صحيفة الاتحاد:
2025-04-22@21:06:53 GMT

«زوربا».. سيرة مفعمة بالتناقضات

تاريخ النشر: 21st, October 2023 GMT

فاطمة عطفة (أبوظبي)
ناقشت جلسة أدبية في مؤسسة «بحر الثقافة» رواية «زوربا»، وهي من تأليف الكاتب اليوناني نيكوس كازنتزاكيس وترجمة أحمد بلسعيد، وأدارت الحوار بين المشاركات الكاتبة مها بوحليقة، فقدمت لمحة موجزة عن الكاتب وتأثره بالبوذية والفيلسوف الألماني نيتشه، مشيرة إلى بعض أعماله ومنها: الإخوة الأعداء، والإغواء الأخير، إضافة إلى هذه الرواية التي تحولت إلى فيلم من بطولة أنتوني كوين الذي أجاد التعبير عن شخصية زوربا، وحصد الفيلم العديد من جوائز الأوسكار، وأنتوني كوين نتذكره أيضاً بفيلم «عمر المختار»، وفي النسخة الأجنبية من فيلم «الرسالة».

وأضافت بوحليقة أن أشد ما يميز شخصية زوربا هو جمعها للعديد من التناقضات: الطيبة والشر، الإيمان وعدم الإيمان، الحكمة والعبث، تقدير المرأة وعدم تقديرها.. وهي تكمل بغرابتها تناقضات شخصية البطل الراوي العليم والقارئ النهم، المثالي والغني والقليل الخبرة، في الوقت نفسه، مبينة أن الرواية تكتظ بالفلسفة والتأملات والجمالات والأسئلة الوجودية العظمى والساخطة في آن.
وبدورها تحدثت الإعلامية عائدة الأزدي قائلة: إن البطل زوربا لديه دائماً رؤى حديثة ولديه حكمة، وكان مثل الحكواتي يروي القصص والأحداث من خلال ما يرويه، وكان لا يرضى بالقليل ويقنع القارئ بأن لا مستحيل، وقد أدخل على الحكاية الكثير من الرموز. والحال أن هذه الرواية عمل أدبي متكامل سواء في السرد ومجريات الأحداث والترجمة.
وفي التفاصيل السردية، يلتقي زوربا بالكاتب في مقهى مرفأ «بيريه» بأثينا ويطلب السفر معه إلى أي مكان، ويخبره بأنه يتقن كل أنواع العمل «بالأرجل والأيدي والرأس، جميعها»، كما أنه يتقن أيضاً العزف على السانتوري، ولا يستطيع التعبير عن أفكاره إلا بالرقص! وهو مستعد للعمل في خدمته، بدءاً من إعداد الطعام حتى حفر الأنفاق والعمل في مناجم الفحم، لأن لديه خبرة طويلة في هذا العمل، فيأخذه معه إلى جزيرة كريت لأن لديه هناك مشروعاً لاستخراج الفحم، ويكلفه بالعمل مراقباً للعمال في المنجم.
ويتناول الكاتب جوانب متعددة من الحياة من خلال منظورين مختلفين، فالراوي كاتب مثقف ورث ثروة يستثمرها في المناجم، وهو مشغول بإنجاز عمل أدبي بعنوان «العاصفة البوذية»، وزوربا كهل ممتلئ بتجارب الحياة العملية بعيداً عن مناهج التعليم ومواعظ الكنيسة وكل ما يقيد حرية الإنسان ورغباته، وقد اشتغل في أعمال كثيرة من البيع إلى العمل بالمناجم، وحتى الانخراط في الثورة التي قامت في جزيرة كريت في ستينيات القرن التاسع عشر. 
وتدور أحداث الرواية بين هاتين الشخصيتين، وكأنها تمثل الحياة بتناقضها وتكاملها بين الأحلام والأفكار النظرية الهائمة في فضاء العقل عبر الخيال وبين التجارب العملية التي يكتسبها الإنسان من عمل يديه. وربما كان المطر من أهم المشاهد التي تربط بين السماء والأرض، بين الدير وأعباء الحياة العامة، الفكر والواقع حيث البحر والغابة والمنجم والكوخ، والخسارة والربح، والطعام والشراب والنوم، وبين أخطار العمل في المناجم وانهيار الأنفاق وبين أحلام الكاتب وسهره لإنجاز مشروعه.ومع مرور السنين بين النجاح والإخفاق والفرح والحزن، والحياة والموت، كان لا بد للصديقين أن يفترقا، ويمضي زوربا إلى تجارب ومغامرات أخرى، وينجز الكاتب روايته، وتكون النهاية في رسالة يستلمها الكاتب وفيها خبر وفاة زوربا بصورة درامية مؤثرة حيث نهض من الفراش ومشى إلى النافذة. وهناك تعلق نظره في المسافات البعيدة... وقضى نحبه وأصابعه معلقة بالنافذة.

