بوابة الوفد:
2025-04-24@23:22:01 GMT

غزة حكايات بلون الدم.. ورائحة المسك

تاريخ النشر: 21st, October 2023 GMT

فى غزة أصبحت الرفاهية أن يُكفّن المرء وحده ولكن لم يتوفر لأهالى غزة حتى تلك الأمنية الأخيرة وهم يواجهون حرباً بربرية وإبادة جماعية وتطهيراً عرقياً على أيدى النازية الصهيونية.. وسط الأنقاض وعلى ضوء خافت داخل أحد المستشفيات نظراً لانعدام الوقود نجد أحد الأطباء يعالج ابنته بيده ويتنقل بين مشرحتين لدفن زوجته وابنه الطبيب عبدالرحمن عطاالله يتفاجأ بوالده بين الشهداء الذين وصلوا إلى قسم الطوارئ فى مستشفى الشفاء بمدينة غزة.

أما الدكتور إياد أبو كرش، طبيب العناية المركزة الذى يعمل عادةً فى مستشفى الشفاء شمال غزة، فلقد وجد نفسه يعالج مريضًا لم يتوقع رؤيته أبدًا: ابنته تمارا البالغة من العمر عامين. تم نقلها مع أخته وابنة أخته إلى مستشفى غزة الأوروبى فى مدينة خان يونس الجنوبية بعد أن ضربت غارة جوية إسرائيلية المنزل الذى كان يحتمى به هو وعائلته بعد إجلائهم من مدينة غزة فى الجزء الشمالى من الجيب. لقد ظنوا أنهم سيجدون الأمان هناك. لكن الضربة نفسها قتلت زوجته وابنه الأكبر، كما قال هو ورئيس المستشفى الدكتور يوسف العقاد.

وقبل شهرين رزقت عائلة فى غزة بأربعة توائم بعد انتظار 15 عاماً ولكن الاحتلال الإسرائيلى لم يُكمل فرحة هذه العائلة قصف المنزل على رؤوس ساكنيه فى غزة، فقتل التوائم الأربعة خالد وعبدالخالق ومحمود ومها البابا، ووالدتهم وفاء السويركى. فيما أقامت بعض الفتيات حفلة عيد ميلاك لمجموعة من الأطفال على أنقاض الدمار.. فى محاولة لتقديم بعض الدعم النفسي من ويلات الحرب. 

فى مشهد مبهج رغم الألم تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعى فيديوهات من غزة يظهر بها الناس وهم مجتمعون حول جثة أحد شهداء القصف الإسرائيلى على غزة.

يقول الحاضرون إنه ورغم بقاء الشهيد يومين تحت الأنقاض، إلا أنه وبعد إخراجه من تحت الأنقاض وجدوا أن جسده يفوح منه رائحة المسك والتى تملأ المكان.

كما علق أحدهم أن هذه من الأحداث والبشارات التى يخفف الله بها عن أهل غزة الذين يعانون منذ أيام من عدوان إسرائيلى غاشم يستهدف المدينة بأكملها دون أن يفرق بين صغير ولا كبير ولا رجل ولا امرأة ولا منزل ولا جامع أو مستشفى.

وشهد صحفيون فى قطاع غزة المحاصر أن جثامين الشهداء تفوح منها رائحة مسك قوية.وقال صحفى إن أحد الشهداء منذ يومين وهو تحت الأنقاض غير أن رائحة المسك تفوح منه بقوة.

أكدت عائلة الشهيد عبدالله الصانع أنها فوجئت برائحة المسك تفوح من الغرفة التى وضع فيها ما تبقى من جثمانه الطاهر بعد العثور عليه تحت أنقاض مقر الأمن والحماية غرب مدينة غزة الذى قصفته طائرات الاحتلال، حيث استمر البحث عنه لمدة يومين متواصلين وعثر على قطعة صغيرة من رأسه وشعر لحيته، تبين فيما بعد أنها ما تبقى من جسده.

توافد العشرات وفور سماع الخبر، ممن عرفوا الشهيد فى حياته، للمنزل ليشتموا تلك الرائحة الذكية التى انبعثت من تلك القطعة من الكرتون التى وضع عليها ما تبقى من جسد الشهيد يوم العثور عليه.

والشهيد الصانع «أبوحمزة» هو أحد القيادات الميدانية فى كتائب القسام فى المخيم الجديد بمعسكر النصيرات، وسط قطاع غزة، وقائد وحدة القنص القسامية فى منطقته، كما عمل الشهيد مرافقاً للدكتور محمود الزهار القيادى فى حركة حماس حتى آخر لحظات حياته.

«آسف، كانت الحصة الأخيرة».. هكذا نعى مدرس فلسطينى من غزة طالبته الطفلة حبيبة، والتى استشهدت بغارات الاحتلال على منزل عائلتها.

 أما هبة أبو عندى فقبل يوم واحد فقط من ارتقائها شهيدة، قامت هبة برثاء صديقتها مريم، التى راحت أيضاً ضحية قصف قوات الاحتلال، فنشرت هبة عبر صفتحها الخاصة فيسبوك: ارتاحت مريم من التعب ارتاحت للأبد، آسفة يا مريم على كل مرة اختلفنا بالرأى أنا وأنت آسفة كتير.

