سلطنة عُمان.. وموقفها الثابت من القضية الفلسطينية
تاريخ النشر: 21st, October 2023 GMT
إنني معجب جدا، مثلي مثل كل العمانيين، بمواقف بلادي المشرفة تجاه القضية الفلسطينية منذ سنوات طويلة جدا، سواء بالأفعال أو حتى بالأقوال حينما يتحول القول إلى موقف سياسي يمثل الدولة ويوجه مساراتها. وإضافة إلى المواقف الرسمية فإن الموقف الشعبي متماهٍ مع عدالة القضية الفلسطينية ومترسخ في وجدانها، ولا مجال في الموقفين للمساومة على حقوق الشعب الفلسطيني المتمثلة في إقامة دولته المستقلة وحق العودة للاجئين وفق ما تنص عليه القوانين الدولية.
ومواقف حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه- تجاه القضية الفلسطينية وتداعياتها الأخيرة في غزة مستمدة من مواقف عُمان التاريخية على المستويين الرسمي والشعبي، إضافة إلى أنها مستمدة من قراءة دقيقة لمسار الأحداث في المنطقة وكذلك للمآلات التي يريدها الغرب للقضية الفلسطينية.
لقد أتاحت لي مهنة الصحافة أن أذهب مرة للأراضي الفلسطينية وأرى على الأرض المعاناة اليومية التي يعيشها الشعب الفلسطيني من أجل التمسك بأرضه وبكرامته التي هي، أيضا، كرامة العرب جميعا.. لكني رأيت -في سياق الحديث عن مواقف سلطنة عمان- الكثير من المشروعات الحيوية التي أقامتها سلطنة عمان بهدف مساعدة الفلسطينيين على الثبات على أرضهم والتمسك بها، مثل المدارس والمستشفيات والمساكن والمساجد والتبرعات المستمرة عبر مكتب هيئة الأعمال الخيرية في فلسطين، إضافة إلى المنح الدراسية التي كانت تتم عبر تبرع شخصي من السلطان الراحل قابوس بن سعيد - طيب الله ثراه- لتدريس أعداد من أبناء المخيمات الفلسطينية في لبنان، وكل ذلك بعيدا كل البعد عن الإعلام وأحداثه اليومية. وسمعت الرئيس الفلسطيني محمود عباس يقول لي ولزملائي من الصحفيين عندما استقبلنا في مكتبه برام الله: «لا أعرف لماذا لا تريد السلطنة الحبيبة أن نعلن عن مشاريعها في الأراضي الفلسطينية.. لكن هذا رأيهم ونحن نحترم أنهم يريدون البعد عن ضجيج الإعلام»، وكان تسويغ سلطنة عمان لهذا الأمر في الكثير من المرات، أن ما تقوم به عُمان للفلسطينيين حق وواجب من أخ لأخيه وليس منّة نتباهى بها أمام الناس. وقبل سنوات تبرع السلطان الراحل -طيب الله ثراه- وبعيدا عن الإعلام أيضا، بشراء أرض مجاورة لمستشفى المقاصد على تخوم القدس وفي موقع حساس جدا، رغم أن اللوبي الصهيوني بذل جهدا كبيرا من أجل شرائها من أصحابها حتى لا تضاف إلى مساحة المستشفى المركزي هناك.
ومع بدء الحرب الهمجية الصهيونية على قطاع غزة في أعقاب هجوم حماس على الأراضي «المحتلة» توالت المواقف السياسية الواضحة لسلطنة عُمان تجاه الحرب والأعمال الإسرائيلية التي وصفتها سلطنة عمان بأنها «جرائم حرب». وفي اجتماع مجلس الوزراء الأسبوع قبل الماضي أكد جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -أيده الله- تضامن سلطنة عمان مع الشعب الفلسطيني الشقيق ودعم كافة الجهود الداعية لوقف التصعيد والهجمات على الأطفال والمدنيين الأبرياء، ودعا المجتمع الدولي للاضطلاع بمسؤولياته لحماية المدنيين وضمان احتياجاتهم الإنسانية.
ودعت سلطنة عمان لاجتماع طارئ لوزراء خارجية دول التعاون الخليجي عقد مساء الثلاثاء الماضي في مسقط. وتأكيدا لاهتمام جلالة السلطان بالحدث إنسانيا وسياسيا فقد استبق عقد الاجتماع الطارئ بلقاء وزراء الخارجية ليؤكد لهم ضرورة العمل وتكثيف الجهود الإقليمية والدولية لوقف التصعيد والعنف وتوفير الحماية للمدنيين. ويضاف هذا الاجتماع الطارئ إلى مواقف سلطنة عمان تجاه القضية الفلسطينية بشكل عام وتطوراته الحالية بشكل خاص.
