قبل 3 أيام كانت الطفلة إيلين الجزار البالغة من العمر 3 سنوات، آمنة مطمئنة في منزلها الواقع بمدينة رفح الفلسطينية، تلهو بألعابها وتتشارك مع أشقائها وأبناء عمومتها في تناول الحلوى، تمسك بـ«الدمية» ذات اللون البنفسجي الخاصة بها، ابتساماتها كانت تهز أرجاء المنزل المكون من 4 طوابق، لتتحول الابتسامات فجأة ودون سابق إنذار إلى صراخ ودموع بعدما قصفت قوات الاحتلال الإسرائيلي البيت ليتحول إلى ركام يبحث الرجال عن أطفالهم ونسائهم، لكنهم استخرجوا 10 شهداء من تحت الأنقاض.

استشهاد طفلة في القصف الإسرائيلي

«رحلت الطفلة وظلت لعبتها، إيلين قُتلت دون ذنب اقترفته، راحت وسابت لينا الدموع والآلام، ما بنقدر نستوعب كيف ها الاحتلال الغاشم بيستهدف صغارنا، عاوزين إيه من رضع ونساء وصغار لم يقترفوا أي ذنب»، كلمات حزينة عبر بها باسل الجزار، أحد الناجين من قصف منزل عائلة الجزار الذين ارتقى منهم نحو 10 شهداء، لتتحول المنطقة بالكامل إلى مقابر جماعية لأهلها الذين لم ينجُ أحد منهم خلال القصف الإسرائيلي.

ربما عاشت الطفلة «إيلين»، حروبا لم يستوعبها عقلها الصغير، لكن قلبها كان حزينا حين استشهدت جدتها قبل استشهادها بـ4 أيام، حيث كانت الجدة «رقية»، ذاهبة إلى السوء في مدينة رفح الفلسطينية، لترتقي روحها خلال قصف أحد المنازل المجاورة، ولأن الطفلة الصغيرة كانت تتعلق بجدتها فحزنت حزنا كبيرا ولم ينقطع صراخها، ربما لسانها عجز عن النطق بكلمة «سأفتقدك يا تيتة»: «والدتي استشهدت قبل أيام وكانت إيلين متعلقة بيها أكثر من والدتها، كانت بتفتكرها أمها مش جدتها، ولما راحت أمي ضلت إيلين تبكي حزنا على جدتها، بس ما كان أحد يتوقع أن ترتقي روحها الملائكة البريئة بعد أيام من استشهاد جدتها».

غارات القوات الإسرائيلية مستمرة في فلسطين

وداع الأحبة أصبح مشهدا سائدا في مناطق فلسطين المختلفة، فلم تنجُ منطقة من غارات القوات الإسرائيلية المفجعة، لم يعد هناك مكان آمن يلجأ إليه المدنيون، لم تعد المنازل ملاذا لهؤلاء العُزل الذين لم يرتكبوا جريمة سوى صمودهم في وجه العدوان المحتل، وفق «باسل»: «ما بقى في مكان نروح عليه، كل الأماكن معرضة للقصف، منازل الأبرياء، الأطفال الذين لا ذنب لهم، الجدات الكبار والسيدات اللاتي لم يرتكبن أي شيء سوى أنهن يدافعن عن أطفالهن، ما بقى شيء لينا في ها الحياة، كل ساعة وكل دقيقة بنودع شهيد جديد، ولادنا وأحبتنا ودعناهم وسط القصف الإسرائيلي المتواصل، ما بنقدر نعمل شيء غير الصمود والمقاومة».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: القصف الإسرائيلي الحرب على غزة حرب إسرائيل على غزة مدينة رفح الفلسطينية

إقرأ أيضاً:

ماذا حصل مع الفلسطينيين الذين عادوا إلى بيوتهم أخيرا؟

تتواصل عودة سكان مدينة غزة ومحافظات الشمال إلى الجزء الشمالي من قطاع بعدما أجبرهم الاحتلال الإسرائيلي على النزوح منه في منتصف تشرين الأول/ أكتوبر 2023، مع بداية حرب الإبادة التي استمرت لأكثر من 15 شهرا.

