يمانيون:
2025-02-05@17:30:59 GMT

كواليس هزيمة الصهاينة في حرب الاستخبارات

تاريخ النشر: 22nd, October 2023 GMT

كواليس هزيمة الصهاينة في حرب الاستخبارات

يمانيون – متابعات
تعيش “إسرائيل”، حكومة وجيشا ومجتمعا، حالة صدمة كبيرة على إثر هجوم “طوفان الأقصى” المباغت الذي شنته “كتائب عز الدين القسام”، الجناح العسكري لحركة حماس على منطقة “غلاف غزة”، المتاخمة لحدود القطاع، وهو الهجوم الذي أسفر في حصيلته الأولية عن مقتل 600 جندي ومستوطن، وجرح 2000 آخرين، فضلا عن أسر العشرات من الجنود والمستوطنين وجلبهم إلى قطاع غزة، فهناك شبه إجماع في أوساط المراقبين في تل أبيب بأن الفشل الذي منيت به “إسرائيل” في المواجهة المتواصلة مع حركة حماس يفوق بكثير فشلها في حرب 1973، من منطلق أن “إسرائيل” واجهت في تلك الحرب دولا تحوز جيوشاً قوية، فضلا عن أن “إسرائيل” تملك حاليا مقدرات عسكرية وتتمتع بكفاءة استخبارية لا يمكن مقارنتها مع ما كانت عليه الأمور في 1973.

بطبيعة الحال، اعتمد البيت الأبيض استراتيجية الدبلوماسية والضغط لمنع إعلان “نبأ موت إسرائيل”، ويحاول من خلال الترويج لحرب هجينة جديدة فتح هامش أمان جديد للصهاينة، وحول هذا السياق، كتب مرتضى سيمياري في افتتاحية صحيفة جاوان حول فشل المخابرات الصهيونية في عملية اقتحام الأقصى ورحلة بايدن إلى الأراضي المحتلة وقال، “في الخريف الماضي، أفادت قناة الجزيرة عن اعتقال عدد من ضباط الموساد في ماليزيا، وذكر في هذا الخبر القصير أن الشرطة الماليزية ألقت القبض على بعض الأشخاص الذين كانوا يحاولون اختطاف أحد قادة المقاومة في قلب كوالالمبور، وتبين بالتحقيقات أنهم أعضاء في فرق الموساد وكانوا يعتزمون تنفيذ عملية تخريبية”.

ولفت الكاتب إلى أنه في ذلك الوقت، قام موقع “ديبكا” الصهيوني، الذي كثيراً ما ينشر الأخبار الأمنية لبعض الدوائر السياسية في الأراضي المحتلة، بتحليل هذا الفشل بالذات في جنوب شرق آسيا في مذكرة وكتب أن “إسرائيل” خسرت أمام منافسيها في لعبة معلوماتية مرة أخرى!

وأشار الكاتب، لكن ماذا خسر الصهاينة في مدينة كوالالمبور التي تعد من أهم مراكز حرب الاستخبارات في العالم، وماذا كانت نتيجة تلك الهزيمة القاسية؟ الجواب على هذا السؤال يحتاج إلى العودة لعام، ففي يوم 15 تشرين الأول، حلقت طائرات شراعية تابعة لمقاتلي حماس فجأة فوق المناطق المحتلة ووصلت إلى أهداف محددة سلفا في بعض الثكنات العسكرية دون أن ترصدها الرادارات، ولقد عطلت تلك الطائرات قدرة العدو على التعرف عليها، وفي هذه العملية، تم أيضًا تعطيل المعدات وأنظمة الإنذار الحدودية.

وعلقت الكاتب أنه بعد يومين من عملية اقتحام الأقصى الرائعة، تناول موقع إنتل تايمز الإخباري في تقرير له أبعاد المقاومة الفلسطينية للصهاينة وكتب أن “إسرائيل” فقدت هيبتها الاستخباراتية والعسكرية، وأشار هذا التقرير إلى أن الضربة الأمنية للكيان الصهيوني كانت أصعب من الضربة العسكرية، وكانت مصدر فشل الموساد في عملية ماليزيا، وفي نهاية هذا التقرير كتب أن كرات يد حماس كانت أعلى من كرات يد غزة، وتم تعزيز وتدويل المقاومة الفلسطينية.