ورغم تباين بعض المواقف الخليجية تجاه التطورات الجديدة في قطاع غزة والهجوم المفاجئ الذي شنته حركة حماس على إسرائيل يوم السابع من أكتوبر الجاري إلا أن روح الموقف العماني كانت واضحة على البيان الختامي للاجتماع الطارئ لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الذي طالب بالوقف الفوري لإطلاق النار والعمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة وإنهاء الحصار الإسرائيلي غير القانوني وضمان توفير المساعدات الإنسانية والإغاثة والاحتياجات الأساسية. وأكد البيان الختامي على «دعم ثبات الشعب الفلسطيني على أرضه والتحذير من أي محاولات للتهجير» وهذه نقطة مهمة جدا في سياق تطورات الأحداث الجديدة للقضية الفلسطينية.. فإسرائيل وبموافقة غربية تحولت من طور التخطيط إلى طور العمل الميداني من أجل تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء، وهذا مخطط معروف من سنوات طويلة لكن إسرائيل لم تنجح في تنفيذه ميدانيا حتى الآن.
وأعلنت دول المجلس خلال الاجتماع عن دعم فوري مقداره 100 مليون دولار أمريكي على هيئة مساعدات إنسانية وإغاثية.
وفي سياق رصد الموقف العماني تجاه الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، كان صوت سلطنة عمان واضحا أمام مجلس الأمن الدولي في الكلمة التي تلاها بالنيابة عن دول مجلس التعاون الخليجي الدكتور محمد بن عوض الحسان المندوب الدائم لسلطنة عمان لدى الأمم المتحدة، وكشف الكثير من الحقائق التي تخص القضية الفلسطينية وتعامل الغرب المزدوج معها، الأمر الذي جعل بعض القنوات المتخصصة بنقل جلسات الأمم المتحدة ومجلس الأمن إلى قطع البث المباشر.
وفي اجتماع وزراء الإعلام لدول مجلس التعاون الخليجي الذي ترأسته سلطنة عمان الأسبوع الماضي أكد معالي الدكتور عبدالله بن ناصر الحراصي وزير الإعلام على الدور المحوري لوسائل الإعلام في الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني الشقيق وبيان ما يتعرض له من انتهاكات أدت إلى أزمة إنسانية كبيرة.. وهذا الموقف السياسي/ الإعلامي يمكن رصده في تغطية وسائل الإعلام العمانية الدائم للقضية الفلسطينية الذي يتسم بالتمسك الدائم بعدالة القضية الفلسطينية وثوابتها الأساسية المتمثلة في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وحق العودة وجميع الثوابت التي يتمسك بها الفلسطينيون أصحاب الأرض والقضية.
هذه بعض تجليات المواقف العمانية الرسمية والشعبية الثابتة تجاه القضية الفلسطينية والتي يؤمن بها العمانيون إيمانا تاما ويعتبرون هذه القضية قضية عربية كل مسار فيها هو مسار عربي وكل تقدم فيها تقدم عربي وأي نكبة جديدة تصيبها ستكون نكبة عربية تضاف إلى مسار النكبات العربية السابقة.
عاصم الشيدي رئيس تحرير جريدة «عمان»
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: تجاه القضیة الفلسطینیة الشعب الفلسطینی سلطنة عمان قطاع غزة سلطنة ع
إقرأ أيضاً:
ولايات سلطنة عمان تواصل احتفالاتها بالعيد الوطني الـ 54 المجيد
عمان
واصلت محافظات سلطنة عمان الاحتفال بالعيد الوطني الـ 54 المجيد، حيث عبر الأهالي عن فرحتهم بالمناسبة الوطنية، من خلال إبراز الموروث الشعبي الأصيل المتمثل في سباق ركض العرضة للهجن والخيل والأهازيج الشعبية، والفنون العمانية المغناة والشعر وغيرها من الموروثات الأصيلة التي عبرت عن مكانة المناسبة في قلوب أبناء سلطنة عمان.
وفي شمال الشرقية شهدت ولاية إبراء انطلاق النسخة الثانية من مهرجان الخنادق للخيل والهجن، تحت رعاية سعادة محمود بن يحيى الذهلي، محافظ شمال الشرقية، بحضور عدد من المسؤولين والمشايخ والأعيان وجمع غفير من محبي الفروسية والهجن، وذلك تزامنًا مع احتفالات سلطنة عمان بالعيد الوطني الرابع والخمسين المجيد.