وكتبت مودعة الحياة قبل استشهادها بساعات قليلة «نحن فى غزة عند الله بين شهيد وشاهد على التحرير وكلنا ننتظر أين سنكون..كلنا ننتظر اللهم وعدك الحق».

كان إبراهيم الأغا وزوجته حميدة يستمتعان بإجازة طويلة فى غزة عندما بدأت الغارات الجوية الإسرائيلية على القطاع.

وأراد الزوجان، وهما مواطنان أيرلنديان، زيارة غزّة كى يلتقى أبناؤهما الثلاثة، الذين ولدوا فى دبلن، بأقاربهم الفلسطينيين من أجل تعلم لغتهم وثقافتهم. ولكن الأسرة عانت تحت وقع الضربات والانفجارات، بدلاً من التجمعات العائلية الهنيئة التى كانت تتوقعها. وقال الأغا «كان قصفاً متواصلاً. قُصف المنزل وصار يهتز». فقرر الأغا استضافة عدد هائل من النازحين من جحيم الحرب وقام هو وزوجته على خدمة الجميع. 

 

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: غزة الأمنية الأخيرة الضربة غزة الأوروبى فى غزة

إقرأ أيضاً:

حكايات المكبِّرين الأوائل.. الجامع الكبير ساحة المعركة الأولى (الحلقة الثانية)

يمانيون../
في قلب صنعاء القديمة، حَيثُ يتشابك عَبَقُ التاريخ مع نبض الحاضر، يقف الجامعُ الكبير شاهدًا على أحداث جِسام؛ ففي بدايات العَقدِ الأول من الألفية الثالثة، وبينما كانت رياحُ الغزو الأمريكي تهبُّ على المنطقة، كان هذا الصرحُ الروحاني العريق مسرحًا لانطلاق صرخة إيمانية مدوية، لم تكن مُجَـرّدَ كلمات عابرة، بل كانت شرارةً لمعركة طويلة الأمد.
https://www.masirahtv.net/static/uploads/files/01.mp4
جعفر المرهبي، مجاهدٌ من أبناء صعدة، وجد نفسَه منجذبًا إلى صوتِ الحق الذي كان يصدحُ به الشهيدُ القائدُ السيد حسين بدر الدين الحوثي “رضوانُ الله عليه” في تلك المرحلة التي كانت اليمنُ ترزحُ تحتَ نفوذ السفارة الأمريكية، وقراراتُها السيادية تتشكَّلُ في دهاليزها، لكن في المقابل، كانت هناك قلوبٌ شابَّةٌ مؤمنة، ترى في التحَرّك الأمريكي تهديدًا واضحًا، وتستشعرُ نداءَ الواجب الديني والوطني لمواجهة هذا الخطر.
https://www.masirahtv.net/static/uploads/files/02.mp4
في السابِعِ والعشرينَ من مارس عام 2003م، وبعد أَيَّـام قليلة من الغزو الأمريكي للعراق، قرّر المرهبي ورفاقُه التوجُّـهَ إلى الجامع الكبير، حَيثُ لم تكن لديهم قوةٌ مادية أَو دعمٌ لوجستي، بل كان دافعُهم إيمانًا خالصًا بالله، وشعورًا بالمسؤولية تجاه دينِهم ووطنهم.

ويروي المرهبي بصوتِه الهادئ: “كان الكل يلومك، الكل ينتقدك، الكل يحتج، حتى من داخل أسرتك.. لكن شعورنا بعظمة المسؤولية، وواجبنا أمام الله بأن يكون لنا موقف، وهو أن نتحَرّك”.
https://www.masirahtv.net/static/uploads/files/03.mp4

وصل المرهبي ورفاقُه إلى الجامعِ الكبير متوكِّلين على الله، وعزموا على إطلاق صرختهم، مهما كانت العواقب، ويتذكَّرُ المرهبي تلك اللحظاتِ قائلًا: “أثناءَ الخطبة، وأنت تلاحظُ كُـلَّ العساكر يمرون من حولك في كُـلّ مكان، وفي أياديهم عصي (هراوات)، كنا نستغرب، كيف هذا؟ ونحن في بيت من بيوت الله”، حتى أثناءَ صلاة الجمعة، كانت أعين السلطة تراقبهم، والمخبرون يتجولون بين صفوف المصلين، يتربصون بمن يرفعُ صوتَه بالصرخة.
https://www.masirahtv.net/static/uploads/files/04.mp4

في الجمعة، التي سبقتهم، اعتُقل ثمانيةُ مكبِّرين؛ بسَببِ الصرخة، وفي الجمعة، التي وصلوا فيها، كان المرهبي واثنانِ من رفاقه على موعدٍ اختاروه بعناية، فكانت توجيهات السيد حسين واضحة: “إذا بدأنا الصرخة في أي جامع، لا تتوقف، وَإذَا تعرضنا للضرب لا نقاوم العسكر”، بل ذهب الشهيد القائد السيد حسين -رضوان الله عليه- أبعدَ من ذلك، حَيثُ قال للسلطة حينها: “اتركوا الشبابَ يصرخون وبعد الانتهاء من الصرخة افتحوا لهم أبوابَ السجن وسيتوجّـهون بأنفسِهم إليكم لتحبسوهم”.
https://www.masirahtv.net/static/uploads/files/05.mp4

