه المستشفيات بالجرحى لا يكف المسعفون والفرق الطبية عن تهدئة الأطفال وممارسة دورهم على أكمل وجه يعكس إنسانيتهم.

اللعب في أركان المستشفي 

على كلمات محمود درويش الشهيرة «وَنَحْنُ نُحِبُّ الحَيَاةَ إذَا مَا اسْتَطَعْنَا إِلَيْهَا سَبِيلاَ.. وَنَرْقُصُ بَيْنَ شَهِيدْينِ نَرْفَعُ مِئْذَنَةً لِلْبَنَفْسَجِ بَيْنَهُمَا أَوْ نَخِيلاَ» وموسيقى هادئة، وثقت عدسة الصحفي الفلسطيني محمد عبيد مقطع فيديو لطبيب يلعب مع طفلة في العاشرة من عمرها في أركان مستشفى الشفاء، ترتدي ملابس باللونين الأسود والوردي وأبدت الصغيرة سعادتها بلعبها مع الطبيب الذي حاول جعلها تبتسم في ظل الظروف الصعبة التي يمرون بها والضغط المتراكم عليهم.

View this post on Instagram

A post shared by الأعلامي محمد عماد عبيد (@mohamed_obied_)

ولم يكن ذلك المقطع الوحيد الذي خطف الأنظار، لكن هناك الكثير من المشاهد المميزة للأطباء في محاولة تهدئة وإسعاف الصغار، مثل الطفلة شام أبو شفقة التي سرقت قلوب الجميع ببرائتها، كان الطبيب يحاول تهدئتها عندما دخلت إلى المستشفى ولا تستوعب نظراتها البريئة ما يحدث حولها، لتسطر أركان المستشفي قدرة كبيرة للأطباء على احتواء هؤلاء الأطفال، وبعدما ظن الناس أن الصغيرة ماتت، نشر «عبيد» مقطع فيديو عبر صفحته الرسمية على موقع تبادل الصور والفيديوهات «إنستجرام» مقطع فيديو للصغير وهي نائمة ويربت الطبيب على يدها الصغيرة وعلق عليه قائلًا: «الطفلة شام بخير الحمد الله».

الطفل المرتجف

في أحد اركان مستشفى الشفاء الفلسطيني توجد مئات القصص، إذ ظهر الطفل الفلسطيني محمد بملامحه البريئة يرتجف خوفًا من صوت الصواريخ، وقال له الطبيب برفق عندما رأى تأثير دوي الإنفجار واضحًا على ملامحه: «ايش صار يا عمو صار قصف» ليرد الصغير بكل براءة: «كنت نايم والله»، وهي الجملة التي حفرت في قلوب الجميع حزنًا على حالته وبعدها احتضنه الطبيب ليزيل خوفه قائلًا: «لا تخاف يا عمو خلاص خلص القصف».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: فلسطين الأطباء اطباء فلسطين

إقرأ أيضاً:

ما الذي يمكن خسارته من تشكيل حكومة مدنية موازية لحكومة بورتسودان؟

بقلم: إبراهيم سليمان

ما الذي يمكن خسارته من تشكيل حكومة مدنية موازية لحكومة بورتسودان؟
عند الحديث عن خسارة أمرٍ ما، لابد من توضيح الحساب بكافة المعطيات، ورصد الناتج والمحصلة النهائية التي لا تقبل الجدل، ورغم ذلك هنالك تقديرات، يمكن النظر إليها من زوايا مختلفة، ولا يحمد السوق إلا من ربح. وقديما قيل، "الجمرة بتحّرق واطيها" وقيل أيضا "من يده في الماء ليس كمن يده في النار"

يبدو أن حكومة بورتسودان، بقيادة الجنرال البرهان، تشمر، للتعري من ثيابها، وتستعد للخروج عن طورها، من خلال اتخاذها عدة إجراءات تعسفية، تنم عن اليأس وعدم المسؤولية الوطنية، منذ اندلاع الحرب الحالية، قطعت خدمات الاتصالات عن أقاليم غرب السودان، وحرمت مواطنين على الهوية من الأوراق الثبوتية، حظرت عليهم خدمات السجل المدني، وأخيراً عمدت الإتلاف الإجمالي للعملة والوطنية في حوالي أكثر من ثلثي أقاليم البلاد، من خلال تغيرها في مناطق سيطرة الجيش على ضآلتها، حرمان الآخرين منها، وأخراً الإصرار على إجراء امتحانات الشهادة السودانية لحوالي مائتي ألف طالب طالبة، وحرمان حوالي أربعمائة آخرين في بقية أرجاء البلاد!

بهذه الخطوات المتهورة، وغير المسؤولة، لم تترك حكومة بورتسودان، للمستهدفين من أبناء الشعب السوداني، الذين يمثلون الغالبية العظمي، سوى المضي قدماً ودون التردد أو الالتفات إلى الوراء، في المناطق التي تقع خارج سيطرة الجيش، والمحررة من عنف وظلم دولةـــ 56 لتضلع بمهام توفير الخدمات الضرورية لحياتهم اليومية والملحة لأن يعيشوا بكرامة وعدالة. وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية للذين يستحقونها، بدلاً من المتاجرة فيها من قبل تجار الحرب في بورتسودان.