وقبل عملية طوفان الأقصى، حاول الصهاينة كسب حرب الاستخبارات من خلال تصوير أنفسهم كذبا وتأمين الفضاء الخارجي، لكن حاليا عجز مجتمع الاستخبارات الصهيوني لدرجة أنهم ما زالوا لا يعرفون كيفية عمل الرشاشات التي تعمل بالتحكم عن بعد على الحدود، وقال يوئيل جوزانسكي، المسؤول الكبير السابق في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، إن مليارات الدولارات أهدرت في جمع معلومات عن مختلف الجماعات الفلسطينية، لدرجة أن جهاز مخابرات النظام لم يعرف حتى نهاية اليوم الأول عدد الجماعات الفلسطينية التي كانت موجودة والمشاركة في العملية.

إن الوضع الكابوسي الذي تعيشه أجهزة المخابرات والأمن الإسرائيلية قد تسبب في إصابة جيش النظام الصهيوني الإجرامي بالدوار وما يسمى بـ “أشيمز”؛ خلف حدود غزة، وهم الان لا يملكون القدرة على التقدم ولا إمكانية الاختراق، لدرجة أن قصف المدنيين في غزة أصبح مهمة بلا هدف ومتكررة، و”إسرائيل” لا تأخذ زمام المبادرة وتكرر الأمر نفسه باستمرار، وقد أدى هذا الوضع إلى تجميد الصراعات، كما أن زيارة وزير الخارجية الأمريكي إلى تل أبيب وزيارة بايدن للأراضي المحتلة هي عامل التنفس الاصطناعي الوحيد للصهاينة.

وتشير الزيارات المتكررة لمسؤولين استخباراتيين وسياسيين أمريكيين إلى الأراضي المحتلة إلى أن استراتيجية الضغط على الزناد نشطة على مستوى عال، وأن الشعارات الجوفاء التي أطلقها وزير الحرب الإسرائيلي غالانت لتسوية غزة تحولت إلى تسليح ل”إسرائيل” في الضفة الغربية بأكملها، وبينما يقدر الأمريكيون أن طوفان الأقصى هي حقيقة ضعف “إسرائيل”، إلا أن الحقيقة هي أن النظام الصهيوني قد مات وضاعت إمكانية إحيائه في العصر الذهبي، حرب هجينة جديدة وتحاول فتح هامش أمني جديد للصهاينة.

لقد تمظهر الفشل الإسرائيلي في هذه المواجهة في إخفاق الأجهزة الاستخبارية للاحتلال في الحصول على معلومات مسبقة كان يمكن أن تسهم في إحباط الهجوم أو على الأقل تقلص الأضرار الناجمة عنه، مع العلم أنه لا خلاف على أن “كتائب القسام” خططت لهذا الهجوم منذ مدة طويلة، فضلا عن أن الكثير من قيادات “الكتائب” وعناصرها كانوا منغمسين في الإعداد له مما كان يفترض أن يساعد الاستخبارات الإسرائيلية على الحصول على معلومات مسبقة عنه.

كما تمثل فشل الاحتلال في تهاوي الدفاعات الإسرائيلية البرية والبحرية والجوية أمام الهجوم الذي شنته “كتائب القسام”. فعلى الصعيد البري تمكن مقاتلو “كتائب القسام” من اجتياز الجدار الحدودي الذي أنفقت “إسرائيل” مليات الدولارات من أجل تدشينه بحيث يحول دون السماح بتسلل المقاومين.

