فى عمر الأوطان هناك لحظات تاريخية تظل محفورة فى سجلات التاريخ، تكون فاصلة وحاسمة لتفرق بين الحق والباطل، وبين المعدن الحقيقى للرجال وبين ما دون ذلك، فإذا جاءت هذه اللحظة فإما أن يكون ما يجرى فى عروقك دماء أو ماء وبناء عليه ستكون وجهتك.
ظهر الأربعاء الماضى أعلن مجلس الشيوخ المصرى عن جلسة طارئة فى السادسة مساء نفس اليوم لبحث تداعيات الأحداث الجارية فى فلسطين الشقيقة، إعلان الشيوخ كان لى بمثابة تكليف وطنى، واستدعاء من أجل الوطن، وكنت وقتها فى دائرتى بمحافظة الدقهلية، أتابع طلبات المواطنين مع عدد من المسئولين والعمل على حلها، على عجلة من أمرى توجهت بعد لحظات إلى القاهرة طوى السائق الطريق فى زمن قليل جداً، دقات قلبى فى تسارع شديد لا شىء يدور فى داخلى وأمام عينى، إلا أن نداء الوطن قد حان، وأن الرجال مواقف، وأن هناك وطناً يجرى فى عروقى كمجرى الدم، وأن هناك زعيماً وطنياً صلباً واقفاً وصامداً كالجبال هو الرئيس عبدالفتاح السيسى، تساءلت: أين نحن من هذا الرجل الشجاع؟، وكانت الإجابة فى آخر هذا المقال.
بدأت الجلسة كما كان مقرراً لها ولا موضع لقدم، وكأن عدوى ما دار فى خلدى كانت تراود زملائى أعضاء الشيوخ أيضاً فالجميع يعلم أن هناك أمراً جللاً، تلاحظ ذلك من نظرات العيون الحادة.
دق جرس دولة رئيس مجلس الشيوخ، القيمة والقامة المستشار الجليل عبدالوهاب عبدالرازق معلناً عن بدء الجلسة، وألقى كلمة تاريخية جسدت الإرادة الشعبية وعبرت عن وجدان ولسان حال الشعب المصرى العظيم.
كلمة دولة رئيس المجلس، هذا الرجل دمث الخلق الحكيم الواقف على أرض صلبة، كانت كأنها على منصة محكمة معصوب العينين كرمز العدالة لا يرى أمامه إلا مصلحة الوطن، وهى فوق كل اعتبار، كذلك كانت جامعة مانعة، حوت رسائل هامة للداخل والخارج، أعلنت عن الاصطفاف الوطنى خلف القيادة السياسية، كلمة رجت جدران المجلس، قالها عبدالرازق ببسالة وفؤادة ينطق بها قبل لسانه كأنه جندى فى أرض الميدان، ولأن الظرف الراهن لا يحتاج المواربة ولا المخادعة، إنما الوضوح والمكاشفة، فقد أعلن رئيس الشيوخ عن كلمته الفاصلة وكلمة جميع أعضاء المجلس بتفويض رئيس الجمهورية فى اتخاذ القرارات والإجراءات والتدابير اللازمة لحماية الأمن القومى المصرى.
حانت كلمتى وقفت فى قاعة المجلس فى هذا الموقف التاريخى وبيدى كلمتى معدة ومكتوبة، ووجهت كلامى لرئيس الجلسة بأننى لن ألقى كلمتى المكتوبة بعدما سمعت منكم رسالتكم الموقرة فلا حاجة إليها، لأن من نطقتم به وافٍ ولن أزيد على أستاذى الفقيه القانونى الكبير.. ولكن بداخلى شىء لم يفارقنى منذ السابع من أكتوبر منذ بدء العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، وكلما حل على تفكيرى، ماذا سيفعل الرئيس، أجدنى أكرر رسالتى لك يا سيدى الرئيس، بأننا لن نقول لك مثلما قال اليهود لموسى عليه السلام (اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون)، ولكن يا سيادة الرئيس اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم مقاتلون.
