ليس فقط رفضًا للتفريط فى شبر واحد من الأرض المصرية، ولكن أيضًا لحماية القضية الفلسطينية من التحلل والاندثار، جاء رفض مصر الرسمى والشعبى الحاسم لتهجير فلسطينيى قطاع غزة القسرى لسيناء، فى رؤية متبصرة للتداعيات التى ستترتب على هذا التهجير، وأولها تفريغ الأراضى الفلسطينية من سكانها، بالتتابع، إذ سيتكرر السعى الضاغط على فلسطينيى الضفة الغربية لتهجيرهم قسريًا الى شرق الأردن، بافتعال أزمة مثيلة لأزمة غزة، ولن تعدم إسرائيل الحيل حتى بتجنيد من ينفذون مخططاتها التى ستجد بالضرورة دعمًا غربيًا جارفًا كمثل ما نراه فى التعاطى مع حرب عزة.

ليقع ما تبقى من أراضٍ فلسطينية فى حوزة إسرائيل ويتحقق حلمها الأثير بتمددها من النهر إلى البحر.

وجانب من التداعيات يتعلق بالأمن القومى المصرى، فالمستهدفون من التهجير، بحسب البيانات الإسرائيلية، هم منتسبو منظمة حماس ـ وجماعة الجهاد الاسلامية ـ اللذين سبق وأعلنا عن الهجوم الكاسح على إسرائيل فيما أسموه "طوفان الأقصى"، وهما معًا ـ حماس والجهاد ـ لهما سجل دام فى استهداف أمن وسلامة ووحدة مصر، فهل لنا أن نتصور الحال إذا استوطنوا سيناء، ليدخلونا فى دائرة النار التى التهمت كل الدول المحيطة بنا؟

ولم تقف مصر عند تخوم الرفض بل قدمت مخرجًا واقعيًا بديلًا فى كلمات قليلة موجزة طرحها الرئيس عبد الفتاح السيسى، فى مؤتمر صحفى مشترك مع المستشار الألمانى أولاف شولتز، بأن يتم نقل سكان شمال غزة، المزمع تهجيرهم، إلى صحراء النقب، فيبقى المهجرون فى وطنهم، وتبقى القضية الفلسطينية قائمة تتطلب الحل الجذرى الذى يقوم على حل الدولتين، الذى أجمع عليه المجتمع الدولى فى أغلبه، وأقرته قرارات الأمم المتحدة، والذى ينقذ المنطقة والعالم من مغبة التصعيد الذى لا يحده سقف ويحمل نذر الخراب لكل الأطراف.

والنقب ليست صحراء جرداء، بل هى منطقة تقع جنوب الأرض المحتلة، يقطنها ضمن سكانها بدو فلسطينيون فى نحو 38 قرية، وتبلغ مساحة النقب نحو 14 ألف كيلومتر مربع، وترتبط اجتماعيًا بقبائل الأردن وشبه الجزيرة العربية وسيناء، وأشهر مدنها وأكبرها "بئر سبع"، وتمتد صحراء النقب حتى مدينة إيلات.

ومن المفاجآت أن طرح صحراء النقب ضمن حلول تبادل الأراضى، لتفكيك التعنت الإسرائيلى، كان اقتراحًا مطروحًا منذ خمسينيات القرن الماضى، وجرى طرحه للمرة الأولى على الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر وقوبل حينها بالرفض، بحسب تصريحات الدكتور سعيد عكاشة الخبير فى الشئون الاسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، لجريدة "الشرق الأوسط"، والذى أضاف أن تبادل الأراضى جرى طرحه مجددًا عام 2000 على الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات مقابل التنازل عن 600 كيلومتر مربع من اراضى الضفة الغربية لتوسيع المستوطنات الإسرائيلية لكن عرفات رفض أيضًا.

لكن الملاحظ أن اقتراح الرئيس السيسى لا يقول بالتهجير إلى صحراء النقب بل مجرد النقل المؤقت لحين انتهاء اسرائيل من تأمين شمال غزة. يعود بعدها فلسطينيو غزة إلى ديارهم. وهم فى كل الأحوال لم يغادروا وطنهم.

بالعودة لطرح الدكتور سعيد عكاشة، نجده يؤكد أن هدف إسرائيل الدائم هو إزاحة العبء السكانى للفلسطينيين إلى دول الجوار من خلال تهجير سكان غزة إلى مصر، وسكان الضفة إلى الأردن، ونبه إلى أن الرؤية الأمنية الإسرائيلية تخشى إعادة نشر تجمعات فلسطينية جديدة على حدودها، فضلًا عن أن فكرة الحفاظ على سلامة السكان الفلسطينيين هى أخر ما يمكن أن تفكر به إسرائيل.

مازلنا مع تقرير صحيفة "الشرق الأوسط" الذى يرصد أنه فى مطلع عام 2010 نشر مستشار الأمن القومى الاسرائيلى السابق "جيورا إيلاند" دراسة أشار فيها إلى أن "مملكة الأردن الجديدة هى وطن الفلسطينيين وينبغى أن تتكون من ثلاثة أقاليم تضم الضفتين الغربية والشرقية وغزة الكبرى التى تأخذ جزءًا من مصر"!.

وتشير الصحيفة إلى ما ذكره أيضًا السيد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، ووزير خارجية مصر خلال الفترة من 2004 وحتى نهاية حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك عام 2011 فى مذكراته "شهادتى" وصدرت عام 2012، فيما يتعلق بواقعة طرح إسرائيل لمشروع تبادل الأراضى، الذى تضمن تخصيص مصر مساحات من الأراضى فى سيناء للفلسطينيين فى مقابل تسليم إسرائيل أراضى لمصر فى صحراء النقب.