ما أثار استهجان النخب الإسرائيلية أن الفرقة العسكرية التي تتولى تأمين الحدود والمستوطنات الواقعة في تخومها، والتي تضم ثلاثة من ألوية الصفوة في سلاح المشاة، يصل تعدادها أكثر من ألفي ضابط وجندي، قد تبخرت ولم تتمكن من صد الهجوم، فقد تمكن عناصر “القسام” من اجتياز الحدود والسيطرة على المواقع العسكرية واقتحام المستوطنات وقتل عدد كبير من الجنود والمستوطنين وأسر آخرين، كما أن عمليات الإنزال التي نفذتها “كتائب القسام” عبر الجو بواسطة الطائرات الشراعية وعبر البحر عبر قوارب، عكست أيضا تهاوي الدفاعات الجوية والبحرية، كما مثل الهجوم الذي ترافق مع إطلاق “كتائب القسام” آلاف الصواريخ مؤشرا إضافيا على عجز منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية وتحديدا “القبة الحديدية”

فضلا عن ذلك، فإن السهولة التي نقلت بها “كتائب القسام” أسراها من عمق “إسرائيل” إلى داخل قطاع غزة دون تمكن جيش الاحتلال من اعتراضها، ومواصلة “كتائب القسام” عمليات التسلل والسيطرة على المستوطنات حتى بعد مرور حوالي 36 ساعة على بدء الهجوم يعد فشلا آخر مدويا ل”إسرائيل” وجيشها، كما أن حالة الإرباك التي أصابت الحكومة الإسرائيلية التي عجزت عن تقديم إجابات للجمهور الإسرائيلي حول ما جرى وحقيقة الخسائر البشرية التي لحقت بالجيش والمستوطنين أثارت الكثير من التساؤلات حول أهلية المستوى السياسي لإدارة أزمة من هذا القبيل.

لقد دلل الهجوم الذي شنته “كتائب القسام” على فشل الافتراضات التي حكمت سياسة “إسرائيل” تجاه غزة، حيث اعتقدت القيادتان العسكرية والسياسية في تل أبيب أن حركة حماس غير معنية بالتصعيد، وكل ما يعنيها تثبيت حكمها في القطاع عبر تحسين الأوضاع الاقتصادية، إلى جانب ذلك فقد أثرت مظاهر نجاح الهجوم الحمساوي، كما عكست ذلك الفيديوهات التي بثتها “كتائب القسام” والتي وثقت عمليات الاقتحام والتسلل والسيطرة على المواقع وأسر الجنود والمستوطنين ونقلهم إلى عمق قطاع غزة، على الوعي الجمعي للمجتمع الإسرائيلي بأسره ومست بمعنويات الإسرائيليين. وقد تُكرس انطباع لدى المراقبين في تل أبيب أن حركة حماس قد حققت انتصارا مبكرا بغض النظر عن النتائج النهائية للحرب التي أعلنتها “إسرائيل” على غزة في أعقاب الهجوم.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: کتائب القسام الهجوم الذی فضلا عن تل أبیب

إقرأ أيضاً:

تعرّف على الرئيس الذي ساهم بقطع علاقات 20 دولة أفريقية مع إسرائيل

شكلت مواقف موريتانيا في تاريخها الحديث تجاه القضية الفلسطينية محورا أساسيا في سياستها الخارجية، وخاصة خلال فترة حكم الرئيس المختار ولد داداه، أول رئيس للبلاد والذي قادها منذ استقلالها سنة 1960 وحتى الإطاحة به في انقلاب عسكري عام 1978.

كانت مواقف داداه محورية في توجيه علاقات البلاد الدولية، مسلطا الضوء على دعمه الثابت للشعب الفلسطيني ونضاله من أجل التحرر.

وقبل أن نستعرض ما قام بها أول رئيس لموريتانيا من جهود كبيرة للوقوف في وجه التغلغل الإسرائيلي في أفريقيا، سنمر على مواقف الرجل عموما من القضية الفلسطينية وكيف كانت محددا رئيسا لبوصلة علاقات موريتانيا الخارجية في عهده، وكيف ساهم داداه في تقديم القضية للعالم، إضافة إلى ذكر نماذج من الدعم الذي قدمته موريتانيا للفلسطينيين خلال فترة حكمه.

