جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-17@02:51:30 GMT

سعاد

تاريخ النشر: 21st, October 2023 GMT

سعاد

 

عائض الأحمد

كلما أسأت الظن، تمنيت أن أفقد ذاكرة المكان والزمان، لعل القادم أجمل بدون ذاكرة تعيد الألم وتستحضر ساعات الندم كلما جد جديد، أذكر مقولة الأديب غابريل ماركيز حينما فقد ذاكرته في أواخر أيامه، فكان يقول وهو جالس بجوار صديق عمره "أنا لا أعرفك ولكني أعلم أنني أحبك" كانت كافية له عن سنوات عمر أمضاها قد تكون مرهقة  أكثر من أي شيء آخر تجرع مرارته، مراحل يقطعها الإنسان وكأنه في سباق مع نفسه وقد يرهن كل ما يملك بغية تحقيق حلم عجز عنه سنوات، ثم فاق فوجد كل شيء حوله يدعوه إلى تساؤل عجز عن إجابته من أنتم؟

الحياة رحلة قصيرة جدا ليست أكثر من ساعة فرح أو لحظات حزن، الغريب هو تلك الذكرى العالقة وكأنك خلقت لتحزن وتستذكر ألمك دون أن تفرد تلك المساحة البيضاء بنقاطها السوداء وتجعلها عنوانا لسكنك ومهدا لمهجعك فلم تعد ترى غيرها في بحر أمواج متلاطم، الفقد يحرضك على السلام الداخلي في اللاعودة، حينما تنظر إلى مرآتك وتتأمل ملامحك لن تملك أكثر من سؤال لماذا نسيت كل شيء حينما عادت قبلتي التي اعتدت استقبالها فسعادتي تنحني إجلال وحبا لم تفقده ذاكرتي الهرمة، رغم قسوة الأيام ورجفة الأطراف وضعف البصر، بقيت بصيرتي تدعوك سعاد أنشري عبيرك فالبرد أحرق أوصال محب عاش في كنف "العامرية" وارتوى منه شفاء الروح وشقاء الجسد.

ختامًا: حتى لو ذكرك العالم أجمع، ستبقى وحيدا في غياب من تحب.

شيء من ذاته: لو لم يحمل الورد كل هذه الأشواك لأصبح سهل المنال.

نقد: لا تطلب الكمال في كل شيء؛ فيعتريك النقص دون أن تعلم.

 

 

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

حين تكتب الحرب ذاكرة شعب- في مأساة المثقف السوداني ومعقولية الخراب

في عامها الثالث، لم تعد الحرب في السودان حدثًا عابرًا يُروى بين فقرات الأخبار، بل تحولت إلى نسيج يومي يُحاك من أشلاء الذكريات والجراح. صارت واقعًا يُعاش بكل ثقله: بيوتٌ تتهاوى كأوراق الخريف تحت دوي المدافع، وأطفالٌ يلهون فوق ركام مدارسهم، كأنهم يتحدون فكرةَ أن الطفولة لا بدّ أن تكون بريئة. هنا، لم يعد هناك فاصل بين الخاص والعام؛ فكل دمعة تسقط في بيت ما تُعد جزءًا من نهرٍ من الأحزان يغمر الأمة. الأحياء تتحول إلى خرائب، والأسواق التي كانت تعج بالحياة تصمت إلا من صدى الخطى الثقيلة لقدامى الجوعى.
الأمهات، بوجوهٍ نحتتها رياح اليأس، يُجدنَ فنَّ الصبر، بينما يتساقط الأقرباء والأصدقاء كأوراق شجر في عاصفة لا تنتهي.

في هذا المشهد الكابوسي، تبرز الكتابة كفعلٍ مُقاوِم، ليست مجرد أداة لتوثيق الألم، بل محاولة لإنقاذ الذات من الغرق في العدم. يكتب المثقفون بحبرٍ مخلوط بالتراب والدم، مسجلين تفاصيل البيوت التي انمحت، وأسماء الأحبة الذين صاروا ظلالًا في ذاكرة المدينة.
اليوميات التي يسطرونها ليست سردًا بطوليًا بقدر ما هي همساتٌ يائسة لاستعادة شيء من الإنسانية المهدورة. تصبح الكتابة بيتًا مؤقتًا، هشًا لكنه يقاوم السقوط، يحمل بين سطوره عبق الأيام الماضية ورائحة المقاومة.

الكتابة كوثيقة اجتماعية- بين التاريخ والوجع
لا تقتصر هذه النصوص على الرثاء، بل تتحول إلى وثائق تُجسد تداخل التاريخ مع المأساة؛ فهي تسجل تحول الوطن إلى شتات، والمستقبل إلى لغزٍ مُظلم. الكاتب هنا ليس مراقبًا من برج عاجي، بل هو ابن الأرض الذي يعيش تحت القصف، يكتب بألمٍ عن جاره الذي اختفى
وعن السوق الذي تحول إلى مقبرة جماعية. النصوص تكشف كيف صار "الوطن" فكرةً هاربة، بينما يختزل الواقع معاناة البحث عن رغيف خبز أو زجاجة ماء.

