قمة القاهرة للسلام تطالب إسرائيل بوقف عملياتها العدائية ضد الفلسطينيين
تاريخ النشر: 21st, October 2023 GMT
أكد رؤساء الحكومات ووزراء خارجية الدول المشاركة في قمة “القاهرة للسلام 2023” المنعقدة اليوم بمصر، ضرورة وصول المساعدات الإنسانية والإغاثة الطبية العاجلة للمتضررين في قطاع غزة، مطالبين إسرائيل بالتوقف عن شن عملياتها العدائية ضد الشعب الفلسطيني.
وقال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية : إن الاحتلال الإسرائيلي مستمر في خرق القوانين الدولية بما فيها قوانين الحرب، وهو ما سيؤثر في الأمن الدولي واستدامته، وقد يمتد الصراع إقليميًا بما يهدد إمدادات الطاقة إلى الأسواق العالمية.
وأوضح السوداني أن بلاده ترفض بشدة محاولات إفراغ قطاع غزة من أهله ولا مجال أبدًا للحديث عن إعادة التوطين أو خلق معسكرات للجوء أو غير ذلك من الدعوات، وليس من مكان للفلسطينيين إلا أرضهم.
من جانبه، أشار رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، في كلمة مماثلة، إلى ضرورة وضع ترتيبات عاجلة لتشغيل معبر رفح وفق آلية مستدامة تحترم السيادة المصرية وبما يضمن تدفق المساعدات الحيوية إلى قطاع غزة، والمباشرة في إعادة الإعمار والبنية التحتية التي تم دمرها العدوان الإسرائيلي.
ودعا المنفي إلى البدء الفوري برعاية دولية متوازنة ومشاركة عربية في مفاوضات التسوية الشاملة والوضع النهائي على قاعدة حل الدولتين وفق المبادرة العربية للسلام وقرارات الشرعية الدولية.
من جهته، عَدّ رئيس الوزراء الأسباني بيدرو سانشيز، في كلمته، قمة القاهرة للسلام خطوة أولى في مشوار السلام بالشرق الأوسط بين فلسطين وإسرائيل، مشيرًا إلى ضرورة حماية حياة المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وضرورة إحلال السلام وتحقيق حل الدولتين للعيش بطريقة سالمة وآمنة.
بدوره، قال رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسو تاكيس، ، في كلمته أمام قمة القاهرة للسلام، إن العقاب الجماعي في قطاع غزة أمرٌ محظور، داعيًا إسرائيل إلى مراعاة القانون الدولي.
وأكد موقف اليونان الثابت تجاه القضية الفلسطينية، مطالبًا بوقف قتل المدنيين، وإطلاق سراح الرهائن وفق جهود الصليب الأحمر وتقديم المساعدات الإنسانية بلا توقف.
من ناحيته، قال نائب رئيس وزراء سلطنة عُمان شهاب بن طارق آل سعيد، في كلمته: “لا يمكن أن يُعم السلام والاستقرار دون منح الشعب الفلسطيني حقه بإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967 وفقًا لمبادرة السلام العربية وقرارات مجلس الامن والجمعية العامة للأمم المتحدة”.
وأكد رفض سلطنة عُمان التصعيد الإسرائيلي على قطاع غزة بشكل قاطع، وتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته في وقف هذه الحرب، مشددًا على أهمية العمل على وقف نزيف الدماء بصورة فورية وحماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية والإغاثة الطبية العاجلة للمتضررين في قطاع غزة.
فيما قال وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، في كلمة مماثلة، إن هناك حاجة مُلِحّة لوقف الأعمال العدائية في قطاع غزة بشكل عاجل وخفض التصعيد، موضحًا أن حماية المدنيين وعدم استهدافهم وفقًا لمبادئ القانون الدولي أمر مهم لا يمكن التنازل عنه.
وشدد بوريطة على ضرورة السماح بإيصال المساعدات الإنسانية بشكل كافٍ لمعالجة الوضع الإنساني الصعب الذي يشهده قطاع غزة، وضرورة إطلاق عملية سلام تفضي إلى حل الدولتين.
وأوضح وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في كلمته، أن فلسطين تعيش مأساة كبيرة وليس هناك أي عذر من أجل تطبيق هذا العقاب الجماعي على الشعب الفلسطيني، مطالبًا إسرائيل بالتوقف عن شن عملياتها العدائية ضد الشعب الفلسطيني.