حضور القضية

يقول أستاذ التاريخ المعاصر في جامعة نواكشوط الدكتور محمد المختار سيدي محمد الهادي في حديثه للجزيرة نت إن القضية الفلسطينية كانت حاضرة بقوة في تفكير النخبة الموريتانية حتى قبل حصول البلاد على استقلالها سنة 1960، فقد عارض ممثل مستعمرة موريتانيا أحمد ولد ببانه قرار التقسيم وصوت ضده في البرلمان الفرنسي صيف عام 1948.

إعلان

غير أن مواقف الرئيس المؤسس المختار ولد داداه الداعمة للقضية الفلسطينية كانت أكثر تأثيرا وأبلغ تعبيرا، فموريتانيا حينها كانت دولة ناشئة تتقاذفها أمواج الاستقطاب الإقليمي وإكراهات الاعتراف الدولي، مما يضفي بعدا قيميا ودلالة خاصة على مواقفها من قضايا الاستقلال والتحرر، ولا سيما القضية الفلسطينية.

ولعل هذا، بحسب محمد المختار، ما حدا برئيسة وزراء إسرائيل غولدا مائير للعب على هذا الوتر الحساس، حيث سعت عبر عدد من الوسطاء إلى التواصل مع الرئيس الموريتاني، لكن ولد داده رفض ذلك.

غولدا مائير تقف بجانب الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون (غيتي)

ويشير وزير الإعلام الموريتاني السابق محمد محمود ولد ودادي في حديث للجزيرة نت إلى أنه في الخمسينيات ومع بداية انتشار الوعي السياسي في موريتانيا، كان هناك تطلع إلى معرفة أوضاع العالم العربي وبدأ الناس يتداولون ما يصلهم من أخبار عن شعب فلسطين وتشريده.

ومباشرة بعد الاستقلال أعلن الرئيس المختار ولد داداه أن موريتانيا تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني، منددا بتقسيم فلسطين ورافضا أي اعتراف بإسرائيل.

وهكذا يرى الوزير ودادي أن القضية الفلسطينية هي قضية موريتانيا الوحيدة التي يدافع عنها كل الموريتانيين من دون استثناء، ولم يكن غيرُها مطروحا إلا حماية استقلال موريتانيا نفسها.

ويقول الرئيس الراحل المختار ولد داداه في مذكراته التي صدرت عام 2006 تحت عنوان "موريتانيا على درب التحديات": "خلال حرب 1967 قطعنا علاقاتنا مع أميركا وطردنا الأميركيين من بلادنا بمن فيهم أعضاء هيئة السلام التي كانت تقدم مساعدات فنية لبلادنا، وذلك احتجاجا على دعم الولايات المتحدة بكل الوسائل للعدوان الإسرائيلي على الشعوب العربية الشقيقة، وكنا حينها لم ننضم للجامعة العربية".

ويضيف الرئيس "لقد دامت قطيعتنا مع أميركا عامين ونصف العام وانتهت في ديسمبر/كانون الأول 1969 إثر وساطة دول صديقة وبعد تشاور مع الجزائر ومصر.. ليستقبلني بعدها بود الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون في العام 1971 وكنت حينها رئيسا لمنظمة الوحدة الأفريقية".

إعلان

وفي ذات السياق، يقول ولد داداه: "في خضم حرب 1973 أرسل إلي نيكسون رسالة يلتمس فيها مساندتي لجهوده في حل الصراع في الشرق الأوسط، وجاء في الرسالة:" "إنني لا أزال أتذكر لقاءنا في سبتمبر (أيلول) 1971 وما جرى بيننا من تبادل صريح للآراء، وكل ثقة بأنكم ستساندون جهودي الرامية إلى إيجاد تسوية نهائية للنزاع تصون حقوق كل شعوب الشرق الأوسط".

