هل يستطيع الاحتلال خوض حرب طويلة الأمد في غزة؟
تاريخ النشر: 21st, October 2023 GMT
سرايا - أكملت الحرب على غزة أسبوعها الثاني، وأحرق لهيبها آلاف الأرواح، ومحى أحياء عدة من خريطة الحياة، ودمر مستشفيات بمن فيها من طفل جريح ومسعف وطبيب يغالب موجة الموت الهادر.
وفي حين تتعمق أنياب الأزمة في الجسد الفلسطيني، يحشد جيش الاحتلال عشرات الآلاف من جنوده على مشارف غزة، ويستعد للحرب البرية التي تستعد لها فصائل المقاومة أيضا.
وبين هذا وذاك، يعيش العالم على أعصابه في انتظار الجولة القادمة من حرب مدمرة، تتباين فيها موازين القوى، وتخرق فيها الأيام كل حين عادات المتوقع من العداء بين جيش دولة، وتنظيمات شعب محاصر، وضمن هذا التباين الكبير، تبدو لكل طرف نقاط قوة متعددة، وسياق محلي ودولي، وتحديات عائقة، قد تزيد من تعقيد خيار الحرب البرية.
لا يريد الاحتلال في ما يعلن من أهدافها تجاه حماس غير الإبادة والإزاحة، بينما يشير اتساع دائرة الموت وضحايا القصف المتواصل في القطاع إلى أن الاحتلال يفترض أن كل غزي عضو "مفترض" في حماس، وبالإمكان أن يكون هدفا تلقائيا للصواريخ وقاذفات الحمم.
بيد أن تحقيق الأهداف التي يعلنها الاحتلال حاليا، وما تخطط له من حرب برية طويلة الأمد قد تستمر لسنوات، تقف أمامه عقبات متعددة تشكل في مجملها نقاط قوة للمقاومة الفلسطينية وفرصا لتعزيز أدائها، كما أنها تمثل عوائق أمام قدرة الاحتلال على خوض حرب طويلة الأمد ذات خسائر كبيرة، ومن بينها:
"النصر بالرعب": فقد تحولت حركة حماس في الوجدان للمحتل إلى هاجس رعب يكب القادة والجنود على الأذقان، وتضخمت في الضمير الالاحتلالي العام القدرات "الخارقة" التي تملكها كتائب القسام، وفصائل المقاومة في غزة.
كما ان انهيار فرقة غزة: وهي قوات النخبة للاحتلال المتخصصة في شؤون غزة، والأكثر قدرة وإمكانات على مواجهة الفصائل الغزاوية، والكتائب القسامية، إذ أسرع "طوفان" الموت والأسر إلى عدد كبير من هؤلاء، وارتحل بمئات منهم إلى قائمة القتلى والجرحى والأسرى والمفقودين.
بالاضافة الى تعدد الجنسيات في صفوف المستوطنين والجنود المحتلين: مما يجعل الفرار من الحرب -من دون تحيز إلى فئة أو تحرفا لقتال- خيارا محتملا بشكل كبير إذا حمي الوطيس أمام عدد من حملة السلاح في الاحتلال.
واستعداد حركات المقاومة الفلسطينية وتعدد وسائلها للدفاع: وتعزز قوتها العسكرية خلال السنوات الأخيرة، مقابل تصاعد الإخفاقات والهزات العسكرية والسياسية في الاحتلال.
وايضا حالة التراجع الاقتصادي في الاحتلال: التي ستجعل أي حرب طويلة المدى تضفي متاعب جديدة على الاقتصاد الهش والمرتبط بشكل خاص بحركة التجارة، وعمل الموانئ والمطارات.
كما ان الانشطارات المجتمعية: التي غرق فيها المحتلين الفترات الأخيرة، وما يتحدث عنه بعض الكتاب من تضاؤل للروح الوطنية، وما تشير إليه بعض استطلاعات الرأي من تراجع ثقة المحتلين في دولتهم ومؤسساتهم، وهو ما يشير إلى أن الجيل الحالي من سكان الاحتلال أقل قدرة على المقاومة وأقل "مناعة اجتماعية" من الأجيال السابقة.
