تربط المملكة العربية السعودية وجمهورية كوريا علاقات تاريخية امتدت لأكثر من 60 عاماً، امتازت بالتوافق في جميع المجالات، حيث تقدر جمهورية كوريا حكومةً وشعباً مكانة المملكة ودورها القيادي إقليمياً وعالمياً.
وتعود جذور العلاقات الثنائية بين البلدين، إلى العام 1962م، حينما وقّع الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- وفخامة الرئيس الكوري “بارك شونغ هي”، اتفاقية إقامة علاقات دبلوماسية، نتج عنها افتتاح أول سفارة كورية في المملكة بمدينة جدة عام 1973م، فيما افتتحت المملكة سفارتها لدى جمهورية كوريا في العام التالي 1974م.


وتتسم العلاقات بين البلدين بالثبات والاستقرار خلال مسيرة علاقاتهما الممتدة طوال ستة عقود، وأثمرت عن توقيع عدد من الاتفاقيات الاقتصادية والاستثمارية المشتركة بين الشركات السعودية والكورية، إضافة إلى تبادل الخبرات في المجالات الثقافية والرياضية.
وعززت القمة السعودية الكورية التي عقدت في الرياض عام 2015م، مسيرة العلاقات بين البلدين الصديقين التي تركزت في بدايتها على المجالات الاقتصادية الخاصة بقطاعي النفط والإنشاءات، ثم تطورت عبر السنين لتشمل مجالات: الثقافة، والأغذية، والصحة، والتجارة، والصناعة، والطاقة المتجددة والذريّة، وأسهمت في تحقيق مزيد من التقدم والتطور.
وشهدت العلاقات السعودية الكورية تطوراً مطرداً تُوج بإطلاق “الرؤية السعودية الكورية 2030″ في عام 2017، والتي تضمنت 40 مشروعاً ومبادرة لتأسيس الشراكة بين البلدين في 5 مجالات هي الطاقة والتصنيع، والبنية التحتية الذكية والتحول الرقمي، وبناء القدرات، والرعاية الصحية وعلوم الحياة، والاستثمار.
وحققت زيارتا صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء إلى جمهورية كوريا في يونيو 2019 ونوفمبر 2022، قفزة نوعية في تعزيز العلاقات التاريخية بين البلدين، حيث شهدت تحديد أولويات تطوير العلاقات الثنائية بينهما، وفقاً للرؤية السعودية الكورية 2030، خصوصاً في مجالات الطاقة النظيفة، والاستثمار والشراكة التجارية.
وأكد سموه خلال زيارته الأخيرة رغبة البلدين في الاستمرار بترسيخ أسس العلاقة التاريخية والعمل على استكمال الجهود الرامية إلى تعزيز التعاون في جميع المجالات، آخذاً في الاعتبار ما يرتكز عليه البلدان الصديقان من ثقل سياسي، واقتصادي، وإقليمي، ودولي، وعضويتيهما في مجموعة العشرين، كما أكد تكثيف العمل المشترك لمواجهة كل ما يهدد الأمن والسلم الدوليين ويؤثر على أمن الطاقة وسلامة سلاسل الإمداد”.
واستكمالًا لتبادل الزيارات رفيعة المستوى بين البلدين، استقبل صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، في يناير 2022م، فخامة الرئيس مون جيه إن، رئيس جمهورية كوريا –آنذاك-.
ويعكس تأسيس اللجنة السعودية الكورية المشتركة قبل أكثر من 40 عاماً، استشعار قيادتي البلدين المبكر أهمية تعزيز العلاقات الثنائية بينهما، والتنسيق وتكامل الجهود في مختلف المجالات بما يحقق الأهداف المرجوة ويخدم المصالح المشتركة.
وفي المجال الاقتصادي، تجمع البلدين شراكة اقتصادية وثيقة حيث تُعد المملكة المورد الأكبر للبترول في كوريا، كما جذبت البيئة الاستثمارية الواعدة للمملكة 132 استثماراً كوريًّا، بإجمالي رأس مال يتجاوز 3 مليارات دولار، وفي المقابل تملك ثلاث من أبرز الشركات السعودية، استثمارات في جمهورية كوريا برأس مال يبلغ 6.35 مليارات دولار.