ولد داداه: رفضت عرض السادات بإرسال جيش مصري لمساعدة موريتانيا إذ إن على مصر أن تكرس كل قدراتها للحرب مع إسرائيل (الصحافة المصرية)

وعلى ذكر حرب 73، يورد ولد داداه أن الرئيس المصري أنور السادات كان على اتصال مستمر معه بخصوص ملف الشرق الأوسط كما كان سلفه عبد الناصر، وكانا يهنئانه دائما على الدور الذي يقوم به على المستوى الأفريقي لصالح القضية الفلسطينية.

ويشير إلى أن السادات كشف له في سرية تامة في مايو/أيار 1973 عن نيته مهاجمة إسرائيل أي قبل شهور من الهجوم، وأكد له ذلك مرة أخرى خلال لقائهما في مؤتمر دول عدم الانحياز المنعقد بالجزائر في سبتمبر/أيلول الموالي.

"وبالطبع لم أبح بهذا السر قبل الآن"، يقول ولد داداه إن السادات أرسل إليه بعد ذلك مساعده الجنرال حسني مبارك وعرض عليه إرسال قوات من الجيش المصري لمساعدة موريتانيا في حربها ضد جبهة البوليساريو، لكن الرئيس الموريتاني رفض، واعتبر أن على مصر أن تكرس كل قدراتها العسكرية للحرب مع إسرائيل.

ولد داداه كان من القادة الفاعلين في منظمة دول عدم الانحياز (الفرنسية) إسماع صوت فلسطين

يوضح الباحث المختص في الشؤون الأفريقية إسماعيل الشيخ سيديا للجزيرة نت أن ما مكن المختار داداه من الدفاع عن القضية الفلسطينية أنه كان محاميا بارعا وأفريقيا تحرريا؛ وله صداقة قوية وعلاقات شخصية مع الزعماء الأفارقة الأوائل.

كما استطاع التحاور مع العواصم الغربية والشرقية الكبرى، وتمكن خلال رئاسته لمنظمة الوحدة الأفريقية (المنظمة الأم للاتحاد الأفريقي الحالي) من جمع مجلس الأمن الدولي لأول مرة في مقر المنظمة بأديس أبابا.

إعلان

وكان الرئيس المختار ولد داداه من القادة الفاعلين في منظمة دول عدم الانحياز، وفي هذا الصدد يورد في مذكراته أنه "بفضل الجمهورية الإسلامية الموريتانية أسمعت المقاومة الفلسطينية صوتها لأول مرة في قمة لدول عدم الانحياز عام 1970 في لوزاكا حيث انتخبت نائبا للرئيس وأتاحت لي رئاستي للجلسة الختامية أن أعطي الكلمة لممثل فلسطين رغم المعارضة الشديدة من عدد من أعضاء المنظمة".

يذكر الوزير ودادي أنه في عام 1969 وصل موريتانيا أول مبعوث رسمي لمنظمة التحرير الفلسطينية هو سعيد العباسي (أبو فهد) ففتح مكتبا للمنظمة في نواكشوط، بعد أن أمّنت له الحكومة مكتبا ومنزلا وسيارة، ومبلغا ماليا سنويا، ثم أصبح المكتب سفارة دولة فلسطين في نواكشوط.

وانطلق من إذاعة موريتانيا صوت الثورة الفلسطينية بالعربية والفرنسية، ليُسمع في أجزاء واسعة من القارة، حيث شكل هذا المكتب -حسب ودادي- مركز انطلاق النشاط الفلسطيني إلى أفريقيا جنوب الصحراء، وكان أبا لجميع المكاتب التي أنشئت بعد ذلك في عواصم القارة.

ويؤكد الشيخ سيديا أن الرئيس ولد داداه قام بعدة حملات شعبية كبرى للتبرع لصالح الفلسطينيين؛ وألغى عنهم تأشيرة دخول موريتانيا وسهل لهم الولوج للجنسية الموريتانية مع نيلهم حقوق المواطنين الموريتانيين بمجرد الوصول.