كما قد يؤدي استمرار الحرب أيضا إلى انهيار مشروع التطبيع العربي، وذلك بعد أن خنقته بحبال الموت صبيحة السابع من تشرين الأول (أكتوبر) الحالي، مما دفع البعض إلى تجميد أي خطوات جديدة في مسار التطبيع، في حين تخلصت أنظمة أخرى من الإحراج والضغوط التي كان عرابو التطبيع يمارسونها عليها.
وتخشى دوائر متعددة من تكرار تجربة الولايات المتحدة في العراق والصومال وأفغانستان، وما جلبته من استنزاف غير مسبوق لخزائن واشنطن وأرواح جنودها قبل ما وصفه بعض خصوم واشنطن بالخروج "المخزي" الذي تسلمت بموجبه القوى الأكثر عداوة لواشنطن زمام الحكم وإدارة البلدان المنكوبة.
وايضا انعدام البديل عن حماس: فحتى مع افتراض نجاح الاحتلال في إسقاط حكم حماس في غزة، وهو أمر دونه مصاعب وعوائق كثيرة، فإن البديل عنها يبقى الاختبار الأصعب أمام الاحتلال، ومختلف القوى الدولية، خصوصا أن قادتها وجماهيرها لن تعجزهم أي وسيلة لإعادة تجميع الشتات وترتيب الأوراق والسير في نمط مقاومة جديدة، إذ ليست حماس إلا تعبيرا عن وجه من المقاومة، وللفلسطينيين قدرة هائلة في التكيف المقاوم للاحتلال.
ورغم كل ذلك، فإن الاحتلال لا تعدم وسيلة للجواب، وترى أن غزة بعد الإبادة ستكون ملفا دوليا يناقشه العالم، ويحسم رأيه فيه، ولا يعني تدويل ملف غزة أكثر من تعدد الرؤوس والإستراتجيات وهو ما تخشاه الولايات المتحدة بشكل خاص، وهي تواجه تسارعا عدائيا للحضور الروسي والصيني في المناطق التي تعتبرها واشنطن جزءا تقليديا من "مائدتها الإستراتيجية"، وسيزيد الدم الغزاوي طين الإخفاق الأميركي بلة، إذا فتحت الحرب نافذة حرب أخرى غير مباشرة بين واشنطن وموسكو، تنضاف إلى حربها بالوكالة في أوكرانيا.
ورغم محدودية الدور المتوقع لدى روسيا والصين في خوض حرب مباشرة أو تحرك دبلوماسي مؤثر في منطقة الشرق الأوسط، فإنهما تبقيان لاعبين "خشنين" ولا يمكن أن يسد دونهما أي مرمى، خصوصا إذا كان هشا وزلقا بالدماء.
والواقع أن الاحتلال لا يملك حاليا -وباعتراف قادته وقادة داعميه- رؤية لما بعد حماس، هذا إذا تمكنت بالفعل من تحقيق هدفها بإبادة قادة الحركة وإزاحتها عن الحكم في غزة، وهو خيار بعيد في الحال، ويتباعد أكثر كلما طال الانتظار.
ومع أن تل أبيب قد حسمت -في ما يظهر من تصريحات ومؤشرات- قرار الحرب البرية، فإنه لا أحد حتى الآن يعرف أي الخيارات سيتجه إليه الكيان.
ومع أن خيار التوغل المحدود في عمق غزة، واحتلال أجزاء من المدينة المحاصرة، يمثل أسهل خيارات الحرب البرية بالنسبة لالاحتلال، لكنه يبقى أيضا مكلفا، خصوصا عند إرادة الانسحاب والخروج، كما أنه لا يمثل بالنسبة للمتطرفين في الاحتلال -المتعطشين للقضاء على فصائل المقاومة في غزة- الوسيلة المثلى للانتقام منها.-(وكالات)
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: فی الاحتلال فی غزة
إقرأ أيضاً:
“حماس”: عملية “حاجز تياسير” تأكيد على أن جرائم الاحتلال شمال الضفة لن تمر دون عقاب
#سواليف
**نبارك عملية إطلاق النار البطولية النوعية التي نفذها #مقاوم #فلسطيني واستهدفت #حاجز_تياسير العسكري شرق #طوباس، ونؤكد أن #جرائم_الاحتلال وعدوانه على شمال الضفة المحتلة لن يمر دون عقاب.
