إنني معجب جدا، مثلي مثل كل العمانيين، بمواقف بلادي المشرفة تجاه القضية الفلسطينية منذ سنوات طويلة جدا، سواء بالأفعال أو حتى بالأقوال حينما يتحول القول إلى موقف سياسي يمثل الدولة ويوجه مساراتها. وإضافة إلى المواقف الرسمية فإن الموقف الشعبي متماهٍ مع عدالة القضية الفلسطينية ومترسخ في وجدانها، ولا مجال في الموقفين للمساومة على حقوق الشعب الفلسطيني المتمثلة في إقامة دولته المستقلة وحق العودة للاجئين وفق ما تنص عليه القوانين الدولية.

ومواقف حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه- تجاه القضية الفلسطينية وتداعياتها الأخيرة في غزة مستمدة من مواقف عُمان التاريخية على المستويين الرسمي والشعبي، إضافة إلى أنها مستمدة من قراءة دقيقة لمسار الأحداث في المنطقة وكذلك للمآلات التي يريدها الغرب للقضية الفلسطينية.

لقد أتاحت لي مهنة الصحافة أن أذهب مرة للأراضي الفلسطينية وأرى على الأرض المعاناة اليومية التي يعيشها الشعب الفلسطيني من أجل التمسك بأرضه وبكرامته التي هي، أيضا، كرامة العرب جميعا.. لكني رأيت -في سياق الحديث عن مواقف سلطنة عمان- الكثير من المشروعات الحيوية التي أقامتها سلطنة عمان بهدف مساعدة الفلسطينيين على الثبات على أرضهم والتمسك بها، مثل المدارس والمستشفيات والمساكن والمساجد والتبرعات المستمرة عبر مكتب هيئة الأعمال الخيرية في فلسطين، إضافة إلى المنح الدراسية التي كانت تتم عبر تبرع شخصي من السلطان الراحل قابوس بن سعيد - طيب الله ثراه- لتدريس أعداد من أبناء المخيمات الفلسطينية في لبنان، وكل ذلك بعيدا كل البعد عن الإعلام وأحداثه اليومية. وسمعت الرئيس الفلسطيني محمود عباس يقول لي ولزملائي من الصحفيين عندما استقبلنا في مكتبه برام الله: «لا أعرف لماذا لا تريد السلطنة الحبيبة أن نعلن عن مشاريعها في الأراضي الفلسطينية.. لكن هذا رأيهم ونحن نحترم أنهم يريدون البعد عن ضجيج الإعلام»، وكان تسويغ سلطنة عمان لهذا الأمر في الكثير من المرات، أن ما تقوم به عُمان للفلسطينيين حق وواجب من أخ لأخيه وليس منّة نتباهى بها أمام الناس. وقبل سنوات تبرع السلطان الراحل -طيب الله ثراه- وبعيدا عن الإعلام أيضا، بشراء أرض مجاورة لمستشفى المقاصد على تخوم القدس وفي موقع حساس جدا، رغم أن اللوبي الصهيوني بذل جهدا كبيرا من أجل شرائها من أصحابها حتى لا تضاف إلى مساحة المستشفى المركزي هناك.

ومع بدء الحرب الهمجية الصهيونية على قطاع غزة في أعقاب هجوم حماس على الأراضي «المحتلة» توالت المواقف السياسية الواضحة لسلطنة عُمان تجاه الحرب والأعمال الإسرائيلية التي وصفتها سلطنة عمان بأنها «جرائم حرب». وفي اجتماع مجلس الوزراء الأسبوع قبل الماضي أكد جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -أيده الله- تضامن سلطنة عمان مع الشعب الفلسطيني الشقيق ودعم كافة الجهود الداعية لوقف التصعيد والهجمات على الأطفال والمدنيين الأبرياء، ودعا المجتمع الدولي للاضطلاع بمسؤولياته لحماية المدنيين وضمان احتياجاتهم الإنسانية.

ودعت سلطنة عمان لاجتماع طارئ لوزراء خارجية دول التعاون الخليجي عقد مساء الثلاثاء الماضي في مسقط. وتأكيدا لاهتمام جلالة السلطان بالحدث إنسانيا وسياسيا فقد استبق عقد الاجتماع الطارئ بلقاء وزراء الخارجية ليؤكد لهم ضرورة العمل وتكثيف الجهود الإقليمية والدولية لوقف التصعيد والعنف وتوفير الحماية للمدنيين. ويضاف هذا الاجتماع الطارئ إلى مواقف سلطنة عمان تجاه القضية الفلسطينية بشكل عام وتطوراته الحالية بشكل خاص.

