هل يشترط لسجود التلاوة أن يكون الساجد متوضئًا؟
تاريخ النشر: 21st, October 2023 GMT
سجود التلاوة عند مواضعه من القرآن الكريم سنة مؤكدة في حق القارئ والسامع؛ فيثاب فاعله ولا يؤاخذ تاركه، هكذا أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها مضمونة:" حكم سجود التلاوة بغير وضوء؟".
وأشارت إلى أنه يشترط له أن يكون الساجد على وضوء، وهناك توسعة في الذكر باللسان لمن لم يتمكن من السجود؛ بأن يقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.
شرع الله عزَّ وجلَّ سجود التلاوة إظهارًا لتمام العبودية له سبحانه؛ وذلك حال تلاوة المسلم أو استماعه لآية من الآيات الداعية في معناها إلى السجود لله تعالى، وهو في حق التالي للقرآن الكريم آكد منه في حق المستمع له.
هيئة سجود التلاوةوهيئته: أن يُكَبِّرَ التالي أو المستمع ويسجد عن قيام أو قعود من غير ركوع، ثم يُكَبِّر ويرفع بلا تَشَهُّد ولا تسليم.
دليل مشروعية سجود التلاوة
والأصلُ في مشروعيته قوله تعالى: ﴿ فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ۞ وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ﴾ [الانشقاق: 20-21]، وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا﴾ [الإسراء: 107]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ، اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي يَقُولُ: يَا وَيْلَهُ -وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كُرَيْبٍ: يَا وَيْلِي-؛ أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الْجَنَّةُ، وَأُمِرْتُ بِالسُّجُودِ فَأَبَيْتُ فَلِيَ النَّارُ» أخرجه مسلم في "صحيحه".
آيات سجود التلاوة
وآيات السجود في القرآن الكريم توقيفيةٌ؛ عُلِمَتْ مواضعها: إما بنص النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليها، أو بفعله صلى الله عليه وآله وسلم بالسجود عند قراءتها، واتبعه الصحابة رضوان الله عليهم على ذلك، ومنَّ الله على الأمة بأن مُيِّزَت مواضعها في المصحف الشريف بإضافة خطٍّ وعلامةٍ يَدُلَّان عليها.
طرق معرفة مواضع سجود التلاوة
- فأما معرفة مواضعها بنصّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليها: فعن عمرو بن العاص رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "أَقْرَأَهُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَجْدَةً فِي الْقُرْآنِ؛ مِنْهَا ثَلَاثٌ فِي الْمُفَصَّلِ، وَفِي الْحَجِّ سَجْدَتَيْنِ" أخرجه أبو داود وابن ماجه والدارقطني في "السنن"، والحاكم في "المستدرك" وقال: "هذا حديث رُوَاتُهُ مِصْرِيُّونَ قد احتج الشيخان بأكثرهم، وليس في عدد سجود القرآن أتم منه ولم يخرجاه".
- وأما معرفة مواضعها بفعله صلى الله عليه وآله وسلم: فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يَقْرَأُ عَلَيْنَا السُّورَةَ فِيهَا السَّجْدَةُ؛ فَيَسْجُدُ وَنَسْجُدُ" أخرجه البخاري في "صحيحه".
وإضافة السجود إلى التلاوة هي من قبيل إضافة المُسَبَّب (السجود) إلى السبب (التلاوة أو السماع)، واختُصَّ بالتلاوة دون السماع: للاتفاقِ على كون التلاوة سببًا لها، والاختلافِ في سببية السماع، ولأن التلاوة أصلٌ فيها، أما السماع فمترتب عليها.
قال العلامة بدر الدين العيني في "البناية" (2/ 654، ط. دار الكتب العلمية): [(باب سجود التلاوة).. والإضافة فيه من قبيل إضافة المسبب إلى السبب.. وأقوى وجوه الاختصاص: اختصاص المسبب بالسبب، فإن قلت: التلاوة سببٌ في حق التالي، والسماعُ سببٌ في حقِ السامعَ؛ فكان ينبغي أن يقول: (باب في سجود التلاوة والسماع)؟ قلت: لا خلاف في كون التلاوة سببًا، واختلفوا في سببية السماع.. أو يقول: إن التلاوة أصلٌ في الباب؛ لأنها إذا لم توجد لم يوجد السماع، فكان ذكرُها مشتمِلًا على السماع من وجه، فاكتُفِي به] اهـ.
