تواجه غزة حصاراً شاملاً من جانب إسرائيل التي أعلنت الحرب على حركة حماس في القطاع، رداً على تسلل مقاتليها عبر الحدود هذا الشهر والذي أدى إلى مقتل أكثر من 1400 شخص، كما قطعت إسرائيل الكهرباء عن القطاع ومنعت دخول جميع إمدادات الغذاء والوقود إليه،مما ترك سكان القطاع البالغ عددهم مليوني شخص بلا حول ولا قوة، في وقت كشف مسؤولون أمنيون إسرائيليون عن استعدادهم للشروع في هجوم بري على غزة.

وبعد أن أغلقت السلطات الإسرائيلية جميع المنافذ الستة بين قطاع غزة وجنوب إسرائيل، إثر هجوم حماس المباغت على إسرايل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، يعتبر معبر رفح بين غزة ومصر، المنفذ الوحيد لسكان غزة إلى العالم الخارجي.

وأصبح المعبر محور اهتمام في الصراع المتصاعد بين إسرائيل وحركة حماس مع توجه مئات الآلاف من الفلسطينيين صوب جنوب غزة، من شمال القطاع هرباً من القصف الإسرائيلي، كما أصبح المدخل الوحيد للمساعدات من خارج إسرائيل إلى القطاع مباشرة، بالإضافة إلى أنه المخرج الوحيد الذي لا يؤدي إلى الأراضي الإسرائيلية.

ما حال المعبر الآن؟

وفي السياق، أفادت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، في تقرير لها، أن  معبر رفح أغلق سريعاً وذلك بعد وقت قصير على فتحه صباح، السبت، لمرور 20 شاحنة إعاثية، وفي وقت سابق، بث التلفزيون المصري على الهواء مباشرة، دخول دفعة من شاحنات المساعدات إلى غزة عبر المعبر، الذي ظل مغلقاً منذ بدء التصعيد في القطاع.

وقالت حركة حماس، إن "20 شاحنة مساعدات من المفترض أن تدخل عبر المعبر، تحمل أدوية ومعدات طبية وكميات محدودة من الأغذية".

ومن جانبه، قال متحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، إن "الشاحنات الـ20 التي مرت تابعة للهلال الأحمر المصري".

وبحسب تقرير "سي إن إن"، رحبت العديد من المنظمات الدولية بإعادة فتح المعبر، ويقول عمال الإغاثة إن "الإمدادات تمثل جزءاً صغيراً مما هو مطلوب لـ 2.2 مليون شخص تحت الحصار الذي تفرضه إسرائيل على القطاع"، في حين تمارس الولايات المتحدة ضغوطاً على مصر من أجل إنشاء ممر إنساني للمدنيين في غزة وكذلك للأجانب.

وقالت مصر إنها "لن تسمح للاجئين بدخول  أراضيها، وأصرت بدلاً من ذلك على أن تسمح لها إسرائيل بتوصيل المساعدات إلى سكان غزة".

وأضاف التقرير، أن "فتح الحدود أمر معقد نظراً لعدد الأطراف المعنية، فهو يتطلب موافقة مصر وحماس، اللتين تسيطران بشكل مباشر على المعبر، فضلاً عن موافقة إسرائيل التي تقصف غزة، بما في ذلك محيط رفح، وكانت مصر طالبت إسرائيل ضمانات لعدم قصف قوافل المساعدات".

What is the Rafah crossing, Gazans’ last hope to escape the war, and how does it work?https://t.co/F2uz8fRUsA

— Alexandre Nicopolis (@paros4) October 21, 2023

ولا تزال عشرات الشاحنات مصطفة أمام المعبر وفي مدينة العريش، بانتظار الضوء الأخضر لعبورها إلى الجانب الفلسطيني من المعبر.. وهناك حوالي 200 شاحنة على الحدود تنتظر الدخول إلى غزة، فيما لا تزال المفاوضات جارية بين إسرائيل والولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق يمكن أن يسمح بدخول المزيد من المساعدات.

وكانت الشاحنات العشرون التي عبرت معبر رفح من مصر لتسليم مساعدات إلى غزة، السبت، تحمل الغذاء والماء والإمدادات الطبية ولكن من دون وقود.