ويهدف المهرجان، الذي يعد أحد أبرز الفعاليات التراثية في المنطقة، إلى تسليط الضوء على الموروث العماني الأصيل وتعزيز الهوية الوطنية من خلال إحياء إرث الأجداد ونقله إلى الأجيال القادمة. كما يعكس المهرجان حرص المجتمع المحلي على المحافظة على القيم العمانية الأصيلة وتعزيز الانتماء الوطني.
وأوضح ناصر بن سعيد اليزيدي، عضو المجلس البلدي بمحافظة شمال الشرقية، أن المهرجان يُعَد منصة مهمة للحفاظ على التراث العريق، مشيرًا إلى دوره في تعزيز الروابط الاجتماعية بين أفراد المجتمع ودعم قطاع السياحة المحلية، مما يسهم في تنشيط الاقتصاد المحلي.
من جانبه، أكد راشد بن حامد الهنـدي، المشرف العام على المهرجان، أن الفعالية تهدف إلى إبراز ثقافة الفروسية ورياضة الهجن باعتبارهما جزءًا لا يتجزأ من التراث العماني. وأضاف: يُسهم المهرجان في تعريف الشباب بالقيم والتقاليد العمانية، وتشجيعهم على الاهتمام بها وتبنيها باعتبارها إرثًا حضاريًا يجب المحافظة عليه.
وشهد المهرجان مجموعة من الفعاليات المتنوعة، أبرزها سباقات الهجن والخيل، وعروض الزينة، إضافة إلى استعراضات الفنون الشعبية العمانية، التي أضفت أجواءً احتفالية مميزة وثرية بالموروث الثقافي. كما تخلل المهرجان تكريم الفائزين في المسابقات بجوائز تقديرية، تعبيرًا عن التقدير لجهودهم واهتمامهم بتربية الخيل والهجن، إلى جانب تكريم الجهات الراعية والمساهمين في إنجاح الحدث.
واختتم المهرجان بإشادة واسعة من الحضور والمشاركين الذين أعربوا عن أملهم في استمرار تنظيم مثل هذه الفعاليات التي تسهم في تعزيز الهوية الوطنية والحفاظ على التراث العماني الأصيل، مع دعم جهود إبراز الثقافة العمانية على المستويات المحلية والإقليمية والدولية.
وفي محافظة الداخلية احتفل ببيت البرج التراثي بولاية الحمراء بالعيد الوطني ٥٤ المجيد وتكريم نخبة من طلبة مدارس الولاية المجيدين في مسابقة بيت البرج للإلقاء الشعري والإنشاد التي نظمها وأشرف عليها بيت البرج التراثي وذلك تحت رعاية سعادة الشيخ سليمان بن سعيد بن سالم العزري والي الحمراء حيث استهل الحفل بكلمة ألقاها الطالب راشد بن محمد الشقصي جاء في تعيش عماننا الحبيبة هذه الأيام فرحة غامرة احتفالا بعيدها الوطني الرابع والخمسين المجيد ونحن اليوم نحتفل معاً بهذا اليوم التاريخي الذي يعكس مسيرة عمان الحافلة بالعطاء والتقدم ويجسد فخر الوطن وشموخه عبر العصور. إنه يوم تجديد العهد للوطن، يوم التأمل في منجزات الماضي وحصد ثمار الحاضر، وتطلع إلى مستقبل مشرق يعكس التفاؤل والتطور في مختلف جوانب الحياة. إن هذا العيد لا يُحتفل به فقط كذكرى وطنية، بل هو أيضًا مناسبة للتأكيد على ما حققته عمان تحت قيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- من إنجازات هائلة على كافة الأصعدة، سياسية كانت أو اقتصادية أو اجتماعية. ومن بين هذه الإنجازات العديدة، يبقى الحفاظ على التراث العماني الأصيل جزءًا لا يتجزأ من الهوية الوطنية والموروث الثقافي الذي يعتز به كل عماني. إن التراث العماني، بمختلف ألوانه وأشكاله، يعد من أهم الركائز التي يُبنى عليها هذا الوطن. فهو لا يُعبّر فقط عن تاريخ الأجداد، بل يُشكل أيضًا مرجعية ثقافية غنية تجعل عمان فريدة في تاريخها وحضارتها. ومن هذا المنطلق قد حرص القائمون على بيت البرج التراثي على اقتناء ما هو صالح ومفيد لكي يتعرف شبابنا على جهود الآباء والأجداد في مختلف المجالات الزراعية والصناعية والهندسية والمعمارية حيث اعتمدوا على أنفسهم في كل مناحي الحياة فأكلوا مما زرعته أيديهم واعتمدوا على أنفسهم صناعيا ومعماريا وهندسيا فما الأفلاج والسفن والقلاع والحصون التي أنشأوها إلا نماذج شاهدة على ذلك، وعليه فإني أدعوا شبابنا اليوم إلى أن يشمروا عن سواعد الجد والاجتهاد وأن يحذوا حذو الآباء والأجداد في الاعتماد على أنفسهم.