وقد أسهمت العلاقات بين البلدين في ازدهار التبادل التجاري، وزيادة التعاملات المرتبطة بالنهضة التنموية التي تعيشها المملكة، وما يجري في إطارها من تنفيذ عددٍ من المشاريع الاقتصادية الحيوية والعملاقة، وتوسعة بعض المصانع والمنشآت النفطية، والبتروكيماوية والصناعية، والاستفادة من اقتصاديات المعرفة، وتطبيقات الحكومة الإلكترونية التي تملك الشركات الكورية خبرات واسعة فيها.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين المملكة وجمهورية كوريا في العام 2021 نحو 26.506 مليون دولار، وسجّل الميزان التجاري فائضًا لصالح المملكة بقيمة 19.646 مليون دولار، حيث صدّرت المملكة لكوريا في العام نفسه بقيمة 23.076 مليون دولار، فيما استوردت المملكة من جمهورية كوريا بقيمة 3.430 ملايين دولار.
وأسهم الصندوق الصناعي في دعم وتمويل المشاريع المشتركة مع كوريا، والتي استفاد منها أكثر من 12 مشروعًا مشتركًا، تزيد قيمة تمويلها عن مليارين و826 مليون دولار، كما توجد استثمارات كورية صناعية في مدن الهيئة السعودية للمدن الصناعية يبلغ عددها 3 مصانع كورية، تعمل في مجالات التصنيع المطاط، والبلاستيك، وأنابيب الصلب وغيرها.
وفي المجال الدفاعي، مهدت المملكة وجمهورية كوريا الطريق لشراكة دفاعية إستراتيجية، من خلال إنشاء اللجنة الوزارية السعودية الكورية للتعاون الدفاعي، تحقيقاً لمستهدفات رؤية 2030 في تمكين قطاع الصناعات العسكرية وتطويره.
وفي إطار التعاون والتنسيق العلمي بين البلدين؛ بدأ 48 مهندسًا سعوديًا في العام 2018 مشاريع مشتركة مع معهد أبحاث الطاقة الذرية الكوري (KAERI) في مدينة دايجون، وذلك لإعداد التصاميم الهندسية لمفاعل “سمارت” النووي في المملكة، مع برامج تدريبية مكثفة في مجالات مختلفة بالطاقة النووية، ومنها برامج متخصصة في تصميم قلب المفاعل، وتصميم نظام الموائع، والتصميم الميكانيكي، وتصميم التفاعل بين الآلة وتحليل السلامة لتقنية مفاعلات “سمارت”.
وسجلت الهيئة السعودية للملكية الفكرية (في العام 2021) 447 نموذجًا صناعيًا، و2881 علامة تجارية، و543 براءة اختراع، ضمن الإيداعات الفكرية للشركات الكورية، وتشير بيانات الهيئة إلى تصدر شركة إل جي إلكترونيكس إنك في عدد العلامات التجارية المسجلة بمجموع 332 علامة تجارية، بينما تتصدر شركة سامسونج إلكترونيكس كو ليمتد بعدد النماذج الصناعية المسجلة البالغة 145 نموذجًا، فيما تتفوق شركة دايوونج فارماسوتيكال كو ليمتد في عدد براءات الاختراع المسجلة لديها بعدد 16 براءة.
ولدى المملكة وجمهورية كوريا خطط متوائمة لمكافحة تغير المناخ والاحتباس الحراري، إذ أعلنت سيئول عن خطتها لتحقيق الحياد الكربوني وخفض الانبعاثات الكربونية إلى مستوى الصفر في غضون العام 2050، ويتوافق ذلك مع مبادرتي السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر، وإعلان المملكة عزمها تحقيق الحياد الكربوني بحلول العام 2060.
وفي يناير 2022، وعلى هامش “منتدى الاستثمار السعودي الكوري” الذي احتضنته العاصمة الرياض، أعلن صندوق الاستثمارات العامة السعودي، وشركة “بوسكو”، وشركة “سامسونغ سي تي”، عن توقيع مذكرة تفاهم ثلاثية؛ تهدف لتطوير مشروع لإنتاج الهيدروجين الأخضر لأغراض التصدير.
وشهدت العلاقات الثقافية بين المملكة وجمهورية كوريا تطوراً متسارعاً، تجلى في تزايد اهتمام السعوديين بالثقافة الكورية والعكس، خصوصاً فيما يتعلق بالأفلام والمسلسلات والعروض الموسيقية، مما يشجع البلدين على التوسع في التعاون في المجال الثقافي.