أخبار ذات صلة جلال الدين الرومي في «بحر الثقافة»

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: جلسة نقاش نيتشه

إقرأ أيضاً:

الجنوب اللبناني يعيد الحياة إلى أسواقه

صور- بمحاذاة ركام المحال التجارية المدمّرة في بلدة المنصوري، قضاء صور في الجنوب اللبناني، نصب محمد سرور خيمته الجديدة التي حوّلها إلى بقّالة صغيرة، يبيع فيها الخضار والمواد الغذائية لأهالي قريته. جاء هذا التحرك بعد أن دمّرت الحرب الإسرائيلية الأخيرة بقّالته السابقة الواقعة في ساحة البلدة.

ورغم تواضع هذا الدكّان المستحدث، إلا أنه يُعدّ ضرورة أساسية للأهالي العائدين، لا سيّما في ظل تدمير معظم المحال التجارية في البلدة، حيث تصبح الحياة دون هذه المرافق شبه مستحيلة.

عودة رغم الخسائر الكبيرة

ويتحدّث سرور لموقع "الجزيرة نت" عن مبادرته "إنه خسر دكّانه القديم ومنزله معًا، واصفًا خسارته بأنها كانت "كبيرة جدًّا". ومع ذلك، لم يكن أمامه سوى خيار العودة إلى بلدته، وإعادة الحياة إلى السوق فيها. ويضيف: "عدنا بعد تهجير قسري، وبدأنا نبني حياتنا من جديد. تعلّمنا الصبر، وأعدنا تأسيس حياتنا رغم كل التحديات والانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة. هذه الخيمة البسيطة ستساعد أهالي البلدة على تأمين احتياجاتهم اليومية، وسنستمرّ في هذا العمل مهما كانت الظروف".

مواطنة تشتري الخضار من خيمة محمد سرور (الجزيرة)

محمد زين، هو الآخر، كان يملك ملحمة ومتجرًا لبيع الدجاج، لكنه خسرهما بالكامل جراء سلسلة من الغارات الإسرائيلية التي استهدفت المحال التجارية في البلدة. يقدّر زين خسائره بما يزيد عن 30 ألف دولار أميركي، ومع ذلك لم يتراجع عن العودة إلى المنصوري، حيث اشترى بيتًا جاهزًا وحوّله إلى متجر جديد لبيع الدجاج.

إعلان

ويؤكّد زين: "هذا المتجر مهم لي ولأسرتي، لأنه مصدر رزقنا. كما أنه يوفّر على أهالي البلدة عناء الانتقال إلى مدينة صور لشراء حاجياتهم. بعد الحرب، كانت المحال مدمرة بالكامل، لكننا قررنا المتابعة. كثير من التجار اتخذوا القرار نفسه، لأن الحياة دون مؤسسات اقتصادية متكاملة أمر مستحيل".

متاجر جديدة رغم التوترات الأمنية

ورغم الخروقات الإسرائيلية المتكررة، واستهداف بعض مناطق الجنوب بين الحين والآخر، فإن بعض الأهالي قرروا افتتاح مؤسسات جديدة. منهم محمد زين، الذي أطلق أخيرًا متجرًا لبيع الألبسة على طريق عام صور-الناقورة. يقول زين: "نعلم أن الوضع لم يعد إلى طبيعته بعد، والمخاطر لا تزال قائمة، لكن لا يمكننا الاستسلام. علينا أن نواصل ونواجه هذه الصعوبات، ونُثبت أن هذه الأرض قادرة على احتضان أهلها من جديد".

حسين ملحم، صاحب دكّان قديم دُمّر بفعل القصف، عاد بدوره إلى بلدة المنصوري بعد إعلان وقف إطلاق النار، ليعيد افتتاح دكّان جديد في مكان مجاور. وفي حديثه لـ"الجزيرة نت"، يقول: "عدنا من تحت الركام وبدأنا من جديد. نحن متوكّلون على الله ومتمسكّون بأرضنا. هذا الدكّان هو مصدر رزقي، ويخدم أهالي قريتي، خصوصًا أولئك الذين لا يملكون وسيلة نقل للذهاب إلى صور. نحاول تأمين كل ما يحتاجونه قدر الإمكان."

ضرورة يومية

على طريق الناقورة، يملك إبراهيم زين متجرًا لبيع الأدوات الكهربائية ومواد البناء، وهو متجر دُمّر بالكامل في حرب يوليو/تمّوز 2006، لكنَّ زين وأشقاءه أعادوا بناءه من جديد. وفي الحرب الأخيرة، نجا المتجر من القصف، ما دفعه للإصرار على إعادة فتحه رغم القلق السائد في الأجواء.