وبدوره، يؤكد الكاتب الصحفي رياض أحمد الهادي للجزيرة نت أن موريتانيا قدمت في عهد ولد داداه الدعم السياسي والاقتصادي للفلسطينيين، كما قام بتنظيم ورعاية مؤتمرات وندوات في موريتانيا ودول أفريقية لتسليط الضوء على معاناة الشعب الفلسطيني وتعزيز التضامن الأفريقي مع القضية الفلسطينية.

ولد داداه كتب في مذكراته أن بلاده لعبت دورا أدى إلى قطع غالبية الدول الأفريقية علاقاتها مع إسرائيل (الفرنسية) مناهضة التطبيع في أفريقيا

يتحدث الرئيس الموريتاني عن الدور الذي لعبه في انحسار التغلغل الإسرائيلي في أفريقيا، إذ يقول في مذكراته: "لعبت الجمهورية الإسلامية الموريتانية عام 1973 دورا في المسار الذي أدى إلى قطع غالبية الدول الأفريقية لعلاقاتها مع إسرائيل".

إعلان

ويكمل ولد داداه: "لقد عملت بلا كلل طيلة 20 سنة لشرح القضية الفلسطينية لنظرائي الأفارقة وخصوصا الناطقين بالفرنسية وهي مهمة لم تكن سهلة مطلقا نظرا لقوة الدعاية الإسرائيلية، بيد أنهم جميعا قد تفهموا مع طول الوقت القضية الفلسطينية وقبلوا معطياتها المتمثلة في الظلم السافر المثير للسخط الذي يعاني منه الفلسطينيون الرازحون تحت نير احتلال لا يرحم".

ويعتبر الدكتور محمد المختار أن الرئيس ولد داده حشد التأييد للقضية الفلسطينية في القارة الأفريقية من خلال الدفاع المستميت عنها في كل المحافل والمؤتمرات الأفريقية.

ويوضح أن جهود الرئيس تلك كانت الدافع الرئيسي وراء قطع 20 دولة أفريقية علاقاتها مع إسرائيل، وهي: غينيا، تشاد، مالي، النيجر، الكونغو برازافيل، بوروندي، زائير، توغو، نيجيريا، الكاميرون، ساحل العاج، السنغال، أنغولا، موزمبيق، إثيوبيا، بنين، كينيا، رواندا، بوتسوانا، الرأس الأخضر. ولم يبقَ لإسرائيل يومها تمثيل دبلوماسي في أفريقيا إلا في 5 دول هي: جنوب أفريقيا التي يحكمها نظام التمييز العنصري، ودول صغيرة هي ليسوتو، مالاوي، سوازيلاند، وموريشيوس".

ولد داداه (يسار) يرحب به موديبو كيتا رئيس مالي عام 1963 (الفرنسية) دور منظمة الوحدة الأفريقية

يرى الوزير ودادي أن تأسيسَ منظمة الوحدة الأفريقية عام 1963، التي كان الرئيس المختار أحد مؤسسيها، سهّل مهمته في حشد الدعم للقضية الفلسطينية، حيث صارت القمم والمؤتمرات الأفريقية منابر رسمية تُطرح فيها جميع القضايا، ومناسباتٍ يحضرها الصحفيون والمثقفون وصناع الرأي.

فطُرحت علنا القضية الفلسطينية بأبعادها السياسية وجذورها التاريخية وطبيعةِ إسرائيل العدوانية، مما ساهم في إنارة الرأي العام الأفريقي تجاه القضية.

وتؤكد حادثة يرويها ولد داداه في مذكراته إيمانه الكبير بمنظمة الوحدة الأفريقية، وأنه ربما كان أيضا أفريقيا أكثر من الأفريقيين، فقد رفض عام 1970 حضور حفل عشاء كبير نظمه الرئيس الأميركي نيكسون على شرف رؤساء الدول، ومُنح خلاله الرئيس الموريتاني مقعدا إلى جانب رئيس الولايات المتحدة. لكنه رفض الحضور احتجاجا على رفض نيكسون مقابلة الرئيس الدوري يومها لمنظمة الوحدة الأفريقية، رئيس زامبيا كينيث كاوندا.