واصطدمت أحلام الغزيين بالعودة إلى بقايا منازلهم، بعد أن عانوا من أوضاع إنسانية كارثية خلال شهور الحرب والنزوح إلى أماكن مكتظة ضمن المنطقة المسماة بـ"الإنسانية أو الآمنة" جنوب القطاع، بواقع قد يكون أصعب، نظرا للتدمير الواسع الذي حل بأماكن سكنهم.

???? وصل | #صور فلسطينيون يعودون لمنازلهم ومزارعهم المدمرة في منطقة المغراقة وسط قطاع غزة.#فلسطين pic.twitter.com/npUrFVXc92 — وصل (@waslnew) February 1, 2025
ومنذ 27 كانون الثاني/ يناير الجاري، بدأ الفلسطينيون بالعودة إلى شمال قطاع غزة ضمن اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، 

"صنعت جسرا"
يقول بلال (34 عاما) إنه قضى كامل حرب الإبادة بعيدا عن عائلته التي أرسلها إلى جنوب القطاع مع بدء أوامر الإخلاء وقبيل إنشاء محور "نتساريم" وقسم قطاع غزة إلى نصفين شمالي وجنوبي، وذلك بهدف الاطمئنان عليهم وبقائه قريبا من البيت ومشروع "البقالة" الصغير الذي كان يملكه.

ويضيف بلال لـ"عربي21" أنه بعد أيام قليلة اضطر إلى مغادرة البيت الذي يقع في المنطقة الشمالية الغربية من المدينة ضمن حي النصر، حيث كان القصف على أشده والعملية والاجتياح البري يقترب من مكانه.

ويكشف "ذهبت إلى مناطق داخلية من مدينة غزة عند بعض الأقارب والمعارف، وذلك في تنقل مستمر طول شهور الحرب الأولى حتى الشهر الرابع من عام 2024، وحينها كان الجيش قد انسحب من منطقة سكني الأصلية".

ويوضح "مع الانسحاب سارعت مع أخٍ آخر لي بقي في غزة إلى زيارة البيت وتفقد أحواله، وبالطبع لم يكن أبدا مثلما تركته، فقد كان قد احترق من الداخل وتضرر بفعل عشرات القذائف والرصاص وحتى الصواريخ، لكنه بقي قائما".


ويشير إلى أن شعر بحالة من "التفاؤل" النسبي عندما تمكن أصلا من إيجاد البيت وتمييزه بكل دقيق على عكس عشرات البيوت والبنايات التي تدمرت بالكامل في المنطقة التي يسكن فيها، قائلا: "الحمد لله البيت موجود.. صحيح الدكان احترق لكن البيت موجود، وسارعت بالصعود إليه لتفقده من الداخل وهنا شعرت بالصدمة".

ويضيف بلال "لم انصدم من الرماد والسواد الناتج عن احتراق كل أثاث البيت ولا حتى تدمر كل النوافذ وما حولها ولا العمرات الكبيرة المحيطة في بيتي والتي تحولت الآن إلى كومة ركام، بل صُدمت من وجود فتحة كبيرة وسط البيت تكفي لابتلاع سيارة نصف نقل".

العائدون الي الارض
ال الاف يعودون إلى شمال قطاع غزة pic.twitter.com/o7wwFiUkKx — kasem ahmed (@kasemahmed155) January 31, 2025
ويقول "عادت عائلتي الآن إلى غزة ونحن نقيم في البيت مع كل أخوتي، بعدما كانا نتشارق بيتا من طابقين وكل طابق يضم ثلاث شقق.. الآن قمنا ببناء جسر من الأخشاب وبقايا الركام حتى نمتكن من الانتقال من شقة إلى أخرى".

"بيت مزدوج"
يقول محمود (36 عاما) إنه يتوقع مدى بشاعة الدمار في شمال قطاع غزة، ولذلك فضل الذهاب وحده إلى بيته المستأجر ضمن منطقة "الكرامة" التي تم تسويتها بالأرض باستثناء بنايتين سكنيتين، وشقته في إحداهمها.

وتناول محمود صدمة عودة إلى غزة بنوع من الضحك والسخرية، نظرا لأنه عندما وصل شقته المستأجرة وجد العديد من أثاث منزله دون ضرر كبير، إلا أنه أيضا وجد فتحة كبيرة تتسع لبناء سلم داخلي يربطه مع الشقة في الدور السفلي".