لماذا يدفع أبناء الولايات، التي يستهدفها الطيران الحرب لحكومة بورتسوان، وتحرمها من حقوقها الإنسانية والدستورية، تكاليف بقاء السودان موحداً؟ طالما أن هذه الحكومة غير الشرعية تدفع بعنف وإصرار لتمزيق وحدة البلاد!، وما هي قيمة الوحدة الوطنية، التي تزهق أرواح عشرات الملايين من مكونات بعينها؟ وطالما أن هنالك خمس ولايات فقط، بإدارة مواطنيها أو بغيرها، غير مباليين، بهموم وآهات بقية الإقليم، فلينفصلوا هم إن أرادوا ويتركوا الآخرين وشأنهم.

وليس هناك ما هو أغلى من أرواح الأبرياء، والحفاظ عليها، وحقن دماء أبناء الشعب السوداني مقدم على أي اعتبارات أخرى بما فيها والوحدة الوطنية القسرية. لذا نرى أن تشكيل حكومة مدنية في المناطق المحررة والتي هي الآن خارج سيطرة الجيش، وهي المناطق التي لا تعني شيئا لحكومة بورتسودان الانقلابية، ضرورة حياتية، ويعتبر التقاعس عنه، أو التردد فيه حماقة، وخذلان في حق عشرات الملايين المستهدفين، من قبل الحكومة العنصرية في بورتسودان، وجيشها القاتل.

المنوط بالحكومة المدنية المرتقبة، توفير خدمات التربية والتعليم، وخدمات السجل المدني والأوراق الثبوتية، وفتح معابر تجارية لتصدير المنتجات واسترداد كافة الضروريات المنقذة للحياة، وطباعة عملة وطنية مبرأة للذمة، استباقاً للكارثة الاقتصادية التي تلح في الأفق، ونزع الشرعية من حكومة بورتسودان التي تصر على استمرار الحرب، وترفض كافة النداءات الوطنية الدولية للجلوس للتفاوض بشأن وقف الحرب وإحلال السلام في البلاد، وتقول أنها مسعدة لمواصلة الحرب مائة عام!

وطالما أن هنالك صراع بين قوتين عسكريتين، فليكن هنالك تنازع بين حكوميتين، لتتعادل الكفتتين، وربما يسرع ذلك إيجاد حلول للحكومتين، لكن لا ينبغي أن تتوقف حياة أغلبية الشعب السوداني، من أجل خاطر الحفاظ على وحدة البلاد، التي لم يحرص عليها دعاة الحرب.

ولا نظن أن تشكيل الحكومة المدنية المرتقبة في الخرطوم، ستضر بوحدة البلاد، أكثر حرب كسر العظام الدائرة حالياً، وتأجيج نيران خطاب الكراهية الممنهجة، من دعاة دويلة النهر والبحر، الذين يعادون كافة مكونات البلاد، يرفضون المساواة بين مكوناتها!

ليس هناك ما يمكن خسارته، من تشكيل حكومة موازية مرتقبة بالخرطوم، حتى إن لم يعترف بها أحد، يكفي أن المأمول منها، فك ارتهان مصير غالبة مكونات الشعب السوداني، لمزاج ورعونة حكومة بورتسودان غير المسؤولة. ومما لا شك فيها أن الأوضاع الإنسانية في ليبيا واليمن، وحتى جمهورية أرض الصومال، أفضل ألف مرة منها في معظم أرجاء البلاد. تمزيق وحدة السودان المسؤول عنه حكومة بورتسودان بإجراءاتها التعسفية وقائد الجيش، الذي أعلن على رؤوس الأشهاد، استهداف حواضن قوات الدعم السريع، ويظل يمطرهم بالبراميل المتفجرية بشكل يومي.

وفي الحقيقة، فإن حكومة بورتسودان المعزولة دولياً، قد مزّقت وحدة البلاد فعلياً، بالتصعيد المنتظم من قبلها بشأن اتخاذ إجراءات مست جوهر قومية الدولة السودانية، وأن تشكيل الحكومة المدنية المرتقبة ما هو إلا تحصيل حاصل.
والغريق لا يخشى البلل.
ebraheemsu@gmail.com
//إقلام متّحدة ــ العدد ــ 181//  

مقالات مشابهة

  • الشاهد جيل ثورة ديسمبر الذي هزم انقلاب 25 أكتوبر 2021 بلا انحناء
  • عاجل.. الفصائل الفلسطينية تنشر فيديو كمين لقوة إسرائيلية.. للحديث بقية
  • مسئولة بالهلال الأحمر الفلسطيني: الاحتلال يحول غزة إلى مقبرة للأطفال
  • هل يؤثر القصف الأمريكي الذي استهدف صنعاء على قدرات أنصار الله؟
  • مسلحون يشعلون النار في شجرة عيد الميلاد بريف حماة (فيديو)
  • يابوس تحت القصف: محاولات جر الحركة الشعبية إلى الحرب
  • ما الذي يمكن خسارته من تشكيل حكومة مدنية موازية لحكومة بورتسودان؟
  • النيران تلتهم خيام النازحين في المواصي بقطاع غزة| فيديو
  • فيديو: النيران تلتهم خيام النازحين في المواصي بغزة
  • 7 معلومات من وزارة البيئة عن برنامج الصناعة الخضراء المستدامة (فيديو)