المصدر: صحيفة الجزيرة

كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية السعودیة الکوریة جمهوریة کوریا ملیون دولار بین البلدین ا فی العام کوریا فی

إقرأ أيضاً:

وزير الاستثمار والتجارة الخارجية يستقبل سفير فرنسا بالقاهرة لبحث سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية المشتركة بين البلدين

 

استقبل المهندس حسن الخطيب وزير الاستثمار والتجارة الخارجية السيد إيريك شوفالييه سفير فرنسا بالقاهرة حيث استعرض اللقاء سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية المشتركة بين البلدين في مختلف المجالات، وعلى كافة الأصعدة،

وقال الوزير إن مصر وفرنسا ترتبطان بعلاقات متميزة على كافة المستويات السياسية والاقتصادية، لافتا إلى أهمية تعزيز الجهود المشتركة لزيادة التعاون الاستثماري والتجاري بين مصر وفرنسا خلال الفترة المقبلة وبما يصب في مصلحة الاقتصادين المصري والفرنسي على حد سواء.

وأشار «الخطيب» إلى أن اللقاء استعرض الفرص والمقومات الاستثمارية المتميزة المتاحة بالسوق المصري أمام المستثمرين الفرنسيين، لافتا إلى إمكانية الاستفادة من مصر كمحور لنفاذ الصادرات الفرنسية لأسواق دول منطقة الشرق الأوسط وقارتي إفريقيا وأوروبا.

ونوه الوزير إلى حرص الوزارة على تحقيق أهداف الدولة المصرية المتعلقة بتعزيز حجم الاستثمارات وزيادة معدلات الصادرات لتحقيق معدلات النمو المستهدفة، مشيرا إلى أن السوق المصري يمتلك العديد من مقومات الاستثمار، والتي تشمل توافر المواد الخام والعمالة المؤهلة وتنافسية تكلفة الاستثمار، وتوافر البنية التحتية الاستثمارية

وقد استعرض الجانبان الترتيبات الخاصة بعقد منتدى الأعمال المصري الفرنسي، والذي ينظمه وكالة بيزنس فرانس بالتنسيق مع الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة والمزمع عقده في باريس ومارسيليا نهاية شهر سبتمبر الجاري للترويج للاستثمارات المشتركة وجذب المزيد من الاستثمارات الفرنسية للسوق المصري.

 ومن جانبه أكد السيد إيريك شوفالييه سفير فرنسا بالقاهرة على دعم فرنسا الدائم لمصر في مسيرة التنمية، لافتا إلى أن هناك العديد من قصص النجاح للشركات الفرنسية في مصر، والتي تسهم في توفير احتياجات السوق المحلي والتصدير للأسواق الخارجية.

وأشاد السفير الفرنسي بمؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي، مشيرا إلى المشاركة الكبيرة للشركات الفرنسية في المؤتمر بكافة جلساته.

وبدوره أشار السيد حسام هيبة رئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة أنه تم تشكيل لجنة بقرار من رئيس مجلس الوزراء تضم وزارات وجهات حكومية لإعداد قائمة بالفرص الاستثمارية التي سيتم عرضها خلال المنتدى الاستثماري المصري الفرنسي كما تم إعداد دليل إجرائي لتنفيذ هذه المشروعات.

حضر اللقاء السيد باسكال فورث رئيس البعثة الاقتصادية بسفارة فرنسا والسيد رومان جيزار رئيس وكالة بيزنس فرانس والسيد نيكولا بيك نائب رئيس البعثة الاقتصادية بالسفارة الفرنسية، إلى جانب السيد حسام هيبة رئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، والوزير مفوض تجاري يحيى الواثق بالله رئيس التمثيل التجاري، وعدد من مسؤولي وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية.

مقالات مشابهة

  • السعودية تعرض ساعة الفيل التاريخية بمهرجان ستيم 2024 (صور)
  • وزير الخارجية يبحث مع وزير الصناعة الإماراتي العلاقات المتميزة بين البلدين
  • السفير المصري يلتقي برئيس مجلس إدارة رابطة التجارة الدولية الكورية
  • وزير الاستثمار والتجارة الخارجية يستقبل سفير فرنسا بالقاهرة لبحث سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية المشتركة بين البلدين
  • الإمارات والهند... شراكة استراتيجية تستمد قوتها من الروابط التاريخية الراسخة
  • السفير المصري ببوليفيا يبحث تعزيز التعاون المشترك بين البلدين
  • الدبيبة يبحث مع رئيس الحكومة الموريتانية تطوير العلاقات بين البلدين
  • اليابان وكوريا الجنوبية تسعيان للحفاظ على تحسن علاقاتهما
  • عضو بـ«النواب»: زيارة الرئيس السيسي إلى تركيا نقلة نوعية في العلاقات بين البلدين
  • الحمادي: مسيرة ملهمة للإمارات في قطاع الطاقة النووية تعزز دورها الريادي العالمي نحو الحياد المناخي