وقال مدير الاتصالات في الجانب الفلسطيني من معبر رفح، وائل أبو محسن، إنه لم يتم تسليم الوقود، "على الرغم من انخفاض إمدادات الوقود بشكل خطير في المستشفيات والمدارس في غزة".

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الأدميرال دانييل هاغاري للصحافيين، السبت، إنه لم يدخل أي وقود إلى غزة في قافلة المساعدات.

وقال مسؤول فلسطيني،  إن "شاحنات المساعدات لا تحتوي على إمدادات "كافية" حتى لمدرسة واحدة في غزة".  

#إسرائيل تمنع دخول شاحنات الوقود إلى #غزة https://t.co/iqSq0pNJlg

— 24.ae (@20fourMedia) October 21, 2023 لماذا يعتبر المعبر مهماً جداً الآن؟

ويقع معبر رفح في شمال سيناء بمصر، وهو المعبر الحدودي الوحيد بين غزة ومصر.. ويقع على طول سياج يبلغ طوله 8 أميال (12.8 كيلومتراً) يفصل غزة عن صحراء سيناء.

وتغيرت السيطرة على غزة عدة مرات خلال السبعين عاماً الماضية، فقد وقعت تحت السيطرة المصرية في الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948، واستولت عليها إسرائيل في حرب عام 1967، وبعد ذلك بدأت إسرائيل في توطين اليهود هناك وقلصت بشكل كبير حركة سكانها الفلسطينيين.. وفي عام 2005، سحبت إسرائيل قواتها ومستوطنيها من القطاع، وبعد عامين استولت حماس عليه.

ومنذ ذلك الحين، فرضت مصر وإسرائيل ضوابط مشددة على حدودهما مع المنطقة، وتفرض إسرائيل المزيد من الحصار عليها من خلال تقييد السفر عن طريق البحر أو الجو.. كما قامت إسرائيل بتطويق المنطقة بسياج حدودي شديد التحصين.

ولدى إسرائيل معبران مع غزة، معبر "إيريز" المخصص لحركة الأشخاص، ومعبر "كيرم شالوم" المخصص للبضائع.. وكان كلاهما مقيداً بشدة وتم إغلاقهما منذ بدء الحرب، هذا ما جعل معبر رفح مع مصر هو المنفذ الوحيد لسكان القطاع إلى العالم الخارجي.

ووفقاً للأمم المتحدة، عبر ما متوسطه 27 ألف شخص الحدود كل شهر اعتباراً من يوليو (تموز) من هذا العام، وكانت الحدود مفتوحة لمدة 138 يوماً وأغلقت لمدة 74 يوماً هذا العام حتى ذلك الشهر.

وتعتمد عمليات الإغلاق في كثير من الأحيان على الوضع الأمني والسياسي على الأرض.. وفي حين لا تملك إسرائيل سيطرة مباشرة على المعبر، فإن إغلاقات مصر غالباً ما تتزامن مع تشديد إسرائيل للقيود على غزة، بحسب التقرير.


كيف تغيرت إمكانية الوصول إلى معبر رفح مع مرور الوقت؟

ووقعت إسرائيل ومصر معاهدة سلام عام 1982، والتي شهدت انسحاب إسرائيل من شبه جزيرة سيناء التي استولت عليها من مصر عام 1967، ثم فتحت إسرائيل معبر رفح، الذي سيطرت عليه حتى انسحابها من غزة في عام 2005، ومنذ ذلك الحين وحتى سيطرة حماس على غزة في عام 2007، كان المعبر تحت سيطرة الاتحاد الأوروبي، الذي عمل بشكل وثيق مع المسؤولين المصريين.

وبين عامي 2005 و2007، استخدم المعبر حوالي 450 ألف مسافر، بمعدل حوالي 1500 شخص يومياً.

وفي أعقاب سيطرة حماس على القطاع، شددت مصر وإسرائيل بشكل كبير القيود على حركة البضائع والأشخاص داخل القطاع وخارجه.. لكن في عام 2008، فجر المسلحون التحصينات على الحدود مع مصر بالقرب من رفح، ما دفع ما لا يقل عن 50 ألف من سكان غزة إلى اللجوء إلى مصر لشراء الغذاء والوقود وغيرها من الإمدادات.