حكم سجود التلاوة
وذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنَّ سجود التلاوة سنة مؤكدة في الصلاة وفي غيرها، وهو المروي عن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عمر، وعثمان بن عفان، وسلمان الفارسي، وزيد بن ثابت، وعمران بن حصين رضي الله عنهم، وأبي ثور، والأوزاعي، والليث رحمهم الله.
الأدلة على حكم سجود التلاوة
فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أنه قَرَأَ يَوْمَ الجُمُعَةِ عَلَى المِنْبَرِ بِسُورَةِ النَّحْلِ حَتَّى إِذَا جَاءَ السَّجْدَةَ نَزَلَ، فَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ، حَتَّى إِذَا كَانَتِ الجُمُعَةُ القَابِلَةُ قَرَأَ بِهَا، حَتَّى إِذَا جَاءَ السَّجْدَةَ، قَالَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّا نَمُرُّ بِالسُّجُودِ؛ فَمَنْ سَجَدَ فَقَدْ أَصَابَ، وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ" ولم يسجد عمر رضي الله عنه. وزاد نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما: "إِنَّ اللهَ لَمْ يَفْرِضِ السُّجُودَ إِلَّا أَنْ نَشَاءَ" أخرجه البخاري في "صحيحه".
وروى البخاري في "صحيحه": أنه قيل لِعِمْرَانَ بن حُصَيْنٍ رضي الله عنه: الرَّجُلُ يَسْمَعُ السَّجْدَةَ وَلَمْ يَجْلِسْ لَهَا؟ قَالَ: "أَرَأَيْتَ لَوْ قَعَدَ لَهَا"؛ كَأَنَّهُ لَا يُوجِبُهُ عَلَيْهِ. وَقَالَ سَلْمَانُ رضي الله عنه: "مَا لِهَذَا غَدَوْنَا". وَقَالَ عُثْمَانُ رضِي اللهُ عنه: "إِنَّمَا السَّجْدَةُ عَلَى مَنِ اسْتَمَعَهَا". وقال الزُّهْرِيُّ: "لَا يَسْجُدُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا.." -أي لو لم يكن طاهرًا فلا بأس بتركه السجود-، وَكَانَ السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ "لَا يَسْجُدُ لِسُجُودِ القَاصِّ"، والمراد بالقاصِ هنا: "الْقَارِئُ".
وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: "قَرَأْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ﴿وَالنَّجْمِ﴾، فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا" أخرجه البخاري -واللفظ له- ومسلم في "صحيحهما".
قال الإمام النووي في "شرح مسلم" (5/ 74، ط. دار إحياء التراث): [قوله: "إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَيَقْرَأُ سُورَةً فِيهَا سَجْدَةٌ، فَيَسْجُدُ وَنَسْجُدُ مَعَهُ، حَتَّى مَا يَجِدُ بَعْضُنَا مَوْضِعًا لِمَكَانِ جَبْهَتِهِ".. فيه إثباتُ سجودِ التِّلَاوَةِ، وقد أجمعَ العلماءُ عليهِ، وهو عندنا وعند الجمهورِ: سنةٌ ليس بواجبٍ، وعند أبي حنيفة رضي الله عنه: واجبٌ ليس بفرضٍ؛ على اصطلاحه في الفرقِ بَيْنَ الواجبِ والفرضِ، وهو سُنَّةٌ للقارِئِ والمستمعِ لَهُ] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة في "المغني" (1/ 446، ط. مكتبة القاهرة): [(ومن سجد فحسن، ومن ترك فلا شيء عليه) وجملة ذلك: أنَّ سجود التلاوة سنةٌ مؤكدة، وليس بواجب عند إمامنا، ومالك، والأوزاعي، والليث، والشافعي، وهو مذهب عمر، وابنه عبد الله.. ويُسَنُّ السجود للتالي والمستمع، لا نعلم في هذا خلافًا، وقد دلت عليه الأحاديث التي رويناها] اهـ.