وأضاف أن المساعدات المتوقفة على الشروط ليست من الحلول السليمة والمستدامة ولكنها تعمق من الاحتلال، مشيرًا إلى أهمية الاستفادة من كل الجهود للعودة مرة أخرى إلى مسار السلام القائم على أساس دولتين، وهو أمر ضروري
وإستراتيجي من أجل سلام وأمن المنطقة.
وأكد وزير الخارجية البرازيلي ماورو فييرا، بكلمته في القمة ، أن الاعتداء الإسرائيلي الغاشم ضد الفلسطينيين وما حدث من تدمير غير مسبوق فيما يتعلق بالمرافق المدنية والبنية التحتية المدنية في قطاع غزة؛ يعرقل ويهدد حل الدولتين.
وطالب إسرائيل “القوة المحتلة” باحترام حقوق الإنسان تحت أي ظرف وبدون شروط، داعيًا المجتمع الدولي إلى بذل قصارى الجهود الإنسانية لضمان فتح ممرات إنسانية عاجلة للمدنيين، والوقف الفوري لإطلاق النار، وإنهاء معاناة المدنيين في قطاع غزة.
من جهته، قال وزير خارجية النرويج، إسبن بارث، في كلمته، إن الأزمة الحالية التي يشهدها قطاع غزة تهدد باندلاع حرب إقليمية قد يكون لها تأثير تدميري على المنطقة، مؤكدًا أن بلاده تدين كافة أعمال العنف ضد المدنيين.
وشدد على ضرورة تسهيل تقديم المساعدات، والتعهد بحماية المدنيين، وتوفير ممرات آمنة لدخول المساعدات بشكل مستدام، لافتًا الانتباه إلى أن هناك حاجة ماسة الآن لتقديم دعم إضافي لقطاع غزة لمواجهة الأزمة الراهنة، فالوضع الآن ليس مناسبًا لقطع الإمدادات والمساعدات عن فلسطين.
من ناحيتها، قالت وزيرة خارجية كندا ميلاني جولي، في كلمتها: “نحن متحدون في دعم السلام بين إسرائيل والفلسطينيين”، مطالبة بضرورة ألا يتم تصعيد الموقف من بعض الأطراف الإقليمية الأخرى.
ودعت إلى ضرورة دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة بشكل سريع، وتسهيل الإجراءات لضمان وصولها للجانب الفلسطيني.
وثمّن وزير خارجية بريطانيا جيمس كليفرلي، في كلمة مماثلة، موقف الحكومة الفلسطينية في رغبتها لإحلال السلام والتعايش السلمي، داعيًا في الوقت ذاته الحكومة الإسرائيلية إلى احترام القانون الدولي وحماية المدنيين في غزة.
وطالب بإطلاق الرهائن من كلا الجانبين، وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني في غزة بالتنسيق مع المجتمع الدولي، وتكثيف جهود المجتمع الدولي لضمان التعايش السلمي بين فلسطين وإسرائيل.
من جانبها، أعربت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا ببربوك، في كلمتها، عن قلقها البالغ إزاء التصعيد المتواصل للعنف في قطاع غزة، مطالبة جميع الأطراف بالالتزام بالقانون الدولي من أجل السلام.
وطالبت بضرورة تكثيف الجهود الإنسانية لمساعدة المدنيين وإيصال المساعدات من خلال معبر رفح، مشددة على أن المنطقة في حاجة ماسة إلى عملية سلام جديدة تسمح للطرفين بالعيش في سلام وأمن جنبًا إلى جنب في دولتين مستقلتين ذات سيادة.
بدورها، أكدت وزيرة خارجية اليابان يوكو كاميكاوا، في كلمتها أمام قمة القاهرة للسلام، ضرورة انصياع كل الأطراف إلى القانون الدولي، ومضاعفة الجهود الدبلوماسية لتهدئة الموقف بأقصى قدر ممكن لمنع هذا التوتر من الانتشار في المنطقة، لافتة الانتباه إلى أن موقف بلادها يدعم حل الدولتين لأنه الخيار الوحيد.