ورغم تباين بعض المواقف الخليجية تجاه التطورات الجديدة في قطاع غزة والهجوم المفاجئ الذي شنته حركة حماس على إسرائيل يوم السابع من أكتوبر الجاري إلا أن روح الموقف العماني كانت واضحة على البيان الختامي للاجتماع الطارئ لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الذي طالب بالوقف الفوري لإطلاق النار والعمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة وإنهاء الحصار الإسرائيلي غير القانوني وضمان توفير المساعدات الإنسانية والإغاثة والاحتياجات الأساسية. وأكد البيان الختامي على «دعم ثبات الشعب الفلسطيني على أرضه والتحذير من أي محاولات للتهجير» وهذه نقطة مهمة جدا في سياق تطورات الأحداث الجديدة للقضية الفلسطينية.. فإسرائيل وبموافقة غربية تحولت من طور التخطيط إلى طور العمل الميداني من أجل تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء، وهذا مخطط معروف من سنوات طويلة لكن إسرائيل لم تنجح في تنفيذه ميدانيا حتى الآن.

وأعلنت دول المجلس خلال الاجتماع عن دعم فوري مقداره 100 مليون دولار أمريكي على هيئة مساعدات إنسانية وإغاثية.

وفي سياق رصد الموقف العماني تجاه الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، كان صوت سلطنة عمان واضحا أمام مجلس الأمن الدولي في الكلمة التي تلاها بالنيابة عن دول مجلس التعاون الخليجي الدكتور محمد بن عوض الحسان المندوب الدائم لسلطنة عمان لدى الأمم المتحدة، وكشف الكثير من الحقائق التي تخص القضية الفلسطينية وتعامل الغرب المزدوج معها، الأمر الذي جعل بعض القنوات المتخصصة بنقل جلسات الأمم المتحدة ومجلس الأمن إلى قطع البث المباشر.

وفي اجتماع وزراء الإعلام لدول مجلس التعاون الخليجي الذي ترأسته سلطنة عمان الأسبوع الماضي أكد معالي الدكتور عبدالله بن ناصر الحراصي وزير الإعلام على الدور المحوري لوسائل الإعلام في الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني الشقيق وبيان ما يتعرض له من انتهاكات أدت إلى أزمة إنسانية كبيرة.. وهذا الموقف السياسي/ الإعلامي يمكن رصده في تغطية وسائل الإعلام العمانية الدائم للقضية الفلسطينية الذي يتسم بالتمسك الدائم بعدالة القضية الفلسطينية وثوابتها الأساسية المتمثلة في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وحق العودة وجميع الثوابت التي يتمسك بها الفلسطينيون أصحاب الأرض والقضية.

هذه بعض تجليات المواقف العمانية الرسمية والشعبية الثابتة تجاه القضية الفلسطينية والتي يؤمن بها العمانيون إيمانا تاما ويعتبرون هذه القضية قضية عربية كل مسار فيها هو مسار عربي وكل تقدم فيها تقدم عربي وأي نكبة جديدة تصيبها ستكون نكبة عربية تضاف إلى مسار النكبات العربية السابقة.

عاصم الشيدي رئيس تحرير جريدة «عمان»

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: تجاه القضیة الفلسطینیة الشعب الفلسطینی سلطنة عمان قطاع غزة سلطنة ع

إقرأ أيضاً:

السيد ذي يزن يفتتح جناح سلطنة عمان في إكسبو 2025 أوساكا ويؤكد على تعزيز الروابط

العُمانية: افتتح صاحبُ السُّمو السّيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزيرُ الثقافة والرياضة والشباب اليوم جناح سلطنة عُمان في إكسبو 2025 أوساكا باليابان تحت شعار "روابط ممتدة" الذي يركز في مضامينه على ثلاثة محاور رئيسة هي الإنسان والأرض والماء ويستمر حتى الـ13 من شهر أكتوبر القادم.

وقام صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد بسكب الماء في مجسم مصغر للجناح باستخدام إناء مزخرف صنعه إنسان العصر الحديدي (۱۳۰۰ ق.م- ۳۰۰م) عثر عليه في إحدى حجرات سور مدينة سلوت الأثرية في ولاية بهلا، وقد زُيّن بنقوش ورسومات كالسمكة البارزة عليه، تعكس البعد الثقافي والإبداعي للإنسان العماني آنذاك مُعلنًا الافتتاح الرسمي لجناح سلطنة عُمان في إكسبو 2025 أوساكا اليابان.