وأشار حينها إلى أن تلك المقترحات سبق طرحها على الرئيس الأسبق أنور السادات وأعيد طرحها على الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وقد قوبلت المقترحات من كليهما بالرفض الشديد.

 إن رفض المساس بسيناء مبدأ مصرى أصيل وثابت فى العقل والقرار المصريين، أمس واليوم والى الأبد، ويأتى المقنرح المصرى بديلًا واقعيًا واختبارًا حقيقيا لنوايا كافة الأطراف فى تفكيك الأزمة المزمنة والمفخخة.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: القضية الفلسطينية مصر قطاع غزة الرئیس الأسبق صحراء النقب على الرئیس

إقرأ أيضاً:

برلماني: كلمة الرئيس السيسي عن تحرير سيناء تجسد الثبات الوطني ودعم القضية الفلسطينية

أشاد النائب أحمد الخشن، عضو لجنة القيم بمجلس النواب، بالكلمة التي ألقاها الرئيس عبد الفتاح السيسي بمناسبة الذكرى الثالثة والأربعين لتحرير سيناء، مؤكدًا أنها حملت العديد من الرسائل الهامة التي تعكس الثبات الوطني لمصر وشعبها، وتوضح الموقف الثابت من قضايا الوطن وأمنه القومي.

وقال الخشن، في تصريح صحفي له اليوم، إن كلمة الرئيس السيسي أكدت على الدور الكبير الذي تلعبه القوات المسلحة المصرية في الحفاظ على أمن الوطن واستقراره، مشيرًا إلى أن الجيش المصري قدّم تضحيات عظيمة في سبيل استعادة أرض سيناء الطاهرة، وأن تلك التضحيات تمثل رمزًا للصمود والإرادة القوية للمصريين في مواجهة جميع التحديات.

وأضاف عضو مجلس النواب، أن كلمة الرئيس السيسي جسّدت أيضًا التزام الدولة المصرية بحماية كل شبر من أرض الوطن، وتأكيده على أن سيناء ستظل جزءًا لا يتجزأ من مصر، كما أكد على أن الدفاع عن أرض سيناء ليس فقط واجبًا عسكريًا، بل هو مبدأ ثابت في عقيدة المصريين جميعًا.

وأشار احمد الخشن، إلى أن الرئيس السيسي ركز على أهمية أن تظل القضية الفلسطينية على رأس أولويات مصر، موضحًا أن مصر ترفض تمامًا محاولات تصفية القضية الفلسطينية، مؤكدًا على موقفها الثابت في دعم حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة.

وأكد عضو لجنة القيم بالبرلمان، أن القيادة السياسية تحت قيادة الرئيس السيسي تواصل بذل الجهود لتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة، مشددًا على أن مصر لن تتوانى عن دعم الحق الفلسطيني ولن تسمح بأي محاولات لتصفية هذا الحق.

وأثنى على الجهود المستمرة للدولة المصرية لإيجاد حل جذري للمحنة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني، كما أكد على موقف مصر الثابت في دعم حقوق الشعب الفلسطيني على جميع الأصعدة.

وأوضح نائب المنوفية، أن القيادة المصرية تدرك أهمية الحفاظ على الأمن القومي المصري، خصوصًا في سيناء، حيث أكد الرئيس السيسي أن الأرض الطاهرة التي تحررت بدماء الشهداء يجب أن تكون محور التنمية الشاملة في جميع المجالات، بما يسهم في تحقيق الأمان والاستقرار لجميع المصريين.

واختتم النائب احمد الخشن حديثه، بالتأكيد على أهمية العمل المشترك من جميع الأطراف السياسية والاقتصادية والاجتماعية من أجل الحفاظ على أمن الوطن وسلامة أراضيه، داعيًا المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات ملموسة من أجل الوقوف بجانب الشعب الفلسطيني في محنته، والعمل على إنهاء المعاناة التي يعيشها يوميًا.

طباعة شارك النواب مجلس النواب النائب أحمد الخشن السيسي النائب

مقالات مشابهة

  • برلماني: كلمة الرئيس السيسي عن تحرير سيناء تجسد الثبات الوطني ودعم القضية الفلسطينية
  • شيخ قبيلة سيناوية: نحن خلف الرئيس السيسي فى أى قرارات بشأن القضية الفلسطينية
  • مصر سد منيع ضد تصفية القضية الفلسطينية.. أبومازن يشيد بتصريحات الرئيس السيسى
  • الجبهة الوطنية: رؤية الرئيس في إعمار غزة تمنع تصفية القضية الفلسطينية
  • مصر أكتوبر: كلمة الرئيس السيسي تثبت أن مصر لا تنسى القضية الفلسطينية
  • الرئيس الفلسطيني: نثمن موقف مصر الرافض لتصفية القضية الفلسطينية
  • مصر أكتوبر: حديث الرئيس السيسي يثبت أننا لا ننسى القضية الفلسطينية
  • الرئيس المصري: مصر تقف سدا منيعا أمام محاولات تصفية القضية الفلسطينية
  • الرئيس السيسي: مصر تقف سدا منيعا أمام محاولات تصفية القضية الفلسطينية
  • الرئيس السيسي: مصر تقف كما عهدها التاريخ سدا منيعا أمام محاولات تصفية القضية الفلسطينية