المصدر: صحيفة الجزيرة
كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية المساعدات الإنسانیة قمة القاهرة للسلام الشعب الفلسطینی القانون الدولی المجتمع الدولی حل الدولتین فی قطاع غزة فی کلمته
إقرأ أيضاً:
اعترافات ومقابلات تكشف للحقيقة.. «نيويورك تايمز»: إسرائيل تمنح الضباط سلطة قتل آلاف المدنيين فى قطاع غزة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
فى تمام الساعة الواحدة ظهرًا من يوم ٧ أكتوبر ٢٠٢٣، أصدرت القيادة العسكرية الإسرائيلية أمرًا أطلق العنان لواحدة من أكثر حملات القصف كثافة فى الحروب المعاصرة. بموجب الأمر الذى دخل حيز التنفيذ على الفور، منح الأمر ضباطًا إسرائيليين من الرتب المتوسطة سلطة ضرب آلاف الفلسطينيين والمواقع التى لم تكن أبدًا أولوية فى الحروب السابقة فى غزة. ويمكن للضباط ملاحقة ليس فقط كبار قادة حماس ومستودعات الأسلحة وقاذفات الصواريخ التى كانت محور الحملات السابقة، بل وأيضًا استهداف مواطنين آخرين.
تكلفة مدنيةفى كل ضربة، كان لدى الضباط سلطة المخاطرة بقتل ما يصل إلى ٢٠ مدنيًا.. الأمر، الذى لم يتم الإبلاغ عنه من قبل، ليس له سابقة فى التاريخ العسكري. لم يُمنح الضباط من الرتب المتوسطة قط مثل هذا القدر من الحرية لمهاجمة العديد من الأهداف، وكثير منها ذات أهمية عسكرية أقل، بتكلفة مدنية محتملة عالية. وهذا يعني، على سبيل المثال، أن الجيش يمكن أن يستهدف المسلحين العاديين وهم فى منازلهم محاطين بالأقارب والجيران، بدلًا من استهدافهم فقط عندما يكونون بمفردهم فى الخارج.
فى السابع من أكتوبر غيرت القيادة العسكرية قواعد الاشتباك لأنها اعتقدت أن إسرائيل تواجه تهديدًا وجوديًا، وفقًا لضابط عسكرى كبير أجاب على أسئلة حول الأمر بشرط عدم الكشف عن هويته. وقال الضابط إنه بينما كان الإسرائيليون يقاتلون حماس داخل حدودهم، كان قادة إسرائيل يخشون أيضًا غزوًا من حلفاء الجماعة فى لبنان ويعتقدون أنهم مضطرون إلى اتخاذ إجراءات عسكرية صارمة.
فى خطاب ألقاه فى السابع من أكتوبر، قال رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو: "سنحول كل الأماكن التى انتشرت فيها حماس، فى هذه المدينة الشريرة، وكل الأماكن التى كانت حماس تختبئ وتعمل منها إلى أنقاض".
خلص تحقيق أجرته صحيفة نيويورك تايمز إلى أن إسرائيل أضعفت بشدة نظام الضمانات الذى يهدف إلى حماية المدنيين؛ واعتمدت أساليب معيبة للعثور على الأهداف وتقييم خطر وقوع إصابات بين المدنيين؛ وفشلت بشكل روتينى فى إجراء مراجعات ما بعد الضربة للأذى المدنى أو معاقبة الضباط على ارتكاب مخالفات؛ وتجاهلت التحذيرات من كبار المسؤولين العسكريين الأمريكيين حول هذه الإخفاقات.
لقاء ١٠٠ مسؤولراجعت صحيفة نيويورك تايمز عشرات السجلات العسكرية وأجرت مقابلات مع أكثر من ١٠٠ جندى ومسؤول، بما فى ذلك أكثر من ٢٥ شخصًا ساعدوا فى فحص الأهداف أو الموافقة عليها أو ضربها. وتوفر رواياتهم مجتمعة فهمًا لا مثيل له لكيفية شن إسرائيل لواحدة من أعنف الحروب الجوية فى هذا القرن. وتحدث معظم الجنود والمسؤولين بشرط عدم الكشف عن هويتهم لأنهم مُنعوا من التحدث علنًا حول موضوع بهذه الحساسية. وقد تأكدت صحيفة التايمز من الأوامر العسكرية من ضباط على دراية بمحتواها.