وللحديث بقية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الأوطان جلسة طارئة
إقرأ أيضاً:
اللايقين سيّد الساحة قبل جلسة الانتخاب الموعودة
كتب ابراهيم بيرم في "النهار": أقل من خمسة أيام تفصل عن موعد جلسة انتخاب رئيس للجمهورية التي يتعامل الجميع معها على أنها حدث سياسي مفصليّ؛ ومع ذلك، فإن "اللايقين" من نجاح مجلس النواب بتركيبته المشتتة في إنضاج تسوية توافقية على اسم الشخصية، التي ستنتقل إلى قصر بعبدا الشاغر منذ أكثر من عامين، ما زال سيد الموقف والمشهد. وفيما يحرص رئيس مجلس النواب نبيه بري على التأكيد يومياً أنه مصمّم على عقد الجلسة في موعدها، مهما كانت العراقيل، وأنها لن تنتهي إلا بانتخاب رئيس جديد، فإن الشكوك ما زالت سيّدة الموقف عند كثيرين في ظل الوقائع الآتية:-التصعيد الكلامي عالي النبرة من جانب الفريقين الأساسيين في البلاد. - انعدام فرص التوافق والتقاطع على رئيس توافقي قبل أقلّ من أسبوع على موعد جلسة الانتخاب. - إصرار الأطراف السياسيين على عدم كشف أوراقهم الحقيقية، ومضيّهم قدماً في المناورة وانتظار الإيحاءات الخارجية. يقول عضو كتلة "اللقاء الديموقراطي" بلال عبد الله لـ "النهار": "قبل أقل من أسبوع على موعد جلسة الانتخاب، ما زلنا نرى أن ثمّة ضبابية مكثّفة تكتنف مصير الجلسة وما يمكن أن تتمخّض عنه، وهو ما يمنعنا من المضي قدماً في الرهان على انتخاب رئيس جديد في تلك الجلسة الموعودة، التي يصرّ كثر على اعتبارها حاسمة". ويرى النائب عبدالله: "إن هناك وقائع عدة تعزز مناخات الشكّ والريبة، منها: - إن كل فريق يحرص على "النوم على أرنبه" ويمضي في سياسة الأوراق المخفية؛ وهذا دليل على انعدام الثقة. - وإلى الآن، ليس بمستطاع أيّ فريق الجزم بأن هناك، ورغم الحراك السياسي الأخير، اتفاقاً أو تسوية توافقية قد نضجت، من شأنها أن تُسهّل انتخاب الرئيس العتيد. - ما زلنا نجد أن الفريقين الأساسيين يمضيان بعيداً في خطابهما التصعيدي ضد الآخر، ولايترك للصلح والتفاهم مطرحاً". وأضاف: "ثمة تعقيد أكبر يتأتى من أن المكونات الداخلية ما برحت تصرّ على المضيّ في نهجها التقليدي ورؤيتها النمطية المعروفة، من غير أن تقرّ بحدوث تحوّلات عميقة وخطيرة في الإقليم، ومن ضمنه بطبيعة الحال لبنان؛ وذلك بعد اتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب، وفي أعقاب الحدث الزلزالي المتمثل بسقوط نظام بشار الأسد في سوريا، مما يعني أنها ما تزال تعيش حال إنكار ومكابرة وتتجاهل الوقائع والمعطيات الجديدة والعنيدة". ويقول عبدالله رداً على سؤال: "إن شعارات التحدّي، التي دأب البعض على إطلاقها، وأسلوب المكابرة الذي يستمرّ البعض الآخر في اتّباعه، لا يؤديان إلى إخراج البلاد من أزماتها العميقة. والمشكلة الكبرى، التي نواجهها، أن موازين القوى في داخل مجلس النواب ما زالت هي هي، وكما نعرفها، فيما التحوّلات التي فرضت نفسها في المنطقة كبيرة جداً، وفيما التحدّيات الداخلية الكبرى تكبر يوماً بعد يوم". وخلص عبدالله إلى "أن المطلوب -برأينا- رئيس توافقي يحظى بثقة نيابية كبرى، لأن مهمات وتحديات كبرى تنتظرنا، بعد انتخاب الرئيس، مثل استيلاد حكومة على نحو عاجل، لتؤمّن انفتاح لبنان على محيطه العربي، ولتضمن إجراء إصلاحات مالية واقتصادية، ولتعيد إعمار ما هدّمته الحرب، ولتستكمل إنفاذ القرارات الدولية المتعلقة بالجنوب؛ وكلّها قضايا مصيرية، من شأنها أن تحدّد مستقبل الوضع في لبنان، وأن تساهم في إخراجه من حالته الصعبة".