محال تجارية دمرتها إسرائيل بالكامل في المنصوري (الجزيرة)

يقول زين: "الناس يشترون من متجرنا حاليًا مستلزمات الترميم، لأن عملية إعادة الإعمار لم تبدأ بعد. معظمهم يقوم بأعمال بسيطة، كإصلاح الحمامات والجدران، تمهيدًا للعودة إلى منازلهم. وجود المتجر في منطقة متضرّرة أمر في غاية الأهمية، لأنه يخفّف على الناس عناء التنقل إلى صيدا أو بيروت أو صور، ويوفّر عليهم أعباء مالية إضافية".

إعلان

أما حركة السير على طريق المنصوري-الناقورة فلا تزال خجولة، بسبب الدمار الكبير الذي لحق بالقرى الحدودية. هذا الأمر أثّر مباشرة على المحال التجارية الواقعة على أوتوستراد الناقورة، والتي تعتمد أساسا على أهالي تلك القرى.

الصمود رغم غياب الحركة

حسن خشاب، صاحب متجر بيع وإصلاح الإطارات، يؤكّد أنه تأثّر بشدة جرّاء الحرب وتبعاتها. لكنه رغم الركود، أعاد افتتاح متجره، ويقول: "نفتح المتجر ونغلقه دون جدوى. لا يوجد عمل فعلي، بل حركة متواضعة جدًّا. لكننا مضطرون للبقاء، لأننا بحاجة لإطعام أطفالنا".

حسن ملحم، الذي يعمل في مجال الترميم والسباكة، عاد إلى بلدته لمساعدة الناس على إصلاح منازلهم المتضرّرة. ويتحدث لـ"الجزيرة نت" عن أهمية وجود المحال التجارية: "هذه المتاجر توفّر علينا وقتًا وجهدًا، خصوصًا في ظل ارتفاع الأسعار. النزول إلى المدينة بات مكلفًا جدًا. المحال التي تبيع الأدوات الصحية ومواد البناء ضرورية في هذه المرحلة".

مقاومة من نوع آخر

بدوره، يؤكّد جمال زبد أن استمرار الحياة يتطلب وجود مؤسسات اقتصادية نشطة، معتبرًا أن توسّع السكان في القرى يفرض إنشاء المزيد من هذه المتاجر لتحقيق الاكتفاء الذاتي.

دكان حسن ملحم المستحدث بعد تدمير دكانه الأول في ساحة المنصوري (الجزيرة)

ويرى زبد في عودة الأهالي إلى بلداتهم رغم الأوضاع الصعبة شكلًا من أشكال المقاومة، قائلاً: "صمود الناس في أرضهم يجعلنا نتمسّك بها أكثر. لن نتخلّى عنها. حتى لو تدمّرت بيوتنا وذهبت مواسمنا، سنعود ونزرع الأرض ونفتح متاجرنا من جديد".

ورغم أن الوضع الأمني في الجنوب اللبناني لم يستقر بعد بشكل كامل، إلا أن أصحاب المؤسسات الاقتصادية أصرّوا على العودة إلى قراهم وإعادة الحياة إلى محالهم. هذه المؤسسات مرتبطة مباشرة بحياة المواطنين اليومية، وكلهم أمل بأن تستتب الأوضاع ويعود الجنوب إلى سابق عهده، أكثر قوةً وإصرارًا.

إعلان

مقالات مشابهة

  • يوسا وأسئلة الرواية
  • وداعاً لضعف الإنترنت.. خدعة فعالة تعيد الحياة للواي فاي
  • الوزير السكاف لـ سانا: نتوجه بالشكر والتقدير لجميع الفرق في وزارة التنمية الإدارية، التي عملت بجدٍّ وتفانٍ لإنجاز هذا المشروع الوطني في وقت قياسي، كما نشكر مديريات التنمية الإدارية في الجهات العامة، التي كان لتعاونها الفعّال دور حاسم في توحيد الجهود وتحقي
  • أدبي الطائف يصدر (سيرة من رأى) للدكتور عثمان الصيني
  • الغازي ومرسي.. جبهة إعلامية صلبة في ملاعب أوروبا تواجه الرواية الإسرائيلية
  • الجنوب اللبناني يعيد الحياة إلى أسواقه
  • أيقونة المسرح المصري بين الحياة والموت (صورة)
  • الكاتب العام لعمالة إقليم الحوز يترأس لجنة تفقدية لورش إعادة الإعمار بدواوير ايجوكاك وثلاث يعقوب :
  • الإعلام العراقية تنعى الكاتب جمعة اللامي
  • من قصص الشعوب: سيرة غيرية لرصاصة الى البنت هنادي في المجد