فى تحقيقها، وجدت التايمز أن إسرائيل وسعت بشكل كبير مجموعة الأهداف العسكرية التى سعت إلى ضربها فى الغارات الجوية الاستباقية، فى حين زادت فى الوقت نفسه عدد المدنيين الذين يمكن للضباط تعريضهم للخطر فى كل هجوم. وقد دفع هذا إسرائيل إلى إطلاق ما يقرب من ٣٠ ألف ذخيرة على غزة فى الأسابيع السبعة الأولى من الحرب، وهو ما يزيد عن عددهم فى الأشهر الثمانية التالية مجتمعة. بالإضافة إلى ذلك، أزالت القيادة العسكرية حدًا على العدد التراكمى للمدنيين الذين يمكن لضرباتها أن تعرضهم للخطر كل يوم.
وفى مناسبات أخري، وافق كبار القادة على ضربات على قادة حماس كانوا يعرفون أن كل منها سيعرض أكثر من ١٠٠ شخص غير مقاتل للخطر، وهو ما يتجاوز عتبة غير عادية بالنسبة لأى جيش غربى معاصر.
ضرب الجيش بوتيرة جعلت من الصعب تأكيد أنه يضرب أهدافًا مشروعة. فقد أحرق جزءًا كبيرًا من قاعدة بيانات ما قبل الحرب للأهداف التى تم فحصها فى غضون أيام واعتمد نظامًا غير مثبت للعثور على أهداف جديدة يستخدم الذكاء الاصطناعى على نطاق واسع.
نموذج بدائى
فى كثير من الأحيان، اعتمد الجيش على نموذج إحصائى بدائى لتقييم خطر إلحاق الضرر بالمدنيين، وفى بعض الأحيان شن غارات على أهداف بعد عدة ساعات من تحديد موقعها، مما زاد من خطر الخطأ. واعتمد النموذج بشكل أساسى على تقديرات استخدام الهاتف المحمول فى حى أوسع، بدلًا من المراقبة المكثفة لمبنى محدد.
منذ اليوم الأول للحرب، قللت إسرائيل بشكل كبير من استخدامها لما يسمى بـ"طرقات السقف"، أو الطلقات التحذيرية التى تمنح المدنيين الوقت للفرار من هجوم وشيك. وعندما كان بإمكانها استخدام ذخائر أصغر أو أكثر دقة لتحقيق نفس الهدف العسكري، تسببت أحيانًا فى أضرار أكبر بإسقاط "قنابل غبية"، بالإضافة إلى قنابل تزن ٢٠٠٠ رطل.
كانت الحملة الجوية فى أشد حالاتها خلال الشهرين الأولين من الحرب، عندما قُتل أكثر من ١٥ ألف فلسطينى أو ما يقرب من ثلث إجمالى عدد القتلى، وفقًا لوزارة الصحة فى غزة.
منذ نوفمبر ٢٠٢٣ فصاعدًا، وسط احتجاجات عالمية، بدأت إسرائيل فى الحفاظ على الذخيرة وتشديد بعض قواعد الاشتباك، لكن القواعد لا تزال أكثر تساهلًا مما كانت عليه قبل الحرب. منذ الأسابيع الأولى، قُتل أكثر من ٣٠ ألف فلسطيني، وما يزال العدد الإجمالى مستمرًا فى الارتفاع.
اعتراف صريح
وفى ملخص لنتائج تقرير صحيفة نيويورك تايمز، أقر الجيش الإسرائيلى بأن قواعد الاشتباك تغيرت بعد السابع من أكتوبر، لكنه زعم فى بيان مكون من ٧٠٠ كلمة أن قواته "تستخدم باستمرار وسائل وأساليب تلتزم بقواعد القانون". وأضاف البيان أن التغييرات أجريت فى سياق صراع "غير مسبوق ولا يمكن مقارنته بمسارح أخرى للأعمال العدائية فى جميع أنحاء العالم".
كان أقارب شلدان النجار، القائد الكبير فى مجموعة متحالفة مع حماس انضمت إلى هجمات السابع من أكتوبر، من بين الضحايا الأوائل للمعايير الإسرائيلية المتراخية. وعندما ضرب الجيش منزله فى حرب قبل تسع سنوات، اتخذ عدة احتياطات لتجنب إلحاق الضرر بالمدنيين ولم يقتل أحد، بما فى ذلك النجار.
عندما استهدفه فى العدوان الحالى، لم يقتله فقط بل قتل أيضًا ٢٠ فردًا من عائلته، بما فى ذلك طفل يبلغ من العمر شهرين، وفقًا لشقيقه سليمان. وتم العثور على يد ابنة أخته المقطوعة بين الأنقاض. يتذكر الأخ: "تناثر الدم على جدار الجار، وكأن بعض الأغنام قد ذبحت للتو".