ثم قام سموه بجولة داخلية للجناح، حيث اطلع على الأقسام الرئيسة للجناح وما تضمنته من عناصر تجمع بين التراث والابتكار.

وتضمن حفل افتتاح جناح سلطنة عُمان في إكسبو 2025 أوساكا عددا من العروض الفنية والثقافية، تنوعت بين الخط العربي والياباني، والمقطوعات الموسيقية، والعروض الضوئية.

ويبرز جناحُ سلطنة عُمان 6 محاور في إكسبو 2025 أوساكا وهي التواصل والتفاعل، والسياحة، والفرص الاستثمارية، والهُوية الثقافية، والعلاقات الدولية والشراكات وتتماشى مع الأهداف الاستراتيجية لـ"رؤية عُمان 2040".

وأكد صاحبُ السُّمو السّيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزيرُ الثقافة والرياضة والشباب أن مشاركة سلطنة عُمان في إكسبو 2025 - أوساكا، اليابان تُمثل امتدادًا لالتزامها الراسخ بالتواصل مع شعوب العالم التي التقت بها تاريخًا وحضارةً، وعززت حوارها الثقافي معها حتى يومنا هذا.

وقال سُموُّه في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية إن تصميم الجناح جاء من إبداع الشباب العُماني الذي يتابع هذا التواصل بإبداعه، وهو تصميمٌ من مخرجات جائزة بلعرب بن هيثم للتصميم المعماري، ويكشف في مضمونه عن مقومات الهُوية العُمانية الأصيلة، إذ حرصنا على أن يعكس الجناح روح سلطنة عُمان، وتاريخها العريق الذي يمتد لآلاف السنين؛ ليكون نافذة مشرقة تُظهر للعالم قيمنا وموروثنا الثقافي.

وأكد سُموُّه على أهمية مشاركة سلطنة عُمان في هذا الحدث العالمي التي تتجلى في دورها الحضاري الذي لطالما كان حلقة وصل بين أطراف العالم؛ وفي إسهامها لتعزيز قيم التفاهم والتعاون الدولي، ووجودنا هنا في إكسبو 2025 تأكيدٌ منّا على التزامنا بمشاركة العالم رؤيتنا وتجاربنا في مواجهة التحديات العالمية، وبالعمل معًا من أجل مستقبل أفضل.

وأشاد صاحبُ السُّمو السّيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد بالجهود الوطنية المخلصة التي بُذلت في تنفيذ هذا الجناح، متوجّهًا بالشكر الجزيل لكل من أسهم في تجسيد هذه الرؤية التي تعكس سلطنة عُمان، إنسانًا وأرضًا.

وأوضح سعادةُ السّيد سعيد بن سلطان البوسعيدي وكيل وزارة الثّقافة والرّياضة والشّباب للثّقافة، المفوّض العام لجناح سلطنة عُمان في إكسبو 2025 أوساكا أن الجناح يقدّم مجموعةً من الإنتاجات المقروءة باللغة اليابانية تعرّفُ بسلطنة عُمان في جوانب عدّة تاريخيًّا وثقافيًّا واقتصاديًّا وتجاريًّا.

وأشار سعادته إلى أن هناك مجموعة من الفعاليات على مدار 6 أشهر، وهناك تعاون مع شركة كنساي تي للترويج لهذه الفعاليات الذي سيحقق الانتشار الواسع على الجانب الياباني وهو المستهدف.

وأضاف سعادته أن سلطنة عُمان تعد ثامن دولة تحصل على ترخيص نهائي لافتتاح الجناح من مجموعة الدول المشاركة، وهذا إنجاز من الشباب العماني، مشيرًا إلى أن رسالة الجناح هي روابط ممتدة منذ القدم وكل روح عمانية هي روح تدعو للسلام والوئام والتواصل.

من جانبه قال سعادة السفير الدكتور محمد بن سعيد البوسعيدي سفير سلطنة عُمان المعتمد لدى اليابان إن مشاركة سلطنة عُمان في إكسبو 2025 أوساكا سيضعها في مكانة كبيرة باليابان وسيكون فرصة للتعريف بالفرص الاستثمارية الكبرى والتطور والقفزة الهائلة الحاصلة خلال السنوات الأخيرة.