وأضاف الشقصي قائلا: إن تنظيم بيت البرج لمسابقة الإلقاء الشعري والإنشاد لدليل على اهتمامه الكبير بالناشئة وربط هذا الجيل بتراثهم الأدبي الفريد حيث شاركت عشر مدارس في هذه المسابقة بعدد 49 مشاركا ممن انطبقت عليهم شروط المسابقة ؛ عقب ذلك قدم الشاعر العبد بن سعيد الناصري قصيدة وطنية عبر فيها عن حب الوطن والقيادة الحكيمة بعدها قدم الطلبة المجيدون بعضا من مواهبهم التي تنافسوا فيها للفوز في المسابقة وحصلت على مراكز متقدمة.
كما تخلل الحفل تقديم وصلة إنشادية وطنية لأستوديو صدى الإنشاد بقيادة المنشد عبدالهادي بن سليم العبري كما قدم محمود بن محمد الخاطري فقرة وطنية في فن العازي بعد ذلك قام راعي الحفل سعادة الشيخ الوالي بتكريم الطلبة المجيدين في مسابقة الإلقاء الشعري والإنشاد وتكريم لجنة تقييم المسابقة والمتعاونين والداعمين وفي الختام قام سعادة راعي الحفل بجولة تفقدية في بيت البرج التراثي حيث اطلع على أهم المعروضات والمقتنيات التراثية القديمة.
واختتمت مساء أمس فعاليات شتاء البريمي في محطته الأولى، التي انطلقت بالتزامن مع احتفالات العيد الوطني الـ54 المجيد في حديقة البريمي العامة، وسط حضور لافت تجاوز 30 ألف زائر على مدار ثلاثة أيام متواصلة.
تخلل الفعاليات عدد من العروض الفنية والتراثية التقليدية، مثل فن العيالة والرزفة الحربية، بالإضافة إلى أنشطة ومسابقات تفاعلية قدمها الناشط الاجتماعي محمد المخيني خلال اليوم الثاني، التي أضفت أجواءً مليئة بالحماس والفرح، كما شهد ركن الأسر المنتجة إقبالا واسعا من الزوار، حيث عرضت منتجاتها المحلية المتنوعة، مما أسهم في دعم المشاريع المنزلية وتعزيز دورها في المجتمع.
واختتمت الفعاليات بحفل وطني مميز أحياه الفنان العماني حامد سهيل، الذي أضفى رونقا خاصا على الليلة الأخيرة، ليكون مسك ختام المحطة الأولى من هذا الموسم.
الجدير بالذكر أن موسم شتاء البريمي سيواصل تقديم فعالياته المتنوعة في ولايات المحافظة، تعزيزا للتواصل المجتمعي ودعما للأنشطة الترفيهية والثقافية.
كما احتفل أهالي ولاية صحم بالعيد الوطني المجيد برعاية المكرم الشيخ حمد بن هلال المعمري، عضو مجلس الدولة، حيث جاءت الاحتفالية من تنظيم نادي صحم الرياضي الثقافي وبالتعاون مع مكتب والي صحم وفريق «عمان روت رايدارز» التابع للنادي وبمشاركة لجنة الفروسية بصحم وشعراء مجلس صحم الشعري وفرقة شباب مخيليف للفنون الشعبية ودائرة بلدية صحم.
وبدأت فقرات الحفل بانطلاقة المسيرة الوطنية من أمام نادي صحم بمشاركة 96 دراجا من مختلف دول مجلس التعاون الخليجي وجمهورية العراق وصولا إلى موقع الحفل بالسوق المركزي بالولاية، بعدها بدأت لجنة الفروسية بصحم المرور من أمام راعي الحفل والحضور، وألقى بعد ذلك علي المرزوقي عضو مجلس إدارة نادي صحم كلمة بهذه المناسبة عبر من خلالها عن حب الوطن والولاء لباني النهضة المتجددة جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، حفظه الله ورعاه.
وقدم الأهالي خلال الحفل لوحات معبرة من صور الفرح والبهجة بمناسبة العيد الوطني المجيد من خلال مجموعة من الفقرات الشعبية التراثية، وإلقاء وقصائد شعرية من قبل مجلس صحم الشعري وأداء ركض العرضة للخيل.