من الاستثناء إلى القاعدة- الحرب كحالة دائمة
في ذهن المثقف السوداني، لم تعد الحرب استثناءً، بل جزءًا لا يتجزأ من الهوية. يقول الكاتب أمير تاج السر: «نحن أبناء الحروب المتراكمة، نعرفُ صوت الرصاص أكثر من صوت الموسيقى»، معبرًا عن واقعٍ عاشه وجيله منذ طفولتهم في وطنٍ حُفر في ذاكرة الألم.
وقد أضاف الناشر العربي على غلاف إحدى الروايات عبارة "الحياة تستحق النشيد رغم قسوتها"، وهي ليست دعوة لتفاؤل ساذج، بل تأكيدٌ على إيمانٍ بأن الفن يعد آخر حصون الكرامة. وكأن صوت المثقفة البريطانية هيلينا كينيدي، حين تحدثت عن النزوح كجريمة ممتدة
يجد صداه في واقع الأسر السودانية التي تعيش التهجير كحالة متوارثة عبر الأجيال.

الخراب كوجهٍ للوطن- لماذا تصبح الحرب "معقولة"؟
وهنا يطفو السؤال الأقسى: كيف يصبح الدمار مألوفًا؟ قد تكون الإجابة في استبدال لغة الثورة بلغة التأمل، أو في تحول الألم إلى رفيق يومي. المعقولية هنا لا تعني الاستسلام، بل اعترافًا بفشل الخطابات الكبرى.
إذ أن المثقف الذي كان يرفع شعارات التحرر صار يكتب ليُثبت أنه ما زال حيًا، كأنه يردد روح محمود درويش عندما قال: «أنا لستُ لي، أنا وطني يكتبني»، مما يحوّل الكتابة إلى فعل أخلاقي، محاولة لإنقاذ المعنى من براثن العبث، وصرخة ضدّ التطبيع مع القتل.

ما بعد الكلمات- هل تكفي الكتابة؟
رغم كل هذا، تظل الحقيقة المرة أن الكتابة لا توقف الرصاص، ولا تُعيد الطفل إلى أمه. ففي الوطن الذي يموت فيه الإنسان، تموت معه الكلمات أحيانًا. لكن المثقف لا زال يكتب، لأن الصمت يعد خيانة، ولأن الحكاية لم تنتهِ بعد.
كما تقول الروائية بثينة خضر مكي: «نحن نكتب لنُثبت أننا لم ننزلق بعد إلى حافة الوحشية»، لتظل هذه النصوص، رغم دمويتها، بمثابة البذرة الأخيرة لشتلة أمل أو على الأقل شهادةً على تمسك شعبٍ برواية معاناته.

حين تصير الكلمات دمًا
في النهاية، يبقى المثقف السوداني حائرًا بين شقين- شاهدٌ على المأساة وضحيةٌ فيها. يرتجف قلمه ولكنه يرفض السقوط، إذ إن الحرب قد تسرق الأوطان لكنها لا تستطيع سرقة الكلمات التي تُخلّدها.
وكما كتب شابٌ عاقل في يومياته تحت القصف: «إذا متُّ، ابحثوا عني في كتبي».
أعلموا أيها القتلة- نحن الباكون على واقع اليوم ، ولكن من خلال الألم نصنع المستقبل.

zuhair.osman@aol.com  

مقالات مشابهة

  • ذاكرة الجاذبية.. علماء يبحثون عن نبوءة آينشتاين المفقودة
  • أسواق الأغراض القديمة.. حينما يتحول الفقر إلى ترند
  • ترحيل أكثر من 650 متراً مكعباً من الأنقاض المتراكمة في حيي القابون وتشرين
  • "خطة شيطانية".. اعترافات شاب قتل صديقه وسرق سيارته بتحريض من امرأة ووالدتها| خاص
  • شهدت فيضانات تاريخية.. 2024 أكثر سنوات أوروبا حرا
  • 2024.. أكثر سنوات أوروبا حرا على الإطلاق
  • حين تكتب الحرب ذاكرة شعب- في مأساة المثقف السوداني ومعقولية الخراب
  • مؤلم ما يحدث في الفاشر مثلما كان مؤلما حينما حصل في قرى الجزيرة والدندر والخرطوم
  • الحرب في غزة تعمّق مصاعب حياة الصم وتفرض عليهم تحديّات جسيمة
  • حكيلي معرض من ذاكرة الحرب الأهلية اللبنانية