تزعم إسرائيل، التى اتُهمت بالإبادة الجماعية فى قضية أمام محكمة العدل الدولية، أنها تمتثل للقانون الدولى من خلال اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتقليل الخسائر المدنية، وغالبًا من خلال إصدار أوامر بإخلاء مدن بأكملها قبل الضربات، وإسقاط المنشورات على الأحياء ونشر خرائط عبر الإنترنت حول العمليات الوشيكة.
وللامتثال للقانون الدولي، يتعين على الضباط المشرفين على الضربات الجوية أن يخلصوا إلى أن خطر وقوع إصابات بين المدنيين يتناسب مع القيمة العسكرية للهدف، وأن يتخذوا كل الاحتياطات الممكنة لحماية أرواح المدنيين. ولكن هذا لا يحدث فى الحرب على غزة.
معروض للخطر
بموجب البروتوكولات العسكرية الإسرائيلية، هناك أربع فئات من المخاطر التى قد يتعرض لها المدنيون: المستوى صفر، الذى يحظر على الجنود تعريض أى مدنيين للخطر؛ والمستوى الأول، الذى يسمح بوفاة ما يصل إلى خمسة مدنيين.. فى السابع من أكتوبر تم تحديد المستوى الثاني، الذى يسمح بما يصل إلى ١٠؛ والمستوى الثالث، الذى يسمح بما يصل إلى ٢٠. فجأة، أصبح بإمكان الضباط أن يقرروا إسقاط قنابل تزن طنًا واحدًا على مجموعة واسعة من البنية التحتية بما فى ذلك مخزونات الذخيرة الصغيرة ومصانع الصواريخ وكذلك على جميع مقاتلى حماس والجهاد الإسلامي. وشمل تعريف الهدف العسكرى أبراج المراقبة والصرافين المشتبه فى تعاملهم مع أموال حماس، بالإضافة إلى مداخل شبكة الأنفاق تحت الأرض للمجموعة، والتى غالبًا ما كانت مخفية فى المنازل.
كان التأثير سريعًا. وثقت منظمة Airwars، وهى منظمة مراقبة الصراعات ومقرها لندن، ١٣٦ ضربة أسفرت كل منها عن مقتل ١٥ شخصًا على الأقل فى أكتوبر ٢٠٢٣ وحده. وكان هذا ما يقرب من خمسة أضعاف العدد الذى وثقته المجموعة خلال أى فترة مماثلة فى أى مكان فى العالم منذ تأسيسها قبل عقد من الزمان.
وتزايد الخطر الذى يتهدد المدنيين بسبب الاستخدام الواسع النطاق من جانب الجيش الإسرائيلى للقنابل التى تزن ١٠٠٠ و٢٠٠٠ رطل، وكثير منها من صنع الولايات المتحدة، والتى تشكل ٩٠٪ من الذخائر التى أسقطتها إسرائيل فى الأسبوعين الأولين من الحرب. وبحلول شهر نوفمبر، قال ضابطان إن القوات الجوية أسقطت عددًا كبيرًا من القنابل التى تزن طنًا واحدًا إلى الحد الذى أدى إلى نفاد مجموعات التوجيه التى تحول الأسلحة غير الموجهة، أو "القنابل الغبية"، إلى ذخائر موجهة بدقة. وقال مسؤولان عسكريان إسرائيليان كبيران إن القوات الجوية استخدمت القنبلة التى يبلغ وزنها طن واحد لتدمير أبراج مكاتب بأكملها، بينما كان من الممكن قتل الهدف بذخيرة أصغر.
قبل نحو شهرين، قصفت إسرائيل مجمعًا طبيًا فى وسط غزة حيث كان الآلاف من النازحين الفلسطينيين يحتمون. ولقى العديد منهم مصرعهم حرقًا، بما فى ذلك شعبان الدلو، وهو طالب جامعى يبلغ من العمر ١٩ عامًا، تم تصويره وهو يتخبط بلا حول ولا قوة فى خيمته بينما التهمته النيران.
قال والد الدلو، وهو يتذكر مشاهدة ابنه يحترق حتى الموت: "كل ما أردته هو أن ينظر إليّ للمرة الأخيرة".