وبعد ذلك بوقت قصير ، أغلقت مصر حاجزها بالأسلاك الشائكة والحواجز المعدنية.. ومنذ ذلك الحين، يخضع معبر رفح لرقابة مشددة، مع محدودية الوصول إليه وإجراءات أمنية مطولة مطلوبة من الفلسطينيين الراغبين في العبور إلى مصر.


كيف يبدو الأمر عادة عند عبور حدود رفح؟

ووفقاً للتقرير، فإن الحركة عبر معبر رفح في الأيام العادية محدودة للغاية، ويمكن فقط لسكان غزة الذين يحملون تصاريح، وكذلك المواطنين الأجانب استخدامها للسفر بين غزة ومصر.

وغالباً ما ينتظر سكان غزة الذين يرغبون في عبور الحدود فترات انتظار طويلة.. ويقول جيسون شاوا، وهو فلسطيني أمريكي من سياتل يعيش في غزة، إن العملية استغرقت ما لا يقل عن 30 يوماً ولكن أوقات الانتظار قد تصل إلى 3 أشهر، وأضاف أن "المسافرين يحتاجون إلى تصريح خروج من حماس وتصريح دخول من مصر.. وتتطلب العملية منه تقديم وثائقه إلى مكتب حكومة حماس للحصول على تصريح بالخروج من القطاع.. وبعد بضعة أيام، سيتلقى رسالة نصية تخبره باليوم الذي يمكنه المغادرة، والذي قد يصل إلى 3 أشهر بعد ذلك".

وفي يوم المغادرة، ستنقل حافلة المسافرين من الجانب الفلسطيني من الحدود إلى الجانب المصري، حيث ينتظرون ساعات حتى تتلقى السلطات المصرية طلبات التأشيرة وتعالجها.

لماذا تتردد مصر في فتح المعبر أمام سكان غزة؟

تشعر مصر، التي تستضيف بالفعل ملايين المهاجرين، بعدم الارتياح إزاء احتمال عبور مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيها.. ويعيش في غزة أكثر من مليوني فلسطيني، بحسب التقرير.

والأسبوع الماضي، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إن "بلاده تحاول المساعدة، ضمن حدود"، مضيفاً "بالطبع نحن نتعاطف.. لكن كونوا حذرين، فبينما نتعاطف، يجب علينا دائماً استخدام عقولنا من أجل الوصول إلى السلام والأمان بطريقة لا تكلفنا الكثير".

وذكر التقرير، أن الكثيرين أعربوا عن غضبهم من فكرة تحويل سكان غزة إلى لاجئين مرة أخرى من خلال تهجيرهم من غزة، بينما يتم تسجيل معظم سكان غزة من قبل الأمم المتحدة كلاجئين، حيث جاء أسلافهم من المناطق التي أصبحت الآن جزءاً من إسرائيل.

ومن جانبه، رفض العاهل الأردني الملك عبد الله، الثلاثاء الماضي، تهجير سكان غزة، وقال: "لا لاجئون في الأردن ولا لاجئون في مصر".

ودعت مصر إسرائيل إلى السماح بدخول المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح، لكنها لم تقبل إلى الآن الدعوات الأمريكية لإنشاء ممر آمن للمدنيين داخل الأراضي المصرية.

#السيسي: #مصر لن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية على حساب أطراف أخرى https://t.co/zzQ9AouqKb

— 24.ae (@20fourMedia) October 10, 2023

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل مصر حماس سکان غزة معبر رفح على غزة فی غزة فی عام

إقرأ أيضاً:

«الأونروا»: غزة تقترب من أزمة جوع حادة

أحمد شعبان (رفح، القاهرة)

أخبار ذات صلة الإمارات تدعو لمشاركة كاملة للمرأة في السلام والأمن آليات عسكرية إسرائيلية تجتاز الحدود إلى جنوب لبنان