إعلان

ويورد الرئيس المختار أنه كان الوحيد أيضا في هذا الموقف رغم الجهود التي بُذلت لثنيه، سواء من الوفد الموريتاني أو الوفود الأفريقية أو ممثلية الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، ويضيف: "قال لي بعضهم إن الجلوس إلى جانب الرئيس الأميركي قد ينال صاحبه وزنه من الدولارات، غير أني أعتبر أن الشرف والكرامة لا يُقدران بثمن".

ولد داداه يحضر قمة منظمة الوحدة الأفريقية في كمبالا في الثالث من أغسطس/آب 1975 (الفرنسية) تهاوي حجج إسرائيل في أفريقيا

يعتبر الوزير ودادي أن إسرائيل قدمت نفسها للدول الأفريقية في الستينيات، على أنها دولة صغيرة محاصرة من 100 مليون عربي، مما يجعلها جديرة بالعطف والتأييد، وفي الوقت نفسه دولة نموذجية للشجاعة والتنمية ينبغي لأفريقيا الاقتداء بها، خاصة في تقنياتها الزراعية واستخراج المعادن الثمينة، مع قدرتها على توفير الأمن للزعماء الأفارقة وامتلاكها أجهزة التجسس والتنصت المتطورة لحمايتهم.

لكن سنوات من الوجود الإسرائيلي المكثف -يضيف ودادي- أثبتت أن الخبراء الزراعيين الإسرائيليين في أفريقيا لم يفيدوا الزراع الأفارقة في شيء، بل تدهور الإنتاج في المناطق التي دخلوها، وتكشفت فضيحة سرقتهم للكثير من سلالات البذور الزراعية الأفريقية الشهيرة.

وحصل الأمر نفسه في مجال الثروة المعدنية، حيث تبين أنهم سرقوا الألماس وحولوه للصناعات الإسرائيلية التي أصبحت من أكثر مثيلاتها ازدهارا في العالم. أما الحراسات الشخصية فقد كانت غطاءً لإقامة شبكات تجسس، ولم تغنِ شيئا عن الانقلابات العسكرية، بل ساعدت في بعضها كما وقع في الكونغو وإثيوبيا وليبيريا".

مقالات مشابهة

  • تعرّف على الرئيس الذي ساهم بقطع علاقات 20 دولة أفريقية مع إسرائيل
  • يديعوت: الجيش يعترف بتضخيم عدد شهداء قادة كتائب القسام
  • في رحيل الجنرال الذي أغتالته “إسرائيل” 100 مرة!!
  • الاعيسر .. نستنكر بأشد العبارات الجريمة البشعة التي تعرض لها المدنيون في مدينة كادقلي عاصمة ولاية جنوب كردفان
  • خدعوا الموساد .. وثائق تهز إسرائيل عن كواليس وعراب هجوم 7 أكتوبر الحقيقي
  • وثيقة تضرب إسرائيل.. الإعلام العبري يكشف كواليس وتفاصيل مثيرة عن هجوم 7 أكتوبر
  • كشف وثيقة عملياتية لكتائب القسام تفضح فشل الاستخبارات الإسرائيلية في اكتشاف هجوم طوفان الأقصى
  • قائد كتائب القسام تلاعب باستخبارات إسرائيل قبل طوفان الأقصى.. وثيقة عملياتية تكشف مفاجأة.. عاجل
  • عاجل | لوبينيون الفرنسية عن رئيس الجزائر: مستعدون لتطبيع العلاقة مع إسرائيل في نفس اليوم الذي ستكون فيه دولة فلسطينية
  • إسرائيل تعيد شحنة مساعدات إلى الجانب المصري من معبر رفح