وعندما انطلقت الصرخة الأولى في أرجاء الجامع، شعر المرهبي ورفاقُه بسكينة عجيبة تغمر قلوبهم، ويقول المرهبي عن هذا الشعور: “أول ما تُردِّدُ الشعار، تشعُرُ بشيء يربطُ على قلبك، وتشعر بسكينة وطمأنينة، ويذهب عنك كُـلُّ ذلك الخوف والقلق، والإرباك، يذوبُ ويتلاشى”.
https://www.masirahtv.net/static/uploads/files/06.mp4

لم تكن ردةُ فعل السلطة بطيئةً، الضربُ والاعتقالات أصبحت سمةً ملازمة لمن يرفع هذا الشعار، لكن المرهبي يرى في هذا القمع دليلًا على قوةِ تأثير صرختهم: “لولا أن مشروعَنا مؤثر عليهم، لما ضربونا واعتقلونا وأخذونا إلى السجون، هذه الصرخة مؤثِّرةٌ ومرعبة للأمريكي”.

شاهد عيان:

شهاداتٌ من داخل الجامع الكبير ترسُمُ صورةً حيةً لتلك الأيّام، أحد المصلين يتذكر: “أول ما يسمعون كلمةَ “الله أكبر، الموت لأمريكا” يتحَرّك الكل لضربِ الشخص الذي يصدر صوت الشعار؛ مِن أجلِ ألَّا يُكمِّلَ إطلاق عبارات الصرخة”، حتى أن بعض المصلين كانوا يشاركون الأمن في قمع هؤلاء الشباب، دون أن يدركوا أبعادَ ما يحدث.

شاهد عيان آخر يروي بحسرة عن تدنِّي الوعي الشعبي في ذلك الوقت، وكيف كان المواطنون شركاءَ في ظلم المكبِّرين دون قصد، ويتذكَّر كيف كان الأمنيون ينتظرون بعد صلاة الجمعة، لاعتقالهم، وكيف كان المكبِّرون في بعض الأحيان يرفعون أصواتَهم قبل الصلاة.

في إحدى الجمع، سمع شاهد العيان صوتَ رصاص داخل الجامع، وشاهد الدماء تسيل، والعساكر يخرجون شابًّا مكبِّرًا، بل وصل الأمر بالعساكر إلى اختلاق الأكاذيب لتبرير قمعهم، حَيثُ كانوا يقولون: إن المكبِّرين لصوص يريدون سرقةَ أحذية المصلين.
https://www.masirahtv.net/static/uploads/files/%D8%B4%D8%A7%D9%87%D8%AF%20%D8%B9%D9%8A%D8%A7%D9%86.mp4

لكن رغم كُـلّ هذا القمع، والتشويه، كان عددُ المكبِّرين يتزايدُ مع مرور الأسابيع، وبدأ الإعلام المعارِضُ ينقل الصورةَ الحقيقية لما يحدث، بل وصل إلى نقلِ قلقِ الإدارة الأمريكية وحرص سفارتها في صنعاء على الحصول على مِلفَّات هؤلاء الشباب.

وفي تلك الساحة المقدَّسة، الجامع الكبير، انطلقت صرخةُ الحق الأولى، صرخةٌ هزَّت أركانَ الظلم، وكانت بذرةً لمسيرةٍ طويلة من الصمود والتضحية، مسيرةٍ بدأت بإيمانٍ خالصٍ وشجاعةٍ نادرة في وجه قوىً طاغيةٍ.

منصور البكالي | المسيرة

مقالات مشابهة

  • حكايات المكبرين للأوائل.. الجامع الكبير ساحة المعركة الأولى (الحلقة الثالثة)
  • غزة.. خروج مستشفى أطفال عن الخدمة جراء القصف
  • مصادر طبية بغزة تؤكد خروج مستشفى الشهيد محمد الدرة للأطفال عن الخدمة
  • إنقاذ حياة مقيم يمني بعد إزالة ورم بالقنوات المرارية في مستشفى الملك عبدالعزيز بمكة
  • «ماسكد وندرلاند» تروي حكايات الطبيعة في «الشارقة القرائي للطفل»
  • أول تعليق من حماس على استهداف مستشفى الشهيد محمد الدرة للأطفال
  • صحة غزة تعلن خروج مستشفى الشهيد محمد الدرة للأطفال عن الخدمة
  • حكايات المكبِّرين الأوائل.. الجامع الكبير ساحة المعركة الأولى (الحلقة الثانية)
  • تخلصك من الوزن الزائد ورائحة الفم الكريهة.. اكتشف العشبة المذهلة
  • تنذكر وما تنعاد.. حكايات مصوري حرب أهلية لا يتمنى اللبنانيون عودتها