ويضيف لـ"عربي21" أنه يعمل كمهندس وعندما وجد الفتحة رأي أنها لم تؤثر كثيرا على قوة ومتانة السقف، وأنها مناسبة جدا لتحول الشقة إلى دوبلكس"، مستئلا: "هل يقبل جاري أن يؤجرني شقته من أجل تحقيق ذلك؟".

ويؤكد محمود أنه سيقى عدة أيام فقط في غزة من أجل رؤية بعض الأقراب الأصدقاء، وأنه مضطر للعودة إلى دير البلح وسط القطاع نظرا لطبيعة عمله الإغاثي، وبسبب عدم وجود مقومات حياة كريمة في غزة".

نوعان من العائدين
يقول سامي إنه ذهب إلى مدينة غزة فقط في نهاية الأسبوع الماضي، رغم أن السماح بالعودة بدء في 27 كانون الثاني/ يناير الماضي، موضحا "لدي أطفال صغار ووالدي الكبار في السن، وتأمين وسيلة مواصلات لهم صعب للغاية في الأيام الأولى".

ويضيف سامي لـ"عربي21" إنه توجه إلى غزة بعدما تمكن من توفير سيارة تقلهم قرب محور "نيتساريم" ومن ثم المشي على الأقسام وتوفير سيارة أخرى تنقلهم إلى وسط مدينة غزة.

ويكشف "عرفت مدى الكارثة في غزة قبل الوصول إليها، لأن عدد العائدين إلى الجنوب كان أكثر من الذاهبين إلى الشمال، عرفت أن هؤلاء أهلنا في بيت لاهيا وجباليا وبيت حانون وبعض الأماكن الأخرى التي تم تدميرها بالكامل".


ويوضح "كنت أعرف مصير بيتي وما هي الأضرار فيه بشكل محدد، وطالبت من بعض الأصدقاء من الذين بقوا في غزة العمل على تنظيفه وتجهيزه قبل وصولي إلى غزة، الحمد لله مصيبتنا أهون بكثر من مصائب غيرنا، على الأقل لدينا بيت، وغيرنا لا يعرف أصلا أي ركام بيته".

بتكبيرات العيد.. عشرات آلاف النازحين يعودون من وسط القطاع إلى مدينة غزة#عودة_عز pic.twitter.com/7shhMYBcSA — تيسير البلبيسي (@Taysirbalbisi) February 1, 2025
ويكشف" تكلمت مع أقاربي ومعارفي من جباليا وبيت حانون وغيرها من هذه المناطق، هم لم يعرفوا بيتهم لأن المنطقة نفسها تغيرت معالمها، حتى الشوارع الرئيسية مختلفة، لأن الجيش عمل على شق طرق جديدة بين المباني المدمرة، لذلك حتى لو كنت عشت عمرك كله في منطقة معينة فأنت لن تتعرف حتى على ملامحها".

ويشير "تخيل أنك أصلا غير قادر على معرفة ركام بيتك؟ لو كان طلاء بيتك باللون الأبيض أو بدون طلاء ربما من المستحيل تمييز ركامك، أما لو كان بلون مختلف ربما تتمكن من تمييزه، وربما تجده على أرض غير أرضك بفعل التجريف، بسبب هذا يعود الناس إلى الجنوب مرة أخرى".

مقالات مشابهة

  • قوات الاحتلال تخطر عائلة الشاب قصي السعدي بقصف منزلها
  • وفاة بطلة مسلسل squid game بعد إصابتها بمرض السرطان
  • الأغبياء والخونة وحدهم هم الذين يفترضون الغباء في أهل السودان!
  • ماذا حصل مع الفلسطينيين الذين عادوا إلى بيوتهم أخيرا؟
  • عاجل.. سبب وفاة الفنانة مشيرة عيسي
  • وفاة طالبة إثر سقوطها من أعلى منزلها بالفيوم
  • مصرع طالبة سقطت من أعلي منزلها بالفيوم
  • رحلت منذ 13 عاما.. قصة وفاة سهير الباروني بعد فقدان ابنتها
  • سهير الباروني.. الكوميديانة التي أضحكت الملايين وأبكتها المآسي
  • « كتاب مذهّب» تحت أرضية منزل عمره 250 عاماً