وأضاف سعادته أن حجم التبادل التجاري بين سلطنة عُمان واليابان في صعود مستمر حيث قفز في العام الماضي 2024 بحوالي 7 بالمائة متوقعًا أن يستمر هذا الصعود خاصة وأن هناك الكثير من الاهتمام الياباني بالاستثمار في سلطنة عُمان.

وأكد سعادته على دور الدبلوماسية الاقتصادية في زيادة حجم الفعاليات والأنشطة المتكررة والزيارات التي تتم بين الدولتين، مشيرًا في هذا الصدد إلى أنه في الفترة القادمة ستقام فعاليات في طوكيو وفي أوساكا للتعريف بسلطنة عُمان أمام المستثمر الياباني والفرص الاستثمارية المتاحة بمختلف القطاعات الاقتصادية.

من جهته، أوضح سعادة فيصل بن عبدالله الرواس رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان أن مشاركة سلطنة عُمان في معرض إكسبو 2025 أوساكا - اليابان تمثل فرصة استراتيجية لتحقيق العديد من المكاسب الاستراتيجية، بدءًا من التفاعل مع مختلف دول العالم وتعزيز التبادل الثقافي، وصولًا إلى الترويج لأهم المقومات والإمكانيات التجارية والاستثمارية التي تتميز بها سلطنة عُمان بما يواكب مستهدفات "رؤية عُمان 2040".

وقال سعادته في تصريح لوكالة الأنباء العمانية إن هذا الحدث يُعد حلقة تواصل عالمية لاستعراض الابتكارات والتجارب الملهمة للمؤسسات الحكومية والخاصة، ما يسهم في تعزيز حضور ومكانة سلطنة عُمان كبوابة إلى الأسواق الدولية المختلفة.

وأكد سعادته أن غرفة تجارة وصناعة عُمان تولي أهمية كبيرة لهذه المشاركة، حيث تعمل بالشراكة مع الجهات ذات العلاقة على الترويج للمنتجات العُمانية وتعزيز الاستثمارات الأجنبية، مشيرًا إلى أن القطاع الخاص العُماني، نجح على مدى العقود الماضية، في بناء شراكات تجارية قوية مع السوق الياباني، مما أسهم في توسيع آفاق التعاون الاقتصادي وتعزيز فرص الاستثمار بين البلدين.

وقدمت فرقة مخلدي الحماسية من محافظة مسندم لوحات من الفنون الشعبية التي تشتهر بها المحافظة كفن الندبة والرواح والحماسية.

حضر افتتاح جناح سلطنة عُمان في إكسبو 2025 أوساكا معالي قيس بن محمد اليوسف وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار نائب رئيس اللجنة الرئيسية المشرفة على مشاركة سلطنة عُمان في الإكسبو وصاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله آل سعود، وزير الثقافة بالمملكة العربية السعودية، واتشي نوكي نائب المدير العام لإكسبو 2025 أوساكا وعدد من الرؤساء التنفيذيين للشركات العمانية المساهمة في دعم المشاركة ورجال الأعمال وعدد من المسؤولين اليابانيين.

مقالات مشابهة

  • برلماني: زيارة ماكرون للقاهرة تؤكد محورية الدور المصري تجاه القضية الفلسطينية
  • السيد ذي يزن يفتتح جناح سلطنة عمان في إكسبو 2025 أوساكا ويؤكد على تعزيز الروابط
  • الاقتصاد الاجتماعي.. رافعة لتمكين التنمية المحلية في سلطنة عمان
  • أحمد موسى: موقف الدولة المصرية عظيم وشريف تجاه القضية الفلسطينية
  • خارجية الشيوخ: مصر ملتزمة بمسؤوليتها تجاه القضية الفلسطينية.. وثوابتها لم تتغير
  • 2.5 مليون مسافر و16.7 ألف رحلة عبر مطارات سلطنة عمان خلال شهرين
  • غداً.. انطلاق فعاليات أسبوع عُمان للمياه 2025
  • واردات سلطنة عمان من الذهب تسجل 372 مليون ريال
  • خبير علاقات دولية: غزة تكشف تواطؤ المجتمع الدولي وصمته المخزي تجاه القضية الفلسطينية
  • خبير: غزة تكشف تواطؤ المجتمع الدولي وصمته المخزي تجاه القضية الفلسطينية