**إن جرائم الاحتلال المتواصلة بحق شعبنا الفلسطيني في الضفة ومخيماتها في جنين وطولكرم وطوباس لن توهن من عزم شعبنا ومقاومته، حيث تأتي هذه العملية على حاجز عسكري لجيش #الاحتلال لتؤكد على إصرار شبابنا الثائر ومقاومتنا الباسلة في الضفة، على المضيّ في طريق المقاومة والتصدي للعدوان الصهيوني الفاشي.
**نشدد على أن كافة مشاريع العدو الصهيوني الإجرامية، ومحاولاته إخضاع شعبنا الفلسطيني، أو كسر إرادة المقاومة لديه، أو تهجيره عن أرضه ودياره؛ ستتحطّم أمام إرادة وبسالة هذا الشعب ومقاومته الباسلة، وشبابه الحرّ الأبي.
مقالات ذات صلة ترامب يتجنب الإجابة عن سؤال حول ضم إسرائيل للضفة الغربية / فيديو 2025/02/04**نثمن عاليا جهاد ومقاومة شبابنا في الضفة المحتلة، وندعو جماهير شعبنا المرابط لتصعيد الاشتباك مع الاحتلال ومستوطنيه، وتحدّي جيشه المجرم وإجراءاته الأمنية والعسكرية، نصرةً لأرضنا ومقدساتنا، وتأكيداً على حقّنا في الحرية وإقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس.
باركت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” عملية إطلاق النار “البطولية النوعية التي نفذها مقاوم فلسطيني واستهدفت حاجز تياسير العسكري شرق طوباس”، وأكدت على أن “جرائم الاحتلال وعدوانه على شمال الضفة المحتلة لن يمر دون عقاب”.
وقالت الحركة في تصريح صحفي، تلقته “قدس برس”، اليوم الثلاثاء، إن “جرائم الاحتلال المتواصلة بحق شعبنا الفلسطيني في الضفة ومخيماتها في جنين وطولكرم وطوباس لن توهن من عزم شعبنا ومقاومته، حيث تأتي هذه العملية على حاجز عسكري لجيش الاحتلال لتؤكد على إصرار شبابنا الثائر ومقاومتنا الباسلة في الضفة، على المضيّ في طريق المقاومة والتصدي للعدوان الصهيوني الفاشي”.
وشددت على أن “كافة مشاريع العدو الصهيوني الإجرامية، ومحاولاته إخضاع شعبنا الفلسطيني، أو كسر إرادة المقاومة لديه، أو تهجيره عن أرضه ودياره؛ ستتحطّم أمام إرادة وبسالة هذا الشعب ومقاومته الباسلة، وشبابه الحرّ الأبي”.
وثمنت “عاليا جهاد ومقاومة شبابنا في الضفة المحتلة”، كما دعت “جماهير شعبنا المرابط لتصعيد الاشتباك مع الاحتلال ومستوطنيه، وتحدّي جيشه المجرم وإجراءاته الأمنية والعسكرية، نصرةً لأرضنا ومقدساتنا، وتأكيداً على حقّنا في الحرية وإقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس”.
وأصيب ثمانية جنود إسرائيليين، صباح اليوم الثلاثاء، في عملية إطلاق نار على معسكر للجيش الإسرائيلي في بلدة “تياسير” شرقي جنين شمال الضفة الغربية.
وقالت /هيئة البث/ الإسرائيلية إن مسلحا فلسطينيا وصل إلى حاجز “تياسير” وأطلق النار باتجاه الجنود الموجودين عند الحاجز ما أدى لوقوع إصابات بينها خطيرة.