قال مفوض وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» فيليب لازاريني، أمس، إن كل يوم يمر دون طعام لسكان غزة يُقرّب القطاع من أزمة جوع حادة.
ووصف لازاريني منْع المساعدات عن القطاع بأنه عقاب جماعي على غزة.
وأضاف عبر منصة «إكس»: «لقد مرت 3 أسابيع منذ أن منعت السلطات الإسرائيلية دخول الإمدادات إلى غزة، لا طعام ولا أدوية ولا ماء ولا وقود»، مشيراً إلى أن ما يتعرض له القطاع حصار خانق أطول مما كان عليه في المرحلة الأولى من الحرب.
وأشار لازاريني إلى أن سكان غزة يعتمدون على الواردات عبر إسرائيل للبقاء على قيد الحياة، منبهاً إلى أن الغالبية العظمى من سكان القطاع هم من الأطفال والنساء والرجال المدنيين.
وشدد خبراء فلسطينيون وعاملون في المنظمات الإنسانية الدولية، على أن غزة بحاجة إلى إغاثة عاجلة وطارئة ومساعدات متوسطة وطويلة الأمد، لإنقاذ سبل ومقومات الحياة للسكان في القطاع، في ظل استمرار القوات الإسرائيلية إغلاق معبر كرم أبو سالم، ومنع دخول المساعدات والبضائع والوقود إلى القطاع، ما يفاقم من معاناة أكثر من 2 مليون فلسطيني.
وحذرت مديرة المكتب الإعلامي لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، إيناس حمدان، من أن استمرار منع دخول المساعدات والإمدادات الإغاثية لقطاع غزة، يعمق الأزمة الإنسانية للسكان الذين يذوقون صنوف العذاب على مدى 16 شهراً من الحرب. وكشفت حمدان، في تصريح لـ«الاتحاد»، عن أن عدداً كبيراً من السكان في غزة لا يزالون يعيشون في خيام مهترئة، وبنية تحتية ووحدات سكنية مدمرة، وبحاجة ماسة إلى أساسيات الحياة من غذاء وماء ودواء؛ لذلك يجب استمرار تدفق المساعدات الضرورية وبالقدر الكافي.
ومن جهته، وصف الأكاديمي والباحث في الشأن الفلسطيني، ومسؤول ملف الإعلام بمفوضية المنظمات الشعبية، الدكتور محمد أبو الفحم، الوضع الإنساني لسكان غزة بأنه كارثي، ويستحق تحرك منظمات حقوق الإنسان الدولية لتنفيذ قرارات المحافظة على حياة الشعوب خاصة الأطفال والنساء وكبار السن، والالتزام واحترام القانون الدولي.
وشدد أبو الفحم، في تصريح لـ«الاتحاد»، على أنه يجب على المنظمات الدولية تنفيذ مشاريع لإنقاذ حياة سكان غزة، وأن تتبنى المؤسسات مؤتمرات لفضح انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي، وعدم التزامه باتفاق وقف إطلاق النار، ويجب السماح بإدخال المساعدات فوراً.
وأضاف أن سكان غزة في حالة يائسة جداً، خلال شهر رمضان، دون مأوى أو كهرباء، مع نقص شديد في الطعام والمواد الغذائية والأدوية والخدمات الطبية، والقطاع ما زال بحاجة إلى عشرات الآلاف من الخيام، وكميات ضخمة من المساعدات الإغاثية.
وطالب أبو الفحم بموقف دولي واضح يلزم إسرائيل بإدخال المساعدات إلى غزة بشكل كلي ومستمر لحماية الأهالي، وعدم السماح لها بتنفيذ مشاريعها، وكسر الحصار وإنقاذ السكان، معرباً عن مخاوفه من سعي إسرائيل لطريقة أخرى لتهجير شعب غزة بسلاح التعطيش والتجويع.

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تجهز خططاً لاحتلال غزة.. تقرير يكشف التفاصيل
  • السعودية تعقب على إنشاء إسرائيل وكالة لتهجير سكان غزة
  • جيش الاحتلال يواصل إغلاق المعابر والتجويع والإبادة البطيئة في غزة
  • «الأونروا»: غزة تقترب من أزمة جوع حادة
  • إسرائيل توسع توغلها البري في جنوب غزة
  • وزارة الصحة: عدد القتلى في غزة يتجاوز 50 ألف منذ بداية الحرب بين إسرائيل وحماس
  • جيش الاحتلال يطالب سكان غزة بإخلاء جزء من مدينة رفح جنوب القطاع
  • إسرائيل مستعدة للتفاوض مع حماس قبل شن أي غزو واسع على غزة
  • بعد هجمات إسرائيل.. اتصالات دبلوماسية لوزير الخارجيّة وهذا ما طلبه
  • إسرائيل تصادق على 13 مستوطنة جديدة في الضفة وتبحث تهجير سكان غزة