وهيئة السجود هي أقرب ما يكون العبد فيها إلى ربه؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ إِلَى اللهِ وَهُوَ سَاجِدٌ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه"؛ فكان القول باشتراط الطهارة فيه أَوْلَى وأَلْيَقَ بتعظيم الله تعالى وتقديسه، بألَّا يُقْبِل عليه عبده إلا وهو طاهرٌ من كل حدث، خاصة أن سجود التلاوة ليس فرضًا؛ فجاز تركه بلا إثم إن لم يكن على طهارة، مراعاةً للتأدب في حضرة الله المولى تعالى.
ما يفعله من لم يستطع السجود
وفي الذكر سعةٌ لمن لم يسجد لعذرٍ ولو كان متطهرًا؛ كأن يقول: سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.
قال العلامة القليوبي في "حاشيته شرح المحلي على المنهاج" (1/ 235، ط. دار الفكر): [يقوم مقام السجود للتلاوة أو الشكر ما يقوم مقام التحية لمن لم يُرد فعلها ولو متطهرًا؛ وهو: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر] اهـ.
وقال العلامة سليمان الجمل في "حاشيته على شرح المنهج" (1/ 467، ط. دار الفكر): [فإن لم يتمكن من التطهير أو من فعلها لِشُغْلٍ قال أربع مرات سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم قياسًا على ما قاله بعضهم من سن ذلك لمن لم يتمكن من تحية المسجد لحدث أو شغل وينبغي أن يقال مثل ذلك في سجدة الشكر أيضًا] اهـ
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: حكم سجود التلاوة سجود التلاوة رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم ولا إله إلا الله سجود التلاوة رضی الله عنه والحمد لله سبحان الله ی الله عنه لمن لم ی ى الله ع ن الله
إقرأ أيضاً:
ترامب: سنمتلك غزة حسب خطتي ولن يكون هناك حماس
21 فبراير، 2025
بغداد/المسلة: وصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب خطته بشأن قطاع غزة بـ”الجيدة”، مشددا على أنه لن يفرضها وسيكتفي بالتوصية بها.
وخلال مقابلة مع شبكة فوكس قال ترامب إن الولايات المتحدة ستمتلك غزة حسب خطته، وستبدأ في تطويرها “دون أن يكون هناك وجود لحماس” في غزة.
وأضاف ترامب أنه فوجئ بعدم ترحيب مصر والأردن بالخطة التي طرحها بشأن غزة على الرغم من أن واشنطن تقدم لهما مليارات الدولارات سنويا.
واعتبر الرئيس الأميركي أن غزة حاليا غير صالحة للعيش، وأنه إذا مُنح سكانها الخيار فسيخرجون منها، مشيرا إلى أن القطاع يتمتع بموقع رائع، متسائلا “كيف تخلت عنه إسرائيل؟”.
وفي سياق آخر، قال ترامب إن عددا من المحتجزين الذين أطلق سراحهم من غزة كانوا بحالة سيئة للغاية وكأنهم خرجوا من معسكر اعتقال سابق في ألمانيا، حسب قوله.
واستنكر الرئيس الأميركي مشاهد الإفراج عن جثث الأسرى الإسرائيليين من غزة، وقال إن “هذه المشاهد لا تصدق ووحشية للغاية، ولا يمكن تخيل حدوث ذلك في العصر الحديث”.
وفي الأثناء، أعلن البيت الأبيض أن فريقا من الإدارة الأميركية يعمل مع الإسرائيليين ويتفاوض بشكل نشط لوقف الحرب في غزة.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت إن “الرئيس سيفي بوعده باستعادة السلام والاستقرار في الشرق الأوسط كما فعل في ولايته الأولى”.
وقال مستشار الأمن القومي الأميركي مايكل والتز إن الرئيس سينهي الحروب في الشرق الأوسط، مضيفا أن وقف إطلاق النار هو فقط بفضل انتخاب ترامب، على حد قوله.
وأكد والتز أن واشنطن ستواصل العمل للإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين، وشدد على أنه لا يمكن السماح لحماس بأن تحكم غزة.
وانتقد والتز نهج إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن في التعامل مع الحرب بغزة، مشيرا إلى أن نهج هذه الإدارة كان تقديم التنازلات وفرض المزيد من الضغط على إسرائيل أكثر مما فعلوا مع حماس.
وكانت هيئة البث الإسرائيلية قد نقلت عن مصادر في الإدارة الأميركية أنها تريد أن تحرز مفاوضات المرحلة الثانية تقدما خلال الشهر الجاري.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts